|
الإخوان المسلمون في سوريا مناورة أم مسايرة
غسان المفلح
الحوار المتمدن-العدد: 1529 - 2006 / 4 / 23 - 12:09
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
الأخوان المسلمين والخيار الديمقراطي مناورة أم مسايرة ؟ سوريا نموذجا .. ـ 1ـ
في خضم الحملة العالمية ضد الإرهاب والإسلام السياسي والنقاش الدائر والحامي الوطيس بين تيارات هذا الإسلام السياسي وبين باقي التيارات السياسية الأخرى من قومية وليبرالية وماركسية وحداثية ..الخ وفي أوج أحداث الحادي عشر من سيبتمبر والذي لازال العالم كله يعيش نتائجه وسيبقى حتى أجل غير مسمى , وفي ظل ميزان قوى كاسح ليس في مصلحة الإسلام السياسي جاء قبول بعض التيارات الإسلامية لمبدأ التعددية والمواطنة والانخراط في اللعبة الديمقراطية وتبني النهج السلمي الذي يدعو لنبذ العنف . وهذه الدعوة ليست جديدة على الفرع الإخواني ـ نسبة للإخوان المسلمين كتنظيم عالمي له فروع في كل البلدان الإسلامية ـ بل هي قديمة عند أغلب أحزابه أو جماعاته في سوريا مثلا خاض الإخوان تجربة ديمقراطية في خمسينيات القرن العشرين . وكي لا نبقى في إطار التعميم أريد أن أناقش وضع الإخوان المسلمين في سوريا من هذه الزاوية لما لهذا الأمر من أهمية في هذه المرحلة الحرجة من تاريخ سوريا . لدي في هذا الأمر مستويان : الأول ـ ما يقوله الإخون المسلمين في سوريا عن أنفسهم وعبر وثائقهم وتصريحاتهم وممارستهم . والثاني ـ ما يقوله الآخرون في سوريا عن هذه التجربة في تبني التعددية ودولة المواطنة أو الدولة المدنية كما يحلو لبعض منظريهم الحديث عنها أو تسميتها . في المستوى الأول يقول الإخوان في مختصر مشروعهم الحضاري لمستقبل سوريا ما يلي : [إن الدولة الحديثة التي ننشدها ترتكز على ما يلي: أولاً ـ دولة ذات مرجعية : تعتمد الإسلام في أصوله العامة، أساساً وطنياً عاماً، فهو عقيدة وشريعة للمسلم الملتزم، كما هو هوية حضارية عامة لغيره. ثانياً ـ التعاقدية: ينبثق العقد فيها عن إرادة حرة بين الحاكم والمحكوم. تحدد فيها مسؤولية الحاكم أمام الشعب، كما تحدد كيفية محاسبته وتبديله إذا لزم الأمر. ثالثاً ـ دولة مواطنة: يتساوى فيها جميع المواطنين أمام القانون، ويتمتعون بالحقوق السياسية والمدنية التي يكفلها الدستور، وتنظمها القوانين. رابعاً ـ التمثيلية: يتمثل فيها جميع أبناء الوطن، رجالا ونساءً في اختيار الحاكم بل في جملة القضايا الكبرى، إما عن طريق الاختيار المباشر، أو عن طريق الاختيار غير المباشر (طريق المجالس النيابية). خامساً ـ التعددية: تتباين فيها الرؤى، وتتعدد الاجتهادات، وتختلف المواقف، ضمن إطار الشرعية الدستورية التي يقرّها المجتمع بإرادته الحرة، وتقوم فيها قوى المعارضة ومؤسسات المجتمع المدني بدور المراقب والمسدد والحامي للحرية لمنع تغوّل السلطة التنفيذية وأجهزتها على حياة الناس، وانجرافها إلى دائرة الاستبداد ومستنقع الفساد. سادساً ـ التداولية: تكون فيها صناديق الاقتراع الحر النزيه أساسا لتداول السلطة بين أبناء الوطن جميعا دون تسلط أو إراقة دماء. سابعاً ـ المؤسساتية: تقوم على المؤسسات من قاعدة الهرم إلى قمته، كما تقوم على الفصل بين السلطات، وتأكيد استقلاليتها، بحيث لا يترك المجال لهيمنة فرد أو سلطة أو حزب. ثامناً ـ القانونية: تعلو فيها سيادة القانون، ويتقدم فيها أمن المجتمع على أمن السلطة، ولا تحل فيها حالة الطوارئ مكان القانون العادي. ] بعيدا عن الديباجة الأولى حول هوية هذه الدولة المنشودة وهذا المجتمع الذي يسعى الإخوان المسلمين إلى بناءه في سوريا لا أحد يمكنه القول أن هذه النص يشير بما لايقبل اللبس إلى نص واضح المعالم ومؤسسي قانونيا وحقوقيا لا يختلف عن أي نص موجود في أي حزب ليبرالي وديمقراطي . وعلى هذا الإساس أنا من الذين صدقوا هذه الدعوة الواضحة لدولة القانون والمدنية والمواطنة التي يتحدث عنها مشروعهم السياسي والذي لازال مصادرا ـ لاعتبارات أخرى سنناقشها في السياق ـ من قبل مقولة : [ دين الدولة هو الإسلام . ] هذه المقولة / الرعب . لدى أبناء الأقليات الدينية والطائفية والقومية في سوريا , رعب مفسر ولكنه ليس مبررا تماما لأنه من حقهم طرح تصورهم تماما كما هو من حق الأقليات أن تدعو للعلمنة أو لعلمنة الدولة الحديثة , ومن حقنا ألا نقبل به ونحاورهم على أساس فهمين للعملية الدستورية في الدولة الحديثة التي يطرحونها هم أنفسهم مما يخلق تناقضا واضحا وبلبلة بين القوى السياسية والمدنية تجاه دعوتهم تلك . ولكن ما يهم هنا هو استعدادهم للقبول بصندوق الاقتراع وعدم فرض أية رؤى برنامجية لهم بالقوة . كما أنهم أظهروا مرونة عالية في ممارستهم السياسية في التحالفات والتوافقات البرنامجية مع كافة أطياف المعارضة عجزت عنه القوى التي تدعي العلمانية والليبرالية وهذا يعود إلى الإرث المؤسسي لهذا التنظيم وقدرته على التكيف والتي هي أيضا ليست تقية كما يحاول بعضهم تصوير الأمر ولكنها جزء جوهري من أي عمل سياسي مؤسسي وديمقراطي سلمي . وكنا قد ناقشنا في حوارات كثيرة معهم أصرارهم على تديين الدولة والتي هي مؤسسة لا دين لها لأنها مؤسسة وضعية بامتياز . بالتالي علينا التمييز بين برنامجهم وبين قدرتهم على التوافق السياسي والتقاطع البرنامجي مع كافة القوى السياسية السورية وهذا برأيي هو الأهم . خصوصا في هذه المرحلة بالذات من تاريخ سوريا كما قلنا والدليل موافقتهم على نصين هما إعلان دمشق للتغيير الديمقراطي ونص إطلاق جبهة الخلاص الوطني في سوريا . وكما هو معروف فإن الإخوان المسلمين لم يتدخلوا في وضع الديباجة التي أثارت زوبعة من الانتقادات لإعلان دمشق حول عقيدة المجتمع السوري بل هم تفاجأوا بها أصلا . وبالنسبة لنا هذا مؤشر على غاية من الأهمية بأن الممارسة السياسية للجماعة ليست مناورة ولا تقية كما يتهمهم بعض الكتاب والمعارضين . وإن كانت مسايرة مع اقتناع بهذه المسايرة وضرورتها من أجل مستقبل سوريا نكون بذلك أمام خطوة نوعية في الممارسة الديمقراطية وهذا هو بيت القصيد . كما أنهم في تصريحات قادتهم ليس لديهم أي مانع من مجيء رئيس مسيحي إلى سوريا أو أن تتولى المرأة كافة المسؤوليات السياسية كحق وككفاءة . والسؤال هل نصدقهم أم نقول لهم أنتم كاذبين ؟ فإذا كان مطلوب منا أن نكذبهم فإننا يجب أن نكذب كافة التيارات السياسية السورية !! لأنها كلها تيارات الدعوات الليبرالية والديمقراطية دعوات جديدة عليها فلماذا مطلوب منا تصديق الشيوعيين في انقلابهم الليبرالي الديمقراطي أو التيار الناصري أو القومي السوري ..الخ وتكذيب الإخوان المسلمين ؟ أم أن المطلوب هو استمرار الحوار والتلاقي ودعم كل خطوة من شأنها تكريس مفهوم الدولة المدنية بما هي دولة مواطنة وقانون في الممارسة السياسية للجماعة ؟ وعدم الدخول على خط الاستبداد السلطوي في استمرار قانون إعدامهم جسديا وفق القانون السيء الصيت [ 49 ] والتنظير من أجل إعدامهم سياسيا !!! وهذا ما سنناقشه في الجزء الثاني من هذه المقالة .. غسان المفلح
#غسان_المفلح (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
البعد الطائفي في حوار المعارضة السورية
-
المعارضة السورية تختلف تتطاحن لكنها موجودة
-
النووي الإيراني والمظلة السورية
-
السوريون يترقبون فقط
-
العامل الخارجي وشرط الواقع السوري
-
الثقافة المهترئة وغياب السياسة
-
السياسة الإسرائيلية لازالت الوجه اللاأخلاقي للسياسة الأمريكي
...
-
طريق دمشق عبر باريس
-
دمشق تخون الماغوط
-
المد الديني والمد الإرهابي في سوريا
-
كسر احتكار السلطة
-
الديمقراطية بوصفها نموذجا استبداديا
-
الوضع السوري المعارضة والمجتمع
-
الممارسة السياسية والكتابة السياسية
-
صباح الخير للمناضلين سوريا لغير المناضلين أيضا
-
المشهد الشرق أوسطي
-
نوروز لكل السوريين مثل عيد الأم
-
إلى يوسف عبدلكي رفيقا وصديقا وأشياء أخرى ..
-
وقفة خاصة مع السيد عبد الحليم خدام
-
ملالي طهران والدور المذعور
المزيد.....
-
بيان المسيرات: ندعو الشعوب الاسلامية للتحرك للجهاد نصرة لغزة
...
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تقصف بالصواريخ مقر حبوشيت بالجول
...
-
40 ألفًا يؤدُّون صلاة الجمعة في المسجد الأقصى
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تواصل إشتباكاتها مع جنود الاحتلا
...
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف تجمعا للاحتلال في مستوطنة
...
-
“فرحة أطفالنا مضمونة” ثبت الآن أحدث تردد لقناة الأطفال طيور
...
-
المقاومة الإسلامية تواصل ضرب تجمعات العدو ومستوطناته
-
القائد العام لحرس الثورة الاسلامية: قطعا سننتقم من -إسرائيل-
...
-
مقتل 42 شخصا في أحد أعنف الاعتداءات الطائفية في باكستان
-
ماما جابت بيبي..استقبل الآن تردد قناة طيور الجنة بيبي وتابعو
...
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|