أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جعفر المظفر - الحرب العراقية الإيرانية .. قراءة بأثر رجعي.














المزيد.....

الحرب العراقية الإيرانية .. قراءة بأثر رجعي.


جعفر المظفر

الحوار المتمدن-العدد: 6171 - 2019 / 3 / 13 - 21:22
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الحرب العراقية الإيرانية .. قراءة بأثر رجعي.
جعفر المظفر
إذا كنت من أهل (البصرة) فلا بد وأن تكون مغرما بأكل سمك (الصبور) وإذا لم تكن من أهلها وحدث وأن وقعت في غرام هذه السمكة فذنبك على جنبك لأن عليك وقتها ان تدخل دورة عند البصريين لكي تتعلم كيف تفصل بين لحم هذه السمكة وبين العظام الرقيقة المتناثرة في كل جزء منها, وبدون هذه الدورة أجزم أنك ستلعن هذه السمكة, لحما وعظما, ثم تقسم على أن لا تقربها أبدا.
وحتى الأغلبية من أهل البصرة الذين ظل (الصُبور) وجبتهم اليومية في موسم إصطيادها فهم لا يسلمون أبدا من الوقوع ضحايا لعظامها إذ غالبا ما ترى أحدهم وهو يتبلعم بعظمة رشيقة أبت إلا أن تثأر لأمها السمكة الضحية فتنغرس في بلعوم آكِلِها الذي يروح يتلوى من الألم ليقع بين نارين, الأولى نار ألم الغرسة والثانية نار الحسرة على السمكة اللذيذة التي سيصير معظم لحمها من نصيب شريكه على المائدة.
الواقع ان القدرة على تقدير من كان البادئ في الحرب العراقية الإيرانية صارت مثل القدرة على تناول وجبة (الصُبور أو الإصْبور) دون التعرض لخطر أشواكها, فالألام التي تسبب بها تلك الحرب والخسائر التي رافقتها, والأعداء الداخليين الذين تكاثروا بفعل النهج الخاطئ لصدام حسين ومن ثم مغامرته الكارثية في الكويت وحصار السنوات الثلاثة عشر, كل ذلك كان قد جعل العراقي لا يصدق, بل لعله لا يريد أن يصدق ان صدام حسين لم يكن هو البادئ. ولو أن الأمر كان معكوسا لكان الإيرانيين قد اسقطوا أسباب تلك الحرب على الخميني نفسه وتمنوا مثلي لو أن أمه لم تلده أبدا.
إن الشيوعي العراقي الذي كان قد طرده وطارده صدام حسين, والبعثي العراقي الذي غدر به أو ظلمه صدام, والكردي العراقي المتطلع للإنفصال, والعراقي الذي أتعبته الحروب والحصار وإستهلكت تحمله وصبره, إن كل هؤلاء لم يعودوا قادرين على إعادة قراءة التاريخ العراقي دون ان يضعوا أوزراه وكوارثه في عنق صدام حسين, والأمر ذاته كان جعل قراءة الموقف من الحرب العراقية الإيرانية تماما مثل تناول وجبة الصبور البصرية التي يكون مفتاح السلامة فيها المران فالمران والمران دون أن يتكفل ذلك بالحصول على الشهادة التقديرية التي تؤكد على تغلب الأكِل على المأكول.
إن صدام حسين يتحمل نصيبا كبيرا من مسؤولية تحويل سمكة (البني) القليلة الأشواك والسهل تناولها على أغلبية العراقيين إلى سمكة (صُبور) بصرية صعبة على البلع, فلو أنه إنصرف إلى البناء بعد أن توقفت الحرب العراقية الإيرانية, ولو أنه منح العراقيين فرصة إلتقاط أنفاسهم والدخول في بحبوحة عيش يستحقونها, ولو أنه لم يرتكب إثم غزو الكويت لما راح البعض يقرأ تاريخ العراق بعد غزو الكويت بأثر رجعي, ليجعل من الخميني وكأنه كان الطفل البرئ الذي حاول صدام إفتراسه, ولما نسوا كيف تسبب محمد باقر الصدر وحزب الدعوة الذي أسسه في تلويث أجواء العراق وتعكير صفوه.
وهل معنى ذلك أن صدام حسين لم يكن له نصيبا في تلك الحرب. كلا فالمسالة ليست كذلك, إذ قد نتفق على انه كان ميالا للعنف والمغامرة, لكننا حين نضيف الخميني إلى الصورة وسعيه لتصدير ثورته المشؤومة ونعيد تشخيص موقف الصدر والدعوة ودورهما في تسميم الأجواء السياسية العراقية فلسوف نكون موفقين بإعادة قراءة الموقف من الحرب العراقية الإيرانية من خلال رؤى وطنية بعيدة عن الإسقاطات الشخصية والفئوية والطائفية .
ترى هل ظلت الحال على حالها ؟ كلا أبدا, ذلك أن البلعوم العراقي لم يعد وحده الذي يعاني, إذ بعد سنوات سيكتشف العراقيون بأنفسهم كيف ان صدام حسين لم يكن مخطئا البتة في تشخيص الخطر الإيراني, ولسوف يمر الإيرانيون بنفس الحالة العراقية الصعبة التي جعلت قدرتهم على إلتهام السمكة ليست بالأمر السهل, إذ بعد أن بانت سعة الأخطار والمطامع والتدخلات الإيرانية في شؤون العراق خاصة, مرورا منه بعد ذلك إلى سوريا ولبنان واليمن, وتصاعد عدد القتلى والجرحى الإيرانيين نتيجة تدخلات نظامهم في ساحات الحروب, إضافة إلى معاناتهم الإقتصادية الآخذة بالتصاعد, فإن قراءة واقعهم السياسي والمعاشي بأثر رجعي سوف يجعلهم يعيدون مليا تركيب قناعاتهم بشأن من كان البادئ بالحرب العراقية الإيرانية, سائرين على نفس خطى أولئك العراقيين الذين صار صعبا عليهم قراءة دور صدام حسين من تلك الحرب دون أن يسقطوا على السؤال معاناتهم منه ومن حروبه وما أتت به من كوارث وأهوال ومن ثم قراءة موقفه من الحرب مع إيران بعيون الموقف من غزو الكويت.
ترى إذا كان النظام الإيراني, رغم هول القوى الجبارة والتحديات القاسية التي تجابهه في يومنا الحالي, غير ميال للتراجع عن سياسة التدخلات المباشرة في شؤون جيرانه, وغير مستعد لمراجعة سياساته الخاطئة بحق شعبه, فما الذي كان سيردعه بالأمس عن مواصلة سياسته التوسعية الخرقاء على حساب جاره العراق, وهو بلد لا يقارن على اي مستوى بقوة أمريكا وإمكاناتها العسكرية والإقتصادية الجبارة.



#جعفر_المظفر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأقبح والأجمل .. الإختيار المضغوط بقساوة اللحظة.
- موحش طريق الحق
- قانون سجناء رفحاء وقانون أصدقاء صدام .. أيهما الأشد ضررا وإس ...
- الحمل خارج الرحم
- الكارثة أن نحسبها على طريقة يوم لك ويوم لي
- بعض من بعض الذي كان (2) .. لكان أفضل لو أن إيران كانت قد إعت ...
- بعض من بعض الذي كان .. دعوة حارة لإيران أن تعترف بإسرائيل
- إبن خلدون وقضية غياب الدولة
- المرجعية الشيعية العراقية ودولة الكيان الموازي (1)
- ثقافة الفرح عندهم وثقافة الحزن عندنا
- أتمنى للعراقيين عاما مظلما كظلام بدر شاكر السياب.
- وطن من هو العراق ؟!
- بَيْن عِراقَيْن
- الطائفية الشيعية هي الطريق الأفضل لإمتهان الشيعي وتحقيره وتع ...
- نحن والشاعر المبدع
- ساسون حسقيل وثقافة جلد الذات والرائحة التي تزكم الأنوف
- الطائفية الإجتماعية والطائفية السياسية بلغة التخريج الرقمي.
- العرقنة
- هل ستوافق إيران على العودة إلى مائدة المفاوضات
- الصلاة خلف الشاوي أسلم والأكل مع الحمامي أدسم


المزيد.....




- السعودية تعدم مواطنا ويمنيين بسبب جرائم إرهابية
- الكرملين: استخدام ستورم شادو تصعيد خطر
- معلمة تعنف طفلة وتثير جدلا في مصر
- طرائف وأسئلة محرجة وغناء في تعداد العراق السكاني
- أوكرانيا تستخدم صواريخ غربية لضرب عمق روسيا، كيف سيغير ذلك ا ...
- في مذكرات ميركل ـ ترامب -مفتون- بالقادة السلطويين
- طائرة روسية خاصة تجلي مواطني روسيا وبيلاروس من بيروت إلى موس ...
- السفير الروسي في لندن: بريطانيا أصبحت متورطة بشكل مباشر في ا ...
- قصف على تدمر.. إسرائيل توسع بنك أهدافها
- لتنشيط قطاع السياحة.. الجزائر تقيم النسخة السادسة من المهرجا ...


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جعفر المظفر - الحرب العراقية الإيرانية .. قراءة بأثر رجعي.