|
الهجرةالسرية للقاصرين المغاربة الى اوروبا : اضواء على الاشكالية .
يوسف قموش
الحوار المتمدن-العدد: 6183 - 2019 / 3 / 25 - 00:49
المحور:
الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة
تعتبر الهجرة السرية للأطفال القاصرين، مرحلة جديدة من مراحل الهجرة المغاربية نحو أوروبا، وترجع البدايات الأولى لهذه الظاهرة إلى عقد التسعينات من القرن الماضي . وتهم الظاهرة أساسا الأطفال الذكور غالبا البالغة أعمارهم 16 أو 17 سنة، والذين نشأوا في أسر تعيش أوضاعا اجتماعية واقتصادية صعبة، لهذا فإن غالبية هؤلاء الأطفال قدموا من الأحياء الهامشية للمدن الكبرى، خاصة مدن شمال ووسط المغرب ، ان غالبية الأطفال المهاجرين كانوا قد غادروا مقاعد الدراسة قبل بلوغ السلك الثانوي، مما دفعهم إلى ولوج سوق الشغل، ولكن بالقطاع غير المهيكل، أو الارتماء في الشارع وبالتالي يكون اغلبهم عرضة لامتهان الاجرام او التعاطي لشتى انواع المخدرات . وحسب دراسة للظاهرة فان المغاربة يشكلون 65 في المائة من القاصرين الذين وصلوا إلى الجارة الشمالية(اسبانيا) السنة الماضية(2017) حيث قدر عددهم ب 4195 قاصرا متبوعين بالجزائريين الذين بلغوا ما يناهز ال9,6 في المائة بزيادة تقدر بـ 64 في المائة، ويعتبر هذا الرقم أعلى ثلاث مرات تقريبا مما كان عليه في 2016 بالمقابل قدر العدد الاجمالي للقاصرين الذين توافدوا على اسبانيا في العام الحالي (2018) باكثر من عشرة آلاف طفل . أغلب الأطفال والمراهقين الذين ينحدرون من دول المغرب الكبير و دول جنوب الصحراء وصلوا إلى الأراضي الإسبانية عن طريق زوارق متنقلة، يستعملها مهربو الاشخاص او المخدرات سواء مقابل اموال باهضة و في حالات نادرة بدون مقابل ، كما لوحظ ان بعض منهم قد تمكنوا من التسلل الى الاراضي الاسبانية عبر الاختباء تحت شاحنات نقل البضائع و حافلات نقل الاشخاص و في حالات نادرة جدا التسلل سباحة و تسلق بواخر النقل البحري التي تربط بين الضفتين خلال رسوها في موانئ الانطلاق . ان بلوغ القاصر الاراضي الاسبانية ليس هو الوصول الى الالدورادو المنشود ، فسرعان ما يصطدم بواقع لم يكن يتصور ان يجده في اراضي اوروبا ، ارض الرفاه المزعوم ، فتتحطم احلام طفولة بريئة مرة اخرى بعد ان فقد الحق اصلا في الحلم في اوطانها التي ينخر الفساد و الظلم اوصالها . انشأت الدولة الاسبانية لهذا الغرض مجموعة من مراكز استقبال المهاجرين القاصرين الذين لا يتوفرون على عائلات تأويهم في الاراضي الاسبانية وخصصت لهذا الغرض مصاريف من الميزانية العامة للدولة بتعاون مع باقي دول الاتحاد الاوروبي . وقد وجدت هذه المراكز لتجميع القاصرين الذين وصلوا بطرق غير شرعية الى اسبانيا حتى لا يصبحوا عرضة للتشرد و الضياع خصوصا ان اسبانيا قد وقعت على العديد من الاتفاقيات في شأن موضوع المهاجرين و اللاجئين و حماية حقوق الطفولة . و يعتبر اقليم كاتالونيا المحطة المفضلة لهؤلاء الاطفال خاصة برشلونة المدينة ، حيث يفرون من المراكز التي استقبلتهم في المدن الاخرى خصوصا من مدن الاندلس ويلجؤون الى المراكز المتواجدة ببرشلونة و المدن المجاورة نظرا لجودة الخدمات التي تقدمها هذه المراكز و لتوفرها على ظروف العيش المحترم و تلبيتها لمتطلبات و حاجات الاطفال و المراهقين من تمدرس و تطبيب مجاني مرورا بالتكوين المهني للفئات المتجاوبة مع برامج الايواء . و تجدر الاشارة في هذا الصدد ان عدد مراكز الايواء بكتالونيا قد ازداد بوثيرة جد سريعة خلال هذا العام و قد قدر عددها حاليا باكثر من 320 مركز موزعة على مختلف مدن الاقليم . تعاني هذه المراكز من عدد من المشاكل ، و تعترضها معوقات تحد احيانا من نجاعة اهدافها . فالتدفق المنقطع النظير للمهاجرين القاصرين خصوصا العام الحالي عقد من عمل و كفاءة هذه المراكز لما يتطلبه ذلك من توفير لوجيستيك مادي و مالي و بشري لمواجهة الظاهرة ، فضلا عن غياب رؤية و ارادة سياسية للدولة الاسبانية و من خلالها الاتحاد الاوروبي لايجاد حلول ناجعة لهذه المشكلة ، كما ان انعدام اي تعاون من طرف الدول المصدرة للهجرة قد زاد المشكلة تعقيدا ويصعب التنبؤ بما تحمله الايام القادمة في شأن هذا الملف والذي اصبح (اي ملف هجرة القاصرين ) ورقة للمزايدات السياسية سواء داخل دول الاتحاد الاوروبي ما بين الاحزاب المعارضة للهجرة وبين المؤيدة لحقوق المهاجرين، او بين الدول المصدرة للمهاجرين و دول الاتحاد الاوروبي . امام غياب رؤية واضحة و صريحة لمعالجة الظاهرة ، و تهرب دول الانطلاق من اي تعاون مع باقي الاطراف لايجاد حلول وسط للقضية ، و امام ازدياد تدفق الاطفال المهاجرين ورفض اغلبهم لآليات و ضوابط مراكز الايواء في المدن الاسبانية و بالتالي هروب اغلبهم الى الشارع مع ما ينتج عن ذلك من ارتفاع نسبة الاجرام و تهديد للامن العام ، فانه اصبح لزاما على كل الاطراف الجلوس الى طاولة حوار صريح بغية ايجاد حلول آنية و ناجعة لظاهرة هجرة القاصرين ، حلول ترضي جميع الاطراف خصوصا الاطفال الذين فروا من جحيم اوطانهم و غامروا بأرواحهم من اجل الحصول على حياة كريمة و عيش تحترم فيه كرامتهم و ادميتهم و لو في اوطان غيرهم .
#يوسف_قموش (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
شركات الموضة العالمية : او الموضة بطعم الدم .
المزيد.....
-
رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن
...
-
وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني
...
-
الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
-
وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله-
...
-
كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ
...
-
فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
-
نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
-
طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
-
أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق
المزيد.....
-
العلاقة البنيوية بين الرأسمالية والهجرة الدولية
/ هاشم نعمة
-
من -المؤامرة اليهودية- إلى -المؤامرة الصهيونية
/ مرزوق الحلالي
-
الحملة العنصرية ضد الأفارقة جنوب الصحراويين في تونس:خلفياتها
...
/ علي الجلولي
-
السكان والسياسات الطبقية نظرية الهيمنة لغرامشي.. اقتراب من ق
...
/ رشيد غويلب
-
المخاطر الجدية لقطعان اليمين المتطرف والنازية الجديدة في أور
...
/ كاظم حبيب
-
الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر
/ أيمن زهري
-
المرأة المسلمة في بلاد اللجوء؛ بين ثقافتي الشرق والغرب؟
/ هوازن خداج
-
حتما ستشرق الشمس
/ عيد الماجد
-
تقدير أعداد المصريين في الخارج في تعداد 2017
/ الجمعية المصرية لدراسات الهجرة
-
كارل ماركس: حول الهجرة
/ ديفد إل. ويلسون
المزيد.....
|