|
البحث عن السعادة في ظل شوشرة الحياة
اسماعيل موسى حميدي
الحوار المتمدن-العدد: 6174 - 2019 / 3 / 16 - 02:59
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
- البحث عن السعادة في ظل شوشرة الحياة ................................................. د.اسماعيل موسى حميدي
وانت تدخل قاعة ما هاما بالجلوس فيها ، يقع نظرك على مقاعدها الكثيرة المتناثرة في باحتها حتى تذهب بك خطواتك وبصورة شعورية لاختيار احد هذه المقاعد استمالته نفسك وفضلت الجلوس عليه من بين المقاعد الكثيرة لان نفسك تصورت سر متعتها وروحيتها فيه. وهكذا المشهد يتكرر عندك كثيرا وبنفس الفكرة ،فعند صعودك لسيارة ما واختيارك مكان جلوسك باختيار مقعد محدد من بين مقاعد السيارة الكثيرة، وعندما تسير في شارع تقودك رغبتك في السير من جهة ما، يمينا او يسارا في بطن الرصيف او في حافته.واذا فتحت ديلابك (كنتور ملابسك) سيقع اختيارك على قطعة ملابس واحدة تحددها نفسك في تلك اللحظة من بين عشرات القطع لترتديها في ذلك اليوم ،وبنفس الطريقة ايضا ستختار قدح شاي تحدده من بين مجموعة اقداح تقدم لك في (صينية)واحدة تظن نفسك انه الاشهى من بين اقرانه .وعندما تفتح برادا في مكان تسوق فان نظرك يقع على مجموعة عصائر تستميل ذائقتك بالتالي ستختار واحدا فقط منها تحبه نفسك فتختاره.
وهذا ديدن النفس فانها تبحث في فضاءات الجمال فتقودك لاختيارات كثيرة في اليوم الواحد ربما دون تنبه او دراية منك ولايمكن لنفس ان تدون بدون جمال وسعادة ، فما ان تنحسر ابواب الجمال امام نفسك حتى تشعر عندها بالضيق الشديد فتهرع للبحث من جديد عن السعادة بطريقتك الخاصة وباسلوبك الحياتي الذي تحدده ثقافتك وقيمك ،فمنهم من يحدد نفسه بالقيم فيحجم هوى نفسه ومنهم من يطلق لها العنان فيتركها تدور في فضاء هواها. ويقسم اهل المعرفة النفس الانسانية الى اربعة اقسام 1-النّفس المطمئنّة، هي نفسٌ خيّرة تأمر بالخير، 2- النفس الأمارة بالسوء ،وهي نفسٌ كثيرة الذنوب، تدعو صاحبها لفعل السوء 3-النّفس اللوّامة هي النفس كثيرة اللوم، تخاف الله وتخشى عقابه، ولكن هذه النّفس متقلّبة، متردّدة، تأتي الذّنب، وتلوم صاحبها عليه. اما فرويد فقد قسم النفس الانسانية الى ثلاثة اقسام 1- (الهو)، وهي التي تمثل الغريزة والرغبات 2- (الأنا العليا)، وهي التي تلعب دورا نقديا ووعظيا عند الانسان 3- (الأنا)هي الجزء الواقعي المنظم الذي يتوسط بين رغبات الهو والأنا العليا. مثال: اذا دخل شخص ما الى مطعم وكان يشعر بالجوع الشديد،ووجد امامه طعاما ، فان ما تفرضه عليه (الهو) هو أن يأكل حتى لو كان الطعام ليس له او ان الطعام غير شرعي. اما (الأنا العليا) فانها ترفض مثل هذا التصرف،فهي بمثابة قيم المجتمع والأخلاق واما ( الأنا) فانها تدعوه لاشباع تلك الحاجة ولكن بطريقة شرعية ومقبولة فهي تدعوه للبحث على أكل نظيف وشرعي .. بمعنى ان (الانا) يعمل كوسيط بين (الهو) والعالم الخارجي فيتحكم في إشباع مطالب الهو وفقا للواقع والظروف الاجتماعية المقبولة ..
وبالحقيقة هذه مجرد توصيفات بشرية لان النفس هي واحدة بالنتيجة ولكن ابداع الخالق فيها يجعلنا نقف ونصنف ونميز كيفما نشاء فالنفس والروح عند الانسان هي ابدع ما خلق الله سبحانه من بين مجموعة الانسان المحسوسة وغيرها. وطبيعة الحال فان النفس الانسانية مياله الى اللطافة والهدوء والجمال مبتعدة عن كل شيء يقاسيها فهي ترغب في الحصول على ملذاتها بصورة سريعة وشمولية،ولكن الاحتكام الى المسار القيمي بحسب طبيعة الافراد وشهادات ميلادهم الاخلاقية ،هو الفارق بينهم في تحييدها عن شهواتها.فالانسان القيمي يكبح رغبات نفسه في الحرام وبنفس الوقت يبحث عن البدائل لان النفس لايمكن لها الدوام من غير السعادة وفي ظل شوشرة الحياة وازعاجات العمل والتعامل مع الناس ،ربما تشعر بالانضغاط النفسي الذي يوصلك الى التوتر ومن ثم الاحتقان فما عليك الا البحث عن ذاتك اللطيفة الغارقة بالسعادة من خلال مواقف عليك اختيارها بذكاء لتخفيف ضغط توترك،كجلوسك مع اصدقاء في مكان ما،او ممارسة لنوع من الرياضة تجيده بيسر،او سماعك لما تحب،فالسعادة موجودة بيننا ولكننا فقط نعاني من كيفية البحث عنها في جوانب الحياة فهي متوافره بين ثنايا المواقف ولكننا لانجيد البحث عنها فقط. فالربما يصل بك الحد بمجرد تخيلك للسعادة في الاشياء والصور والمواقف فانك ستغور فيها بلاشعور وتعيش لحظات تفوق تلك التي تتمناها في الواقع ،مثلا تخيل انك الاقرب الى الله من الاف الاشخاص من حولك او تخيلك انك الاجمل من بين الموجودين في مكان عملك،او تخيلك بان بيتك البسيط هو قصر فاره، او ان حذائك الذي ترتديه هو سيارة مديل 2019 تتنقل بيها، وهنا سيغنيك صنف القناعة الذي يتقمصك ضربا من الجمال والسعادة ربما لايقوى اصحاب المليارات الدخول في عالمها. هذه الصورة العفوية لاطفال جمعهم لهو الازقة في احد الاحياء المعدمة للسعادة.. وهم ،يقفون حفاه والبهجة تؤطر وجوههم لا يفقهون من تعاسة الحياة شيئا ،وعلى مايبدو يلتقطون السيفلي وهم يتخيلون وقفة المشاهير الذين يلتف حولهم الجمهور فيبدون سعداء حتى اكثر من المشاهير أنفسم ..... الصورة قبل اجراء التعديل عليها تجدونها في اول
#اسماعيل_موسى_حميدي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
تزييف الثابت القيمي
-
إحساس..يجوز..لايجوز
-
ملصقات الجدران...والقبنجي ...وموسم الحصاد
-
نخيل العراق..وشفيق الكمالي ..وموطني المستعار
-
مواليد 2000..واتهام زوجة حجي شلاكه بالعهر
-
المجمع العلمي العراقي ..وإخفات النور
-
بائع الرقي ..وبزة عبد الكريم قاسم
-
القاضي ..والحمار..وباب الرئيس
-
رئيس وزراء بثلاثة جلابيب وسبعة حظوظ.. واختبار عسير لموظفي مص
...
-
تارة فارس ..والرجل الوطواط..وحنكة قاسم الاعرجي
-
كنت شاهدا في ساحة التحرير
-
تراجيديا عراق
-
أسوأ المعارك
-
بيان البيانات
-
ناحية الحسينية تودع أشهر رجالاتها
-
قلم زايد
-
صمت مدوي في قعر الصحراء
-
لانك كذبة نيسان
-
الدكتور عباس ابو التمن مسيرة عطاء لن تمضي
-
بمناسبة عيد الام
المزيد.....
-
ماذا يعني إصدار مذكرات توقيف من الجنائية الدولية بحق نتانياه
...
-
هولندا: سنعتقل نتنياهو وغالانت
-
مصدر: مرتزقة فرنسيون أطلقوا النار على المدنيين في مدينة سيلي
...
-
مكتب نتنياهو يعلق على مذكرتي اعتقاله وغالانت
-
متى يكون الصداع علامة على مشكلة صحية خطيرة؟
-
الأسباب الأكثر شيوعا لعقم الرجال
-
-القسام- تعلن الإجهاز على 15 جنديا إسرائيليا في بيت لاهيا من
...
-
كأس -بيلي جين كينغ- للتنس: سيدات إيطاليا يحرزن اللقب
-
شاهد.. متهم يحطم جدار غرفة التحقيق ويحاول الهرب من الشرطة
-
-أصبح من التاريخ-.. مغردون يتفاعلون مع مقتل مؤرخ إسرائيلي بج
...
المزيد.....
-
المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية
/ ياسين الحاج صالح
-
قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي
/ رائد قاسم
-
اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية
/ ياسين الحاج صالح
-
جدل ألوطنية والشيوعية في العراق
/ لبيب سلطان
-
حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة
/ لبيب سلطان
-
موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي
/ لبيب سلطان
-
الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق
...
/ علي أسعد وطفة
-
في نقد العقلية العربية
/ علي أسعد وطفة
-
نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار
/ ياسين الحاج صالح
-
في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد
/ ياسين الحاج صالح
المزيد.....
|