|
افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها ( 68)
عماد علي
الحوار المتمدن-العدد: 6182 - 2019 / 3 / 24 - 15:34
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
اخوان الصفا، تيار فلسفي ام باطني سياسي من بين الباحثين العرب المعاصرين الذي آمن باسماعيلية هذا التيار و دافع عنه و حتى انه كان جزء من نظرياته حول قراءة الثقافة الاسلامية حول ظهور و سقوط الفلسفة، و هو محمد عابد الجابري، ويعتقد ان رسائل اخوان الصفاء هو مشروع فكري اسماعيلي لمقاومة المشروع العقلاني لمامون ( 14) و عند العودة الى العدد من المصادر انه بكل تاكيد يدعم ذلك الراي على ان كتاب هذه الرسائل هم عدد من الائمة الاسماعيلية الشيعية، و خوفا من السلطة العباسية اخفوا اسماءهم ام لم يذكروها. و عليه فان تاريخ هذه الرسائل اقدم من ما ذكره ابو حيان التوحيدي، و انه يعود الى مابعد حوالي مئة سنة مابعد وفاة مامون و لكن برايه، ان هذه الرسائل يمكن ان تعود الى عصر مامون بنفسه (15) في ذلك العصر الذي كان الحركة الباطنية في قمة نشطاتها و التي اجبرت مامون الى ان يلجا الى الفلسفة و المنطق اليوناني لمقاومتهم. و ان الراي السائد بهذا الشكل كان كما يقول الدكتورسامي النشار في مشروعه الكبير لكتابة بدايات ظهور الفكر الفلسفي في الاسلام و انه يعلن بان رسائل اخوان الصفا اسماعيلية و تعود الى عصر مامون و الدليل القاطع لهذا التوجه هو انه يعيد موطن احد زعماء الحركة الاسماعيلية في القرن التاسع الهجري الى اليمن، يقول في احد نتاجاته ان رسائل اخوان الصفا من كتابة الامام الثامن للاسماعيلية و هو من احفاد جعفر الصادق، الهدف من هذا العمل هو الوقوف في وجه مشروع مامون و الذي كان الابتعاد عن شريعة النبي و التوجه نحو الفلسفة و العلم اليوناني. لذا فان هذا الامام و خوفا من توجه الناس نحو تلك الزينة لدى المامون و الابتعاد عن شريعة الاجداد، فكتب رسائل اخوان الصفاء ( 16). من كان؟ باختصار ان كُتّاب كتاب تاريخ الفلسفة في جزء اخوان الصفاء يعتقدون بان اخوان الصفاء هم جماعة من الشيعة الباطنية بشكل عام و الاسماعيلية بشكل خاص. (17). لذا فانهم كانوا حركة سياسية مجردة ( 18) و كانوا يتبعون سياسة جديدة عن طريق الفهم الجديد للدين (19). اي انهم حاولوا عن طريق احتلال المعرفة الدينية ان يحتلوا السلطة السياسية و الفضاء السياسي. و عليه فان هذه الرسائل مهما كانت فكرية و فلسفية فانها سياسية و دينية، فمن الجانب المعلن عنها فانها محاولة فلسفية و فكرية دينية للعثور على الحقيقة و الكثير من مجالات الحياة و الميتفيزيقيا، اما من الجانب السري انها نتيجة الضغوط السياسية العباسية عن طريق الفلسفة اليونانية و المنطق الارسطوي لازالة اية حقيقة خارج خطابها الفكري. اي ان في احسن احوالها، فان هذه الرسائل امتداد للحرب السياسية للاسماعيلية الشيعية الى محتوى الفكر، وكما كان مشروع ترجمة المؤلفات الفلسفي عند مامون السني و هو عبارة عن استخدام حكمة الشعوب الاخرى في هذه الحرب الداخلية.. وفي الحقيقة ، ان هذا يربط توجه الرسائل الفلسفية لاخوان الصفاء بالتيار السياسي الشيعي وبشكل خاص بالحركة الباطنية الاسماعيلية، و ان كان هناك مؤيدون كثيرون لها و انما وفق المنهج التحليلي و التدقيق الانتقادي انه توجه لا يدعمه التاريخ و لا توجه اخوان الصفاء بذاته, في المستوى الاول، اي الجانب التاريخي فان اقدم مصدر تاريخي الذي يشار فيه الى كتاب و عصر كتابة هذه الرسائل، هو ابو حيان التوحيدي في كتاب( الامتاع و المؤانسة), انه في هذا الكتاب يعود الى نهاية القرن الرابع الهجري حول احد كتاب هذه الرسائل و اسمه زيد بن رفاعة، في البداية عند تعريفه يقول ان هذا الشخص لم يتبع اية عقيدة، و هذا اعتراف مهم، بعد ان يذكر اسم هذا الشخص مع ثلاث من الشخصيات الاخرى، يقول انهم اجتمعوا في البصرة، و بسبب التواصل اصبحوا اصحاب و رفاق و اجتمعوا على نزاهة الصداقة، و اجتمعوا حول التقديس و النظافة و النصيحة، انهم صاغوا مذهبا بين انفسهم يدعون ان بسببه يمكن الاقتراب من الله وبه اختزلوا طريق الوصول الى الجنة، و هذا لانهم يعتقدون ؛ ان الشريعة خبثت بالجهل و اختلطت بالعصيان، و لم تبق طريق لتنزيهها الا التنظيف الفلسفي . يقولون متى ما اجتمعت الفلسفة اليونانية و الشريعة العربية سيتجسد الكمال ( 20) و من هذا النص الذي هو اقدم نص حول اخوان الصفاء، على الاقل تظهر ثلاث حقائق تاريخية، الاول ان كُتّاب هذه الرسائل كانوا معروفين في عصرهم، و هذا مخالف تماما مع التوجه السائد الذي يعقتد بان كُتّاب هذه الرسائل كانوا مؤيدين صلبين للسرية في الحركة الاسماعيلية، او للامام وكما يقول الجابري. و اخفوا اسمائهم لكي يحافظوا على انفسهم من رد فعل السلطة السياسية و لكي يعبّر خطابهم السياسي حدود جماعة الاسماعيلية، و في النتيجة يجمعوا لهم المؤيدين الكثيرين، في الوقت انه من الاصح ان يُقال؛ انهم كانوا مجموعة مغلقة. ( 21).و كان لهذا الانغلاق علاقة بالفكر، و كان لهم حلقة معرفية عدا الرفاقة بينهم، فاجمعتهم الفلسفة و النقاشات الفلسفية. فمن الملاحظ ان المجهولية و غير المعرذف لهذه الكُتاب لهذه الرسائل، مما ادى الى ان يُنسبوا الى التيارات و الاتجاهات الدينية المختلفة قديما و حديثا و بشكل دائم، مثلا فان القفطي في القرن السابع يقول؛ بسبب اخفاء الكتاب اسماءهم وقعت خلافات عن المؤلفين. و عبرت كل جماعة عن طريق التخمين و الشك عن رايها. و منهم من قال ان تلك الرسائل تعود الى كلام بعض احفاد الامام علي، و لكن حول ذلك الامام الذي من المزعوم ان تلك الرسائل من رايه و موقفه، فوقعت خلافات كثيرة بينهم و لم تحسم بعد (22). و يقول بعض اخر، ان هذه الرسائل من كتابة المعتزلة في مرحلتها الاولى، بعد ذلك يقول القفطي؛ انني بحثت كثيرا و راجعت كي اجد الكُتّاب الى ان وصلت الى ما قاله ابو حيان التوحيدي, و من ثم يعيد كلام ابو حيان و يجعله دليل لتصديق شكه حول من تكون الكتاب هذه الرسائل و هم خمسة ( 23).
#عماد_علي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها (67)
-
افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها (66)
-
افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها (65)
-
افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها ( 64)
-
افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها ( 63)
-
افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها ( 62)
-
افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها (61)
-
افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها (60)
-
افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها (59)
-
افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها (58)
-
افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها ( 57)
-
افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها (56)
-
افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها (55)
-
افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها ( 54)
-
افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها ( 53)
-
افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها (52)
-
افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها ( 51)
-
افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها (50)
-
افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها (49)
-
افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها (48)
المزيد.....
-
رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن
...
-
وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني
...
-
الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
-
وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله-
...
-
كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ
...
-
فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
-
نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
-
طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
-
أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق
المزيد.....
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
-
معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية
/ زهير الخويلدي
-
الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا
...
/ قاسم المحبشي
-
الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا
...
/ غازي الصوراني
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
-
حقوق الإنسان من منظور نقدي
/ محمد الهلالي وخديجة رياضي
-
فلسفات تسائل حياتنا
/ محمد الهلالي
-
المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر
/ ياسين الحاج صالح
-
الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع
/ كريمة سلام
-
سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري -
/ الحسن علاج
المزيد.....
|