أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - صاحب الربيعي - دور المثقف في التربية والتعليم














المزيد.....

دور المثقف في التربية والتعليم


صاحب الربيعي

الحوار المتمدن-العدد: 1530 - 2006 / 4 / 24 - 11:28
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


إن كان الرفد المعرفي للمجتمع يحفظ تاريخه الثقافي وعاداته وتقاليده ودياناته وبالمحصلة يشكل هويته وحضوره على الصعيد العالمي. فإنها يجب أن تكون حاضرة في ذهنية أبنائه فمن لايعي تاريخه لايعرف حاضره لايفكر بمستقبله، وهذا الحضور يتم تغذيته عبر التربية الهادفة لخلق مجتمع يعي هويته ويعرف موقعه ودوره في الحضارة الإنسانية وبالتالي مهامه المعاصرة ودوره في المستقبل.
ومسؤولية التربية الاجتماعية الهادفة تقع على عاتق المثقف الذي يزرع بذرة المعرفة والتاريخ والدين والقيم والعادات في ذهنية الجيل الفتي ويعزز ثقته بنفسه فيسير نحو المستقبل بعيون مفتوحة وبذهنية معرفية تعي مهامها ودورها في صناعة المعرفة الإنسانية.
يعتقد ((رونيه أوبير))"أن العلم والأخلاق والفن والدين لايمكن أن يستمر إلا عن طريق التربية التي هي عبارة عن نقل (زرع) المعرفة والقيم الروحية.......في ذهنية الكائن الفتي الذي يسعى إليها، فهي إذاً عمل جماعي من الطراز الأول".
وتتخطى التربية الهادفة مهمة تحديد الهوية ونقل الرفد المعرفي والروحي......لتسهم أكثر من خلالها بمهمة أسمى وأرقى وهي مهمة تهيئة الكائن الفتي ومنحه الفسح اللازمة لإظهار ملكاته ومواهبه الإبداعية الكامنة في لاوعيه الحضاري كونه أبن حضارة معرفية وتاريخ مشرف يمكنه الاستناد إليه للشروع في صناعة حضارة معاصرة ليجسد عظمة تاريخه بالحاضر ويسهم في بناء مستقبل الأجيال اللاحقة.
يرى ((هنري جولي))"أن التربية هي مجموعة الجهود التي تهدف لإتاحة الفسحة للفرد في كشف ملكاته الإبداعية المختلفة وتعينه على حُسن استخدامها وتوظيفها في الفعل الإنساني".
كما أن للمثقف دور كبير في إعداد الجيل المعاصر الذي يعي مصالحه ومهامه، وبالتالي واجباته وحقوقه كمواطن تجاه الدولة والمجتمع ليدرك ماهية العقد الاجتماعي والسياسي عبر اختيار ممثليه للسلطة بصورة صحيحة في الانتخابات. وبذلك يكون عنصراً مشاركاً، مشاركة فعلية في صنع القرار، ولايترك فريسة سهلة ينهشها السياسيون الساعون لتحقيق مصالحهم الخاصة.
هذه المهمة منوطة بالدولة باعتبارها الراعية لمصالح المجتمع وينهض بها المثقفون باعتبارهم ممثلين لسلطة المعرفة. ولايمكن لأية دولة في العالم النهوض بالمستوى والإعداد والتربية لتعميم المعرفة على مواطنيها دون أن يكون لها قاعدة واسعة من المثقفين القادرين على توظيف معارفهم، من خلال التعليم لإعداد جيل يعي مسؤولياته تجاه المجتمع البشري.
يقول ((جورج واشنطن))"أن حاجتنا المباشرة إلى المدارس والمعاهد العلمية لتعميم المعرفة والثقافة يعود إلى أن السلطة بحاجة إلى قوة ودعم من الرأي العام وما لم يتم تنويره لايمكنه اختيار ممثليه في السلطة بشكل صحيح وبالتالي فإن أحكامه تكون غير صائبة".
إن دور المثقف في التربية الاجتماعية الهادفة يفوق دور السياسي الذي لايرى أبعد من أرنبة أنفه نتيجة تغليب مصالحه على مصالح الدولة والمجتمع، فالأدوار الرئيسية في حياة الدولة والمجتمع، يتصدرها صفواته من منتجي المعرفة والمثقفين باعتبارهم المسؤولون عن نقل كنوز الحضارة عبر الأجيال لتأكيد هوية الأمة وتعزيز دورها ورفدها المعرفي في الحضارة الإنسانية.
وتقع مسؤولية الارتقاء بمستوى وعي المجتمع على المثقفين لأنهم العنصر الأساس في نشر الثقافة الإنسانية والقضاء على الأمية، فمكتسباتهم المعرفية أن لم توظف في خدمة المجتمع لاقيمة لها. وتقاس درجة تحضر المجتمعات بعدد المتعلمين ومستوى تعليمهم، فالتربية الاجتماعية لايمكن أن تأخذ طريقها لذهن المواطن إلا من خلال التعليم الذي لايرتقي بمستوى وعي الفرد في المجتمع حسب، بل يمنحه القدرة على التعاطي مع العلوم المعاصرة للارتقاء بمستواه المهني والمادي. كما أن مهمة التعليم تتيح الفسح أمام الإنسان السوي لإحكام سلطاته على الكون المادي وتسخيره في بناء ذاته، وتعزز ثقته بنفسه للمساهمة في عملية البناء والتقدم الاجتماعي.
يقول ((دوركهايم))"أن الارتقاء بالوعي الإنساني غايتنا وهدفنا الأساس، فهي المحددة لسائر القيم والأهداف الأخرى......والتعليم الذي يهدف فقط لزيادة سلطاتنا على الكون المادي يعتبر تعليماً منافياً لمهامنا الأساس".
إن عملية فصل المهام الأساسية للتعليم إلى: تعليم من أجل رفع مستوى وعي الإنسان، وتعليم من أجل إحكام السيطرة عليه. يتعارض ومهام المثقف العنصر الأساس في عملية التعليم، إذ يجب أن يبدأ التعليم بالإنسان وينتهي به، لا أن تكون مهمته التحكم به وتسخيره لخدمة فئة اجتماعية محدودة ضد فئات اجتماعية أخرى.
ولايعني الارتقاء بمستوى وعي الإنسان عبر التعليم للتعاطي مع العلوم والتقنيات المعاصرة إطلاقاً القفز على سلسلة التراكم المعرفي لتاريخه بحجة تخلفه عن الواقع المعاصر، فإدراك الإنسان لدوره الحضاري ومديات محيطه المعرفي في الحضارة الإنسانية يعزز ثقته بنفسه ويدفعه أكثر لاكتساب العلوم المعاصرة، لما له من أثر معنوي عليه يحثه على استعادة دوره التاريخي في الحضارة الإنسانية.
عموماً التعليم هو عمل تربوي يهدف لتعريف الإنسان بتاريخه وثقافته وكنوز رفده الحضاري المتراكم عبر الأجيال ليكون مؤهلاً للتعاطي مع العلوم والثقافة المعاصرة، ويطلع المثقف بهذا الدور التربوي الهام في حياة الإنسان.
يرى ((رونيه أوبير))"لكي نستطيع أن نفهم العالم المعاصر بكل ما فيه من غنى علمي وفني وكل عوامله التاريخية الصانعة لعبقريته، لابد أن يجتاح التعليم الثقافي بشموليته كافة أبعاد العالم المعاصر".
لايقتصر دور المثقف في عملية التعليم على نقل المعرفة العلمية للجيل الفتي حسب، بل تعريفه بالتراكم الثقافي والمعرفي لأمته. فالمعرفة العلمية غير كافية لتأهيل الإنسان وتمكينه من خدمة مجتمعه، وأنما يتوجب عليه أن يوظف مكتسباته المعرفية لخلق معرفة جديدة تكون حلقة ضمن سلسلة التراكم المعرفي لمجتمعه لرفد الحضارة الإنسانية التي لاتقتصر على رفع شأن ذاته فقط وأنما رفع شأن أمته التي منحته الفسحة للنهل من تراكمها المعرفي.



#صاحب_الربيعي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فن النقد في الثقافة
- العلاقة المأزومة بين الكاتب والناقد
- مهام النقد
- النقد وسعة العلم
- ماهية النقد
- الروح والإبداع
- أقطاب المعرفة
- الاستقلال الفكري
- المثقف الدجال
- منتجو المعرفة
- المزاد الثقافي
- مثقف السلطة والحزب
- المثقف وسلطة الاستبداد
- الإبداع والحرية
- الثقافة والفكر الشمولي
- منظومات الوعي بين الماضي والحاضر
- التوظيف والاستخدام لمكونات اللغة
- اللغة والفكر
- دور اللغة في التواصل الحضاري
- المهام والسلطات الثقافية في المجتمع


المزيد.....




- خبراء عسكريون يدرسون حطام صاروخ -أوريشنيك- في أوكرانيا
- النيجر تطالب الاتحاد الأوروبي بسحب سفيره الحالي وتغييره في أ ...
- أكبر عدد في يوم واحد.. -حزب الله- ينشر -الحصاد اليومي- لعملي ...
- -هروب مستوطنين وآثار دمار واندلاع حرائق-.. -حزب الله- يعرض م ...
- عالم سياسة نرويجي: الدعاية الغربية المعادية لروسيا قد تقود ا ...
- إعلام: الجنود الأوكرانيون مستعدون لتقديم تنازلات إقليمية لوق ...
- مصر.. حبس الداعية محمد أبو بكر وغرامة للإعلامية ميار الببلاو ...
- وسائل إعلام: هوكشتاين هدد إسرائيل بانهاء جهود الوساطة
- شهيدان بجنين والاحتلال يقتحم عدة بلدات بالضفة
- فيديو اشتعال النيران في طائرة ركاب روسية بمطار تركي


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - صاحب الربيعي - دور المثقف في التربية والتعليم