أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - جلبير الأشقر - بوتفليقة أو نحرق البلد!














المزيد.....

بوتفليقة أو نحرق البلد!


جلبير الأشقر
(Gilbert Achcar)


الحوار المتمدن-العدد: 6165 - 2019 / 3 / 6 - 07:12
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
    


قبل يومين، طلع علينا إشعان ثارور، المعلّق اليوميّ على الأحداث في صحيفة «واشنطن بوست»، بمقال حمل عنوان: «هل أن ربيعاً عربياً جديداً قادمٌ؟». في إثارة السؤال، أشار ثارور بالطبع إلى الهبّتين الجاريتين في السودان والجزائر، ثم أضاف، متوخّياً الحذر، أن اضطرابات البلدين تجري في سياقين مختلفين (وكأنّ السياقات العينيّة لبلدان «الربيع العربي» الأول لم تكن هي أيضاً مختلفة)، ليخلص إلى أن شروط هبّة أكبر لا تزال قائمة في عموم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، «بل قد تكون أسوأ».
منذ بداية «الربيع العربي» قبل ثماني سنوات وكاتب هذه الأسطر يؤكّد بلا كلل أن الانتفاضة الكبرى التي خضّت المنطقة العربية في عام 2011 لم تكن سوى المحطة الأولى في سيرورة ثورية طويلة الأمد سوف تتواصل لسنين عديدة، بل عقود، وتشهد مراحل متعاقبة من المدّ الثوري والجزر المضاد للثورة، شأنها في ذلك شأن كافة السيرورات الثورية الكبرى التي شهدها التاريخ. وما كان هذا التقدير محاولة في التنبّؤ، بل استنتاجاً علمياً استند إلى تحليل للجذور العميقة للانفجار الإقليمي، وهي جذور راسخة في نظامٍ سياسي واجتماعي معيقٍ للتنمية بحيث باتت المنطقة تشهد ازدياداً مطّرداً في البطالة السافرة والمقنّعة.
وقد وضع انفجار عام 2011 منطقتنا أمام مفترق طرق: إمّا تشهد تغيّراً بنيوياً اجتماعياً وسياسياً عميقاً في طبيعة أحكامها، يضعها على سكّة تنمية مستدامة قادرة على استيعاب الشبيبة التي لا تني تتدفّق على أسواق العمل بأعداد غفيرة، أو تغرق في دوّامة من العنف بكافة أشكاله تنذر بسقوط المنطقة بأسرها في انحطاط لن يقلّ خطورة عن الانحطاط التاريخي الذي أصاب معظمها مع نهاية العصر العبّاسي.
والحقيقة أن النظام العربيّ بات عفِناً حتى النخاع وقد فقد أية مصداقية في نظر الغالبية الساحقة من سكّان المنطقة فيما يخصّ تقديم حلول حقيقية وناجعة للخروج من المأزق الاقتصادي والاجتماعي، غير الحلول الوهمية الاستعراضية والمصحوبة بحُزَم من التدابير القاسية التي تثقل كاهل الشعب، على طريقة ما يقدّمه حكم عبد الفتّاح السيسي في مصر أو محمّد بن سلمان في المملكة السعودية. فما بقي من حجّة لدى زبانية هذا النظام الإقليمي البغيض سوى تهديد الشعوب بأوخم العواقب لو تجرّأت على السعي وراء «إسقاط النظام». وتجدر الإشارة هنا إلى أن تعبير «زبانية» ذو معنيين حسب القاموس: فهم «حفَظة الأمن في البلاد»، وكذلك «ملائكة العذاب الغلاظ الشِّداد الموكَّلون بدفع أهل النار إليها» (أهي صدفة، يا تُرى، أن يجتمع هذان المعنيان في تعبير واحد باللغة العربيّة؟).


وقد باتت سوريا المثال المفضّل لدى زبانية الحكم في المنطقة، يحيلون إليها دائماً كمصير محتوم لكل محاولة تغيير ثوري، انسجاماً مع شعار زبانية نظام آل الأسد الشهير: «الأسد أو نحرق البلد!». وهي حالة نادرة رأينا فيها أحد أنظمة المنطقة ينقل شعاراً من شعاراته إلى حيّز التنفيذ: فقد أحرقوا البلد حقّاً ودمّروها وذبحوا أهلها وشرّدوهم. وهذا ما تهدّد شعبَ الجزائر به ومنذ منتصف الشهر المنصرم الطغمةُ العسكرية والمدنية التي تحكم البلاد.
فقد بدأ الرجل الذي يرى فيه المراقبون الحاكم الفعلي بالاشتراك مع «المستشار» سعيد بوتفليقة، شقيق الرئيس الاسمي عبد العزيز، ألا وهو رئيس أركان الجيش «الشعبي»، أحمد قايد صالح. فاتّهم الذين يعترضون على منح الرئيس الاسمي عهدة خامسة بأنهم يهدّدون «أمن بلادهم واستقرار وطنهم». وتلاه وزير الداخلية، نور الدين بدوي، موجّهاً التهمة ذاتها في تهديد «أمن واستقرار» البلاد لمن أسماهم «أعداء الداخل والخارج». وعقبهما رئيس الوزراء أحمد أويحيى، في نهاية الشهر المنصرم وعلى خلفية تصاعد الاستنكار الشعبي للتمديد المزمع، فأشار بصورة مكشوفة إلى حالتين أراد منهما بثّ الهلع في عقول الجزائريين والجزائريات.
ضد الدعوات إلى الإضراب العام، أشار أويحيى إلى أن إضراباً في عام 1991 تلاه عقدٌ من الحرب الأهلية بقي في أذهان الشعب محنةً هائلة لا يبغي أحدٌ تكرارها. وكان هذا الأمر قد لعب دوراً في الحؤول دون التحاق الجزائر بانتفاضة «الربيع العربي» في عام 2011، علاوة على استخدام الحكم للريع النفطي في سعيه وراء شراء سكون الجماهير. ثم أضاف أويحيى، مشيراً إلى مبادرة بعض المتظاهرين إلى تقديم ورودٍ لرجال الشرطة: «في سوريا أيضاً بدأت الأمور بالورود»…
إن زبانية الحكم هؤلاء يتصرّفون وكأنّهم لا يدركون أن تشبّثهم بالسلطة هو الذي يتسبّب بتدهور الأوضاع نحو العنف: عنف السلطة أولاً، يليه بعد حين عنفٌ مضاد من قِبَل الذين ما عادوا يتحمّلون أن ترتكب السلطة مجزرة تلو مجزرة بالمتظاهرين السلميين. والحال أن المتظاهرين في كل بلد من بلدان المنطقة أرادوا تظاهراتهم «سلميّة، سلميّة»، كما يهتفون في الجزائر على غرار من سبقهم على درب الانتفاضة في مصر وسوريا وغيرهما. وحقيقة الأمر أن وراء تهديد الزبانية بمصير يدّعون أنهم يخشونه، يكمن التهديد الصريح الذي أفصح عنه زبانية آل الأسد: إنّهم على أتمّ الاستعداد لحرق البلد بدل ترك السلطة.
وقد وصلت قناعة زبانية المنطقة بأن هذا التهديد كفيلٌ بردع الشعوب عن المطالبة بتغيير الحكّام إلى حدّ أن الرئيس المصري الذي واجه مع زملائه العسكريين قبل ثمانية أعوام انتفاضةً شعبية عظمى بدأت إرهاصاتها بحملة رفض التمديد لحسني مبارك، بات يسعى بدوره وراء ضمان التمديد لرئاسته لخمس عشرة سنة إضافية! والحقيقة الناصعة أن بقاءهم في السلطة هو الذي يزيد أسوأ العواقب احتمالاً، وليست مطالبة الشعب برحيلهم.



#جلبير_الأشقر (هاشتاغ)       Gilbert_Achcar#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المعادلة الخطيرة بين إسرائيل وأمريكا وإيران
- المنافقون والعداء لليهود والمسلمين
- ماركس والشرق الأوسط 1/2
- مصر: تعديلات سيسيّة ومفارقات سياسيّة
- في تغليب أمن إيران على مصلحة العراق
- لا للبشير ولا للسيسي بل ديمقراطية غير منقوصة!
- أمريكا وبريطانيا: تجديد العظمة وتسريع الأفول
- عقل العصفور وتوزيع أراضي سوريا
- سوريا والاحتلالات الخمسة ومواقف ترامب المتقلّبة
- في تونس أو في السودان… لِسَّه الثورة في الميدان!
- بواعث الأمل إزاء نهاية عام مظلمة
- الوظيفة النفطية لمحميّة أمريكا السعودية
- زاد بُعدنا عن المرّيخ…
- محمد بن سلمان على شفير الهاوية
- مغزى العلاقات المكشوفة بين الدول الخليجية وإسرائيل
- تعدّدت الأديان والأقوام والظلم واحدٌ
- صعود الفاشية: التاريخ يعيد نفسه بحلّة جديدة
- مسعى صهر ترامب المحموم لإنقاذ بن سلمان
- صفقة كبرى يُعدّ لها في قضية اختفاء جمال خاشقجي
- في منافع مدح بن سلمان ومخاطر هجائه


المزيد.....




- بدولار واحد فقط.. قرية إيطالية تُغري الأمريكيين المستائين من ...
- عوامل مغرية شجعت هؤلاء الأمريكيين على الانتقال إلى أوروبا بش ...
- فُقد بالإمارات.. إسرائيل تعلن العثور على جثة المواطن الإسرائ ...
- واتسآب يطلق خاصية تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص
- بعد العثور على جثته.. إسرائيل تندد بمقتل إسرائيلي في الإمارا ...
- إسرائيل تعلن العثور على جثة الحاخام المختفي في الإمارات
- هكذا يحوّل الاحتلال القدس إلى بيئة طاردة للفلسطينيين
- هآرتس: كاهانا مسيحهم ونتنياهو حماره
- -مخدرات-.. تفاصيل جديدة بشأن مهاجم السفارة الإسرائيلية في ال ...
- كيف تحوّلت تايوان إلى وجهة تستقطب عشاق تجارب المغامرات؟


المزيد.....

- عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية / مصطفى بن صالح
- بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها / وديع السرغيني
- غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب / المناضل-ة
- دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية / احمد المغربي
- الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا ... / كاظم حبيب
- ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1) / حمه الهمامي
- برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب / النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
- المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة / سعاد الولي
- حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب / عبدالله الحريف
- قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس / حمة الهمامي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - جلبير الأشقر - بوتفليقة أو نحرق البلد!