|
هدنة غزة تكشف المستور
ابراهيم ابراش
الحوار المتمدن-العدد: 6187 - 2019 / 3 / 31 - 17:34
المحور:
القضية الفلسطينية
ما يجري في القطاع وعلى حدوده الشمالية مع إسرائيل والجنوبية مع مصر :تصعيد عسكري إسرائيلي ،مفاوضات حول هدنة طويلة المدى ،سيطرة حماس على المعابر الحدودية ،استبعاد منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني عما يجري ،مسيرات على الحدود تحت مسمى (مسيرات العودة) ،إفقار مبرمج لأهالي القطاع الخ ،كلها أمور مرتبطة مع بعضها البعض تُشير إلى تهيئة لعملية أو صفقة كبرى . لو كانت المفاوضات غير المباشرة وربما المباشرة ما بين حركة حماس وإسرائيل تدور حول مجرد تهدئة ما كان الأمر يثير أي قلق ،ولكننا أمام مفاوضات متعددة الأطراف حول هدنة تتجاوز المفهوم العسكري المحض وتنزلق لموضوعات سياسية تمس قضايا مصيرية لمجمل القضية الفلسطينية وتتجاوز بكثير تحسين الوضع الإنساني في قطاع غزة . حتى مسيرات العودة ،التي تغير مسماها لمسيرات العودة وكسر الحصار وتداخلها مع ذكرى يوم الأرض ،تم تفريغها من فكرتها الأولى لتصبح ورقة مساومة في صفقة هدنة مذلة . فخلال مسيرات (حق العودة) على الحدود طوال عام وهي المسيرات التي أدت بحياة أكثر من 260 شهيد وآلاف الجرحى وحتى اثناء المسيرة الكبرى في الثلاثين من مارس ،لم تتوقف المفاوضات المباشرة وغير المباشرة بين حركة حماس والوفد الأمني المصري وميلادينوف ممثل الأمم المتحدة ودولة قطر وإسرائيل ،وطوال المفاوضات لم يتم التطرق لحق العودة على لسان أحد وكان كل الحديث يدور حول الهدنة ووقف المسيرات على الحدود مقابل مساعدات مالية واقتصادية لقطاع غزة ولحركة حماس !!!. بالرغم من استمرار حركة حماس برفع شعار عدم الاعتراف بإسرائيل وشعار المقاومة واستمرار حالة من الاشتباك العسكري المحسوب بدقة على حدود القطاع ،إلا أن ما يجري من مفاوضات غير مباشرة بينها وبين إسرائيل تحت عنوان التهدئة سيجر حركة حماس وفصائل المقاومة في قطاع غزة ،بوعي من قيادات أو تيار في حركة حماس وربما بدون وعي من القوى السياسية الأخرى ،لمربع فصل غزة عن الضفة مما يعني تحييد قطاع غزة عن الصراع مع إسرائيل وترك الضفة والقدس للاحتلال وتجاهل فلسطينيي الشتات وحق العودة ،مقابل بعض المساعدات من وقود وغذاء وتحسين ساعات الكهرباء وبضعة ملايين لرواتب موظفي حماس لأشهر معدودة ،ووعود بعيدة المدى بتسهيلات أخرى كالميناء والمطار ورفع الحصار ،وهي وعود لن تنَفذ إلا بثمن أكثر فداحة وإذلالا كتجريد القطاع نهائيا من السلاح الذي تزعم إسرائيل أنه يهدد أمنها وتكريس فصل غزة عن بقية الوطن . قد يتساءل البعض لماذا التشكيك بتهدئة تتفاوض عليها الفصائل الفلسطينية وقد سبق للرئيس الراحل أبو عمار أن طالب بها كما كانت مطلبا للرئيس أبو مازن ؟وهل المطلوب استمرار إسرائيل بقتل الفلسطينيين وتدمير بيوتهم في قطاع غزة ؟ولماذا التشكيك بتهدئة قد ترفع الحصار عن قطاع غزة ؟ . لن تعوز الذين باتوا اليوم من أشد الداعين للهدنة مع العدو الأدلة والبراهين من النصوص الدينية وحتى من القانون الدولي والشرعية الدولية لدعم موقفهم بعد أن كانوا سابقا يكَفِرون ويخَوِّنون الداعين لها ،كما أنهم سيفسرون ما نقوله وكأنه تشكيك بالمقاومة وبمسيرات العودة وبأننا ننحاز لطرف على حساب طرف آخر . العقل والمنطق يستدعي تفحص السبب في سعي حركة حماس في غزة لهدنة الآن وكانت ترفضها سابقا ،وخصوصا أن الشعب الفلسطيني لم يُنجز شيئا من مشروعه الوطني بل تراجع هذا المشروع كثيرا بعد فشل عملية التسوية وتكثيف إسرائيل لعمليات الاستيطان والتهويد وإعلان القدس عاصمة لإسرائيل والحراك الأمريكي لفرض تسوية تتعارض كليا مع مصالح الشعب الفلسطيني ،ومحاصرة السلطة الوطنية ومحاولة تقويضها في الضفة الغربية الخ ،وبالتأكيد تتحمل منظمة التحرير وحركة فتح جزءا من المسؤولية عما آلت إليه الأمور ،وفي نفس الوقت فإن الذين ناوءوا المنضمة ونهجها التفاوضي ورفعوا شعار المقاومة بديل عن نهج التسوية والمفاوضات فشلوا أيضا في تحقيق ما فشل فيه الفريق الأول بل حتى في تحقيق الحد الأدنى مما وعدوا به الشعب . ولمزيد من تحكيم العقل والمنطق نتساءل ومن حق كل وطني فلسطيني وكل عربي ومسلم مؤمن بالحرية وبعدالة القضية أن يتساءل ،هل قطاع غزة كيان مستقل قائم بذاته ،وبالتالي يجوز لحركة حماس المسيطِرة عليه بالقوة العسكرية الاتفاق على هدنة مع إسرائيل بمعزل عما يجري في الضفة والقدس ولا نريد القول بما يجري في فلسطين 48 التي قامت الثورة الفلسطينية بداية من أجل تحريرها ؟أليست الضفة والقدس محتلتان والعدوان متواصل هناك بشكل أبشع مما يجري في غزة ؟وكيف لحركات تسمي نفسها حركات مقاومة أن توقف المقاومة والجهاد بينما كل فلسطين محتلة والقدس تُهَوَد وتُدَنس ؟وهل حلت غزة محل فلسطين ؟وهل خرجت غزة من ساحة المواجهة مع العدو وهي التي كانت تاريخيا شوكة في خاصرة العدو ؟. إن كانت حركة حماس تعمل على إنجاح مشروعها الإخواني لإقامة إقليم –قاعدة في قطاع غزة بعد فصله عن بقية فلسطين ليكون نواة دولة الخلافة المنشودة وهو الأمر الذي يعتبره الوطنيون هزيمة لمشروعهم الوطني فيما تعتبره حركة حماس انتصارا لمشروعها الإخواني ،وإن كانت حركة الجهاد الإسلامي تتقاطع مع حركة حماس حتى الآن ، إلا أنه من غير المفهوم موقف الفصائل الوطنية في قطاع غزة حيث موقفها مثير للحيرة ويبدو أنها في حالة إرباك ما بين غضب على حركة فتح والسلطة تراكم عبر السنين وتحالف ميداني مع حركة حماس تقول إنه تكتيكي وفرضته خصوصية الحالة في قطاع غزة . في الوقت الذي تصطف فيه هذه الأحزاب مع حركة حماس في قتال إسرائيل إلا أنها غير متوافقة معها في مشروعها الإخواني ولا ندري موقفها من دولة غزة ، لذا مطلوب منها أن تحدد موقفها ووظيفتها ودورها في حالة تثبيت هدنة طويلة المدى وتكريس انفصال غزة عن الضفة ،وهل ستبقى جديرة بحمل اسم فصائل مقاومة وجهاد إن أوقفت مقاومتها للاحتلال ؟. حتى تحقق الهدنة مصلحة وطنية يجب أن تكون في الإطار الوطني وليس لخدمة أجندة حزبية ضيقة أو خارجية ،ويجب أن تكون ملزِمة لإسرائيل وفي إطار استراتيجيه وطنية شمولية تشمل الضفة والقدس وغزة من منطلق أن الاستيطان والتهويد في الضفة والقدس عدوان لا يقل عن العدوان العسكري على قطاع غزة ،وبالتالي يجب ربط الهدنة العسكرية بوقف الاستيطان في الضفة والقدس ،وفي حالة عدم التزام إسرائيل بوقف عدوانها في الضفة والقدس وغزة يكون كل الشعب وفصائله المسلحة في حِل من أمرهم بحيث يكون من حقهم العودة للمقاومة في الضفة والقدس وغزة ،سواء كانت مقاومة عسكرية أو شعبية شاملة . بدون ذلك وبدون تدارك الأمر بمصالحة ولو جزئية تقطع الطريق على صفقة الهدنة وصفقة القرن ،فإن مفاوضات الهدنة التي تجري اليوم برعاية مصرية وقطرية ودولية ،والخفي منها أخطر مما هو مُعلن ،ستؤدي لترسيم حدود بين غزة وإسرائيل ومصر وبالتالي إخراج قطاع غزة من ساحة العمل الوطني . وأخيرا نُذَكر بأن وقف إطلاق النار واتفاقات الهدنة بعد حرب 48 وإن كانت تحولت لحدود دولية ،إلا أنها لم تستقر طويلا ولم تحقق السلام لأن الذين وقعوا عليها لم يكونوا ممثلي الشعب الفلسطيني . [email protected]
#ابراهيم_ابراش (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حدود الدم في فلسطين
-
تصعيد عسكري وهدنة مثيرة للفتنة
-
التطبيع وتغيير طبيعة الصراع واطرافه
-
فلسطين والفلسطينيون الأصل وغيرهم طارئون
-
الافتئات على المشروع الوطني ومنظمة التحرير
-
نعم لرفع الحصار عن غزة ، ولكن ليس بأي ثمن
-
عندما يظلم الفلسطينيون أنفسهم
-
شباب فلسطين :غضب ينذر بانفجار
-
من حرب التحرير إلى حروب المهرجانات والشعارات
-
عام 2019 وتحدي مخرجات عام 2018
-
حل المجلس التشريعي ليس حلا
-
المسألة الثقافية ما بين السجال الفكري والتأصيل المفاهيمي
-
المقاومة توحِد الشعب والصراع على السلطة يفرقه
-
الأمم المتحدة سلاح ذو حدين
-
حول المشروع الأمريكي لإدانة حركة حماس
-
قراءة في يوم التضامن العالمي مع الشعب الفلسطيني
-
حكم العسكر في فلسطين
-
تصعيد عسكري لتمرير صفقة سياسية
-
الكتابة ما بين زمنين
-
المجلس المركزي بديل عن منظمة التحرير
المزيد.....
-
فوضى في كوريا الجنوبية بعد فرض الأحكام العرفية.. ومراسل CNN
...
-
فرض الأحكام العرفية في كوريا الجنوبية.. من هو يون سوك يول صا
...
-
لقطات مثيرة لاطلاق صاروخ -أونيكس- من ساحل البحر الأبيض المتو
...
-
المينا الهندي: الطائر الرومنسي الشرير، يهدد الجزائر ولبنان و
...
-
الشرطة تشتبك مع المحتجين عقب الإعلان عن فرض الأحكام العرفية
...
-
أمريكا تدعم بحثا يكشف عن ترحيل روسيا للأطفال الأوكرانيين قسر
...
-
-هي الدنيا سايبة-؟.. مسلسل تلفزيوني يتناول قصة نيرة أشرف الت
...
-
رئيس كوريا الجنوبية يفرض الأحكام العرفية: -سأقضي على القوى ا
...
-
يوتيوبر عربي ينهي حياته -شنقا- في الأردن
-
نائب أمين عام الجامعة العربية يلتقي بمسؤولين رفيعي المستوى ف
...
المزيد.....
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
-
القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال
...
/ موقع 30 عشت
-
معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو
...
/ محمود الصباغ
المزيد.....
|