سامي الاخرس
الحوار المتمدن-العدد: 1534 - 2006 / 4 / 28 - 10:04
المحور:
القضية الفلسطينية
مع اطلالة فصل الربيع ، بمناخة الجميل ،ونسيمه العليل ، فصل الربيع الذي يمر علي غزة وهي تتنفس لأول مرة نسيم بحرها بدون مستوطنين ،وبدون حواجز الموت ،التي كانت تمزق مدن فلسطين ، وتمنع تحرك أهل غزة ،وتكبل حريتهم.
يأتي فصل الربيع بكل ما يحمله من معانٍ ، ورغم كل ما تعيشه غزة من حصار ،واعتداءات تطال البشر والحجر ،إلا أن ومضات الأمل تداعب هذا الشعب الذي حرم من أدني مقومات الحياة ، وحرم من الاستجمام علي شواطئ البحر المتوسط الذي يزين فلسطين ،ويحتضنها بحنان ، ويضفي عليها معان تحدي ،وعنفوان.
فمنذ انسحاب قطعان المستوطنين ، وقوات الجيش الصهيوني ، من محافظات غزة ، كان أول مشهد هو تدفق السكان علي شواطئ البحر ،التي حرموا منها منذ اندلاع انتفاضة الأقصي المباركة ،وخاصة ابناء محافظات الجنوب ، فتجلت مداعبات الحنين لتنفس هواء البحر ،والاستمتاع بهدير أمواجه الغاضبة بغضبهم ،والباسمة بالأمل بهم ... حيث مثل هذا التدفق على شواطئ البحر المتنفس الوحيد لشعب أدمته الجراح على مدار السنين ،وقيدته ظروف القهر السياسية والاقتصادية ،والاجتماعية ،فانطلق ... ليعبر عن أزماته ،ويستعد لأستقبال نسيم الحرية.
وكأن الفرح ليس من حق أبناء فلسطين ،والابتسامة لا يجب أن تعلو شفاههم ، ورغباتهم عليها البقاء حبيسة الصدور ، فسارعت قوانا الوطنية التي لم تكتفي بمعسكرات التدريب التي اقامتها بأراض المستوطنات ، فرفعت رايتها علي شواطئ البحر بمعسكرات التأهيل ،وتقاسمت فيما بينها شاطئ البحر ، فالمسافر علي الطريق الساحلي ما بين رفح جنوبا إلي غزة شمالا ، لن يجد أفضل ما يمني عيناه به سوي ألوان الرايات الخضراء ،والسوداء ،والصفراء ،والحمراء ، وهي تتربع علي مساحات محاطة بهذه الرايات ، فأضحت تحتل أكثر من 60% من مساحة الشاطئ ، وما تبقي من الشاطئ (الإرث) استغل كأستراحات لكبار الشخصيات ،أو مراكز لأجهزة الأمن ، وإن تبقي شيئا حول لاستراحات لبعض الصغار الذين لديهم ثلاث قطع سلاح فأكثر ....
تحول شاطئ غزة لملكية خاصة ، وعليه لم يعد موطأ لباقي الشعب الذي كان يحلم بقضاء اجازتة الاسبوعية مع اسرته علي شاطئ البحر يلقي به هموم الحياة ،وعذابات السنين .
رحل الاحتلال الصهيوني عن أرض المستوطنات ،ورحل قوات جنودة من علي الطرقات ، فانقشعت سحابات الموت والقهر التي جثمت علي الصدور طوال 58 عام ،ولا زالت ، ولكن ابت السماء أن تشرق شمسها لتنير الارض ،وتدفء القلب ... رحل الاحتلال ، ليترك مساحات الأرض لاحتلال أخر بلون الرابات ، سلبت الأراض ، واستولت علي الساحل ، وأضحت هي العنوان .
سامي الأخرس
27/4/2006
#سامي_الاخرس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟