أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عماد علي - افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها ( 105)















المزيد.....

افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها ( 105)


عماد علي

الحوار المتمدن-العدد: 6200 - 2019 / 4 / 13 - 12:32
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


توسع القاعدة الجماهيرية التي آمنت بهذا الخطاب و استوعبتهو اتبعته هو ما جعل الحنبلية ان تكون حركة اجتماعية قوية منذ بداية القرن الثالث الهجري و ان تكون نوعا من الدولة داخل الدولة. و حتى قبل مجيء المتوكل اظهرت هذه الحركة لاهل الحديث نفسها بطاقة كبيرة في عصر المامون ايضا و في المجتمع السني و بالاخص في بغداد. ان الكتب التاريخية مملوءة بتلك الامثلة و القصص التي تُبين لنا ان المؤيدين لاهل الحديث بلغة ذلك الوقت و السلفية بلغة مابعد القرن الثامن، قد سيطروا على الشارع البغدادي و واجهوا و هاجموا اي تيار مناويء لهم بسهولة، و حتى في مرات عدة و عن تفسير اية واحدة فقط هاجموا عالم سني شافعي المذهب. و كان هذا السبب هو الدافع المباشر للمتوكل بان يؤيد و يدعم هذه الحركة لمحاولته ضمان مؤيدي الشارع الذي عُبر عنه في تلك الاوقات ب(العوام) ( 34).
بهذا الشكل، فان الطبيعة البسيطة و الساذجة لللعقيدة الحنبلية بدل ان تكون نقطة ضعف لها اصبحت نقطة قوة لها في المجتمع الذي كانت سيماءه الامية وفقر الفكر و انعدام الخلفية الفلسفية، و بعكس ذلك فان فكر تيار التفسير العقلي و الفلسفي و ان كان صحيحا و لكن بطبيعته فهو معقد و صعب ان ينمو في مجتمع كهذا. و هذا ما اصبح نقطة ضعف له من الجانب الجماهيري، و من هذا الجانب، من المحتمل ان الجاحظ المثقف و اهل الكلام الاسلامي ان يكون هو اول شخص في هذا التاريخ احس بخطورة هذه الثقافة العوامية على الناس، و هي التي كانت عنده ليس سوى ثقافة دينية بسيطة و ساذجة و انما مؤثرة على الناس.
انه في رسالة بعنوان ( رسالة الى نفي التشبيه) اي رسالة حول رفض تشبيه الله مع مخلوقاته بين الناس، الذي يذكره بعقيدة الناس البسطاء و الاميين، انه يبين لنا هذه المجموعة الاجتماعية التي ازدادت هيمنتهم على الشارع اكثر، في هذه الرسالة، فان الجاحظ يسمي مؤيدي التشبيه العوام ب( الجماعة الكبيرة و القوة المعلومة و السلطة القادرة ) (35) و يقول الخاص (اي الناس الخاصة و النخبة المثقفة) ليس لديهم السلطة على العوام، كذلك ليس للناس العالية على الناس عديمي المستوى)، وكان هذا مشكلة يعود تاريخها الى عصور ماقبله، حول هذا العوام يروي عن واصل ابن عطاء بانه قال؛ ان اجتمعوا يضرون وان تفرقوا يُنفعون. و سالوه نعرف ضررهم ان اجتمعوا و و لكن ما نفع تفرقهم؟ ماذا تقصد؟ قال واصل، لان كل شخص منهم يعود الى مهنته، و هذا يفيد للذين يحتاجون الى تلك المهن كالخياطة و النتافة و المهن الاخرى، وبعد ذلك يقول جاحظ: عندما تكون العوام متفرقين يكونوا سهلين و مدة عصبيتهم قليلة. ولكن ان كان هناك رئيس ذكي و مطيع و مخطط و امام يتبعونه، فهندئذ يخرجوا من تحت السيطرة و تموت الحقيقة و يُقتل الصادق ( 36).
فبهذا الشكل وقبل الوصول الى مرحلة جمع الاحاديث و قبل ان يظهر هذا في مذهب ديني متين، فان عقيدة اهل الحديث النقلاني كان اتجاها معرفيا اكثر تاثيرا على الشارع السياسي و الاجتماعي لبغداد و جميع المجتمعات الاسلامية ايضا. و بتغيير هذا الاتجاه من خيال اجتماعي الى حركة ايديولوجية سياسية فان تلك المخاطر التي اشار اليها جاحظ في نهاية تحليله لكلام واصل ابن عطاء اصبح حقيقة تاريخية، لان بظهور احمد ابن حنبل و دعم الخلافة، انه اصبح اماما ذكيا و مطيعا و كثر التابعين له. لذا في النتيجة انتهى العقل و العقلانية بضرباته.
احدى تلك القصص في الكتب التاريخية التي تروى كفكاهة و يمكن ان نشير بها الى تلك الظروف الماسآوية و نستفاد منها؛ يروى انه كان في بغداد في العصر العباسي الشاعر (عتاب التغلبي) و الذي توفي عام 220 الهجري، كان يلف في السوق و هو يحمل كسرة خبز وياكله،و في ذلك الوقت مر شخص و اقترب منه و يوبخه و يقول له: الاتخجل انك تسير هكذا في السوق. و كان يرد عليه ويقول: ان كنت انت في مكان و كان من حولك البقر، هل خجلت بان تاكل الخبز و تسير كما اكلته انا؟ فاجابه الشخص و يقول كلا لم اخجل، و في لحظته يقول عتاب: اي ما بك انا اكل خبزا في رعية بقر، و عليه فلا يحتاج للخجل، و من ثم قال له قف لابرهن لك ان كل هؤلاء من الابقار. و لهذا المقصد علا على تلة مرتفعة و نادى الناس ليجتمعوا حوله، و بعد ان اجتمعت الناس الكثيرين، يقول: يُروى عن النبي و هو قائل ان من اوصل لسانه الى انفه، ان الله يعفو عنه و لم يدخله الجهنم، وبعد ذلك حاولت جميع من حضر من الناس ان يوصلوا السنتهم الى انفهم و فتحوا افواههم و اخرجوا السنتهم، وفي هذا الوقت نزل عتاب و قال للشخص الم اقل لك انهم بقر؟ (37)
الجانب الماسآوي لهذه القصة في مثل هذا النوع من المجتمعات المتخلفة، ان اي شخص يتكلم باسم النبي والدين فانهم يتبعوه، وفي هذا الفضاء الثقافي، فان الحنبيلة استفادوا من الاحاديث في الصراعات الداخلية الى اقصى حدودها و عادوا الى المعنى الظاهري للنصوص المقدسة باستمرار، و تمكنوا بسهولة ان يشجعوا الناس على الوقوف ضد مناوئيهم ويهاجموهم باسم الامر بالمعروف و النهي عن المنكر. عدا هؤلاء، و بالاستفادة من الطرابيشي بنفسه و بكتبه مثلا ( من اسلام القرآن الى اسلام الحديث) يمكن ان نضيف الى ذلك عاملين اخريين. احدهما: له علاقة مع فترة تثبيت و فرض تلك العقيدة، و التي كانت كل من السلطة العباسية و المتوكل داعمين لهم في مذهبهم و فرضه، وبالاخص بمجيء القادر بالله و كتابة العقيدة القادرية، التي كانت في جوهرها عقيدة حنبلية و الخلفاء من بعده القاهر بالله بالشكل ذاته في تلك الفترة التي كان على راس السلطة جعل تلك العقيدة هي الدين الرسمي للدولة و فرضها على كافة المسلمين و العلماء في عصره. اي ان فترة السلطة لهتين الخلفيتيت استغرقت 86 سنة متصلا مع البعض في القرن الخامس الهجري، عصر فرض العقيدة الحنبلية و التكفير و منع و حرق الكتب الفكرية المخالفة مع تلك العقيدة، و على راسهم جميعا كتب المعتزلة و الفلاسفة. و حتى ابن التيمية يقول: ( ابو احمد الكرخي، هو عالم في القرن الرابع الهجري, كتب عقيدة ل (القادر بالله)، و هو بدوره نشره و فرضه على الجميع ( 38). و لكن من المعلوم انه قبل ان تستلم هذه الخليفة السلطة، كُتبت هذه المباديء، لان هذه الشخصية و وفق المصادر التاريخية قد مات قبل عشرين سنة من قبل هذا، ان كانت سيرة حياة ذلك الشخص لم تكتب كثيرا، و لكن انه من الواضح كان شخصا سلفيا تابعا لمدرسة اهل الحديث و كان شخصا متشددا، و حتى يقول ( الذهبي) و بسبب كثرة عدد القتلى الكفار على يده، عُرف هذا الشخص بالجزار. (39).
و بالشكل ذاته فانه بمجيء (القائم بالله) ابن (القادر بالله) الى كرسي الخلافة ، و بتشجيعه من قبل الحنبليين طُلب منه مرة اخرى ان يفرض تلك العقيدة (40). لذا في الكيثر من المرات تُعرف بعقيدة القادري القائمي ( العقيدة القاردية القائمية)، وفق ماهو عليه ان هاتين الخليفتين فرضوا سلطتهما و شنورا تلك العقيدة لمدة ستة و ثمانين عاما، و لكن في الحقيقة فان كاتبه كان شخصا تابعا لمجموعة اهل الحديث، وفق مسار احمد ابن الجنبل. (41).



#عماد_علي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها ( 104)
- افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها ( 103)
- افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها ( 102 )
- افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها ( 101)
- افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها ( 100)
- افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها ( 99)
- افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها (98)
- افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها ( 97)
- افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها ( 96)
- افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها ( 95)
- افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها ( 94)
- افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها ( 93)
- افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها ( 92)
- افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها (91)
- افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها (90)
- افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها (89)
- افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها ( 88)
- افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها (87)
- افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها ( 86)
- افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها (85 )


المزيد.....




- -نيويورك تايمز-: المهاجرون في الولايات المتحدة يستعدون للترح ...
- الإمارات تعتقل ثلاثة أشخاص بشبهة مقتل حاخام إسرائيلي في ظروف ...
- حزب الله يمطر إسرائيل بالصواريخ والضاحية الجنوبية تتعرض لقصف ...
- محادثات -نووية- جديدة.. إيران تسابق الزمن بتكتيك -خطير-
- لماذا كثفت إسرائيل وحزب الله الهجمات المتبادلة؟
- خبراء عسكريون يدرسون حطام صاروخ -أوريشنيك- في أوكرانيا
- النيجر تطالب الاتحاد الأوروبي بسحب سفيره الحالي وتغييره في أ ...
- أكبر عدد في يوم واحد.. -حزب الله- ينشر -الحصاد اليومي- لعملي ...
- -هروب مستوطنين وآثار دمار واندلاع حرائق-.. -حزب الله- يعرض م ...
- عالم سياسة نرويجي: الدعاية الغربية المعادية لروسيا قد تقود ا ...


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عماد علي - افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها ( 105)