|
الفيزيائي ستيفن هوكينج وافكاره حول وجود الكون
صباح ابراهيم
الحوار المتمدن-العدد: 6159 - 2019 / 2 / 28 - 20:47
المحور:
الطب , والعلوم
ستيفن هوكينج، عالم الفيزياء الإنجليزي، المشلول جسديا بمرض تصلب العضلات النادر، كان قبل وفاته يعيش حبيسا في كرسي متحرك كهربائي امام حاسوبه الناطق بالكلمات التي يكتبها والمصمم خصيصا له، لا يحرك سوى اصابعه وعينيه كي يكتب افكاره على الحاسوب الناطق، يكافح هذا الفيزيائي المقعد كي ينافس البرت اينشتاين في شهرته وفلسفته، محاولا ان يخلفه على عرش الفيزياء النظرية عن طريق الالحاد وانكار وجود الخالق رغم وسع علمه في الفيزياء النظرية. نشرستيفن هوكينج كتابا اسمه (هَلْ خَلَقَ اللهُ الكَوْنَ؟) ضمن نظريته الالحادية في نكران وجود الله ونفيه ان يكون هناك اله خالق خلق الكون والانسان . وقد سببت هذه النظرية لستيفن الكثير من الاستنكار والاستهجان والرفض من قبل الاف العلماء والمفكرين، وقد اعترف هو بذلك.
انطلق البروفيسور ستيفن هوكينج في افكاره من خلال فلسفة البرت انشتاين في النظرية النسبية فتقدم بنظرية تفسير خلق الكون تعتمد انكار وجود الخالق، وان الكون خلق نفسه بنفسه !!.وان المادة والطاقة خُلقا من العدم اعتمادا على نسبية انشتاين في استمرار توسع الكون ، فلو عكسنا نظريا عملية التوسع الموجبة الى سالبة، اي نعود الى الوراء عندما كان الكون اصغر حجما وقبلها اصغر وهكذا نستمر بالتراجع بتصاغر حجم الكون حتى نصل الى ان الكون كان في مرحلة ما في اول نشوءه صفرا تقريبا في لحظة الانفجار العظيم . او لنقل كان جسيما بحجم البروتون ذو كتلة هائلة وطاقة تفوق الخيال مخزونة بداخله، ولا تنطبق عليه قوانين الفيزياء التي نعرفها الان ولم يكن هناك لا زمان ولا مكان ولا ضوء. وصل هذا الجسيم الى مرحلة حرجة فانفجر بالانفجار العظيم المسمى ( بيك بانك) وتناثر بالكون متوسعا ومتمددا مكونا المجرات والسدم الغازية والنجوم والكواكب والاقمار وغيرها عبر مليارات السنين .
ان الزمن بدأ بعد الانفجار الكبير، وقبل ذلك لم يكن هناك اي زمن، وان والطاقة الكونية من حرارة وضوء واشعاعات وموجات كهرومغناطيسية في جميع المجرات والنجوم تحررت بعد الانفجارمتحولة من مادة مضغوط وفائقة الكثافة الى طاقة هائلة، وهذا تجسيدٌ لنظرية انشتاين الذي اوجد قال ان الطاقة تخزن في المادة ويمكن تحريرها وتحويل المادة الى طاقة وبالعكس كما يتحول الفحم والنفط والخشب الى حرارة وضوء عند الاشتعال، واوجد انشتاين معادلة ان الطاقة تساوي الكتلة مضروبا في مربع سرعة الضوء [E=MC2] . E: Energy الطاقة M: Mass الكتلة C: Speed of Light سرعة الضوء الطاقة والكتلة هما حالتان متلازمتان ووجهان لعملة واحدة ويمكن تحويل الواحدة للاخرى .
يقول ستيفن هوكنج ان الزمن لم يكن له وجود قبل الانفجار الكبير، وبناء على ذلك فلا يوجد بالضرورة اله ! وعليه فإن الكون لم يخلقه خالق عاقل، بل ان الجسيم الذي هو ربما اقل حجما من البروتون اوجد نفسه بنفسه وهو الذي انفجر بسبب كثافته الهائلة وطاقته الفائقة مسببا نشأت الكون بمجراته ونجومه وكواكبه وغباره وطاقته الحرارية والضوئية الهائلة !.
هذه النظرية لا تؤيدها الاديان السماوية ولا قوانين الفيزياء التي تنص على ان المادة لا تفنى ولاتخلق من العدم بل تتحول من حالة الى اخرى. وبما ان لكل شيء في الوجود من سبب ومسبب ، فلابد ان يعطي هوكينج شرحا من اين جاء الجسيم الاولي الذي كان نواة للكون ، ومن اين جاء بطاقته الفائقة هذه وجمعها بداخل مادته المتناهية الصغر، ومن كان المسبب للانفجار الكبير . فان كان جسيما بحجم البروتون قد ولد بلايين المجرات الفائقة الحجم والتي تحوي تريليونات الشموس والنجوم والكواكب التي تدور بانتظام بقوانين فيزيائية في غاية الدقة وينطلق في الكون بسرع وافلاك ثابتة لا تتغير . فمن اوجد هذا الجسيم، ومن خلق النور والمادة والحرارة والموجات الكهرومغناطيسية والاشعاعات الكونية الرهيبة ؟ هل الصدفة هي من خلق الكون؟ وهل تخلق المادة والطاقة نفسها بلا مسبب خارجي ؟ هذا السؤال يعجز هوكينج ومؤيدوه عن الاجابة عليه ويقفون عاجزين عن التفسير . كما انهم اصطدموا بفكرة عدم ازلية الكون وانه ولد في لحظة الانفجار الكبير ، وهذا يطابق فكرة خلق الكون في لحظة اصدار أمر الله ليكن نور فكان الانفجار العظيم الذي ولد النور والطاقة والمادة . ولهذا فقد ارتد عدد كبير من العلماء من الذين ايدوا هوكينج في فكرته الاولى الى رفض افكاره الإلحادية لكونه عاجزا عن الاجابة عن كيف ظهر الجسيم الأولي منشأ الكون ، وكيف خزن كل هذه الطاقة الهائلة بداخله ومن كان المسبب للانفجار العظيم . ولماذا تدور كل المجرات والنجوم والمجموعات الشمسية والكواكب واقمارها بنظام في غاية الدقة والانتظام منذ الخلق ولحد الان ؟ ومن هو المتحكم في ذلك كله ؟ ومن العلماء الذين رفضوا فكرة هوكينج العالم الأمريكي جورج كرنشتاين الذي قال : " كلما دققنا في الادلة، واجهنا على الدوام الحقيقة نفسها، وهي ان هناك قوة عاقلة فوق الطبيعة تدخلت في نشوء الكون . ان النظام الدقيق و التوازن الحساس في الكون لا يمكن ان يكون نتيجة لصدف عمياء . أنه يدل على وجود خالق وقدرة لا نهائيتين خلق الكون بكل دقة من العدم وهو الله رب العالمين". يستند هوكينج في نظريته الإلحادية من التجارب النووية في المفاعلات والمعجلات الذرية التي أظهرت ظهور جسيم غريب غير معروف سابقا وفي غاية الصغر، ويبقى لفترة زمنية هي اجزاء من المليون من الثانية ثم يختفي ويظهر في موقع آخر ويختفي ، ويدّعي هوكينج ان هذه الجسيمات المتناهية في الصغر ما هي الا جسيمات تُخلق ذاتيا من دون خالق ومن لا شئ ولا تحتاج الى طاقة لتكوينها ونشأتها، ويستدل هوكينج من هذه التجربة الغير واضحة المعالم ان الكون تكوّن بنفس الطريقة من دون خالق ونشأ من العدم، ويضيف انه لم يكن هناك اي خالق عاقل قبل ان يبدأ الزمن وقبل الانفجار الكبير . ويناقض هوكينج نفسه بقوله : " لنفرض انه من الطبيعي ان نفرض - ربما الله - كان قد سبب ان يأتي الكون للوجود، وعندما نتكلم عن الكون ككل فالأمر لا يحتاج ذلك بالضرورة "!! كلام لا يفهم منه شيئا واضحا. كيف يفترض ان الله سببا لوجود الكون ثم لا يحتاج ذلك للكون كله بالضرورة.
ان أفكار ستيفن هوكينج لإنكار وجود اله خالق للكون تستند كما يقول لانعدام الزمن قبل الانفجار الكبير هو منتهى الغباء ، لأن خالق الكون وموجده لا يحده زمان ولا مكان ومتسام فوق كل شئ وهو خارج الزمان والمكان لأنه موجده وخالقه فلا يكون جزء منه، وهو سرمدي في الزمن اي ازلي - ابدي ، لا بداية ولا نهاية له . فالله خالق الزمان والمكان وهو من قال له كن فكان وطبعا هذا فوق قدرة البشر على ادراكه. لا يستطيع العقل البشري المحدود ان يفهم ويستوعب الاله الغير محدود واللامتناهي فكيف نُحَجّم الله ضمن عقولنا البشرية المحدودة التفكير ، وكمثال على ذلك نقول : هل يستطيع الإنسان مهما كان له من عبقرية ان يجد حدوداً للارقام المتصاعدة من الصفر الى الالف والمليون والبليون والتريليون و..و..و...و الى المالانهاية الموجبة الاتجاه Infinity Positive(∞ + ) . ونفس الشئ لا يستطيع اي انسان ان يصل بالارقام المتناقصة في الاتجاه السالب الى المالانهاية ؟ اي بالعد من الصفر الى ناقص الف وناقص مليون وناقص تريليون ..الخ ويستمر بالتناقص باتجاه اللانهاية السالبة (∞ - ) التي لا يعرف العقل البشري حدودها اللامتناهية. فمهما اضيفت ارقام بالاتجاهين السالب والموجب فهي قابلة للزيادة ولا تنتهي ابدا . وبنفس الفكرة نقول هل يدرك العقل المحدود للإنسان سر خالقه اللامحدود واللامتناهي القدرة ، ان كان لا يدرك سر وحدود الارقام ؟ هل نستطيع ان نملأ ماء البحر في إناء محدود او في حفرة ؟ هل يُعقل ان الكون الفسيح الغير محدود واللامتناهي، بجميع مجراته وكواكبه ونجومه وفضاؤه المتوسع باستمرار وحركة مداراته المضبوطة بنواميس الخالق وقوانينه الدقيقة ان يكون ناتجا من العدم ومن لا شئ ؟ فالكون ليس ازليا، فقد حدث الخلق والتكوين في بداية الزمن، ولابد لكل حدث من محدث ولكل سبب من مسبب، وهذه الفكرة أزعجت علماء الكون الغير مؤمنين بوجود الخالق للكون، لأنهم كانوا يريدون ان يستغنوا عن خالق الكون بأزلية الكون او يستبدلوا الخالق بالازلية، لكنهم فشلوا .
اول مصدر يخبرنا عن خلق الكون هو الكتاب المقدس حيث يفتتح الكتاب اول جملة فيه هكذا : في البدء خلق الله السماوات والأرض . (التكوين 1-1) في البدء كان الكلمة، وكان الكلمة عند الله، وكان الكلمة هو الله، به كان كل شئ، وبغيره ما كان شئ مما كان .( يوحنا 1-1)
هذه الكلمات البسيطة والعميقة المعنى هي التي تفسر من خلق الكون . وهنا نسال سؤالا لم يجب عليه اي عبقري او فيلسوف على سطح الارض، ان كانت المادة الجامدة والطاقة مخلوقة من العدم بالصدفة، فمن خلق الحياة والعقل والتفكير ووضعها في دماغ الإنسان ليجعله سيد المخلوقات الناطقة والمفكرة والعاقلة، هل هي الصدفة ايضا ؟ لو كان للصدفة قانونا هو من أوجد كل موجودات الكون من مادة جماد و حياة وبشر ونباتات وحيوانات فلابد ان يتحقق المقترح التالي وينطبق على خلق الكون بكماله وتمامه. لو رمينا مليارات الحروف المختلفة من طائرة على مساحة محددة من الارض، وان امكن ان تتجمع تلك الحروف وتنتظم ذاتيا و عشوائيا بطريقة الصُدفة، فهل هناك احتمالا قويا ان تتكون من تلك الحروف المتقاربة تأليف قصيدة من قصائد المعلقات مثلا او كتابا علميا او ادبيا ؟ فأن كان هذا الاحتمال صحيحا وقابلا للتطبيق، كان مولد الكون بمجراته ونجومه وكواكبه و بشره وحياته صدفة . فهل هكذا نشأ الكون يا ستيفن هوكينج ؟ ام كنت تريد عن طريق نكران الخالق نيل الشهرة والحصول على جائزة نوبل ، ولكن حلمه لم يتحقق وتحول جسده الى التراب الذي خلق منه ؟
#صباح_ابراهيم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
طلعت خيري و ردوده عن الروح
-
من هو الروح في القرآن ؟
-
برزان التكريتي ينشر فضائح الاخوة الاعداء بمذكراته ج 11
-
تسائلات حول الاسلام
-
تناقضات وأخطاء علمية من القرآن
-
قصة الملك سليمان في التوراة والقرآن
-
أسباب القتل والإبادة في التوراة
-
برزان التكريتي ينشر فضائح الاخوة الاعداء بمذكراته ج 10
-
الهوية السريانية للقرآن
-
برزان التكريتي ينشر فضائح الاخوة الاعداء بمذكراته ج 9
-
من كتاب حطام البوابة الشرقية
-
برزان التكريتي ينشر فضائح الاخوة الاعداء بمذكراته ج 8
-
النفاق الإسلامي عند الشيوخ
-
برزان التكريتي ينشر فضائح الاخوة الاعداء في مذكراته ج 7
-
برزان التكريتي ينشر فضائح الاخوة الاعداء في مذكراته ج 6
-
برزان التكريتي ينشر فضائح الاخوة الاعداء في مذكراته ج 5
-
برزان التكريتي ينشر فضائح الاخوة الاعداء في مذكراته ج 4
-
برزان التكريتي ينشر فضائح الاخوة الاعداء في مذكراته ج 3
-
برزان التكريتي ينشر فضائح الاخوة الاعداء في مذكراته ج 2
-
برزان التكريتي ينشر فضائح الاخوة الاعداء في مذكراته ج 1
المزيد.....
-
النبّاشة: كيف تحول التلوث البيئي إلى وسيلة للكسبوسبب للموت ف
...
-
تزايد ملحوظ في إصابات السرطان في كردستان والحكومة تبعث رسالة
...
-
5 مشروبات طبيعية تزيد نسبة الحديد وتحميك من فقر الدم
-
الاضطرابات العصبية عند الأطفال.. خلى بالك واطمن على ابنك
-
هجوم -غوست تاب-.. كيف يستغل القراصنة خدمات آبل باي وغوغل باي
...
-
5 علامات تظهر على جسمك أثناء الليل.. تؤكد الإصابة بالسكر
-
انخفاض درجة الحرارة.. مشروبات للتدفئة لا تهملها فى الشتاء
-
تأثير الإنترنت على الصحة العقلية لكبار السن
-
تأثير تصفح المحتوى السلبي عبر الإنترنت على الصحة العقلية
-
الحيتان البالينية.. أكبر ثدييات الأرض تسمع الترددات فوق الصو
...
المزيد.....
-
هل سيتفوق الذكاء الاصطناعي على البشر في يوم ما؟
/ جواد بشارة
-
المركبة الفضائية العسكرية الأمريكية السرية X-37B
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في الهند
-
-;-السيطرة على مرض السكري: يمكنك أن تعيش حياة نشطة وط
...
/ هيثم الفقى
-
بعض الحقائق العلمية الحديثة
/ جواد بشارة
-
هل يمكننا إعادة هيكلة أدمغتنا بشكل أفضل؟
/ مصعب قاسم عزاوي
-
المادة البيضاء والمرض
/ عاهد جمعة الخطيب
-
بروتينات الصدمة الحرارية: التاريخ والاكتشافات والآثار المترت
...
/ عاهد جمعة الخطيب
-
المادة البيضاء والمرض: هل للدماغ دور في بدء المرض
/ عاهد جمعة الخطيب
-
الادوار الفزيولوجية والجزيئية لمستقبلات الاستروجين
/ عاهد جمعة الخطيب
-
دور المايكروبات في المناعة الذاتية
/ عاهد جمعة الخطيب
المزيد.....
|