اعتقلت الشرطة الاميركية اثنين من الحائزين على جائزة نوبل للسلام مع أكثر من 60 شخصا آخرين شاركوا امس في احتجاج على الحرب على العراق قرب البيت الابيض.
وأقدمت الشرطة على تكبيل ميريد كوريغان ماغواير، الحائزة على الجائزة في العام 1976 لنشاطها من أجل السلام في ايرلندا الشمالية، وجودي وليامز، الحائزة على الجائزة في العام 1997 لجهودها في حظر الالغام الارضية، وذلك بعد ان رفضتا مغادرة حديقة لافاييت المواجهة للبيت الابيض.
واعتقلت الاثنتان مع عدد من كبار رجال الدين ودانييل ايلسبرغ احد اشهر المشاركين في تظاهرات الاحتجاج على حرب فيتنام، وهم جالسون في الحديقة ينشدون السلام باللغتين الانكليزية والعبرية. ورفع المحتجون زهورا وصورا بشعة للضحايا من المدنيين في الحرب.
وقالت ماغواير قبل إن تقتادها الشرطة بعيدا إنها تخطط لتنظيم احتجاج مناهض للحرب كل يوم خارج البيت الابيض حتى 18 نيسان الذي يصادف يوم الجمعة الحزينة. أضافت ماغواير، التي كشفت أنها طلبت من الرئيس جورج بوش ان يستقبلها، <<في ايرلندا الشمالية لقينا تشجيعا لحل مشاكلنا من خلال الحوار وأود ان ارى هذا يحدث هنا>>.
وصرخت وليامز بصوت عال للصحافيين لحظة كبلتها الشرطة <<هذا ما تبدو عليه ديموقراطيتنا>>. (رويترز)
******************
أخبار أخرى عن:
أجواء الاحتجاج في الولايات المتحدة وبريطانيا وأستراليا
<<تعرضنا لغارة كبيرة ليلة البارحة، كثيفة جداً. بعض القنابل انفجر بالقرب منا. أظن هدفهم كان الجسور. يبدو أني قد نمت بعض الوقت خلال القصف. بعد مرور بعض الوقت تعتاد على القصف، فلا يعود يوقظك إلا إن كان قريباً جداً أو فوقك. أجرى ديرين هينش مقابلة معي هذا الصباح فتكونت لدي فكرة عن الهراء الذي يتم عرضه في الإعلام التجاري>>.
هذا كان تقرير روزماري جيليسبي من بغداد في اليوم الرابع من الحرب وهي واحدة من أربعة عشر شاباً غربياً يشكلون مجموعة دروع بشرية اسمها <<فريق السلام العراقي>>. كان ويد هدسون، من المجموعة ذاتها، قد كتب في اليوم الثاني من الحرب: <<صباح اليوم زرنا مستشفى قريبا، علمنا هناك أن أكثر الأطفال الجرحى سحبهم أهلهم لأن نوافذ المستشفى كبيرة مما يشكل خطراً في حال وقوع انفجارات قريبة. خمسة وتسعون في المئة من المحال التجارية مغلقة اليوم. كان القصف عنيفاً. لكن أؤكد لكم أن معنوياتنا عالية وستبقى كذلك>>.
بالإضافة إلى هذه المجموعة، توجد مجموعات عديدة تتحدر مثل العادة من تحركات سياتل الشهيرة، السلالة الاحتجاجية التي طبعت السنوات العشر الأخيرة من أخبار العالم. لكن التجمع يكبر يوماً بعد يوم، فبعدما تحالف اليسار الشاب والحركات البيئية والعديد من حركات السلام الليبرالية وحركات المثليين، انضمت مع حرب العراق مجموعات مسيحية، منها مجموعة <<فريق السلام المسيحي>> وهي تجمع شبابي أميركي كندي أرسل ثمانية أعضاء منه كدروع بشرية إلى بغداد.
في ما يلي جولة مختصرة على بعض نشاطات هذا التيار في العالم، النشاطات التي يندر أن تقدم عنها وسائل الإعلام تقارير حقيقية.
الولايات المتحدة:
أول فرق النشاط في الولايات المتحدة هو الفريق التقني، إذ يمكنك مثلاً أن تتلقى عناوين الأخبار الجديدة ومعلومات التنسيق بين التظاهرات وساعات الاجتماع في كل حي أو مدينة على شكل رسائل خلوية قصيرة. اكتسب هذا النشاط التقني أهمية كبيرة في قلب تظاهرات نيويورك التي لم ينخفض تعدادها عما مجموعه مئة ألف متظاهر في أية ساعة من ساعات النهار منذ بداية الحرب.
في نيويورك، عاصمة الفنون الأميركية، تشارك فرق مسرحية عديدة في النشاط الرافض للحرب، <<كيف وصلنا إلى هذا الوضع العبثي الذي نخوض فيه حروباً آثمة من أجل مورد طبيعي فانٍ يدمّر كوكبنا؟>>، بهذا قدمت إحدى الفرق المسرحية الشابة عرضها الجديد الذي يتم توزيع بطاقاته في التظاهرات.
لا يترك برنامج التظاهرات في مدينة سان فرانسيسكو ساعةً واحدة فارغة من أيام الشهر المقبل، على الرغم من أن أكثر من ألفي شخص اعتُقلوا منذ انطلاق الحملة مع بداية الحرب على العراق. منذ اللحظة الأولى، بدأ الناس بالتجمع في الشوارع، معربين عن غضبهم ورفضهم لنظام يترك كثيرين عاطلين عن العمل ومعوزين ويندفع إلى حرب بعيدة لجمع أموال جديدة لأصحاب الأموال.
منطقة SF Bay أغلقت بالكامل يوم الخميس وبعض يوم الجمعة تحت ضغط جماعات الناشطين ضد الحرب، ما دفع بالشرطة المحلية إلى مواجهة المتظاهرين بوحشية. دعوى قضائية كبيرة يتم تحضيرها ضد مجلس المدينة وشرطتها بشأن الإيذاء الجسدي والاعتقالات التعسفية.
في استعادة لحركة الجنود الإسرائيليين الرافضين للخدمة في أراضي 1967، تنشأ حركة مماثلة بين الجنود الأميركيين. هم جنود مستعدون لخوض الحروب من أجل بلادهم ولكن ليس للمشاركة في حروب لا يؤمنون بها. في مواجهة هذه الحركة يعطي الإعلام المكرّس أهمية كبيرة لمجموعات الكترونية مثل <<وطنيون من أجل الدفاع عن أميركا (defenceofamrica.org) التي تعتبر أن الجنود الذين يرفضون التوجه إلى العراق <<يوجهون إساءة كبيرة لهذا البلد ولرفاقهم من الجنود>>.
في ما يلي ترجمة لنص الكتروني وزعه أحد أولئك الجنود:
<<أنا جندي في الجيش الأميركي. أنا أعارض هذه الحرب بقلبي وبضميري. ولأولئك الذين سيقولون إني جبان أقول: الجبان لا يقف ويصمد في سبيل ما يؤمن به، الجبان هو من يتبع الأوامر كالأعمى ويقتل الأبرياء. الجبان هو من يحاكم قضايا يعرف أنه لا يفهمها في الحقيقة.
أنا لست جباناً، أنا أولاً مواطن من هذا العالم، ومواطن من الولايات المتحدة ثانياً. أنا أؤمن بتعادل كل الحيوات البشرية. وأرى أن هذه الحرب إساءة في استخدام القوة تقوم بها إدارة بوش. ولن أساهم فيها بأي شكل. بل سأثور على أية أوامر تطالبني بالقتل في سبيل ما لا أؤمن به. أنا أخدم في ألمانيا، وهنا كل يوم يتظاهرون ضد الحرب، كم أتمنى أن أشاركهم، لكني للأسف لا أستطيع>>.
بريطانيا:
بالإضافة إلى تظاهرات لندن اليومية المعروفة والتجمعات عند قاعدة فيرفورد التي اكتسبت شهرة إعلامية كبيرة مع انطلاق طائرات الB 25 منها إلى العراق، ثمة مجموعات كبيرة ترابط عند قاعدة <<منويث>> الأميركية. اتخذ الاحتجاج هناك شكلاً كرنفالياً ولبس المتظاهرون لفافات القصدير رافعين شعار <<لفوا القاعدة!>>. شاركت فرق موسيقية عديدة بالعزف الحي قرب أسوار القاعدة منها <<فرقة سامبا شيفيلد>> و <<تروليد ساوندسيستم>>. كما تمت محاولة لاقتحام القاعدة باستخدام الحبال لشد السياج وبالحفر تحته، لكن حضور الشرطة كان قوياً واعتقل عديدون.
في مانشستر، اعتقل أربعة شباب بعدما أوقف المتظاهرون حركة السير في شارع رئيسي لساعتين صباحاً.
كما تجمع المتظاهرون حول مركز تعبئة الاحتياط العسكري بالقرب من نوتنغهام. في حين تجمع المتظاهرون في شيفيلد أمام مركز التوظيف التابع للجيش البريطاني واستلقوا على الأرض مانعين حركة دخول وخروج السيارات لنصف نهار.
أما في ويلز فقامت مجموعة من أعضاء <<شبكة كارديف الانارشية>> باحتلال مقر المجلس الويلزي متمترسة في مكان المتحدث في المجلس بعدما تسللت إليه من مبنىً مجاور. لم يتم اعتقال أحد خاصة مع دعم اثنين من أعضاء المجلس لموقف المجموعة. قال أحد أعضاء المجلس: <<لقد تحدى بلير إرادة الشعب والأمم المتحدة، لم يعد إذاً، في موقع من يعظ الآخرين عن الشرعيات وغير الشرعيات>>.
أوستراليا:
معدل حجم التظاهرات اليومية في سيدني قرابة الخمسين ألف متظاهر. سارت التظاهرات هناك سلمياً بشكل عام ولكن تحت مراقبة أمنية شديدة لم تترك لها فسحة كافية من الشوارع.
انطلقت مخيلة المتظاهرين في ابتكار شعاراتهم المناهضة لخيار الحرب وللحكومات الأميركية والبريطانية والأسترالية. وبرزت الجاليتان العربية واليونانية بحضور قوي وفعال.
وفي كانبيرا وغيرها من المدن الأسترالية ترك العديد من طلاب المدارس الثانوية مدارسهم للالتحاق بالتظاهرات منذ اليوم الثاني من الحرب رافعين شعار <<حين تسقط القنابل تغلق المدارس>> و<<العالم يحتاج الى الكتب وليس القنابل>>. في الوقت ذاته، اعتصم ألفا شخص أمام مبنى السفارة الأميركية لساعتين. إحدى المشرفات على تنظيم التظاهرات كتبت <<بالتنظيم والمشاركة في التظاهرات يتعلم الطلاب أيضاً، يتعلمون أن يدافعوا عما يؤمنون به... لن نسكت طالما أن طلاباً مثلنا يواجهون القصف في العراق>>.
©2003 جريدة السفير