|
رسالة من معتقلي حراك الريف بعكاشة إلى الرأي العام:
معتقلي حراك الريف
الحوار المتمدن-العدد: 6185 - 2019 / 3 / 27 - 11:27
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
رسالة من معتقلي حراك الريف بعكاشة إلى الرأي العام: يوم 26 مارس 2019. إلى عموم الأحرار والحرائر داخل الوطن وخارجه قرابة سنتين على بداية التدخل القمعي الذي شنته الدولة يوم 26 ماي 2017 في حق الريف وأبناءه على خلفية الحراك الشعبي بالريف وما خلفه ذلك من شهداء ومئات المعتقلين الذين تعرضوا للتعذيب وقرون من الأحكام السجنية الجائرة والمجحفة التي صدرت في حقهم عبر محاكمات غابت فيها شروط المحاكمة العادلة والزج بهم في سجون مختلفة بعيدا عن ذويهم وفِي ظروف حاطة بالكرامة الإنسانية من اجل الإمعان في عقابهم وعقاب عائلاتهم فضلا عن المئات من المتابعات في حق النشطاء في الداخل والخارج والحصار الاقتصادي وعسكرة المنطقة وتضييق الخناق على الحريات العامة وزرع أجواء الرعب وعدم الاستقرار والدفع بأبناء الريف إلى الهجرة القسرية…
– كل هذا لم يكن كافيا الشفاء غليل الدولة المغربية التي لا زالت عصاها الغليظة مسلطة على ظهور الريف وتمعن في العقاب الجماعي للانتقام ضدهم وضد منطقتهم حيث الأوضاع هنالك كارثية على كل المستويات وغير مستقرة وملف حراك الريف مازال عالقا. – هذه السياسة القمعية الممنهجة هي الأشد التي نهجتها الدولة والتي تعتبر فصلا من فصول الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي عانى الريف من ويلاتها على مدى العقود الماضية لا لشيء سوى لان أبناء الريف دقوا ناقوس الخطر ووصفوا الحقيقة بالحقيقة المرة للوضع المعيشي عِوَض الصمت المخيف الذي لزمه الكثيرون في هذا الوطن. – إن الحراك الشعبي بالريف لم يأتي من فراغ بل انبثق من رحم الجماهير وعمق معاناتهم طرى عن وعيه بالأخطار المحدقة بالإيجاد وعن تطلعاته لوطن يتسع للجميع تشوبه الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية ويرتقي بها إلى مصاف البلدان المتقدمة التي قطعت مع منطق الرعية والعقلية البائدة، ولقد جسد الحراك الشعبي هذا الوعي الحضاري السلمي بأساليبه النضالية الحضارية ومن مطالبه الشعبية الواضحة والعادلة والمشروعة… – إلا أن الدولة لم تستسغ هذا الوعي الشعبي الذي ينادي للحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية الفعلية والحقيقية وتجاهلت الحراك وخونته وقمعته وهذا ديدنها مع كل الحركات الاحتجاجية الشعبية الحرة، فلم يسبق لا حراك جرادة ولا حراك زاكورة وباقي الحراكات الاحتجاجية الأخرى في الإفلات ونادت بحقها في العيش الكريم وكل الأصوات والأقلام الصحفية الحرة التي تستنكر هذا الوضع وتنادي بالقطع مع واقع الفساد والاستبداد. ولازلت سياسة الإقصاء والتجاهل والعصى جوابا على كل من يطالب بحقه المشروع بين مختلف الفئات والقطاعات الاجتماعية والمناطق المهمشة بدءا من الذين يطالبون بأبسط حق في هذا البلد والمتمثل في الماء الصالح للشرب، ومرورا بساكنة الكريانات الذين هدمت مساكنهم فوق رؤوسهم وبالمطالبين بحقهم في الشغل، والمطالبين بحقهم العادل في استرجاع أراضيهم الجماعية التي انتزعت منهم بطرق جائرة مثل ساكنة سوس وتلارواق وإيميضار… واللائحة طويلة، بل ولَم يسلم من هذه السياسة القمعية حتى الأساتذة والأطباء والممرضين والدكاترة المعطلين، وحتى ذوي الاحتياجات الخاصة، فماذا ننتظر ممن ينتهك حرمة الأجساد ويصل به الأمر إلى سلخ الأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد أمام الملأ هؤلاء الذين يعول عليهم لتربية وتنشئة وطن كل أجيال الغد؟!! وبهذه المناسبة نعبر عن تضامننا اللامشروط معهم. – إن هذه القراءة غيظ من فيض من واقع معاش الواضح للعيان والحديث عنه ليس عدميّا أو خطاب لين بل هو إعلان للحقيقة حتى وإن كانت مرة، هذه الحقيقة التي تؤكدها كل المؤشرات والأرقام حتى منها التقارير الصادرة عن هيئات الأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان الدولية، إعلان هذه الحقيقة والبث فيها هي الخطوة الأولى والضرورية للعلاج وبالمقابل فإن الصمت أو الإنكار هي الجريمة التي لا تغتفر والتي ستقود الوطن نحو الهلاك. – فكيف لنا أن نصمت في ضل الإقصاء والتهميش والحكرة، وفِي ظل سيادة الفساد والاستبداد والعبث السياسي واقتصاد الريع والانتهازية والمحسوبية والمصالح الشخصية على حساب القيم الحرية والعدالة والنزاهة والشفافية والصدق التي تعتبر من شيم وخصال شعبنا. – إن غياب الحس الوطني لثقافة سائدة هو نتاج لما زرعته الدولة عبر سياساتها التي تقدم الولاءات والمحسوبية والزبونية على حساب الكفاءات والنزاهة والشفافية هي طبعا سياسات فاشلة اعترفت بها الدولة بنفسها تم إهدار حولها زمن ثمين وثروات وموارد مادية وبشرية هائلة دون أن يتحمل إي مسؤول مسؤوليته. – إن سياسات الترقيع المرحلية لحل بعض الأزمات لم ولن تجدي نفعا، إن مؤسسات الدولة يجب أن تنصت لصوت الشعب ومطالبه وعدم الالتفاف على إرادته من أجل التغيير والتقدم الحقيقيين، وهذا الشعب الذي ناصرنا رغم التهم المنسوبة إلينا ظلما بتضامنه اللامشروط مع قضيتنا وندائه المتواصل من اجل إطلاق سراحنا والذي لحد ألان تتعنت الدولة للاستجابة لصوته. – إن شعبنا حر وواع وذكي، فهو يرى كيف تتعامل القوى التي تحترم شعوبها، مع مواطنيها وكيف تنصت لأصواتهم وتنزل عند إرادتهم دون أن تحس بان كرامتها قد مست، لان العقلاء يدركون أن هبة الدولة هي من هبة الشعب وخدمت الشعب ولا صوت يعلوا فوق صوت الشعب، وهو يرى أيضا كيف يتعامل القضاء مع المحتجين الذين يعتقدون على اثر الحراكات الاحتجاجية في هذه البلدان، وشاهد أيضا الدرس الذي قدمه القضاء الجزائري الذي تحلى بالمسؤولية والنزاهة ورفض الانسياق لتعليمات النظام الجزائري فأخلى سبيل المعتقلين على خلفية الحراك الشعبي الذي يعرفه البلد الشقيق عِوَض الزج بهم في السجون فأين نحن من كل هذا ؟!!! – إن كل منا يتحمل مسؤولية تاريخية على عاتقه تجاه وطننا، عِوَض أن يرى من أبناء الشعب والمناضلين الشرفاء الخيانة والعمالة التي نبذها، عليه أن يكف عن العبث السياسي أولا والحسابات المصلحية الضيقة، وان يفكر في إنقاذ البلاد من الخضوع لإملاءات المؤسسات المالية الدولية، هذا الخضوع الذي يعتبر اكبر مذلة للوطن وللشعب والعمالة الفعلية لفائدة المصالح الأجنبية على حساب المصالح الوطنية. – وعلى المثقف أن ينزل من برجه العاجي وان يعانق هموم ونضالات شعبه وأن يؤدي رسالته المؤتمن عليها في التوعية والتنوير بكل جرأة وصدق وينخرط في عملية التغيير من اجل الوطن الذي يصبو إليه الجميع، والمطلوب من كل الضمائر والقوى الحية في البلاد التحلي بالحس الوطني والمسؤولية وقيم النزاهة والشفافية والصدق والإخلاص والاحترام المتبادل وتكثيف الجهود وتوحيد الصفوف من اجل المساهمة في التغيير المنشود… – وعلى الدولة أن تنصت لصوت الشعب وإرادته وان تقدم الإجابات الحقيقية لكل قضايا الشعب التاريخية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسياسية والحقوقية، وان تقطع نهائيا مع ازدواجية الخطاب والممارسة وتقرر السير في الاتجاه الذي يريده الشعب، والشعب لا يجتمع على ضلالة، والكف عن نهج سياسة تدبير الأزمات وتقديم أكباش فداء التي لا تؤدي سوى إلى استدامة الواقع المأزوم واستفحاله وطبعا هذا واجب علينا. – كما انه علينا كمعتقلين ومناضلين ومواطنين أحرار واجب المساهمة كذلك في بناء وطننا وطن يسعنا جميعا ونفتخر به بين أمم العالم مؤكدين إننا لم نكن أبداً من ممتهني الاحتجاج ولا من دعاة التأجيج ولكن أنصار الحق ودعاة سلم وأهل حوار إذا كانت هناك إرادة حقيقية للأطراف التي تمتلك القرار، وأننا لا نقوم إلا بواجبنا تجاه وطننا وشعبنا وإن اقتضى منا الأمر المزيد من التضحيات فلن نبخل بها في سبيل هذا الهدف النبيل.
#معتقلي_حراك_الريف (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
سقط من الطابق الخامس في روسيا ومصدر يقول -وفاة طبيعية-.. الع
...
-
مصر.. النيابة العامة تقرر رفع أسماء 716 شخصا من قوائم الإرها
...
-
الجيش الإسرائيلي يعلن تدمير بنى يستخدمها -حزب الله- لنقل الأ
...
-
كيف يؤثر اسمك على شخصيتك؟
-
بعد العثور على جثته.. إسرائيل تندد بمقتل حاخام في الإمارات
-
حائزون على نوبل للآداب يطالبون بالإفراج الفوري عن الكاتب بوع
...
-
البرهان يزور سنار ومنظمات دولية تحذر من خطورة الأزمة الإنسان
...
-
أكسيوس: ترامب يوشك أن يصبح المفاوض الرئيسي لحرب غزة
-
مقتل طفلة وإصابة 6 مدنيين بقصف قوات النظام لريف إدلب
-
أصوات من غزة.. الشتاء ينذر بفصل أشد قسوة في المأساة الإنساني
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|