|
العرب ما بين استبداد السلف والخلف
خالد حسن يوسف
الحوار المتمدن-العدد: 6207 - 2019 / 4 / 21 - 10:07
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
إشكالية الحكام العرب أنهم لم يعدلوا في ظل الدولة الوطنية القطرية الحديثة،والتي نشأت بعد مرحلة الوجود الأجنبي الغربي،إذ بإسم شرعية الاستقلال والثورة أخذ الحكام الجدد منزلة سابقيهم الأجانب.
كان مبرر رفض الاحتلال الأجنبي من منظور أنه قمع إرادة الشعوب العربية،الدافع لثورة على الاستعمار والسعي للاستقلال السياسي عنه،إلا أن ما حدث هو أن القوى السياسية المحلية وفي صدارتهم الحكام،استمروا على منحى رموز الاحتلال الخارجي.
ما حدث انحصر في تغيير الوجوه واستمرار النهج ذاته،وبرز مبرر أن أولوية حماية الاستقلال والثورة يسبق قضية الديمقراطية والشفافية الحكم،فالصراع العربي-الإسرائيلي أخذ حيزا من ذلك التبرير إلى جانب ترويج أن حماية البلاد من المؤامرات والتدخل الخارجي الذي يعد امتداد للاستعمار يمثل عائقا أمام الديمقراطية والتي تم ركنها جانبا إلى حين غير معلوم.
وهكذا بدأ تغول الأنظمة العربية منذ بدايات نشأتها والتي تزامنت مع الاستقلال،لم يتم أي عقد سياسي مشروع وواضح الملامح بين تلك المنظومة وشعوبها،وضعت دساتير حرصت على دور الحكام وصلاحياتهم السياسية،بينما لم يتم تكريس ترجمتها في واقع الحياة،وبذلك اختزل الوطن في ذات الحاكم،أما المواطن فأصبح جزء من إرادة المسيطر وأداة له.
وفي هذا الإطار يمكن قراءة شعارات ثلاثية الله،الحاكم،الوطن،بينما لا يشار صراحتا عن موقع المواطن منها،وبحكم أن الغالبية من سكان الدول العربية مسلمين تم تفعيل الخطاب الديني الذي يكرس استبداد الحكام،والقاضي بعدم الخروج عليهم،أما تشبتهم في الحكم فهو على سياق حرص الخلفاء الصحابة لبقائهم كحكام.
ففي صدر الإسلام ظل الخلفاء حريصين على الاستمرار في الحكم على غرار حكام الدول العربية الحديثة أو المعاصرة،أساليب بلوغهم السلطة لا تختلف في مضمونها كثيرا،فالصحابة نالوا الأمر بإسم الدين وضرورة قيادة المسلمين وأنهم امتداد لنبي محمد بن عبدالله،وأنهم يمثلون كبار القوم في أوساط المسلمين،في حين رأى الحكام العرب أنهم بلغوا منزلتهم السياسية بفعل الثورة على المستعمر أو وراثة سلفهم من الثوار الحاكمين،ورأوا أنهم يمثلون امتدادا لهم.
ما هو مؤكد أن كلا الفريقين وصل إلى الحكم من خلال مشروعية بنية سياسية سبقت الجاهلية والاحتلال الأجنبي،وانطلاقا من مفاهيمها،إلا أن ذلك لا ينفي أن هناك مأخذ على الفريقين في كيفية أساليب بلوغ الحكم والاستمرار من خلاله،ففي ظل الخلافة كان هناك نزاع واضح على الآلية التي وصل عبرها الخلفاء.
لقد كان ذلك على الصعيد الشعبي أو في إطار رؤى النخب السياسية القائمة آنذاك،ولم تغيب صراعات سبقت الاسلام ذلك المشهد العام،وهو ما يشمل حكام الدولة الوطنية والذين انطلقوا من خلفيات صراعات تراوحت ما بين تنافسها على خلافة المستعمر أو بفعل البعد الجهوي أو الإيديولوجي.
وبطبيعة الحال لم يحرص كلا الفريقين على تكريس عقد سياسي واضح وشفاف بشأن آلية الحكم وفلسفته السياسية،في مقابل تاكيدهم على دورهم في الدعوة الإسلامية أو النضال في ظل الدولة الوطنية واستقلالها.
ولم يستوعبوا أن الدين والثورة لا يمثلان مشروعية للحكم،وأن الحاجة تقتضي وجود عقد اجتماعي يتجاوز تلك ادبياتهم لصالح المواطنة ومقتضيات المرحلة،لاسيما وأن التجربتين ذات صلة بتيار واسع من المواطنيين الذين لا يعتقدون بالدين الإسلامي أو بالنظريات الفلسفية اليسارية والقومية التي فرضت بدورها على الشعوب.
ناهيك عن اختلافهم في إطار التأويل الديني والفقهي والفلسفي،وهو ما جسد الصراعات السياسية التي رافقت حكمهم،وفي المحصلة فقد حكموا وفق اجتهادهم السياسي،وليس وفقا لمنظومة عقد سياسي.
وتلك نقطة التمايز والاختلاف بين العرب سابقا وأقرانهم في الحاضر مقارنة مع التجارب الغربية المعاصرة،والتي تستند إلى عقد متعارف عليه وغيرقابل لتأويل،ووجود أدوات لتفعيله على الصعيد العام.
لدى فإن إحترام الدساتير قائم ما بين الحاكم والمحكوم معا،لذلك فإن إمكانية قتلهم والثورة عليهم ليست واردة،بينما تمثل مشهد جامع لاطار فريقي الإسلام السلفي والمعاصر العروبي،وفي حين استفاد الغرب من التجارب التاريخية لاسلافهم في الحكم،أخفقت النخب في الدول العربية في إلاسترشاد بالنهج الدستوري الديمقراطي.
وانطلاقا من ذلك كان مقتل عمر بن الخطاب،عثمان بن عفان،علي بن أبي طالب،حسن بن علي بن أبي طالب،الأمين بن هارون الرشيد،عبدالكريم قاسم، معمر القذافي،علي عبدالله صالح،لذلك سيظل تعزيز الديمقراطية وتكريس العدالة الواقع الأكثر تحديا للمنظومة السياسية العربية، وفي الماضي فإن ذلك لم يمنح لكل المكونات التي اندرجت في إطار الدولة الاسلامية ومنهم غير المسلمين.
ولا يجوز تصنيف مواطنيين في مستوى أدنى حقوقيا من غيرهم لمجرد اختلافهم في الدين عن المسلمين،فالدين الاسلامي لمعتقديه ولا يعني عموم سكان الدولة،والأخيرة عليها رعاية سكانها بصورة واحدة وعدم التمييز بينهم انطلاقا من اديانهم واجناسهم ومكانتهم الطبقية كما حدث في تجربة الخلفاء والقوميين العرب،حيث أن الأخيرين بدورهم عملوا بتركة السلف والتي أصبحت كجزء من منظومة تشريعاتهم.
وفي ظل قضايا العدالة الاجتماعية لم يكن السلف والخلف معا عادلين تجاهها،ويشمل ذلك واقع الحريات،كلا التجربتين كانتا دموية توسعية وشوفينية على حساب أراضي شعوب أخرى بإسم الدين والقومية العربية، عدالة عمر صرفت المعاشات لبعض الصحابة،الهاشميين والقريشيين،بينما لم يكن يمنح شيئ لتيار العام من المسلمين.
المسيحيين في بلادهم التي حكمتها الخلافة كانوا يمنعون من ركوب الدابة لأجل إذلالهم،خيرات البلاد التي احتلتها الخلافة كانت تستخدم من قبل المسلمين،بينما المسيحيين كانوا يحكمون في بلادهم.
عين في بلاد الشام معاوية بن أبي سفيان،الذي تصرف في مواردهم,وفي عهد عثمان بن عفان حينما تراجعت موارد البلاد المحتلة،إنتهى الأمر إلى الثورة على الخليفة عثمان.
عمر بن الخطاب كرس نظام العبودية وقسم الناس إلى أحرار وعبيد،لم يجد حرجا في سفور النساء العبيد،لكونه لم يكن يراهن ككائنات بشرية مسلمة،في حين أن الاسلام لم يميز بين حشمة مسلمة وأخرى,والحديث بصدد ذلك يطول.
#خالد_حسن_يوسف (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الصومال فريسة الأرز الحرام..
-
السقوط الفكري والاخلاقي لكاتب!
-
النظرة الاجتماعية ومقاييس التطور
-
الكتابة عن الصومال ما بين المشروعية والسذاجة
-
صورة على خلفية تاريخ صومالي
-
الصومال وسهم المؤلفة قلوبهم
-
فرماجو يبلع الطعُم
-
طاهر عولسو ظاهرة صومالية
-
امن الصومال ارجوحة الفاسدين والمتطرفين
-
ليس جديدا ان تباع بربرة
-
بلوغ الوزارة بفضل العلمانية
-
نحو ثقافة علمانية ديمقراطية
-
وحدها الراسمالية لا تتبنى الارهاب المتعارف عليه!
-
شجاعة سياد بري وكونفيدرالية فيدل كاسترو
-
سكان الاوجادين ما بين الصومال وجيبوتي
-
الصوملة ما بين عبرة وبذاءة عربية
-
الصوماليين وحكاية إسمها جالكعيو
-
المحاكم الا إسلامية.. سراب خدع الصوماليين
-
زبلوط عربي يقابله افمينشار صومالي1-2
-
مارشال الصومال 3-4
المزيد.....
-
دام شهرًا.. قوات مصرية وسعودية تختتم التدريب العسكري المشترك
...
-
مستشار خامنئي: إيران تستعد للرد على ضربات إسرائيل
-
بينهم سلمان رشدي.. كُتاب عالميون يطالبون الجزائر بالإفراج عن
...
-
ما هي النرجسية؟ ولماذا تزداد انتشاراً؟ وهل أنت مصاب بها؟
-
بوشيلين: القوات الروسية تواصل تقدمها وسط مدينة توريتسك
-
لاريجاني: ايران تستعد للرد على الكيان الصهيوني
-
المحكمة العليا الإسرائيلية تماطل بالنظر في التماس حول كارثة
...
-
بحجم طابع بريدي.. رقعة مبتكرة لمراقبة ضغط الدم!
-
مدخل إلى فهم الذات أو كيف نكتشف الانحيازات المعرفية في أنفسن
...
-
إعلام عبري: عاموس هوكستين يهدد المسؤولين الإسرائيليين بترك ا
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|