|
المرأة مسؤولة عن سوء معاملة الرجل لها بسبب سوء تربيتها له!
لخضر خلفاوي
(Lakhdar Khelfaoui)
الحوار المتمدن-العدد: 6166 - 2019 / 3 / 7 - 23:07
المحور:
ملف 8 آذار / مارس يوم المرأة العالمي 2019 - دور وتأثير المنظمات والاتحادات النسوية في إصلاح وتحسين أوضاع المرأة وتحقيق المساواة بين الجنسين
ـ لخضر خلفاوي ـ باريس* ككل سنة في الثامن من شهر مارس، تقام الاحتفالات و التظاهرات الثقافية و الفنية و الندوات و غيرها من الأنشطة إحتفالا و احتفاءا بالمرأة في يومها العالمي و ككل مناسبة لا تغيب الفقرة الأهم من هذا الموضوع المتكرر و هي " الحقوق و المساواة " في ذات الوقت يحرص بشدة على إدانة الظروف القاهرة و القاسية التي سلطت على المرأة خصوصا في المجتمعات النائية و المحافظة المحكومة بتقاليد في أغلبها " بالية و مجحفة". اليوم هو عالمي، و ـ اختراع ـ هذا العيد أو اليوم هو ـ إختراع غربي ـ عام 1911 في يوم الـ 19 من شهر مارس و هي أول مناسبة تم فيها المطالبة بحق المرأة في العمل و الإنتخاب و الكف عن التمييز و الإجحاف؛ جاء هذا في مظاهرات و حراكات نسوية مليونية في كل من " ألمانيا و النمسا و الدانمارك و سويسرا" و هو نشاط ممتد من حراك جمعيات نسوية في أوروبا و أمريكا الـ 28 فيفري 1909 . بعد هذا التاريخ النضالي في مطلع القرن الماضي، تم الاتفاق على تخصيص الثامن من مارس كيوم رسمي عالمي لحقوق المرأة. منذ أكثر من قرن استطاعت المنظمات و الجمعيات النسوية خاصة في العالم الغربي أن تتنتزع من الرجل كثيرا من الحقوق و إعادة مفهوم " المساواة" و إثراء مشروع المساواة المطلقة التي تحلم بها على وجه التحديد بعض الجمعيات و التنظيمات النسوية الغربية. كانت المجتمعات العربية بحكوماتها جد قلقة و "حذرة و محترسة " في بداية الأمر تنظر إلى هذا " المد الحقوقي النسوي " بالخطر الآتي من كبريات الدول الغربية و تحديدا باسم " هيئة الأمم" التي تتولي رسميا و عالميا كل القضايا التي تمس المرأة في العالم و تحاول تنبيه من خلال الدعوات إلى هكذا حكومات و أنظمة دول "عالم ـ ثالثية" المُتهمة بتقصيرها في ترقية المرأة و تحسين ظروفها المعيشية و إنصافها بقدر الإمكان. طيلة القرن الماضي موضوع "حقوق المرأة" و " الديمقراطية" ثم " أُضيف في بداية الثمانينات من نفس القرن ملف " حقوق المثليين" كانت كلمات حق أُريد بها باطلا من قبل الدول الغربية لجعل هذه الملفات " ورقات ضغط" على المستعمرات القديمة أو على الدول التي تتجه سياساتها ضد مصالح الحكومات الغربية. لا يختلف إثنان عن الأشواط الهائلة المهمة التي قطعها نضال الحركة النسوية في العالم و في المجتمعات العربية الإسلامية و غير الإسلامية. و أصبح للمرأة صوت مسموع في أعلى المستويات و في شتى القطاعات من النسيج المؤسساتي في هذه الدول؛ بغض النظر طبعا عن بقاء بعض السلوكات المتخلفة المجحفة الظالمة التي تنقص من شأن وجود و دور المرأة التنموي في المجتمع. نظريا يعتبرونها عماد الأسرة و نصف المجتمع و تحت قدميها باب من أبواب الجنة و على أرض الواقع تتضح الفوارق و الفصامية بين الخطاب و الفعل! من وجهة نظري أعتبر هذا الموضوع الحديث فيه مضيعة للوقت و سنبقى في اعتقادي نتحدث عن " المساواة بين المرأة و الرجل " إلى نهاية العالم، فقط يبقى الاحتفال باليوم العالمي في الدول العربية أو العالم مناسبة للتشدق بأطنان من الخطابات و الإعلان عن التدابير لترقية مكانة المرأة في العالم و الحقيقة في الأمر "ما كل هذا" إلا ذر للرماد في أعين نساء العالم ككل! هذا النفاق ليس مقتصرا فقط على المجتمعات العربية و الإسلامية عكس ما يتصوره الكثير. فبالرغم أن "عادة الإحتفال " باليوم العالمي جيئ بها من الغرب إلا أن هؤلاء مازالوا يجحفون في حقها عمليا، صعدوا الفضاء، أحدثوا تطوراتا تكنولوجية كانت تصنف في علم الخيال لكن مجتمعهم " الرجالي" مازال لم يسوّ وضعية الأجور بين الرجال و النساء حتى و لو كانوا بنفس الكفاءات و لم يستطيعوا التسوية في اعتلاء المناصب المرموقة و العليا و الحساسة حيث مازال الرجل في هذه المجتمعات الغربية يحتل المناصب العليا في المؤسسات و السياسة ذات الحل و الربط و نسب إشراك العنصر النسوي مازالت تسير باحتشام و ببطء، دائما تُعطى في أغلب الأحيان المناصب غير السيادية للجنس الذي لقبوه باللطيف و نصف المجتمع. في المجتمع العربي أرى من وجهة نظري أنه لا يمكن أن نطبق عليه حذافر مبادئ المساواة في كل شيء بحكم البيئة و المعطى الأنتربرلوجي و الديني. فلكل مجتمع خصوصياته و عاداته و نواميسه. شأن حقوق المرأة هو شأن الديمقراطية لا يمكننا تطبيقها بحذافرها على أوطاننا. أعتقد أنه قبل أن نتحدث عن حقوق المرأة و المساواة في الوطن العربي ، يجب أن نتخلص من "طاعون الأمية" الذي ينخر مجتمعاتنا إذ حسب التقارير فإن ما يفوق الـ 100 مليون نسمة في الوطني العربي تعاني الأمية منها 60 بالمئة نساء و هذه النسبة الإجمالية هي ثمن الأميين في العالم الذي وصلت إحصاءاته إلى 7 مليار نسمة!! هذه إحصائيات 2014 فما بالكم إحصائيات 2018- 2019! ـ أولوية الأولويات في الوطن العربي هو كسب رهان التعليم و جودته، و التغلب عن البطالة و كسب معركة التشغيل و سن العدالة الإجتماعية و الحقوق السياسية ؛ لأن الحقوق المهضومة التي نتحدث عنها تبدو ثانوية مقارنة مع مستوى معيشة نساء الدول المتقدمة. فبلا يمكن أن نهزم هذه الفوارق في مجتمعاتنا في ظل غياب أساسيات الحياة الكريمة للرجل و للمرأة! لذا يبدو لي الحديث عن حقوق " المرأة العالمي" في البيئة العربية و الواقع المفروض حديثا غير منسجما مع المعطيات و الحاجة الملحة العربية لكسب معركة التخلف الشامل و التبعية للغرب! و لهذا أعتبر أن الحديث عن هكذا "يوم" في الوطن العربي كمن يتحدث عن شخص أُصيب بانهيار عصبي حاد لأنه أخطأ قصة شعره! إذا وجد الرجل سعة الرزق و الحال و استفاد من تعليم جيد و يعيش الحرية و العدالة يمكنه أن يتقاسم كل ما يملك مع المرأة عن طيب خاطر و عن حب و إيمان و اعتقاد، المجتمع الرجالي يعاني في مجمله من أزمة سكن و من أزمات إقتصادية و من سوء توزيع الثروة المستحوذ عليها من قبل أقليات موزعة على الحكم في كثير إن لم أقل في معظم الدول العربية؛ فلو لم يتوفر الإيمان و " الوازع الديني " في مجتمعاتنا لكان الوضع أكثر كارثية على ما عليه بالنسبة للمرأة. هذا لا يعني التذرع بالظروف الإقتصادية و السياسية لإحلال انتهاك حقوق المرأة و الإساءة إليها و الإنقاص من دورها الرئيس فهي ليست كما وصفوها بنصف ، بل هي " الكل" و " الكل المُطلق" للمجتمع لهذا نكاد أن نفقد كل شيء! فكل الرجال حملتهم و ربتهم إمرأة (النساء )، فقط في المجتمع العربي المرأة تتحمل نصيبا من " سوء التربية" هذه التي لقنتها للرجل، فلو كانت مثقفة و واعية و بعيدة النظر، لعلمته قيمة احترامه لأخواته في البيت و لجاراته و لأستاذته و لزوجته مثلما علمته تقديسها و احترامها و تفادت التفرقة و الميز بينه و بين أخواته، و هذا واقع لا يجب نكرانه في المجتمعات العربية خصوصا المحافظة. ـــ ـ أديب، مفكر، إعلامي و مدير تحرير ، مسؤول النشر لصحيفة " الفيصل" الدولية ـ باريس
#لخضر_خلفاوي (هاشتاغ)
Lakhdar_Khelfaoui#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الساعات المقبلة الحرجة: ماذا سيُفعلُ بالجزائر و ب - الرئيس
...
-
شغفها حب حبري
-
الحُسبان
-
يا صانع الأثر!
-
بُنيَ الفساد في الجزائر على خمس!
-
اثنَتا عشرَة رصاصة .. و رصاصة !
-
ملحمة شعرية سردية واقعية من طفولة لخضر خلفاوي :-مشّ بهل
...
-
البناء و إعادة البناء النصي في المنحى السيامي ل: -لخضر خلفاو
...
-
نقد النقد:انطباعات سيامية ل -لخضر خلفاوي- في رؤى الروائي -صا
...
المزيد.....
-
-عيد الدني-.. فيروز تبلغ عامها الـ90
-
خبيرة في لغة الجسد تكشف حقيقة علاقة ترامب وماسك
-
الكوفية الفلسطينية: حكاية رمز، وتاريخ شعب
-
71 قتيلا -موالين لإيران- بقصف على تدمر السورية نُسب لإسرائيل
...
-
20 ألف كيلومتر بالدراجة يقطعها الألماني إفريتس من أجل المناخ
...
-
الدفاع الروسية تعلن تحرير بلدة جديدة في دونيتسك والقضاء على
...
-
الكرملين يعلق على تصريح البنتاغون حول تبادل الضربات النووية
...
-
روسيا.. اكتشاف جينات في فول الصويا يتم تنشيطها لتقليل خسائر
...
-
هيئة بريطانية: حادث على بعد 74 ميلا جنوب غربي عدن
-
عشرات القتلى والجرحى بينهم أطفال في قصف إسرائيلي على قطاع غز
...
المزيد.....
-
مئة عام من مركزية الجسد في الحراك النسوي المصري: تطور سؤال -
...
/ نظرة للدراسات النسوية
-
لماذا أصبحنا نسويات؟ حكايات وتجارب النسويات، من الحيز الشخصي
...
/ نظرة للدراسات النسوية
-
في مناسبة الثامن من آذار .. يوم المرأة الفلسطينية
/ غازي الصوراني
-
الجمعية النسوية السرية للإطاحة بالنظام الذكوري المستبد
/ سلمى بالحاج مبروك
-
المرأة والاشتراكية
/ نوال السعداوي
-
حركة التحرر النسوي: تاريخها ومآلاتها
/ هبة الصغير
-
ملاحظات أولية حول الحركة النسائية المغربية على ضوء موقفها من
...
/ زكية محمود
المزيد.....
|