سليم نزال
الحوار المتمدن-العدد: 6203 - 2019 / 4 / 17 - 09:15
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
اسوا ما فى الحروب الاهلية انها تقسم كل شىء ليس فقط جغرافيا المكان لكن الاسوا نفوس البشر.لعل حرب يوغوسلافيا كان من اسوا الحروب التى تابعتها فى حياتى.كان لدى حب استطلاع لمعرفة هذه البلاد كونها بيت فى وسط الطريق كما سماها مؤرخ يوغوسلافى.
و قد تعرفت فى تلك الاوقات على طالبة يوغوسلافيه التى اثارت اهتمامى اكثر بمعرفة هذه البلاد.و لم اكن اعرف حينها ان كان صربية او كرواتية . و قد كنت اتمنى زيارة تلك البلاد لكن الحرب اندلعت و لمت نفسى انى لم ازور البلاد قبل ان تندلع الحرب.
و قد قرات مرة ان عبد الناصر قال لصديقه تيتو رئيس يوغوسلافيا ان بلادكم اهم جسر حضارى فى العالم فانتفض تيتو و قال لكم دفعنا ثمن هذا الجسر من حروب و غزوات.لا اعرف مدى صحة الرواية لكن تيتو كان محقا فى قوله بالنظر لتاريخ البلاد.فى تلك الاوقات لم اكن اعرف ايضا ان تيتو كان كرواتيا لان هذا الامر لم يكن من المفكر به من الاساس.
مصيبة الحروب الاهلية ان نتائجها كارثية على كل اطرافها بما فى ذلك الطرف الذى ينتصر.و لم نكن نعرف فى هذا الوقت ان هذه الظاهرة ستنتقل الى بلادنا بعد حين. فى اجواء هذا النوع من الحروب يتغير كل شىء. المزاج العام و الموسيقى و نوادى كرة القدم و العلم الوطنى و العملة و حتى مصنع السجائر ينقسم و يصبح كل مصنع بل و ذات السجائر تابع كل بلد.
و الحقيقة ان هذه الحرب طرحت ربما للمرة الاولى فى فلسفة السياسة سؤالا صعبا هل لم يعد البشر ذوالخلفيات الثقافية المتعددة غير قادرين على العيش معا ؟
كنا فى مرحلة التسعينيات عندما انفجرت الاوضاع فى رواندا بين قبيلتى الهوتو و التوتسى و كلاهما قبيلتين مسيحتين لانه من السهل تصوير الامر و كانه صراع دينى لو انتمت كل قبيلة لدين مختلف. و فى يوغوسلافيا بين الصرب الارثودوكس و الكروات الكاثوليك و بين الصرب و المسلمين و بين الكروات و المسلمين فى انفجارات مجتمعية لم يعرف العالم الذى عاصرناه مثيلا.
الصراعات الداخلية تشبة فى بعض وجوهها على الاقل صراع الزوج و الزوجة خاصة فى المجتمعات الشرقية.فان توسع الصراع تدخل عم و خال و عمة و خالة كل طرف الى جانب الطرف الاخر و صار يتطلب حل المشكلة موافقة كل من تدخل فى الصراع.
و الذى شاهد مسرحية ميس الريم لعله يعرف ما اقصد.زيون ذاهبة الى عرس فى ضيعة كحلون.تتعطل سيارتها و لكن الميكانيكى نعمان واقع فى مشاكل مع خطيبته شهيدة و لم ينجحا فى حل مشاكلها . و قد وقف عائلته معه خاصة عمته القوية ووقفت عائلة شهيدة معها .اما زيون فقد وجدت نفسها فى وضع صعب وسط الصراع .و يظل الامر معقدا الى ان يتدخل مختار المخاتير و يقترح حلا غريبا بان يتزوج شهيدة .هذا من الفولكلور اللبنانى لكن الصراعات السياسية لللاسف اكثر تعقيدا !
#سليم_نزال (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟