إبراهيم رمزي
الحوار المتمدن-العدد: 6180 - 2019 / 3 / 22 - 16:19
المحور:
المجتمع المدني
أصبح يعيش في خوف مسيطر، وتَخَفٍّ متلاحق، يبدّل أماكن إقامته باستمرار، وأحيانا يغيّر مستقرَّه أكثر من مرة في الليلة الواحدة .. انقطع عن عمله .. هجر مختبرَه .. تخلص من هاتفه .. لا يدخل حانة ولا معبدا، ولا يلمّ بمطعم أو منتدى ..
في مكان ظليل بالميدان الفسيح الفاصل بين بناية البرلمان وبناية رئاسة الحكومة، جلسا باسترخاء، وبعد التهام "الساندوتشات" التي كانت معهما، تمدّدا على العشب .. سألتْه: هل ترغب في شيء؟ قال: كوب قهوة. ثم سألها: وأنتِ؟ قالت: أن تُطْلِعني على مشروعك الذي تسبّب لك في الملاحقة.
تلفّتَ حوله مرات، ثم قال: المشروع مجرد فكرة .. سرعان ما تناقلتها الألسنُ كانتقال النار في الهشيم .. فبدأتُ أتلقى التهديدات أكثر من إغراءات التزام الصمت .. والفكرة بسيطة جدا .. هي عبارة عن برنام Logicielيستطيع التحكم في السيارة عن بعد.
قالت: أعرف أن مثل هذا البرنام موجود.
قال: أجل، تتحكمين في السيارة وأنت على مقربة منها، ولا تبعدين عنها إلا بعشرات الأمتار .. أما فكرتي فتنبني على التحكم من العاصمة، في جميع سيارات المصالح الرسمية أينما وجدت عبر ربوع الوطن ..
قالت: وما الفائدة؟
قال: اقتصادية صِرْف. تصوري أنك تعطِّلين كل سيارات الدولة، لتبقى رابضة حيث هي، بعد انتهاء أوقات العمل الرسمي، ولا تتحرك ـ على الأقل ـ يومين خلال عطلة نهاية كل أسبوع،. يا له من توفير في استهلاك الطاقة، وقِطَع الغِيار، والإصلاحات والصيانة .. مع التقليل من انبعاث الغازات السامة، والحد من الحوادث،.. مع تخفيف الضغط على المستشفيات، وتقليص مصاريف العلاج، وحتى المقابر ستنال راحتها، وستنمو السعادة بعدم فَجْع الناس بفقْد أحبابهم أو إصابتهم في الحوادث .. وربما يعود للدراجة الهوائية عصرها الذهبي الزاهر ..
قاطعتْه: المزايا لا تحصى .. فلمَ تهديدُك؟
قال: لأن مشروعي يرمي إلى إلغاء الريع في قطاع حيوي، وذلك بالاقتصاد في المصاريف المدفوعة من جيوب المتحملين لأعباء الضرائب. فالتنقل ـ عند كثيرين ـ بسيارات الدولة امتياز يتجاوز المهامّ الرسمية إلى الاستعمال الشخصي. والمافيا ـ الخائفة من فقْد "الضِّرْع الدّرور" ـ هي التي تهدّدني.
#إبراهيم_رمزي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟