أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عماد علي - افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها (65)















المزيد.....

افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها (65)


عماد علي

الحوار المتمدن-العدد: 6177 - 2019 / 3 / 19 - 17:59
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


الفصل السابع
اسباب الترجمة
مرت ترجمة ادبيات ومؤلفات الشعوب الاخرى و بدعم السلطة في عهد الخلافة العباسية بمرحلتين مختلفتين جدا؛ مرحلة الاهتمام وتمهيد و ترسيخ ارضية لنجاح تلك العملية و توفير كافة الامكانيات المادية و المعنوية من قبل سلطة الجولة لها، مع مرحلة معاكسة جدا، اي الوقوف ضد هذه العملية بكل قوة و امام كل فعل عقلاني و النخبة المهتمة بهذه المهمة. و كما ان المامون هو من دعم و كانت مرحلته في قمة النشاطات الثقافية، فاما مرحلة المتوكل هي الوقوف امامها و كانت الهجمات على تلك النشاطات في قمتها، الاختلاف بين مرحلتي المامون والمتوكل هو تعبير عن الاختلاف بين ارادتين سياسيتين و في النهاية خطابين ايديولوجيين و دينيين مختلفين. في الاولى هو مركزية العقل اما الاخرى فهي مركزية النقل، في الاولى من كان منشغلا بالترجمة و التحليلات العقلية و الفكر العصري الجديد كان صاحب خطاب رسمي للدولة، اما في الثانية فكان رجال الدين و من عمل من اهل الفتوى و جمع الاحاديث فهم وخطابهم الديني السلفي هو الخطاب الرسمي للدولة وبالتالي سيطروا على الدولة، بعكسه ان كان رجال الدين في عصر مامون تحت الضغوطات و هيمنة الدولة الا انه في عصر المتوكل تهمش المثقفون و عد خطابهم كفرا و اتهموا بالمنحرفين في الاسلام. و بهذا الشكل فان عصر المامون هو المرحلة التي برز فيها المثقفون و قويت سلطتهم و في المقابل تراجع خطاب رجال الدين التقليديين السلفيين (1). في هذا العصر افتتح العقل الاسلامي الداخلي المنغلق على نفسه و اختلط و تبرعم مع المنتجات الخارجية، الا انه انتهى بموت المامون و مجيء المتوكل و انعكست المعادلة تماما. و لكن على الاقل فان مشروع المامون و حلمه في المستوى الفلسفة بقي لقرون عديدة بعده و انتشر بشكل كان قادرا على المقاومة دون دعم الدولة و من دون ترسيخ اية ارضية في المناطق المختلفة من المجتمعات الاسلامية، و بالاخص في المنطاق البعيدة التي لم تتمكن الدولة ان تصل اليها بسهولة، وان تعرضوا الى احراق نتاجاتهم و تكفيرهم لمرات عدة و كانوا تحت هيمنة الخطاب التكفيري و لمدة طويلة، و في النتيجة و بدعم السلطة والاسباب التاريخية تمكن الخطاب النقلاني من السيطرة على الخطاب العقلاني الاسلامي، و هذا ما ادى الى تراجعه. التحليل سهل و طبيعي لماوراء دعم المامون للثقافة و الفلسفة و العلم و المتوكل شخصا سلفيا و مؤيدا للخطاب النقلي التقليدي، فالباحثين المهتمين بالتاريخ الفكري الاسلامي يعدون الانفتاح العقلي الاسلامي لكون المامون كان مؤيدا للمعتزلة و عملية الترجمة، لانه كان معجبا بالفلسفة ( 2) و في الحقيقة هذا هوجزء من الجواب و ليس كله. و ليس كما يُقال انه كان على راس السلطة و كان ممثلا للدين والسلطة في حينه وايده المهتمون بهذا المضمار و كما يُقال ان الناس على دين ملوكهم و ما يريد فانهم ينفذونه و يعملون ما يعلم و المجتمع الورع يعيد ذلك، لا لم يكن ذلك بل لان هذا الميل و الاعجاب جاء نتيجة الضرورة و الحاجة السياسية الواقعية، الداعم الرئيسي للسير على هذا المنوال و دفع الترجمة و كان التوجه نحو الفلسفة و العقلانية سياسة، بعكسه فان اهماله و منعه كان بالدرجة الاولى سياسية ايضا، و هذا هوالسبب الرئيسي لانفتاح المامون و انغلاق المتوكل، انهم ثبتوا انفسهم في التاريخ والحضارة الاسلامية. بمعنى اخر، ان الهدف الرئيسي و العام هو ان الارادتين للخليفتين هي اثبات و فرض السلطة العباسية من الناحية الفكرية بعد ان رسخوا وضعهم من الناحية العسكرية و فرضوا انفسهم على اعدائهم السياسين ان كانوا بقايا الامويين او الشيعة، وبالاخص التيار الاسماعيلي الباطني، و على مستوى الاسلامي الداخلي و الدين والمذاهب الاخرى و الذين عُرفوا جميعا بتيار الزندقة.
ان اردنا ان نضع القاريء في الصورة من الاختلافات مابين العصرين بشكل مختصر جدا، فاننا يمكن ان نتكلم من حيث البُعد او النزعة لمابين المشروعين الفكريين للسلطتين و نرى من هناك الجانب السياسي هذا، و يمكن عن طريق ما نوضحه عن طريق حكاية حلمي هاتين الخليفتين نتمكن ان نختزل العصرين، و من هذا الجانب فان ابن النديم في جزء بعنوان؛ الحديث عن اسباب نشر الكتاب الفلسفي للعوالم العتيقة الاخرى في ذلك العصر، يقول، احد الاسباب هو ان الماون راى ارسطو في حلمه، و ساله ماهو الخير؟ و في جوابه يقو:ل ان الخير ما يقبله العقل. وقال له اي شيء اخر؟ قال و ما يقبله الشرع، وقال له اي شيء اخر؟ وقال ان الخير هو ما يقبله و يرضى عنه الناس. و ساله اي شيء اخر, قال لا شيء اخر(3) و بالشكل نفسه قال ابن عساكر في كتابه التاريخي، وهو يروي رؤية المتوكل، انه حلم بالنبي بدلا من ارسطو، و امره فيها ان يتبعوا مذهب الشافعي و ان يجعلوا هذا المذهب مصدر المعرفة (4) هذين الحلمين لخليفتين عباسيين، تعبير مباشر و واضح لميلين و توجهين سياسيين, وهو مختصر لكل تلك الاحاديث التي ذكرناها من قبل، اولهما يتبع منطق ارسطو و وقف بوجه كل تلك الحركات الفكرية السياسية لمناوئيه عن طريق الانتقاد و التي هزت بنيان السلطة العباسية، و الثاني هو الميل الى الشافعي و مد اليد اليه و هو الذي صاغ المباديء الاساسية الدينية للشريعة الاسلامية لمقاومة المناوئين السياسيين للسلطة السنية العربية العباسية. و النقطة المشتركة مابين ارسطو و الشفعي مع كل الاختلافات و الخلافات، هو وضع الاول للاطار العام للعقل الفلسفي و الثاني للعقل الديني.
و كما كتب كل من خليل احمد الفراهيدي و الشعراء الشعر اعتمادا على سليقتهم و بالسمع دون العودة الى المصادر المكتوبة حول البحور الشعرية، و لكن بعد ذلك التزموا بالبحور التي حددها هو، كما كان الناس و الفلاسفة ماقبل ارسطو حاوروا و تكلموا بالاحاديث الفلسفية، و لكنهم لم يلتزموا باي مبدا و اطار عام للتفكير و الكلام المشترك، اي المنطق، و بالشكل ذاته كانت هناك الشريعة قبل الشافعي، و لكن دون ان يلتزم المشرعين باطار مشترك ثابت و مكتوب و مقدس، ارسطو و عن طريق المنطق اجبر كل الذين يهتمون بالفلسفة و الفكر ان يعودوا الى مركز عام محدد لها، و الشافعي اجبر كل من اهتم بمجال الشريعة و الدين و الاجتهاد ان يلتزموا بالمباديء الرئيسية لاصول الفقه. هذا في الوقت يُعتبر كتاب الرسالة للشافعي هو اول نتاج لمباديء اصول الفقه و الشريعة، و الذي يُعتبرالخروج منه كالخروج من الدين نفسه، كما ان الخروج من المنطق الارسطوي في تاريخ فلسفة القرون الوسطى هو خروج من حقل الفلسفة نفسه.



#عماد_علي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها ( 64)
- افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها ( 63)
- افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها ( 62)
- افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها (61)
- افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها (60)
- افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها (59)
- افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها (58)
- افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها ( 57)
- افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها (56)
- افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها (55)
- افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها ( 54)
- افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها ( 53)
- افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها (52)
- افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها ( 51)
- افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها (50)
- افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها (49)
- افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها (48)
- افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها (47)
- افول الفلسفة الاسلامية بعد تجليها (47)
- افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها (46)


المزيد.....




- ماذا يعني إصدار مذكرات توقيف من الجنائية الدولية بحق نتانياه ...
- هولندا: سنعتقل نتنياهو وغالانت
- مصدر: مرتزقة فرنسيون أطلقوا النار على المدنيين في مدينة سيلي ...
- مكتب نتنياهو يعلق على مذكرتي اعتقاله وغالانت
- متى يكون الصداع علامة على مشكلة صحية خطيرة؟
- الأسباب الأكثر شيوعا لعقم الرجال
- -القسام- تعلن الإجهاز على 15 جنديا إسرائيليا في بيت لاهيا من ...
- كأس -بيلي جين كينغ- للتنس: سيدات إيطاليا يحرزن اللقب
- شاهد.. متهم يحطم جدار غرفة التحقيق ويحاول الهرب من الشرطة
- -أصبح من التاريخ-.. مغردون يتفاعلون مع مقتل مؤرخ إسرائيلي بج ...


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عماد علي - افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها (65)