جاسم محمد كاظم
الحوار المتمدن-العدد: 6165 - 2019 / 3 / 6 - 23:51
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
تشهد الجزائر اليوم موجة مليونية من الاحتجاجات المنادية بالتغيير وهذا حق وطني وأنساني لا يختلف علية اثنان .
لكن المأساة في كل التغييرات التي حصلت للمنطقة العربية أنها عاكست سير التاريخ وأرجعت تلك البلدان سنين ضوئية نحو الماضي السحيق المنسي .
الأمثلة كثيرة ليبيا التي لازالت تتقاتل فيها الجماعات المتحاربة بتمويلات مختلفة لا حبا بالمقاتلين بل من اجل بقاء ليبيا منطقة متطاحنة وتدمير ما أمكن تدميره من القطر الليبي .
العراق الذي عاد إلى عصر القرون الوسطى بسلطة قروية التفكير دمرت كل مكتسبات الحكومات السابقة وأعادت دولة العراق النفطية إلى الوراء سنين ضوئية .
وتحول العراق ذو الميزانية الهائلة من دولة دائنة إلى أخرى مدينة لبنك الدولي والأكثر مأساوية من ذلك تم فرز العراقيين إلى مكنوناتهم الطائفية بحرب أهلية أكلت الأخضر واليابس وأفرزت عداوات وأحقاد طائفية وجراح لن تندمل حتى في المستقبل القريب.
ولازال العراق إلى اليوم يعاني الفقر والمهانة بينما تسيد لصوص الإسلاميين على دفة الحكم .
حكم الدين لا يعني في معناه سوى إرجاع البلاد إلى حظائر الدم والقتال العشوائي لإرضاء رغبات الفقيه الغبية التي تؤمن بسلطة السماء الوهمية تكون إفرازاتها السامة تفرد العصابات الوحشية والمليشيات الدموية بالسلطة والميزانية وسرقة عمل الآخرين وإفقار البلد وتدميره .
ولن تمر أربع سنوات من حكم لصوص الدين لأي بلد حتى يصبح المتسلطين أسيادا للمال وتتضخم إيراداتهم المالية كثيرا وكثيرا ليحلوا محل الدولة السابقة ومؤسساتها الفعالية وحينها ستنتهي الدولة وكل منجزاتها السابقة وتختفي السلطة الوطنية لتظهر الطائفية المقيتة وتصبح الدولة نهبا ممزقا بين الجماعات الدموية القاتلة .
وهكذا تموت المدنية وحلم الإنسان بالرقاة والمستقبل والعيش الرغيد بتسيد الفقر والمرض والتخلف والجهل وسلطة الجهلة والأغبياء .
الجزائر منذ عهد التحرير الوطني والخروج من الشرنقة الفرنسية من زمن بن بيلا إلى قيادة بومدين التاريخية حققت من المكتسبات الاقتصادية الهائلة بعد تأميم النفط والسير بقطار الاكتفاء الذاتي والتصنيع الاشتراكي وبروز طبقة عمالية مثقفة سارت بالدولة على طري أمين بعيد عن المزالق الخطرة والطرق المتعرجة ويشر التاريخ بان العراق والجزائر من بين كل الدول العربية التي استطاعت استخراج النفط وتصنيعه وبيعة بخبرات وطنية دون الحاجة إلى الخبرة الأجنبية .
الجزائر اليوم على مفترق طرق نتمنى من الإخوة الجزائريين أن يعوا الدرس العراقي جيدا وبدل المظاهرات الصاخبة التي تؤدي إلى تدمير وشل عمل الدولة ومؤسساتها الفعالة عليهم التمسك بقيادتهم الوطنية ومساعدتها على تأسيس دستور وطني يفضي إلى تشكيل حكومة وطنية تتمسك بكل ما حققته الحكومات السابقة من منجزات اقتصادية للمواطن الجزائري بدل الانزلاق نحو هاوية وطرق متعرجة خرجت منها مصر بصعوبة بالغة بعد تسيد فكر الإخوان القروي عليها لفترة من الزمن .
الجزائر التي كانت ملاذا للحرية وملجأ للعراقيين الهاربين من حكم الطغيان نتمنى لها اليوم السير بنفس هذا الطريق لتكون دوما ملجأ وملاذا للحرية .
#جاسم_محمد_كاظم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟