|
أسباب فشل حراك غزة وحماس بلا عمق دولي أو إقليمي ..
مروان صباح
الحوار المتمدن-العدد: 6184 - 2019 / 3 / 26 - 08:03
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
/ ليس عجباً وإن كان ما جرى رهيب الدلالة في الواقع فعندما قام الناس في الدول العربية يطالبون بتغير الأنظمة أو اسقاطها، إبتداءً من الجمهورية التونسية وليس انتهاءً في الجزائر اليوم ، بالفعل استطاع الشعب التونسي بسلمية حراكه إجبارالرئيس الفاسد زين العابدين على الفرار ، لكن لم تكن الحياة بشكل عام أو البطالة بشكل خاص أو دخل الفرد على وجه الخصوص ، جميعها لن تصل إلى السوء التى وصلت غزة إليه ، ففي القطاع حسب بيانات الإحصاء المركزي الفلسطيني تصل نسبة البطالة فيه إلى 44 % كما أن دخل الفرد في الجزء الغزاوي من الاراضي الفلسطينية المتنازع عليها يعتبر من الدخول المتواضعة جداً نسبةً وتناسب مع الضفة الغربية ومع كل هذا نجح الشعب العربي في أكثر من مكان ومن خلال انتفاضاته مواجهة الأنظمة بمعارك منها سلمية واخرى مسلحة ، منها نجحت في اسقاط أو تغير الأنظمة ومنها اجتاحها الخراب كسوريا وليبيا وتقريباً اليمن ، بل كانت الانتفاضات العربية سبب جوهري في دفع دول الخليج العربي بتبني تغير شامل كامل في سياساته الاقتصادية والانتاجية وايضاً ارساء مفهوم جديد لتعامل مع المواطن والوطن ، وهنا لا بد من الإشارة إلى مسألة لافتة ، قد يكون المواطن الخليج من أكثر المواطنين خطاً في العالم ، لأن الانتفاضات العربية قدمت للمواطن الخليجي التغير على طبق من ذهب دون أن يحرك ساكناً وهذا في النهاية يحسب للقائمين على إدارة الأنظمة الخليجية الذين التقطوا الحكاية من أولها وبدأوا بإرضاء الناس اولاً ثم ذهبوا إلى مربع التغير الجذري .
لكن يبقى حراك غزة محير للكثير، ولأن المحتجون على عيشتهم ظهروا كأنهم مصابون بأعراض الاشتباك الذواتي ، ( التوحد ) ، الذي يدفع المرء للبحث عن الأسباب الواقعية التى اجهضت تناميه أو باختصار لماذا فشل رَغْم انسداد العيش وايضاً قساوة ردات افعال جهازين الشُرطة والسري لحماس مع المتظاهرين ، وهذا الفشل بحاجة إلى قراءة هادئة وعميقة تفكك أسباب اختصاره على فئة معيّنة ، بل بمراجعة بسيطة تبسيطية لاعداد المنتسبين لحركة فتح اولاًً والسلطة ثانياً سيجدها كبيرة ، ولكي نجنب مسألة الخوف ونبعدها عن التحليل ، هناك أسباب أخرى لا علاقة لها بالخوف ، لأن الحياة في غزة تساوت مع الموت فإذا كان عدم الخروج والمشاركة سببه الخوف من الموت أو هو الذي منع الناس من المشاركة بالحراك ، فإن الموت أصبح ظاهرة عامة ، إذاً ، هناك قناعة راسخة لدى الناس ، أولها بأن التغير الذي سيكلف الناس ارواحها بالاضافة لتحملهم الإهانات التى من المؤكد سيتعرضون لها ، بالطبع كلفته باهظة الثمن وغير مُجدي لهم نقل السلطة في غزة من حماس إلى فتح طالما التركيبة الماضية ذاتها ، بل هناك قناعة أخرى راسخة ، هذه الشريحة الواسعة التى تتبنى هذا الرأي ، لا تعارض رحيل حماس عن حكم غزة على الفور لكن دون أن تدفع ثمن الرحيل ، لذلك وهذا إذ دل فأنه يدل عن مفهوم جماهيري مُعتكر الدلالة وطافح البرهان فضلا أنه مُشبع بمعلومات شتى وصلت إلى حد المعرفة في خفاية الأمور سنأتي عليها لاحقاً .
هناك حقيقة دامغة ، جميع القوى السياسية في الساحة الفلسطينية تساو بالمسألة السياسية ، لكن يبقى الفارق والذي يهم الناس ، الفساد والعدالة الاجتماعية في المنظومة الإدارية بينهم ، وهذا سبب إخفاق حركة فتح سابقاً ومازال السبب مستمر وهو المسؤول عن إخفاقها في كل تحرك تتحرك به ، ايضاً من جانب ثاني ، لم تقم حركة فتح بمراجعة شاملة لعلاقاتها مع الاحتلال خلال سنوات تنفيذها اتفاق اسلو ، أي لم تضع حلول بديلة تجنبها المحاصرة داخل الضفة الغربية ، بل هناك مسألتي خطيرتين مازالوا راسختين في الذهنية الفلسطينية ، الأولى ، وهي حاضرة لدى المواطن الفلسطيني يراها بوجهه على الطالع والنازل وفي كل تحرك له والتى تنغص حياته من أول اليوم إلى آخره ، جدار العزل ، لم تحاسب حركة فتح الأدوات المشاركة في بنائه أو من تكفل في تهيئة المناخ العام الذي آمن أعداد هائلة من العمال الفلسطينين في تعميره ، وهنا المدقق يجد ، بأن المنتفع هي فئة صغيرة من وراء بنائه ، انتفعت ورحلت في حين الحركة تعبطت تباعاته أمام الشعب ، أما الأمر الأخر ، لقد بين تقرير الرقابة العامة عام 2005م عن اختلاسات وصلت في الحكومات التى قادتها حركة فتح إلى ما يزيد عن 700 مليون دولار وهذا مبلغ في تقديري بسيط لأن ما خفي هو أعظم من هذا الرقم بكثير ، بل فتح باب استرداد المال المختلس وهنا نؤكد ، ليس مطلوب سجن السارقين أو فتح قضايا قضائية بقدر المطلوب إعادة الأموال المنهوبة عن طريق تسويات لا أكثر وبالطبع تبقى النقطة الأخيرة جزء من المسألة الثانية وتخص المنتميين لحركة فتح ، فالسؤال الذي يتردد على ألسنة الأعضاء أين أموال الحركة وما هو مصير مؤسساتها الاقتصادية المنتشرة في العالم أو تلك التى وضعت في زمم أشخاص أو شركات كبيرة .
هناك مسألة أخرى لا تقل أهمية عن ما جاء سالفاً ، يتساءل المراقب على ماذا اعتمدت حركة حماس في تعاملها مع الحراك الذي نادوا من خلاله المتحركين بشعار بسيط تبسيطي ووحيد ( بدنا نعيش ) وهو في مضامينه اللغوي مايع وركيك التكوين لا يقوى على مواجهة حركة مدججة بالسلاح والعناصر والخطاب والقواعد الممتدة مثل حماس ، طبعاً لم تأتي قساوة الأدوات البطش التى قمعت المحتجين من فراغ أو لأنها فقط قمعية ، أبداً ، بل جاء القمع على أساس معرفي بأن هذه الفئة المحتجة لا تمتع بامتدادات شعبية أو قواعد قادرة على التأثير وبالتالي شخص مثل الكاتب ابو سيف يحمل صفتين الصفة الأولى ، كاتب وروائي معروف وهذه المكانة ليست بالشعبوية التى تعكس تأثير حالتي على الجماهير أو استفزاز يثير غضبها لدرجة الخروج على الباطش بالقدر التى تحال حالته في أفضل حال إلى دائرة التعاطف لا أكثر لكن الصفته الثانية كمتحدث للحركة ، كانت من المفترض أن تكون لها أبعد مختلفة ، وهنا حال الواقع يُظهر حركة فتح في قطاع غزة ، لم يتغير حالها رغم تلك السنوات التى مرت ، كان من المفترض أن تكون دروس الماضي نافعة واستيقاظية لكن مازال الحال مكانك راوح ، ولأن ايضاً حماس تتعامل مع القطاع بطريقة مناطق فيتنام الشمالية ، أرض يعلو فيها صوت المقاومة على أي شيء أخر ، بالطبع على الحريات أو الحياة بمناحيها المختلفة من تعليم وصحة وخدمات بل تعتمد على الأجيال المتدافعة الذين يَرَوْن في المقاومة العزة والنصر القادم أمام صورة قد حفرتها ذاكرة التاريخ ، فحركة فتح تعرضت إلى واقعتين داخل الاراضي الفلسطينية كانوا السببين في ضرب المصداقية الفتحاوية بين الناس ، الأولى عام 2002م عندما اجتاحت القوات الإسرائيلية الضفة الغربية وعادت بقواتها من الانتشار خارج المدن إلى داخلها وعلى الأخص مقر قائد الحركة العام ، منظر جنود السلطة وأعضاء التنظيم ، عندما خلعوا زيهم العسكري واندمجوا مع المواطنين في صفوف التوقيف العام التى إنشاءها الاحتلال بالشوارع أو هؤلاء الذين شكلوا فرار من مواقعهم ولجأوا إلى مقر ابوعمار طالبين الحماية ، كان المشهد مفزع وأسس إلى خلل كبير ، وايضاً جاء المشهد الأخر ليعزز المشهد الاول كخلل مكمل ، فعندما إنقلبت حماس على شرعية الرئيس ابومازن حدث فرار جماعي لجنود وقيادات العسكرية للسلطة وايضاً لقوات التابعة لتنظيم فتح من مواجهة أفراد حماس ، وهذه المشاهد تكررت في العالم وأهمها على الإطلاق التى حفظتها ذاكرة التاريخ بالصورة والصوت مشهد جنود الأمريكان الراسخ في الذهنية الشعبية الامريكية والذي مهما مرت السنوات يبقى المشهد حي لا يفارقهم حتى اليوم ، فعندما اقتحموا الفيتناميين عاصمتهم سايجون الإسم القديم التى أصبحت تسمى بعد التحرير ( هوش منه ) وضع الروس آنذاك مع القائد العام الجنرال جياب خطة ( تيت ) التى مثلت نقطة تحول امام قوة نارية وبشرية جبارة حيث وصل تعداد الجنود الأمريكان ل 542 الف مقاتل وأنفقت الحزينة الامريكية سنوياً على الحرب ب 30 بليون دولار ، وتحديداً بعد نجاح اختراق سفارة الولايات المتحدة وعدد من المواقع العسكرية المشتركة ، ظهر مشهد حي نقلته الكاميرات المتلفزة للجنود الأمريكان وهم يركضون ليتعلقوا بسلالم المروحيات خوفاً من المقتحمين ، كان المشهد ذليلاً وترك أثر عميق على العسكرية الامريكية ومصداقيتها بل انعكس ذلك على الأمة الامريكية ، فشعورهم بالهزيمة والإذلال مازال الأجيال تتناقله عبر الشاشة الكبيرة وبالتالي خصصت الوكالة المخابرات الامريكية ( السي آي أيه ) مبالغ طائلة من أجل صناعة الأفلام السينمائية والهدف منها تخفيف وطأة ما وطأ حينها وبالتالي كان قد لخص كسينجر حكيم الدبلوماسية اليانكية الحرب ومضاعفاتها بخلاصة هي عصارة غيابه عن ردهات البيت الابيض والبنتاغون لكي يأتي بحكمة نادراً وبإعترافاً حاسماً لا يقبل التشكيك ، الخلاصة الاولى أعترف ، بالرغم من النجاحات الميدانية الممكن تحقيقها فإن الانتصار في هذه الحرب ويقصد حرب فيتنام ، أصبح غير ممكن خلال الجدول الزمني والتكلفة المادية والبشرية التى لا تستطيع تحملها الولايات المتحدة وايضاً قال أكثر من ذلك ، خاطب الفتنامين ، ( لو كُنتُم مجرد أبطال فقط لهزمناكم لكنكم كُنتُم أذكياء جداً .
الآن لم تكن فتنام لتنتصر لولا العمق السوفيتي الذي وقف في ظهرها ، لهذا المواجهة مع الاسرائيلين تحتاج إلى عمق مماثل للعمق الفتنامي وطالما الدول الكبرى في تكويناتها القومية والدينية لسيوا على استعداد أن يكونوا أعماق للقضية الفلسطينية على شكل ما كان عليه السوفيت في تحرير الجزء الجنوبي من فيتنام ، إذاً ، النشاط المقاوم في غزة مصاب بالشلل غير قابل للتطور ويراوح بين الجمود أو الخضوع للتحلل التدريجي ، لأن باختصار المقاومة غير قادرة على وضع خطط كما خطة ( تيت ) التى اعتمدت على تفكيك الجيش الامريكي أخلاقياً وبالتالي أصيب بالدعارة والمخدرات والخمر وثانياً استطاع الجنرال جياب اخراج المقاومة من مرحلة الدفاع والتصدي إلى مرحلة الهجوم المكثف ، إذا هذه السجالات بل تلغي سؤال حاضر في هذه المعمعة ، هل لحماس عمق حقيقي في الإقليم او العالم يريدها خارج حدود قطاع غزة ، سؤال يحتاج إلى دارسة التكوينات التى قامت عليها القوى المحلية أو الخارجية ، اخيراً ، قد ينفع اليوم ممارسة البطش بحق من خرج عن الاجماع المقاومة هذه الأيام وبالطبع باسم المقاومة لكن في المستقبل من الصعب إذا بقت الأمور على ما عليه الآن . والسلام كاتب عربي
#مروان_صباح (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
بولا والعشاء الأخير
-
التغير في الجزائر في ظل النتف وإعادة الرسم ...
-
الطائفية تطرح نفسها كبديل للأوطان ...
-
بين منظومة الثايد الأمريكية و400 اس الروسية يقف الشرقي في حي
...
-
إخفاقات الجزائريون في الماضي تمنح الطرفين دروس للانتقال السل
...
-
الجزائريون يبحثون عن من يخرجهم من البدايات ليلحقهم بالعصور .
...
-
إصرار على الترشح هو أمر استفزازي ومهين ليس إلا ...
-
أربعون عام من الرداءة حتى استحسن ذلك مزاج الشعب الايراني ...
-
مصطلح دبلوماسي جديد
-
الفشل في السودان كان المقدمة للسلسلة إفشالات ...
-
التضحية خير من الخضوع ...
-
الإنسان بين الإدراك والأشراك ...
-
ثنائية القاعدة
-
الأقطش خانه التوصيف ..
-
رسالتي إلى الملك سلمان وولي عهده الأمير محمد والرئيس اوردغان
...
-
دول شكلية وميليشيات حاكمة ...
-
حمامات الدم / الأسباب وامكانية التصحيح ...
-
تهنئة أم نكاية ..
-
الفارق بين حكم المجاهدين والفاسدين
-
اليهودي والبشرية ..
المزيد.....
-
رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن
...
-
وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني
...
-
الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
-
وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله-
...
-
كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ
...
-
فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
-
نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
-
طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
-
أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|