|
الامهات بين الامس واليوم
امل كاظم الطائي
(Amal Kathem Altaay)
الحوار المتمدن-العدد: 6184 - 2019 / 3 / 26 - 07:57
المحور:
حقوق الانسان
تحية اجلال واحترام وتقدير لامهات العالم اجمع ممن طرزن الحياة بتضحياتهن وعطائهن. سلاما ومحبة لمن منحتني الحياة واضاءت دروبي بالحب وعلمتني الحرف ولازالت تعتني بي وان حني ظهرها.ترعاني وان حني ظهرها الام كلمة اكبر من ان يضمها قاموس او كتاب وان كانت تتألف من حرفين، لان ديمومة الدنيا بها ولها فهي من تهبنا الطمأنينة والامل وندين لها بالكثير ومهما حاولنا ايفائها حقها لن نستطيع رد ولو جزء بسيط من عطائها وتضحياتها ولن نندرك معنى الامومة وان كانت غريزة خص الله بها المرأة الا حين رزق ابناء او نكو مسؤولين على تنشأة اطفال، فالعلاقة حميمية جدا ولا يمكن اايجازها بكلمات او حتى جمل، فقد خص الله الجة بهن "الجنة تحت افدام الامهات" حديث قدسي للرسول "ص"، وجاء في محكم القرآن الكريم"ولاتقل لهما اف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما" صدق الله العظيم. لقد مرت البشرية عبر عصورها ومنذ الخليقة بحقبات زمنية كثيرة وكان للمرأة دور مهم وايجابي في تطور المجتمعات وعبر العصور التي وصفها المؤرخين "عصر الصيد" ثم "عصر الزراعة"، عقبه عصر ولادة الالات البسيطة وبداية عصر "الصناعة" وبعدها ازدهرت الحضارات وكان للنساء دور مهم في ذلك واهم تلك الفترات "الفترة الاممية" حيث كانت الام هي رب الاسرة وينادى الابناء باسماء امهاتن لانشغال الرجال بالصيد وغيابهم عن البيت، واستمر هذا العصر بفترة ليست بالقليلة ونستطيع ان نقول انها انتهت مع بداية توطن الانسان قرب الانهار وبدء عصر الزراعة فبدأ دور النساء بالانحسار لصعوبة قيامها بحرث الارض ولكينونتها البايولوجية وظهرت مذذاك السلطة الابوية وتحول دور القيادة الى الرجل واكتفت المرأة بتربية الابناء وبعض الاعمال الاخرى كحلب المواشي وبيع منتجاتها او تصنيعها، ولازمت المرأة البيت واكتفت بدور بسيط في المجتمع، لكنها ظلت المعلمة الاولى للابناء وتناط بها مهمة تنشأتهم واعدادهم للمجتمع، وعبرعصور التاريخ ظهرن نسوة كان لهن من البأس والمقدرة في ريادة الامم وحكمها مثل "بلقيس" ملكة سبأ " وسميراميس ظهرت في مملكة الحضر في نينوى وشبعاد ملكة اور واينانا التي كانت مسؤولة عن الانشاد في المعبد البابلي ونفر تيتي زوجة اخناتون وكليوباترا وشجرة در وزنوبيا ملكة تدمر والقائمة تطول... وحتى كان يوجد آلهة من النساء كعشتار ومناة واللاة وذلك يدل على ان للمرأة قداسة دور مهم وخطير جدا عبر العصور جدا، و لا ننس ان الله كرم بعضهن كمريم العذراء عليها السلام واسيا زوجة فرعون والسيدة خديجة وفاطمة الزهراء وزينب بنت الامام علي عليها السلام ونفيسة ابنة الحسن عليهن السلام جميعا والقائمة تطول. هؤلاء النسوة لعبن دور مهم جدا في صناعة التاريخ وتغيير المجتمعات البشرية بفكرهن وبما يحملن من رسالات رقيت بعضها الى درجة النبوة وذلك يدل على عظمتهن وحسن قيادتهن وتدبيرهن. كانت امهات القرن الماضي يتمتعن بعطاء اكبر لابنائهن لعدة اسباب منها ان المرأة وخصوصا في مجتمعاتنا الاسلامية لم يكن يعملن وكن متفرغات للاعمال المنزلية وتربية الابناء وكن يحسن الشئ اليسير من القراءة والكتابة ولكنهن اكثر حنانا وعطاءا من امهات اليوم وهذه حقيقة نلمسها كل يوم في حياتنا، اما امهات اليوم فلديهن اولويات غير امهات الامس وخصوصا بعد دخول التكنولوجية الحديثة الى مجتمعاتنا، اصبح الموبايل شغلها الشاغل ناهيك عن صفحات التواصل الاجتماعي واذا كانت المرأة عاملة فذلك يعني غيابها عن الدار الاسرية مدة لاتقل عن عشر ساعات وليس لديها وقت كاف لتتفرغ للعناية بابنائها واولت ذلك الى آخرين كرياض الاطفال والمدارس او جليسات الاطفال، ولذلك نلاحظ ان ابناء اليوم يعانون من ضعف عا واعتلال الصحة، لان امهاتهم لم يكن لديهن الوقت الكافي للرضاعة الطبيعية فينشأ الطفل ضعيف البنية، وظهرت امراض خطيرة كالتوحد الذي بات يفتك بالاطفال كالنار في الهشيم، علاوة على عننف وعناد الاطفال وعدم استقرار الطفل كل ذلك لانه لم يرتو من حنان الام وعطفها، في حين نرى ان اطفال الامس اكثر هدوء وثقة بانفسهم وذات بنية اقوى لانهم ترعرعوا بحضن الام الذي لايوازيه حضن " لم اطمئنن قط الا وانا في حجر امي" سقراط. اتمنى ان لايفهم البعض اني بالضد من عمل المرأة وولوجها ميدان العلم والعمل على العكس ولكني اود القول لامهات اليوم " اعطن الامومة حقها" فحينما يهبنا الله مولود فهذا اجمل نعمة وحينما خصنا بالحمل والولادة فهذا وسام على صدور الامهات لانه سر بقاء الخليقة، ولان المجتمعات لاترتقي بوجود ام جاهلة بل بالعكس وكما قال الشاعر: الام مدرسة اذا اعددتها اعددت شعبا طيب الاعراق. من هنا ننطلق لبناء مجتمعات قويمة وسليمة ولنتخذ اليابان قدوة واسوة حسنة في ذلك، لان تفكك الاسر وانحدار المجتمعات تبدأ من غياب دور الام في القيادة والمبادرة ورعاية الاسرة وعليها والرجل تقاسم المهام بشكل قويم لانشاء مجتمع بمستوى الطموح، وان لاتلق كل الاعباء على المرأة فنراها تذوي وتفقد عافيتها لحمل عبئها فرعاية الاسرة لايكن برمي جل الاعباء عليها بل بتقاسم الاعباء وكل حسب طاقته وقابليته. نرى ان امهات اليوم ليس بحرص امهات الامس وهذه حقيقة موجودة ويمكن ملاحظتها في جميع المجتمعات ليس فقط لانشغالهن بالعمل ولكن لزحف تقنية الالفية الثالثة والتي ساهمت بشكل فعال في ذلك، وبوجود العاب عبر الشبكة العنكبوتية زادت من الطين بلة كما يقول المثل الامر الادهى والانكى من ذلك قيام الاطفال بتقليد الكبار، وبالتالي نرى ان طفل اليوم ادمن على استخدام الموبايل والعابه واصبح الطفل محبوس ويرى العالم بعيون مربعة حيث يستقي من الشبكة ومواقعها الالكترونية المعلومات التي لانعلم مدى صحتها او صلاحيتها او تناسبها لعمره و لمجتمعاتنا وكل مجتمعات العالم، واصبح من غير الممكن الحد من هذه الظاهرة التي باتت خطرا على العالم برمته وظهرت اولى مصائب ذلك فيما يسمى بظاهرة " النضج الجنسي المبكر للطفال" التي يعاني منها العالم اجمع لاطلاعهم ومن خلال المواقع الالكترونية على معلومات ولقطات لاتتناسب مع اعمارهم علاوة على جعل الطفل عنيف، وهذه ظاهرة اخرى لاتقل خطورة عن الظاهرة الاولى وكل ذلك بسبب انشغال الام عن مراقبة الاطفال، فبدلا من ان يفرغ الطفل طاقته باللعب والاختلاط باقرانه صار حبيس الدار واسير الانترنت تحت مراى ومسمع والديه، ورايت بأم عيني امهات يعطين "الموبايل" و"الايباد" للاطفال دون عمر 2 سنة وتقول ببساطة " اتخلص من نزقه ليلهوا، كي احصل على فسحة لنفسي"، اقول لهكذا امهات لستن بمستوى المسؤولية التي اناطها الله والمجتمع بكن وفي عرف الاسلام فان الطفل يعتبر قاصر ويجب رعايته لا تدميره وتدمير فكره لانانيتك، اقول لهؤلاء النسوة ان لم تكن على قدر المسؤولية لاتنجبن اطفال يقوم الموبايل بتربيتهم ويستقوا معلوماتهم من الانترنت. انفرطت اولى مشاعر الامومة حينما امتنعت الام عن ارضاع طفلها طبيعيا فوجوده في حضنها يقوي وشائج هذه العلاقة ويجعل الطفل امنا ومستريحا في احضان امه فيزيد تعلق كل منهما بالاخر، وهذه العلاقة قلت او تكاد تكون معدومة حين يكبر الطفل ويكون شغله الشاغل الموبايل والانترنت وبذلك يكون الجزء الاكبر من صميم العلاقة قد انفرط بل يكاد ان يكون انتهى. اقول لامهات اليوم رفقا بابنائكن وكن على قدر المسؤولية لاتعمي الانانية وزحف التقانة الالكترونية رعاية الابناء، تمتعن بمشاعر الامومة والا لاتلدن وتنجبن ابناء يربيهم الانترنت فتجنو بالمستقبل العقوق وانعدام الرحمة...
المهندسة امل الطائي 22 اذار 2019
#امل_كاظم_الطائي (هاشتاغ)
Amal_Kathem_Altaay#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
المراة العراقية بين الواقع والطموح
-
الشهيد اسمى المخلوقات وافقرهم في نيل الحقوق
-
من هنا نبدأ
-
فصلية في القرن الحادي والعشرين
-
في ذكرى انقلاب 8 شباط الاسود
-
الى اخي مع التحية
-
عيدية
-
نبض الشارع
-
كل الوفاء والحب في ذكرى رحيلك
-
المواطن العراقي بين الامس واليوم
-
قلادة فضة
-
الفساد المالي والاداري في دوائر العراق الى اين؟؟؟
-
حقائق مرة في مجتمع عراق اليوم
-
موظفون يهجرون وظائفهم في مؤسسات القطاع العام العراقي قبل سن
...
-
امرأتان من العراق
-
رجلان وامرأة
-
على هامش اليوم العالمي لعيد المراة
-
الخصخصة هي العلاج الامثل للفساد الاداري والمالي في العراق.
-
في ذكرى تاسيس الجيش العراقي
-
اهلا العام 2017
المزيد.....
-
الأمم المتحدة: النازحون السوريون يواجهون ظروف شتاء قاسية
-
الأمم المتحدة: الضربات الإسرائيلية في اليمن تثير المزيد من ا
...
-
-قيصر الحدود- الأمريكي يتحدث عما سيفعله ترامب مع عائلات المه
...
-
عاجل | أسوشيتد برس: منظمة عالمية سحبت تقريرا يحذر من المجاعة
...
-
وزيرالخارجية اليمني:ندعو الأمم المتحدة وكل المنظمات لتجريم م
...
-
قطف مطار صنعاء استخفاف إسرائيلي بالأمم المتحدة
-
الاحتلال يُمعن في ارتكاب جريمة إبادة جماعية بزيادة وتيرة تدم
...
-
مراسل RT: ممثل الأمين العام للأمم المتحدة والمنسق المقيم توا
...
-
في جريمة هي الأكبر ضد الصحفيين في قطاع غزة خلال حرب الإبادة
...
-
من لبنان وتركيا والأردن.. ضوابط لعودة اللاجئين السوريين إلى
...
المزيد.....
-
مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي
/ عبد الحسين شعبان
-
حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة
/ زهير الخويلدي
-
المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا
...
/ يسار محمد سلمان حسن
-
الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
نطاق الشامل لحقوق الانسان
/ أشرف المجدول
-
تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية
/ نزيهة التركى
-
الكمائن الرمادية
/ مركز اريج لحقوق الانسان
-
على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
المزيد.....
|