أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سعيد الكحل - درس نيوزيلندا درس لنا .














المزيد.....

درس نيوزيلندا درس لنا .


سعيد الكحل

الحوار المتمدن-العدد: 6182 - 2019 / 3 / 24 - 08:15
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


قدمت نيوزلندا للشعوب الإسلامية وحكامها درسا بليغا في التسامح والتعايش مع الأقلية المسلمة إثر الهجوم الإرهابي على مسجدين أسفر عن مقتل 50 ضحية . لم يكن متوقعا من رئيسة وزراء نيوزلندا وشعبها أن تتداعى بهذا الشكل الراقي والإنساني تعبيرا عن مواساتهما للمسلمين واحتضانها لهم ، لكنها القيم الإنسانية السامية التي تطبع الشعب النيوزلندي تجسدت في مشاطرة المسلمين أحزانهم .تكاد تكون نيوزلندا البلد الوحيد الذي يخلو من فقه التكفير والتحريض على القتال في مناطق التوتر ؛ لهذا لم يلتحق أي من النيوزلنديين والأقلية المسلمة المقيمة هناك بالتنظيمات الإرهابية كما لم تفكك الأجهزة الأمنية أية خلايا إرهابية . طبيعة التسامح هذه التي حصّنت المجتمع النيوزلندي وقوّت وحدة نسيجه هي التي استغلها منفذ الهجوم الإرهابي على المسجدين لضرب هذه الوحدة المجتمع المجتمعية وتمزيق النسيج الثقافي الغني بتعدد مكوناته . والمبادرات النابعة من طبيعة التسامح وقيمه التي تميز النيوزلنديين كانت الغاية منها الرد على كل من يستهدف وحدتهم ويزعزع استقرار مجتمعهم . والدرس الذي على جميع المسلمين استخلاصه والاستفادة منه في كيفية تعامل الحكومة والشعب النيوزلندي يقتضي من الأنظمة السياسية والحكومات والفقهاء والشعوب الإسلامية ما يلي :
1 ــ تغيير الخطاب الديني وليس فقط تجديده . فالخطاب الديني السائد قائم على الاستعلاء الديني والتسامي الأخلاقي للمسلمين على غيرهم من بقية الشعوب غير الإسلامية ؛ مما يجعل من الصعب احترام أتباع باقي الأديان ومعتقداتهم .
2 ــ إشاعة ثقافة التسامح والتعايش وقبول الاختلاف . فالثقافة السائدة في المجتمعات العربية/الإسلامية امتزجت بالمعتقدات الدينية التي صاغتها الفتاوى الفقهية أفرزها سياق تاريخي لم يعد قائما .لهذا ظلت الثقافة الموروثة تغذي ميولات الإقصاء والعداء والكراهية . بل إن هذه المجتمعات تفتقر إلى قيم الاحترام والتعايش بين طوائفها المذهبية والدينية .
3 ــ الكف عن التحريض ضد الغربيين وشيطنتهم في البرامج الدينية والمواعظ الفقهية وخطب الجمعة أو البرامج التعليمية والإعلامية . فكل هذه البرامج مبنية على فكرة "التآمر" ضد الإسلام والمسلمين مما يجعلها تستمرئ تحميل الغربيين كل شرور المسلمين .
4 ــ تجريم ازدراء الأديان وتكفير أتباعها إذ لا سبيل للكف عن الإفتاء وتداول فقه تكفير غير المسلمين وتسفيه معتقداتهم إلا بوضع تشريع يجرّم ازدراء الأديان وتسفيه المعتقدات مع تشديد العقوبات .
5 ــ سن قوانين تضمن للمواطنين حرية الاعتقاد وتغيير المعتقدات الدينية والمذهبية .
6 ــ التنصيص دستوريا على مدنية الدولة وحيادها إزاء كل الأديان وضمانها حرية ممارسة الشعائر الدينية من قبل أتباع كل الديانات والملل . فمسئولية الدولة ضمان الحريات والحقوق لجميع المواطنين بغض النظر عن عقائدهم ودياناتهم ومذاهبهم طالما احترموا إطار الدولة ومؤسساتها .
7 ــ دسترة حقوق المواطنة ووضع تشريعات قانونية تحمي هذه الحقوق وتضمن حرية ممارستها والاستفادة منها . وهذا يقتضي أن يكون الوطن للجميع .
8 ــ الارتقاء بالمواطنين وبوعي انتمائهم إلى الإنسانية جمعاء التي يتقاسمون معها نفس القيم والمبادئ الإنسانية السامية بعيدا عن الانتماءات المنغلقة ( دينية ، مذهبية ، عرقية، طائفية الخ) . وكلما شاع الشعور بالانتماء لكل البشرية تولد لدى الشعوب الإسلامية إحساس التعاطف حين حدوث كوارث لغير المسلمين بدل التشفي والتفسير الغيبي بكونها عقابا إلهيا .
لقد آن الأوان لكي تراجع الدول العربية/الإسلامية سياساتها الدينية والتعليمية والإعلامية لتركز على المشترك الإنساني والحضاري بين شعوب الأرض وتربي أبناءها على ثقافة وقيم حقوق الإنسان .فحين خرج الشعب النيوزلندي بكل فئاته متضامنا مع أقليته المسلمة ، لم يخرج تلبية لنداء الدين أو العرق وإنما تجسيدا للقيم الإنسانية التي تشبع بها . تلك القيم هي التي جعلته وتجعله يحترم الأقليات الدينية ولا يرى في معتقداتها تهديدا لنسيجه المجتمعي أو وحدته الوطنية . فهذا هو الدرس الحقيقي الذي يتوجب على الدول والشعوب العربية/الإسلامية استخلاصه من تضامن الحكومة النيوزلندية وشعبها بتلك الطريقة الراقية .



#سعيد_الكحل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أين مشروع الإسلاميين للنهوض بأوضاع المرأة ؟؟
- دور الهيئات والمنظمات النسائية في النهوض بأوضاع المرأة بالمغ ...
- من كانت مرجعيته -محددة من عند الله- فمكانه الزاوية وليس الحك ...
- يوم كانت المدارس القرآنية تكوّن الوطنيين .
- إستراتيجية الإخوان لتطويق النظام .
- ما مدى نجاعة المقاربة الدينية في مواجهة التطرف والإرهاب ؟
- أيها الريسوني:الإرهاب فتاوى يصدرها الشيوخ وينفذها الشباب.
- كماشة التطرف تطبق على المجتمع المغربي.
- ابحثوا عن مسئولية الدولة في الجرائم الإرهابية.
- لولا العلمانية لما تمتع المسلمون بجزء من الحقوق الإنسانية.
- الدعوشة تغزو المجتمع وتنخر الدولة.
- خلفيات إطلاق اسم منظّر الإرهاب -سيد قطب- على شارع بطنجة .
- تونس تؤسس للدولة المدنية في العالم العربي.
- احذروهم فهم يكيدون.
- تثبيت التوقيت الصيفي تأكيد للتبعية وفقدان للسيادة.
- الحكومة المغربية تحتجز الشباب في وطن لم يعد لهم .
- لازال في الإمكان تصحيح ما كان .
- دلالات الاعتداء على طالبة آسفي .
- جذور الإرهاب عقائده .
- أيها الريسوني ! الحداثة تجرّم التحرش والاغتصاب والابتزاز الج ...


المزيد.....




- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
- نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله ...
- الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
- إيهود باراك يفصح عما سيحدث لنتنياهو فور توقف الحرب على غزة


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سعيد الكحل - درس نيوزيلندا درس لنا .