|
حول دراسة معهد كارينغي الامريكي؛ المطالبة بمحاورة الاسلاميين
طه معروف
الحوار المتمدن-العدد: 1530 - 2006 / 4 / 24 - 11:30
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
طرحت مجموعة من الباحثيين في معهد كارينغي للسلام العالمي الامريكي مشروعا سياسيا امام الحركات الاسلامية في العالم العربي ودول الشرق الاوسط للالتزام به كاساس للتحاور الاسلامي الامريكي، ودعت دوائرو مراكز القرار في واشنطن إلى إطلاق حوار مع" الأجنحة المعتدلة" في التنظيمات الإسلامية معتبرة ذلك ضرورة تمليها التطورات السياسية في العالم العربي وحسب ادعاء هؤلاء الباحثين فان هذه الحركات لها التأثير الاكبر على مستقبل الاصلاح والديمقراطية في الشرق الاوسط و تمتلك القدرة على استقطاب الجماهير وعكس مصالحها وهمومها في الرقي والتطور لمواكبة التطور السياسي والاجتماعي العالمي. حدد الباحثون عدد من المسائل بوصفها موضوعات وشروط للتحاور، من اهمها: الموقف من العنف والشريعة والتعددية والحقوق المدنية والسياسية وحقوق المرأة والأقليات الدينية و يسمونها "بالمساحة الرمادية " اي انها مواضيع غامضة ولكن يمكن معالجتها وفق توجهات "الحركات الاسلامية المعتدلة" بالاتكاء على الشريعة الاسلامية ويستشهد هؤلاء بتجارب الاسلاميين في مصر (الاخوان) والمغرب(العدالة) و الاردن (جبهة العمل الاسلامي) ودول اخرى و ما تحقق من نجاح سياسي في هذا الميدان. لسنا بصدد التحليل او التعليق على الارتباط والعلاقة الامريكية الغربية التاريخية مع الاسلام السياسي او مسألة نشر الديمقراطية والاصلاح وفق مفهوم الطرفين فقد كتب عنها الكثير وكذبتها الوقائع السياسية والميدانية الا ان ما يلفت النظرفي هذا البحث العقيم والتضليلي هو الحديث عن بعض المعضلات السياسية والاجتماعية وسبل معالجتها لتحويلها من" مساحة رمادية الى مساحة بيضاء"!!!! في حين تشكل هذه المعضلات السياسية والاجتماعية فلسفة وجود هذه التيارات الاسلامية، ولم تكن مساحة رمادية بل هي مساحة سوداء قاتمة و خطوطا حمراء سواء كانت ، الحركات المذكورة في السلطة او خارجها. فمثلا رؤية الحركات الاسلامية للعنف وميدان ممارسته في المجتمع ؛ يشكل احد اهم الركائز للحركات الاسلامية وعنصر اساسي ضمن مبادئها الدينية التي تتقمص بالفتاوى الفقهية إزاء كل الظواهر الاجتماعية والسياسية والثقافية المناهضة للفكر الديني بدءا بأغتصاب حياة الاطفال وحبسهم في محاجر المساجد وانتهائا بفتاوى قتل المفكرين والباحثيين المخالفين للتعاليم الدينية ، ان التنظيمات الاسلامية توجد في الحقيقة لممارسة العنف الاعمى في المجتمع وليس التطور السياسي والاجتماعي إلا حفار قبرها ولذلك لا معنى لوجود التنظيم الاسلامي بمعزل عن العنف المنظم وبمعزل عن الفرق العسكرية المتخصصة للقتل والانتقام العشوائي تجاه المجتمع ومن السخرية ان يطلق على هذه المعضلات السياسية والاجتماعية بالمساحة الرمادية وفق منظور وممارسة الاسلاميين ،انها (مساحة سوداء). ان مدرسة العنف ضمان وجود هذه الحركات ولولاه ، لما بقي الدين الاسلامي إلا في الذاكرة والخيال البشري بوصفه ذكرى مريرة لعصور وحشية وان الحديث او التفكير بالقضاء على ممارسة العنف تقتضي بالضرورة القضاء على هذه الحركات نفسها ( كمساحة سوداء) في جسم المجتمع. ما يثير اهتمام الباحثين حول العنف ليس نبذها في الميدان السياسي والاجتماعي لكونها تخدم الثوابت الدينية وتفرضها بالقوة على المجتمع، وانما الحديث يدور حول الجناح العسكري للمنظمات الاسلامية الذي تمرد على امريكا والغرب وان هدف البحث هو محاولة لإحتواء هذه الاجنحة العسكرية مقابل دعم امريكي لها لبلوغ السلطة . ان الحرس الاسلامي القديم يحضى بدعم كامل لإسلمة المجتمع حالما امتثل لهذه الشروط . اما بخصوص الشريعة الاسلامية وضمان تطبيقها القسري في المجتمع يجمع آراء الباحثين على كونها المصدرالاساسي لتشريع القوانين والدساتيرو يعبر عنها الباحث عمرو حمزاوي بطريقة ديماغوجية عندما يتطرق الى وجود الغموض او المساحة الرمادية بشأن التعددية من منظور الحركات الاسلامية لإنها ترتبط بتعاليم المرجعية الدينية.......ولكن يتجنب توضيح نوعية الارتباط ووفق اية معايير سياسية وآيديولوجية يتم التعامل معها ويكتفي بالاشادة" بالتحولات والتطورات الإيجابية داخل الحركات الإسلامية"و انخراطها في العملية السياسية في بعض البلدان . ولكن ماذا يعني التعدد السياسي لدى هذه الحركات وماهو محتوى شعار جبهة العمل الاسلامي في الاردن "القرآن دستورنا " او "الاسلام هو الحل" لجماعة الاخوان المصريين او اين المنفذ السياسي للقوى غير الاسلامية الاخرى وفق هذه التصورات والشعارات لتعمل على الساحة السياسية وتتعايش مع هذه الاطروحات الجامدة التي تشكل العمود الفقري للتنظيمات الاسلامية؟ يترك الباحثون هذه المسالة عالقة دون توضيح لتجنب الدخول في عالم الحقائق الذي يكشف ماهية اسلامهم المعتدل .وفيما يتعلق بحقوق المرأة و شأنها في الاسلام تم ادراجها في المساحة الرمادية ايضا اي ان المرأة حصلت على نصف حقوقها في الاسلام وليس عليها سوى الانتظار ليسقيها الاعتدال الاسلامي بحنانه الذكوري و يتعامل معها كمتعة للرجال وفق الشريعة والاحاديث النبوية ويكفي ان نتذكر في هذا السياق مكانة المرأة وحقوقها في الدولة السعودية بوصفها نموذجا امريكيا وغربيا للاعتدال الاسلامي . ان الدعاية حول الاعتدال الاسلامي هو سلاح قذر بأيدي هؤلاء لإضفاء الشرعية على هذه الحركات لخنق حرية الجماهير وسلبها عبر تطبيق منهجها البائد المتمثل بالقوانين والشريعة الاسلامية وان تقسيم الحركات الاسلامية على التطرف والاعتدال هو مؤامرة على الجماهير بهدف اخضاعها ولريط مصيرها بمصير الجهلاء الاسلاميين الذين وجدوا لمعاداة الحياة الطبيعية للانسان.وهناك حقيقة ساطعة; فاينما تواجد الاسلاميون ، فان الحديث حول المساحة البيضاء والرمادية هو هراء ليس إلا، وان الاسلاميين وحركتهم هي سوداء كالحة مثل ظلام الليل وأما هذه الادعائات التي يطلقها معهد كارينغي هي مبادرة لتجديد التحالف الرجعي بين طرفا التحاور لإنخراط الاجنحة المسلحة الاجرامية في الحياة السياسية لتصبح جزء من الدولة القمعية الدينية البوليسية للمحافظة على النظام الرأسمالي ولضمان ارباح الرأسمال العالمي ومن جانب آخر فان شراسة الحركات الاسلامية ومعاداتها لحقوق الجماهير خلعت من اعتباراتهم السياسية وجاء هؤلاء الباحثون لإعادة هذا الاعتبار عبر طرح مقترح التحاور و اطلاق مفاهيم الاعتدال والمساحة الرمادية والبيضاء والتحولات الايجابية ....الخ بعدما توصلوا الى قناعة راسخة بان الحركات الاسلامية تسير نحو الهاوية إذا لم تغيرمن سلوكها اليومي وشعاراتها وخطابها السياسي لخداع الجماهير .إن هذه القوى الظلامية التي يصفونها بالاعتدال تحتاج الى مثل هذا الترميم الامريكي للوقوف صلبا بوجه الحركات اليسارية والعلمانية المتمدنة كبديل سياسي في محاولة للجم الحركات الجماهيرية المطالبة بالحرية والرفاهية .واخيرا فان الممارسات السياسية اليومية لهذه القوى الظلامية تجاه المجتمع اقوى دليل لتكذيب إدعائات الباحثين الذين يبادرون كالمحامي المتغطرس للدفاع عن اصحاب العقول المتحجرة وهم رقعة او مساحة سوداء يجب اختزالهم اذا اردنا ان يسود في المجتمع المساحة البيضاء محل سواد الاسلاميين.
#طه_معروف (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هل تنحي ابراهيم الجعفري عن الرئاسة هو الحل ؟
-
بصدد التصريحات الديماغوجية للائمة الشيعة في العراق
-
معارك الجثث هي معارك لكسب الجماهير بأبشع الطرق البربرية
-
!هذا ما كان ينقص العراق
-
اوضاع المرأة في ظل افغنة العراق
-
مأزق تشكيل الحكومة العراقية
-
مريوان حلبجيي امام تهديد الاسلاميين في كردستان
-
الاسلام السياسي يعبرالحدود لمواجهة حرية الرأي والتعبير
-
النكسة الثالثة للقضية الفلسطينية :على هامش فوز حماس في الانت
...
-
الطالباني يشترط صلاحيات اوسع للرئاسة
-
بصدد مؤامرة الانتخابات الامريكية الاخيرة في العراق
-
ضحايا الحزب -الشيوعي-العراقي بطلاقات الاسلاميين وبنادق الحزب
...
-
حثالة المجتمع ام منتفضون ضد التهميش
-
فتوى جلال طالباني ضد المتشردين الكرد في كركوك
-
احمدي نجاد يهدد بإزالة اسرائيل ،خوفا من إزالة نظامه
-
محاكمة صدام من فضائح العصر
-
الامين العام للجامعة الدول العربية يتحدى حقوق الجماهير الكرد
...
-
امريكا واستراتيجية الخروج ما بين القتال و السلام الطائفي
-
اجابة على اسئلة الحوار المتمدن حول - الديمقراطية والاصلاح ال
...
-
بصدد إختلافات الطالباني والجعفري الطائفية
المزيد.....
-
المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه
...
-
عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
-
مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال
...
-
الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي
...
-
ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات
...
-
الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
-
نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله
...
-
الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
-
إيهود باراك يفصح عما سيحدث لنتنياهو فور توقف الحرب على غزة
-
“ألف مبروك للحجاج”.. نتائج أسماء الفائزين بقرعة الحج 2025 في
...
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|