أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عماد علي - افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها (45)















المزيد.....

افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها (45)


عماد علي

الحوار المتمدن-العدد: 6168 - 2019 / 3 / 9 - 19:34
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


الفصل الخامس
الغنوصیة و الكلام و الفلسفة‌
ماهی الغنوصیة؟ ماهي ملامحها و خصوصياتها الفكرية من الوجهة الدينية؟ كيف و لماذا اصبحت الاسماعيلية اولى المذاهب الاسلامية التي جسدت هذا الخطاب بقوة؟ ما تاثير هذه الفلسفة الدينية على التيار الكلامي و الفلسفي و العرفاني الاسلامي؟ ما علاقة الغنوصية بالزندقة؟ ما علاقة ظهور ترجمة مؤلفات الفلسفة الاسلامية الى اللغة العربية مع مقاومة التيار الغنوصي؟ هذه الاسئلة الرئيسية التي يمكن ان نفهم عن طريق اجابتها من ان نتطلع على ارضية ظهور الفلسفة الاسلامية و بالتالي ظهور الفكر الاسلامي في اتجاهات مختلفة في تلك المرحلة لبيان من هو الاكثر استحقاقا لتسلم السلطة، و يتحقق معرفة ذلك وفق هذه المؤلفات ما تسمى( مسالة الامامة). لكن الغنوصية هي كلمة يونانية بمعنى المعرفة . ان كان العالم هو من يعرف القوانين و يحفظه ، الغنوصي ( العارف) هو الشخص الذي يعلم الحقائق و الاسرار لماوراء القوانين. اما من جانب المصطلح، ياتي بمعنى الشكل من المعرفة التي يمكن ان نصل بها الى المعرفة العليا و عن طريق الكشف, او عبارة عن تلذذ تلك المعارف بشك مباشر. يُقال ذلك عن تلك المعرفة التى تدخل الى النفس بشكل مباشر و لا تعتمد على الاثبابتات العقلية( 1). شكل من المعرفة لا نستلمه عن طريق القراءة و التعليم و انما هي معرفة كشفية و ذوقية، لها العلاقة بتلك العقيدة عن النفس البشرية و قبل ان تدخل الى الجسد و تنزل الى الارض و هي في دنيا الطهارة و النور الالهي، و طريق العودة الى ذلك العصر مضيء و طاهر، تطهير الجسد و تحرير الروح من الرغبات الجسدية، و بهذا فان المعرفة لها صفات واهبة و يمكن للانسان ان يصل اليها بالسلوك و الرياضة الروحية . انه في الثقافة الاسلامية مع التاثير الكبير لهذا التيار على الفكر الاسلامي كما يتوضح فيما بعد، و لكن لم يُعرف بعنوانه اليوناني، و انما عُرف باسم (الباطنية)، النقطة الرئيسية لخصوصية هذا الاتجاه في الثقافة عبارة عن ايمان هذا الاتجاه و النهج الديني بالباطني الحقيقي و مخفيات المعرفة الالهية.
الغزالی فی تعریفه للتیار الباطنی الاسلامی فی كتابه الخاص، ینتقد و یهاجم هذا التیار، و فی تعريفه لهذا الاتجاه یقول؛ سمیت الباطنية بهذا الاسم لانهم يدعون بان ظاهر القرآن والحديث لهما المعنى الباطني كما هو اللب في القشرة، هؤلاء عند الجهلاء الاغبياء لهم صور مكشوفة، و ولاء العقلاء الاذكياء هو رمز و اشارة الى الحقيقية المبينة ( 2). يجب ان لا ننسى ان ما يقصده الغزالي في هذا الكتاب بكلمة الباطنية هو التيار الاسماعيلي الشيعي، و هي كاكبر جماعة دينية التي تمثل هذا الاتجاه في الفضاء الاسلامي، وفي الوقت نفسه كانوا اخطر جماعة مناوئة للسلطة السنية العباسية، لذا، وعليه فان مؤلفات الغزالي بقدر ما هي فكري و ديني فهي على الاكثر سياسي و دفاع عن السلطة السنية العباسية في بغداد، هذا الاتجاه الفكري له جذور عميقة في جميع الاديان الشرقية القديمة، و بالاخص دين ماني الذي في اساسه معروف في الثقافة السلامية كاول دين باطني، كان المقصود من كلمة الزندقة و منذ البداية هم مانيين، و لكن هذا لا يعني ان الباطنية الاسلامية هي العودة الى فكر ماني و االاديان الايرانية، لانه كما ان الباطنية لها طبيعة معقدة و خليطة، فبالشكل ذاته فان مصادر فكر الباطنية الاسلامية لها اكثر من جذر و مبدا فكري، لان الغنوصية في اساسها مذهب تلفيقي، وهو جمع للعديد من المباديء و الفلسفات و العقائد المختلفة. انها في ظاهرها لم تحمل اي عقيدة نهائية ، و هذا ما سبب في اختلاف مبادئه و مستوى خلافاته في بعض الوقت. ان جميع العقائد تتمحور حول تلك التوجهات التي تؤمن بان الوصول الى التحرر و معرفة الحقائق يكون عن طريق المعرفة الباطنية الكاشفة، وليس عن طريق الايمان بالتحرر الوارد خارجيا( 3).
و ان كان اخر السطر في هذا المقطع فيه مبالغة، و بالاخص في الوقت الذي نحن نتكلم عن الباطنية في الفضاء الاسلامي، لانه من الصحيح الباطنية في هذه الثقافة لم تفقد الطبيعة المعرفية الكشفية و الروحانية و الغيبانية، كما ان هؤلاء الاشخاص هم اصحاب هذه المعرفة كما الانبياء كان لهم القدرة للوصول الى نور المعرفة الالهية، و لكن لم يكن ذلك على اساس رفض النبوة، او تجاوز الانبياء، و هذا ليس في الفضاء الديني الاسماعيلي الشيعي و ليس ايضا في الفضاء التصوف السني، فقط انهم كانوا يؤمنون بقوة بان النص المقدس هو اخر حلقة تواصل بين الله و الانسان ( بعد موت النبي)، كما يتالف من كلمة و احرف في الظاهر، ففي المستوى الباطني، انها تخفي الكثير من الحقيقة و الاسرار والامور المجهولة. طريق الوصول الى تلك الحقيقة الالهية المجهولة هي طريق الانبياء نفسها، و هي التطهر و التزكية و قطع مقامات العبادة، الا ان الشخص العارف ( الامام لدى الشعية و الولي لدى الصوفية) يستحق ان يكشف له الله تلك الحقيقة، التي لا يمكن للاخرين رؤيتها, فبهذا الشكل لنا ان نقول ان الخصوصية المهمة للغنوصية الاسلامية هي ليست عبارة عن تجاوز الانبياء، كما يقول بعض الباحثين و انما عبارة عن وجود طاقة الهية لكشف سر ماوراء تلك النصوص الدينية.
و لهذا السبب فان اهم خصوصية فكرية لجميع الجماعات الباطنية الاسلامية هي عبارة عن الاعتقاد المتين بوجود وجهين في النص المقدس، الوجه المعلوم و الوجه المجهول، اوله عادي خاص بالناس العاديين البسطاء، و الثاني عميق و خاص بالشخص العارف. لذا يقول النوبختي حول العقيدة الاسماعيلية ( هم يعتقدون ان تلك الاشياء التي فرضها الله و النبي لها المعاني الظاهرية والباطنية، جميع تلك الاشياء هي التي يعبدون بها عباد الله من القرآن و السنة كنماذج تحتوي في خفاياها المعاني التي هي باطنية و يجب ان يُعمل لها و يمكن ان نتحرر بسببها ( 4). و بعكسه فان الوجه المعلوم و المكشوف سبب البلاء و الوقوع و الخطا، اي هؤلاء الذين لا يعتقدون بظاهر الدين و يعقتدون بالحقيقة الباطنية للقرآن لاخر حدوده، انهم هؤلاء الذين وصلوا الى معرفة الحقيقة الالهية.
يقول هنري كوربان حول التفكير و النهج العرفاني الاسماعيلي؛ ان العرفان الاسماعيلي يعتقد ان كل ظهور خارجي و كل معلوم، له معنى باطني مخفي و حقيقة باطنية . هذه الحقيقة اسمى من الحقيقة المعلومة، و يتحقق ذلك بفهم التطور الروحي لدى المستلم، اي المعلوم جلد ضروري ان ينكسر، وعُمل هذا لدى تاويل الاسماعيلية ( 5).
ظهرت و عُرفت الغنوصية في الحضارة الاسلامية بشكلين رئيسيين، احدهما داخلي و هو جزء من الصراع السياسي و الفكري الداخلي الاسلامي، و الذي يمثله الاسماعيلية، و الثاني خارجي اجنبي و دين ماني من ابرز ممثليه، من هنا نحاول ان نعرض جزء من الملامح الرئيسية لهذين الاتجاهين، و نكشف تاثيراتهما على ظهور الثقافة العقلانية الاسلامية باتجاهيه الكلامي و الفلسفي (6).



#عماد_علي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها (44)
- افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها ( 43)
- افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها ( 42)
- افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها (41)
- افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها (40)
- افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها (39)
- افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها (38)
- افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها ( 37)
- افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها (36)
- افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها ( 35)
- افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها ( 34)
- افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها (33)
- افول الفلسفة قبل تجليها ( 32)
- افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها (31)
- افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها (30)
- افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها ( 29)
- افول الفلسفة االاسلامية قبل تجليها ( 28)
- افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها (27)
- افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها ( 26)
- افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها (25)


المزيد.....




- -لقاء يرمز لالتزام إسبانيا تجاه فلسطين-.. أول اجتماع حكومي د ...
- كيف أصبحت موزة فناً يُباع بالملايين
- بيسكوف: لم نبلغ واشنطن مسبقا بإطلاق صاروخ أوريشنيك لكن كان ه ...
- هل ينجو نتنياهو وغالانت من الاعتقال؟
- أوليانوف يدعو الوكالة الدولية للطاقة الذرية للتحقق من امتثال ...
- السيسي يجتمع بقيادات الجيش المصري ويوجه عدة رسائل: لا تغتروا ...
- -يوم عنيف-.. 47 قتيلا و22 جريحا جراء الغارات إلإسرائيلية على ...
- نتنياهو: لن أعترف بقرار محكمة لاهاي ضدي
- مساعدة بايدن: الرعب يدب في أمريكا!
- نتانياهو: كيف سينجو من العدالة؟


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عماد علي - افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها (45)