محمد عبعوب
الحوار المتمدن-العدد: 6191 - 2019 / 4 / 4 - 14:45
المحور:
قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
في كتابه " صنع العدو..او كيف تقتل بضمير مرتاح " ، في طبعته العربية الاولى الصادرة عام 2015م عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، يقدم بيار كونيسا الباحث في مجال الدراسات الاستراتيجية العسكرية بمفوضية الشؤون الاستراتيجية التابعة لوزارة الدفاع الفرنسية، والمدير السابق للشبكة الاوروبية للذكاء الاستراتيجي؛ يقدم سردا غنيا بالاحداث، مختزلا في تفاصيله، لصراعات ونزاعات من مختلف الانواع، شهدها العالم عبر تاريخيه الحديث والمعاصر، ومبعث هذه الصراعات والنهايات التي وصلت لها، مستقصيا من خلالها كيف تصنع الأمم والجماعات عبر التاريخ عدوها لخوض الحروب لتكون محفزا لها للتسابق نحو الهيمنة وبناء القوة، كما يحلل الباحث في كتابه وبتوسع معطيات مرحلة الحرب الباردة التي أنتج طرفاها (شرق وغرب) تعريفا لصناعة العدو الذي تحدد ملامحه شبكة من صناع الرأي العام، من وسائل اعلام وسلطة سياسية و مثقفين ورجال دين. كما يقدم تصنيفا مركزا لتطور حالات العداء والصراعات التي نتجت بعد انتهاء مرحلة الحرب الباردة خاصة في آسيا وشرق أوروبا.
كما يستعرض الباحث في كتابه صراعات من مختلف الانواع والخلفيات شهدتها قارتا امريكا الجنوبية وافريقيا، ومبعث اشتعالها واسباب تفاقمها وما انتجته من ضحايا واهوال ، وكذلك محاولات تطويقها ومعالجة اسبابها ، منوها بنجاحات لافتة انجزتها دول افريقية في معالجة اسباب صراعات اهلية دامية تعرضت لها، خلافا لفشل عديد الجماعات في العالم المتقدم التي شهدت صراعات دموية عقب تفكك الكتلة الاشتراكية، في انجاز علاجات عميقة وجذرية لاسباب صراعها والتي انتهت الى التجميد، والتي تعد قابلة للتفجر من جديد اذا توفرت اسباب اشتعالها حسب رأي المؤلف..
بالاطلاع على هذا الكتاب يدخل كل القارئ، حسب خلفيته السياسية ، في حوار مع مؤلفه كونيسا، أحينا موافقا وبحماس، و أحينا باعترض شديد، على ما يطرحه من خلفيات لحوادث صراعات يتخذها المؤلف كمصدر لاصدار أحكامه التي تكشف لنا في النهاية دناءة فكر المؤسسين لصناعة الأعداء، الذين دفّعوا البشرية ولا زالوا يدفّعونها حتى اليوم ثمنا باهظا من الارواح والموارد والوقت لارضاء معتقداتهم الخاطئة ..
#محمد_عبعوب (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟