|
انبياء ام رجال دين
مالوم ابو رغيف
الحوار المتمدن-العدد: 1535 - 2006 / 4 / 29 - 11:56
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
لقب النبي لا يحمل دلالة معينة عندما يكون النبي على قيد الحياة، فاللقب بحد ذاته لا يشير الا الى نوع من السيطرة والقوة ، خوف او مهابة تمليها سلطة النبي وليس لمكانته الاجتماعية وصفاته بين الناس، حتى قيل في المثل اعراقي الشعبي ــ الامام الي ما يشور محد يخاف منه ــ واذا كانت الناس تخشى من الملك او الامبراطور لمقدرته بانزال العقاب الجسدي بها، فان ذلك ايضا ينطبق على النبي، اي الاستطاعة والقدرة بانزال العقاب. فالقوة هي التي تصنع النبوة وليس الفكر والمقدرة على الاقناع. فالدين لا يعتمد على الاقناع بل على الاستغفال. قد يعترف بالنبي بعد وفاته، حيث لا نبوة، فالنبوة هي رسالة (الهية) لمحظوظ اختاره الله لمهمة معينة، واخفاقه بتأدية المهمة تعني ان الله لم يحسن الاختيار او انه اختار الرجل الخطأ. لكن الاعتراف بنبوته مقرون بتبني دولة ما سلطة ما له، وان شاء حظه العاثر، حتى بعد مماته، ان لا تتبانه دولة او سلطة، فسوف يُهمل ويُنسى الى الابد ولن تنفعه عندها حظوته عند الله. فالقوة والمال مثل ما يصنعان الملوك والاباطرة و القادة يصنعان ايضا الانبياء. حتى بعد وفاتهم اي بعد انتهاء صلاحية نبوتهم وانتهائها. النبي بحد ذاته لا ياتي بشئ جديد، كلما يفعله هو وضع الطقوس والاعراف السابقة في اطار مختلف بعض الشئ، سيتسخدم نفس الكلمات ونفس المصطلحات وسيوعد ويهدد مثل ما فعل غيره من قبله. سينفذ وعيده ان تمكن من السيطرة بما يلائم الاوضاع التي يجد نفسه بها، اما وعده فهو مؤجل الى ما بعد الموت حيث لا يرى المؤمنون منه شيئا سوى الاحلام والاوهام، وبذلك فهو لا يخسر شيئا من جيبه. وهذا ما تفعله الدولة بعد تبنيها لنبي معين، فهي ستسلك نفس السلوك الذي فعله النبي بتوضيف اساطير الاولين لمصلحته الذاتية، ستقوم بصياغة نبوة النبي من جديد، ستنسب اليه احاديث واراشادات وايات وسنن لم يقلها ولم يعملها بها ابدا. فنبوة اي نبي ليست سوى مشروع، فكرة يضاف اليها وتعدل وتبدل وتتغير حسب مصلحة المتبنين لها، وسوف لن يبقى منها شيئا حتى ولونتف صغيرة. واذا كان النبي لا يأتي بشئ جديد، فالصلاة والزكاة والحج والرب ولطقوس معروفة ومعمول بها بشكل ما، واذا كان وعده لا يتحقق في الدنيا وما نرى الا وعيده، فما هو اختلاف اي رجل دين كبير تسنده دولة عن اي نبي.؟ نسب الى النبي محمد قوله ان الله يبعث على رأس كل مئة سنة رجلا يجدد دينه. لا احد يعرف ان قال محمد هذا ام لا، لكن هذا الحديث بمثابة مفتاحا لكل الطامحين بان يكونوا انبياء لفتح لطريق المغلق الذي سده النبي محمد نفسه بانه خاتم الانبياء. ربما الحديث نفسه هو من وضع طامح في نبوة او دولة ارادت ان تبرر سيطرة خليفتها عن طريق تعظيم رجل دين محدد. محمد بن عبد الوهاب مثلا، الذي يصفه الوهابيون بالامام المجدد، قال في كتابه كشف الشبهات بما معناه بان النبي لم يفعل شيئا، فالله كان موجود ومعروفا وكل الطقوس معروفة ومعمولا بها قبل محمد، لكنه قاتل الناس ما قبل الاسلام لا لانهم لا يعترفون بالله بل لانهم يشركون به ويتشفعون اليه بغيره. وهذه هي نفس المهمة التي قام بها محمد و التي تصدى لها هذا الشيخ الذي طمح ان يكون نبيا. محمد غلام زادة تجرأ واعلن انه المهدي مثل غيره الذين سبقوه، اراد ان يختلف عنهم فقال انه المسيح ايضا وها هو حفيده يدعي بانه المسيح الحي ايضا ويطلق عى دينه الجديد الاحمدية. في العراق اعلن رجل دين اسمه فاضل عبد الحسين بانه امام رباني بالاجتباء . لكن ما هو الفرق بين النبي ورجل الدين في ايامنا هذه.؟ لا يوجد فرق سوى عدم الادعاء بالنبوة..اما من الناحية العملية فأن رجال الدين يحشرون انوفهم في كافة الامور اكثر مما كان الانبياء يفعلون. فالخمنائي مثلا يستطيع ان يصدر اي فتوى وتكون قانونا ممفروضا ربما ستقطع عنق من لا يعمل به وسيجد له كل المبررات والاسنادات الفقهية. القرضاوي المسنود من دولة قطر يستطيع ان يجيز او لا يجيز اي حكم اسلامي يلائم الداعميين والساندين له. السيد السستاني بامكانه منع او نشوب حرب اهلية بكلمة واحدة طالما كانت هيئات واحزاب تحت امرته. ولو شائت دولة السودان ان تتبنى الترابي لاصبحت فتاويه المتخلف عليها الان، قوانيين اسلامية ما تخرش المية حسب ما يقول المصريون. اسماعيل الصفوي اجبر الناس على اتباع المذهب الاثنى عشري بالقوة، المأمون تبنى دين المعتزلة وفرضه بالقوة. حتى في اوربا عندما يتحول نبيل او دوق الى الكاثوليك او البروتستانت فان سكان دوقيته او مقاطعته يتحولون الى المذهب الذي هو عليه الزاما. لو اختار صدام بعد ان احاط نفسه بــ مئة اسم مبارك، ان يقول انه رسول من الله لما عدمنا ان نرى جماهيرا لا تعد ولا تحصى ممن يصدقون بذلك ولرأينا رجال الدين يدبجون المقالات ويصدرون الفتاوى بصحة هذا الادعاء. فما نراه اليوم وعندما يلتحم الدين بالسياسة سيتحول رجل الدين الى شبه رسول، لنقل نبي ليس من ذوي العزم، مثل نبي صالح او أيوب او يوشع. وسيكون مجال عمله ليس الطقوس الدينة ولا شكل العبادة بل اصدار الاوامر والقوانيين الربانية.
#مالوم_ابو_رغيف (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ثقافة الحقد الدينية
-
فتوى حسن الترابي وردة الفعل الوهابية
-
العراقي قبل وبعد التاسع من نيسان
-
العلمانية بين اطروحات الدكتور شاكر النابلسي والسيد اياد جمال
...
-
حوار وتحالف الحضارات على الطريقة الاسلامية!!!
-
اليس حكم الردة ارهابا ايضا.؟
-
مشروع خطبة ليوم جمعة
-
مدينة الثورة
-
لماذا هذا الصمت المريب ازاء التدخل الايراني في العراق.؟
-
لاضطهاد المراة مصدر واحد
-
هل حقا ان التكتل السني لا يرغب بترشيح الجعفري.؟
-
Bad Muslims are good, good Muslims are bad.
-
تفجير قبة الامامين والمواقف الدينية الجبانة
-
فاقد الشئ لا يعطيه
-
انه زمن المد الديني الاحمق
-
متى سيتعلم المسلمون الدرس.؟
-
صالونات لمكيجة الدين
-
اجتثاث البعث الفكرة والممارسة
-
اخيب من القاضي رزكار
-
اليس التكفير مبدأ اسلامي فلماذا الشكوى منه؟
المزيد.....
-
مواقفه من الإسلام تثير الجدل.. من هو مسؤول مكافحة الإرهاب بإ
...
-
الإمارات تعلق رسميا على مقتل -الحاخام اليهودي-.. وتعلن القبض
...
-
الإمارات تعلق رسميا على مقتل -الحاخام اليهودي-.. وتعلن القبض
...
-
من هم المسيحيون الذين يؤيدون ترامب -المخلص-؟
-
المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية: مذكرتا اعتقال نتنياهو وجال
...
-
الأميرة المسلمة الهندية -المتمردة- التي اصطادت النمور وقادت
...
-
تأسست قبل 250 عاماً.. -حباد- اليهودية من النشأة حتى مقتل حاخ
...
-
استقبل تردد قناة طيور الجنة أطفال الجديد 2024 بجودة عالية
-
82 قتيلاً خلال 3 أيام من أعمال العنف الطائفي في باكستان
-
82 قتيلا خلال 3 أيام من أعمال العنف الطائفي في باكستان
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|