|
في اليوم العالمي للمرأة.. نداء للتضامن مع المرأة العراقية
تيسير عبدالجبار الآلوسي
(Tayseer A. Al Alousi)
الحوار المتمدن-العدد: 6166 - 2019 / 3 / 7 - 20:05
المحور:
ملف 8 آذار / مارس يوم المرأة العالمي 2019 - دور وتأثير المنظمات والاتحادات النسوية في إصلاح وتحسين أوضاع المرأة وتحقيق المساواة بين الجنسين
في اليوم العالمي للمرأة.. نداء للتضامن مع المرأة العراقية
في وقت أتفق مع فكرة وجود التنظيمات النسوية كونها وسيلة نضالية نوعية يمكنها إيجاد أرضية للنضال والدفاع عن الحقوق وارى ضرورة توحيد الجهود وتنضيجها أجدني أرى كثيراً من تلك الأسماء الكارتونية المزيفة ليست سوى أدوات دجل لمصلحة نظام ذكوري متخلف يجتر عفن التاريخ وجوره ويعيد النفخ فيه. إنني سأتجنب الخوض في موضوعات مطلبية محدودة لصالح القضايا النسوية لأؤكد على أن المرأة العراقية تحتاج اليوم لتضامن أممي يرى بعمق المشهد الكارثي لتلك المرأة ومعاناتها فهي الضحية التقيلة بنسب تصفوية لا يُعلن عنها قطعا وتتضافر قوى مجتمعية متخلفة ظلامية في التعمية على تلك الحقائق المفزعة.. إن المرأة العراقية تجابه بخصوصية أوضاعا كارثية بيئياً وآثار التشويه افشعاعي والتسمم الكيمياوي المشوّه وتعاني من نقص مفزع بالخدمات الصحية المتخصصة وبكوارث الولادات المشوهة وبالنمو الصحي غير المستقر أو المرضي وبالأوبئة والفيروسات التي تطحنها من دون أن تستطيع بمجتمع ذكوري التحدث عن ذلك وهي المهددة بالابتزاز بالعنف الأسري وبالعنف المجتمعي وبالابتزاز بكل اشكاله من البيت إلى المدرسة إلى بعض ما توافر من دوائر العمل وهناك تعتيم مطبق على استغلال أرباب العمل وما يختفي وراء المكاتب وغيرها.. إن ثقافة رسمية وشعبية من قبيل أن الله ذكر يكره المرأة وجعلها ناقصة عقل ودين وفاحشة وعارا وعيبا يجري إرضاعها الفتيات والأطفال جميعا ثم النسوة في النظر إلى أنفسهن بدونيةي وقصور! اسمحوا لي أن أغرد خارج سرب الإصلاحيين ممن يضع يده بأيدي السفاحين الهمج ممن يحكم عراق اليوم بقصد ووعي أم بغيرهما وأن أكتب بصيغة مختلفة عن المرأة التي أرى أنها هي من يبني نفسها ويتبنى البدائل والحلول ولن يهبط عليها حل وعلاج من أحد غيرها فمن دون وعيها وجودها الإنساني لن تحظى باستقرار وامن وامان وأنسنة حياة..
تحتفل النسوة بمختلف بلدان العالم يبومٍ عالمي احتفلن به منذ عقود بفرح ومسرة وانتصار لقضايتهنَ في التحرر والمساواة وأنسنة وجودهن بعدل وإنصاف إلا أن تراجع أوضاعهن مع المتغيرات العاصفة قد تكرّس سلبياً منذ عقد التسعينات في القرن الماضي حيث سطوة نُظم استغلالية وأخرى تاسست على العنف وارتكاب البشاعات. اليوم، تعاني النسوة بمختلف بلدان العالم وفي ظل انعدام الاستقرار والأمن، من ظروف قاسية بخاصة مع تضاعف ما يقع عليهن بسبب الخلفية الذكورية للمجتمعات.. وغذا كانت الدول المتقدمة صناعياً تتوافر لديها لظروف بعينها فرص الاجتهاد من أجل العدل والمساواة فإنّ المرأة ببلدان التخلف يستنزفونها بأقصى حدود الاستغلال.. لقد أُعيد افتتاح سوق النخاسة والاتجار الجنسي ليس بظلال قوى التوحش الهمجية الإرهابية من الدواعش حسب بل وحتى في مناطق تخضع لسطوة المواعش، الوجه الآخر من ميليشيات استعباد الناس وإذلالهم.. إن ملايين تعيش خارج مدنها بعد خرابها في المعارك بين طرفي ترويع الناس، حيث النزوح والتهجير القسري والدفع باتجاه التغيير الديموغرافي وتغيير هوية الناس ومعتقداتهم، أدت إلى خضوع جموع مخيفة الأرقام من الأطفال والنساء لاستغلال بمختلف أشكاله قد يبدأ بالتشغيل بما يسمى بالسخرة وبلا أجر أو بأجور زهيدة لا تسد الحاجة ولكنها لا تنتهي إلا بالاتجار الجنسي بالنسوة وأطفالهن وبأعضائهن حد تصفيتهن واطفالهن لتلك القضية الإجرامية أي المتاجرة بالأعضاء... إن المرأة العراقية التي تعيش اليوم تحت سيف مسلط على الرقبة من الترويع والترهيب بالاختطاف والاغتصاب ومن ثمّ بإدامة الابتزاز لا تجد وسط ظواهر البطالة المستشرية والفقر المدقع الذي بات يستبيح الإنسان العراقي، لا تجد سوى جرائم سحق إنسانيتهنّ واستباحتهن بوضح نهار الحاكمين ونظامهم الطائفي الكليبتوقراطي.. إنّ مما يراكم الجريمة ويزيدها عنفاً ظاهرة تمكين قيم (العيب) والخشية من الفضيحة والعار تلك المفاهيم الذكورية المرضية التي لا تستر انكشاف عورة المجتمع وما تدنىت إليه الأوضاع على الرغم من اللجوء للاحتماء بالصمت والتكتم بل كتم أنفاس المبتلاة وحتى مساعدة المجرمين باغتيالها (غسلا للعار) وهم بهذا يعلنون عارهم في تخاذلهم أمام المجرم وتكتمكم عليه وعلى ما يرتكب بوضح النهار.. لقد باتت في ظل تمكين تقاليد تجمعات ما قبل الدولة واجترارها وإعادة إحيائها الفرصة كبيرة للدجالين كي يُفتوا بفتاوى تشرعن مزيد استغلال للنسوة من قبيل تزويج القاصرات أو ما يسمونه زواجاً دينيا يُكرهون النسوة متزوجات وغير متزوجات على بيع أنفسهن لمقاتلي ميليشيات تتسمى بمختلف الأسماء الدينية المذهبية لتُسقِط على أفعالها القدسية بوقت ترتكب أخس الجرائم واقذرها بحق المجتمع وأول ضحاياه النساء.. اشير هنا غلى أمثلة قليل من كثير تلك التي فرضت وتفرض تزويج الفقيرات بلا سند من كتدربين باكستانيين في مدينة النجف وأمثال تلك الحال في الناصرية والعمارة وبغيرها من محافظات الوطن.. دع عنك ما ترتكبه من استباحة ميليشيات المواعش بمدن الغربية بحجة وجودها ضد الدواعش! المشكل ليس في الاستغلال الجنسي حصراً بل في السادية الجنسية والوحشية في التعامل مع النسوة بخاصة مع شيوع العنف الأسري بمختلف الحجج والذرائع غلى درجة أن الاعتداءات بمختلف تمظهراتها صارت مما يسمونه محارم وتتحمل النسسوة بضمنهن الفتيات القاصرات نتائج أفعال ذكورية هائجة.. نذكر هنا بهذه المناسبة الأممية أن نسب الأمية بين النساء هي أضعافها بين الذكور ومثل ذلك التسرب من المدارس ومن التعليم الأساس دع عنك التعليم الجامعي والعالي.. ونذكر بأن البطالة طاولت النسوة قبل الذكور وبأن الأجور غير العادلة ما زالت هي هي إلى حد التشغيل بالسخرة أو بلا أجر وفئة المتاجَر بهن قد لا يحصلن على أي أجر ومن اي نوع يمثله الأجر... أما الفقر فقد دفع بنسوة إلى قارعة الطريق بلا مأوى وصار العراق يشهد بوضوح وجود نساء على أرصفة الطرقات يخضعن لشتى أشكال التهديد والابتزاز والاستغلال.. وإذا كانت المرأة بلا رعاية صحية ولا أمن حتى في منزل أبويها و-أو زوجها ولا خدمات أساس كالتعليم الأولي الأساس ولا حصولها على غذاء أو دواء أو أمن؛ فماذا يمكننا أن نصور المجتمع العراقي اليوم؟ إنه مجتمع أسوأ من ذاك الموصوف بمجتمع قوانين الغاب! فحتى نساء الأمازون يتمتعن باساليب عيش تحمي وجودهن بصيغة ما.. فيما لا تجد العراقية ما يحميها وهي السبية بكل أماكن وجودها تطاردها وصمة العار كونها (أنثى) وكونها (عورة) وكونها حملا ثقيلا ووجوداً تشمئز منه الأنفس المشوهة تربوياً نفسياً في ظل القيم السائدة وسط ذكور ساديين يتسترون بجلابيب التدين وأعمة الكهنوتية وهم أسوأ المخاليق قيما وسلوكاً .. إن قوى التنوير على الرغم من محاصرتها وقمعها من رجال مناضلين أحرار لا يمكنهم أن يواصلوا السير إلى أمام ما لم ينتفضوا لقضية جوهرية تنزع عنهم مفاهيم ذكورية وثقافة متخلفة هي ثقافة العيب والعار من رفيقة وجودهم المساوية لهم بوجودها الإنساني.. إن أول طريق الانعتاق والتحرر من هذا النظام وأزلامه المرضى بالسادية والمازوخية هي الإقرار بمبدأ المساواة وإنسانية كاملة للمرأة ورفض خطاب العيب والعار وتمكين المرأة من وجودها وحقوقها لا بلعبة الكوتا التي لا تعبر إلا عن شكلانيات يتستر بها نظام التمثيل المزيف المتأتي بالتزوير والتشويه والتضليل.. فلا الكوتا تمثل خطوة إيجابية للمرأة بخلفية جوهرها الذي يكرس استباحة النساء وكسر محاولاتهن للانعتاق ولا تمثيليات التدين وفتاواها بمضفية للأخلاق والدين على آدمية مستلبة مصادرة إذ لا دين في استغلال المرأة والاتجار بها بمسميات التزويج المختلفة عرفية ومتعة ومسيارا وغيرها من موبقات يضفون القدسية بمجرد صدورها عن مجلبب معمم لا جبته نظيفة وحتى ما تحتها ليس سوى قاذورات الأمم والشعوب مما ليس له صلة بدين... ما تحتاجه المرأة العراقية اليوم مثلما مجتمعها تحرر من سطوة الفلسفة الذكورية وقيم العيب والعار والركون لرجال دين ما هم برجال وليس لهم علاقة بالدين سوى الجلابيب والأعمة مما لم يكن بيوم يمثل ديناً أو عقيدة.. ما تحتاجه المرأة العراقية اليوم ثورة شاملة تخرج بمساهمة جميع منظماتها الحقة وليست تلك المنظمات التي تتاجر بهن لمصلحة الساديين من معممي الزيف والتخلف والظلم والظلام.. ما تحتاجه المرأة أن يعلو صوتها لا تخشى نظام العيب والعار فلا هي عورة ولا هي عار بل العار أن تستكين لاستغلالها السادي وبالنهاية ينحرونها كشاةٍ بلا صوت أو مكتومة الأنفاس! ثوري من أجل إنسانيتك وليسقط وينتهي عهد الفحش والفكر الظلامي، لا يخيفنّك سوط يلوحون به باسم الدين وباسم الذكورية وباسم أشكال التخلف والهمجية، فأنت وحدك من يعاني ويقاسي ويتحمل العئابات إلى جميع من يتمسك بنظام العبودية المتخلف الحاكم .. غلى جميع من يأمل في المنظومة القيمية العشائرية القبلية منها والاجتماعية التقليدية المتخلفة لقد رفض المجتمع الإنساني القبلية قبل قرون فلماذا تعيدونها؟ ورفض التمييز الجندري فلماذا تستعبدون المرأة؟ ورفض استسغلالها الجنسي ! فكيف تستغلونها وتبيعون بها وتشترون ثم تنحرونها بسساديتكم! تلك سمات أجبن المخاليق لا هي من رجولة ولا بطولة بل من خنوع لساسدية ومازوخية كلاهما بتناقضتهما إفراز لعصر انتهى ومن يجتره اليوم ليس سوى من قاذورات حيوات الشعوب ... قولوها مرة واحدة الحريات والحقوق لأنسنة وجودنا وتزكية قيمنا وإنهاء الأوبئة بيننا وسلمت المرأة العراقية الحرة الأبية ولتنتصر على معاناتها وأزماتها المختلقة
#تيسير_عبدالجبار_الآلوسي (هاشتاغ)
Tayseer_A._Al_Alousi#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حقوق المرأة بين تشوهات إدراكها وحقيقة ممارستها؟
-
مجدداً مع مآسي البصرة البيئية وإفرازات التلوث ومخاطره
-
أوقفوا التغيير الديموغرافي! أوقفوا الابتزاز والبلطجة في نينو
...
-
وثبة كانون الثاني 1948 علامة طريق تنويري تعاود الحياة مجدداً
-
ماذا يريد العراقي في حركته الاحتجاجية؟
-
التغيير وشعوب المنطقة ومواقف قوى التنوير
-
رواية حسن متعب (شجرة المر) قراءة تمهيدية أولى
-
هل نضجت الحركة الاحتجاجية العراقية لتتحول إلى حركة تنوير قاد
...
-
ديموقراطيو الجالية العراقية في هولندا: الأمل والعمل؟
-
أغنية -أنا وشادي-بصوت لؤلؤة فيروزية لبصرة بيادر الخير
-
سبيلياتُ البصرة ميدانٌ لمسرحيةِ الحالة الإنسانية بعمقٍ فلسفي
...
-
النسوة العراقيات وناشطاتهنّ لسن نعاجاُ في مذبح الوحشية الطائ
...
-
إدانة جريمة اغتيال الناشطة سعاد العلي
-
ماذا يفضح افتقاد السلم الأهلي في عراق اليوم؟ وما سُبل استعاد
...
-
إدانة الاعتقالات العشوائية في البصرة
-
المرجعيات وشروطها المخادعة على المتظاهرين واحتجاجهم!!؟
-
عنف السلطة وميليشياتها وعنف الثورة السلمية
-
حكومة الطائفية الكربتوقراطية المفسدة ببغداد تحظر زراعة محصول
...
-
بين صواب مهمة التنويري وتعويل بعضهم على وهم تحالف الأضداد
-
نداء لتأسيس الجبهة الشعبية والتعبئة لحراك التغيير والانتفاضة
...
المزيد.....
-
الثلوج الأولى تبهج حيوانات حديقة بروكفيلد في شيكاغو
-
بعد ثمانية قرون من السكون.. بركان ريكيانيس يعيد إشعال أيسلند
...
-
لبنان.. تحذير إسرائيلي عاجل لسكان الحدث وشويفات العمروسية
-
قتلى وجرحى في استهداف مسيّرة إسرائيلية مجموعة صيادين في جنوب
...
-
3 أسماء جديدة تنضم لفريق دونالد ترامب
-
إيطاليا.. اتهام صحفي بالتجسس لصالح روسيا بعد كشفه حقيقة وأسب
...
-
مراسلتنا: غارات جديدة على الضاحية الجنوبية
-
كوب 29: تمديد المفاوضات بعد خلافات بشأن المساعدات المالية لل
...
-
تركيا: نتابع عمليات نقل جماعي للأكراد إلى كركوك
-
السوريون في تركيا قلقون من نية أردوغان التقارب مع الأسد
المزيد.....
-
مئة عام من مركزية الجسد في الحراك النسوي المصري: تطور سؤال -
...
/ نظرة للدراسات النسوية
-
لماذا أصبحنا نسويات؟ حكايات وتجارب النسويات، من الحيز الشخصي
...
/ نظرة للدراسات النسوية
-
في مناسبة الثامن من آذار .. يوم المرأة الفلسطينية
/ غازي الصوراني
-
الجمعية النسوية السرية للإطاحة بالنظام الذكوري المستبد
/ سلمى بالحاج مبروك
-
المرأة والاشتراكية
/ نوال السعداوي
-
حركة التحرر النسوي: تاريخها ومآلاتها
/ هبة الصغير
-
ملاحظات أولية حول الحركة النسائية المغربية على ضوء موقفها من
...
/ زكية محمود
المزيد.....
|