أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - رجاء بن سلامة - جريمة الدّفاع عن الإرهاب جرائم المثقّفين العرب














المزيد.....

جريمة الدّفاع عن الإرهاب جرائم المثقّفين العرب


رجاء بن سلامة

الحوار المتمدن-العدد: 1529 - 2006 / 4 / 23 - 12:11
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


في صائفة سنة 2004، رأيت مثقّفين يتبادلون أشرطة أقراص مدمجة تصوّر عمليّات ذبح رهائن من الغربيّين قام بها في العراق من أطلق عليهم لقب "المقاومين". والعجيب أنّ المتفرّجين على هذه الأقراص لم يستفظعوا مشهد السّكّين وهو يحزّ في الرّقاب البشريّة ومشهد الدّماء النّازفة والوجوه الفاغرة فاها ألما وذعرا ودهشة، بل كانوا يهلّلون ويكبّرون لما فعله الملثّمون الأبطال بالقوى الغربيّة المتسلّطة المحتلّة. والمهمّ هو أنّ هؤلاء المتفرّجين لم يكونوا من الإسلاميّين المتطرّفين، بل إنّ منهم من هو حاصل على شهائد عليا من جامعات غربيّة راقية. هل يمكن أن يبلغ كره الغرب واعتباره كتلة واحدة معادية إلى هذا الحدّ؟ بل هل يمكن أن يتحوّل الكره إلى حبّ للكره، يعمي ويصمّ ويحوّل النّاس إلى شبه أكلة للحوم البشر؟ لنسلّم بأنّ الذّابحين والمسجّلين للشّريط قبضة من المرضى النفسانيّين الذين انفصلت لديهم دوافع الموت عن دوافع الحياة، فما قولنا في المتفرّجين المستمتعين الشّامتين، وهم أناس أسوياء لم يستبدلوا الواقع المعيش بمملكة هذيانيّة؟
ومؤخّرا ساقني الإبحار في شبكة العنكبوت إلى مقال يعتبر فيه صاحبه الإسلام مرادفا للإرهاب، ويسوق للاستدلال على رأيه الآية القرآنيّة تلو الآية إلى أن يقول : "فكلّ مسلم مرعب وإرهابيّ لكن بالمفهوم الشّرعيّ وليس بالمفهوم الإعلاميّ الدّنيء، فنحن نرعب أعداء اللّه ونرهب أعداء الدّين." كاتب هذا الكلام ليس من "النّاشطين" في الحركات الإرهابيّة، بل هو إمام وخطيب في إحدى المدن العربيّة، ولم ينشر مقاله في موقع غير مناهض للإرهاب فحسب، بل نشره في صحيفة عربيّة معروفة ومرموقة.
وفي مقال سابق عن الإرهاب، ذكرت أمثلة عن مثقّفين عرب بارزين اعتبرتهم مورّطين في التّشجيع على الإرهاب وفي الإشادة برموزه. ذكرت منهم رئيس تحرير لصحيفة يوميّة معروفة يطلق على ابن لادن لقب الشّيخ ويبرّر تفجيرات تنظيم القاعدة ، ومديرا لمركز أبحاث بلندن يعلّق على تفجيرات قطارات الأنفاق بلندن قائلا إنّه لو ثبت أن تنظيم القاعدة قد دبر هذه التفجيرات فعليه أن يفخر لأنه مرغ أنوف كبار الدول! ، ووزيرا عربيّا سابقا ومستشارا للّجنة العربيّة للدّفاع عن الصّحفيّين صرّح بأنّه يمثّل الوجه السّياسيّ لتنظيم القاعدة، وأنّ ابن لادن "مخلّص" للأمّة، وأنّ هذا الشّخص "باع حلاله وجلس على رؤوس الجبال..."وأنّه يؤيّد ما يسعى إليه من أهداف لخدمة الأمّة الإسلاميّة" .
توهّمت أنّ حرص هؤلاء المثقّفين على سمعتهم الأخلاقيّة الفكريّة سيجعلهم يردّون التّهمة عن أنفسهم أو يدقّقون، أو يصحّحون حتّى لا تدينهم الأجيال القادمة، كما أدين المثقّفون المتورّطون في دعم النّازيّة والفاشيّة مثلا، وكما سيدان هؤلاء المثقّفين والمحامين العرب الذين يلهجون بذكر صدّام حسين ويحلمون بعودة مملكته. ولكن كان هذا محض وهم، لأنّ المثقّفين الذين ذكرتهم يدافعون عن الإرهاب بتصميم وعقيدة راسخة.
وأنا من الذين يتساءلون منذ سنوات، ولا من مجيب : أيّ انقلاب للمعايير أو أيّ ضمور للحسّ الأخلاقيّ، أو أيّ تفكير سياسيّ يمكن أن يجعل مثقّفين، لا أناسا بسطاء غير متعلّمين، يمجّدون أعمال المجرمين المستهينين بالأرواح وبالحرمات الجسديّة؟
إدانة الإرهاب أمر مفروغ منه لدى النّخب المثقّفة في العالم أجمع، وانطلاقا من هذه الإدانة الأخلاقيّة يشرع المفكّرون في طرح الأسئلة على أنفسهم وفي محاولة فهم أسباب الإرهاب، وفي تحميل الدّول الغربيّة جزءا من مسؤوليّة ظهور الإرهاب الانتحاريّ المعولم واحتدامه. إنّهم يطرحون القضايا الإيطيقيّة بعد أن يكون أمر القضيّة الأخلاقيّة محسوما. أمّا في العالم العربيّ، فإنّنا نخبنا ما زالت بصفة عامّة تتخبّط في القضيّة ما قبل الإيطيقيّة، أي ما زلنا نتخبّط في إدانة الإرهاب أو عدم إدانته من النّاحية الأخلاقيّة.
والشّكل المتعالم والمقنّع للدّفاع عن الإرهاب هو ترديد أنشودة الحقّ في المقاومة المشروعة. وينسى المطالبون بهذا الحقّ أنّ المقاومة المشروعة لا تستهدف المدنيّين وغير المحاربين، فهم يقفون عند "ويل للمصلّين" في قراءة المواثيق الدّوليّة. وبقطع النّظر عن المواثيق والقوانين، هل توجد قضيّة في العالم يمكن أن تبرّر قتل النّاس الآمنين في مطعم أو مرقص أو سوق أو محطّة قطار؟ هل توجد قضيّة في العالم يمكن أن تبرّر تحويل البشر الأبرياء إلى أكداس من اللّحم المتناثر؟
أمام ضحيّة الظّلم طريقان : إمّا أن ترفض منطق الضّحيّة والجلاّد ومنطق الانتقام وأن تنتقل إلى الفعل الإيجابيّ البّنّاء خارج هذين المنطقين، وإمّا أن تتحوّل بدورها إلى جلاّد ينشر الظّلم الأعمى من حوله، ويحوّل من حوله إلى ضحايا. وهذا هو الطّريق الثّأريّ البدائيّ الذي اختاره الإرهابيّون، واختاره إيديولوجيّو الإرهاب والعنف القوميّ. هذه هي الحكمة المشبوهة التي يروّجها نجوم ثقافة المشهد عندنا.
إنّ التّماهي ليس دائما عمليّة نفسيّة محبّذة، ولكنّه حدّ أدنى مطلوب في الشّعور الأخلاقيّ. فهؤلاء المتعالمون المبرّرون للإرهاب، ليتخيّلوا أبناءهم، أو ليتخيّلوا أنفسهم ضحايا تفجيرات غير متوقّعة تطولهم في بيوتهم أو في أماكن عملهم أو في أماكن التّرفيه التي يرتادونها. قساة القلوب المشيدون بالإرهاب باسم المقاومة، علّهم يشعرون بالقسوة ولو خياليّا عندما تطول أجسادهم وأجساد فلذات أكبادهم، لكي يخرجوا من الصّروح النّرجسيّة التي يشعرون فيها بالسّلامة والأمن، ويطلقون منها فلسفاتهم الإضحويّة المريضة.
أرجو أن لا يعجّلني الموت قبل أن أرى جيلا جديدا من الشّباب، له الحدّ الأدنى من الحسّ الأخلاقيّ والمدنيّ، يأتي ليحاكم أمام التّاريخ هؤلاء المثقّفين المتورّطين في جريمة الدّفاع عن الإرهاب والإرهابيّين. ليس لمن لا حول له ولا قوّة إلاّ إطلاق الأمنيات، والتّمسّك بخيط من الأمل.



#رجاء_بن_سلامة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ردود الفعل الكاريكاتوريّة على الرّسوم الكاريكاتوريّة
- دور المثقفين والإعلام في مقاومة الإرهاب
- الثّابت في -الثّوابت- العربيّة
- حول عبارة -ما يسمّى بالإرهاب- حول قسوة العرب على العراق الجد ...
- أكثر من مائة مثقّف يوقّعون بيانا ضدّ مصادرة حرّيّة الرّأي وا ...
- لم نعد في عصر الملّة
- كره الحبّ عند العرب خواطر بمناسبة عيد الحبّ
- حجاب المرأة قديما وحديثا محاولة تفكيك وتحويل للأسئلة (4 من 4 ...
- حجاب المرأة قديما وحديثا محاولة تفكيك وتحويل للأسئلة (3 من 4 ...
- حجاب المرأة قديما وحديثا محاولة تفكيك وتحويل للأسئلة (2 من 4 ...
- حجاب المرأة قديما وحديثا محاولة تفكيك وتحويل للأسئلة (1من 4) ...
- أيّ ديمقراطيّة يريدها لنا الإسلاميّون الدّيمقراطيّون؟
- العنف ضد المرأة في ثقافتنا التقليدية:هل سنكون برابرة العالم؟
- تقول له انظر أمامك.. فينظر إلى يدك
- لا يحرّمون ختان البنات بل يحرّمون نقل الأعضاء : فتاوى تزرع ا ...
- لماذا وقّعت البيان المجرّم لفتاوى الإرهاب
- الهذيان الدّينيّ الأصوليّ بعض المداخل النّفسيّة لدراسته
- قبضة الرّقيب
- أبنية المواطنة المنقوصة، ثقافة التّمييز
- الجندر في العالم العربيّ


المزيد.....




- المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية: مذكرة اعتقال نتنياهو بارقة ...
- ثبتها الآن.. تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 علي كافة الأقم ...
- عبد الإله بنكيران: الحركة الإسلامية تطلب مُلْكَ أبيها!
- المقاومة الإسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الأراضي ...
- المقاومة الإسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الاراضي ...
- المقاومة الاسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الاراضي ...
- ماذا نعرف عن الحاخام اليهودي الذي عُثر على جثته في الإمارات ...
- الاتحاد المسيحي الديمقراطي: لن نؤيد القرار حول تقديم صواريخ ...
- بن كيران: دور الإسلاميين ليس طلب السلطة وطوفان الأقصى هدية م ...
- مواقفه من الإسلام تثير الجدل.. من هو مسؤول مكافحة الإرهاب بإ ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - رجاء بن سلامة - جريمة الدّفاع عن الإرهاب جرائم المثقّفين العرب