|
افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها (21)
عماد علي
الحوار المتمدن-العدد: 6155 - 2019 / 2 / 24 - 15:47
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
يُعتبر هذا التفسير الذي قدمه الشهرستاني حول القضاء و القدر و ربطه بمسالة اخرى وهي العبادة و العدالة، انه مرحلة اخرى من نمو هذا الفكر على يد المعتزلة الذين ظهروا في بداية القرن الهجري و نموا تماما في عصر الخلافة الاسلامية بشكل كامل. و عليه ان كان القدريين رافضين ذلك من منظور العبادة على ان الانسان ليس بصاحب افعاله، فالمعتزلة اضافوا اليه ان يرفضوا كذلك بان يكون منظور الله هو الخير المطلق و لا يود الشر و لم يكتبه في جبين احد. و دليلهم على ان افعال الانسان تُنفذ بايديهم و هم مسؤولون عنه و هذه عبادة . هؤلاء قالوا بان الله حدد العقوبة لكل جريمة، و بالشكل نفسه بعاقبون على افعالهم او يُثابون في النهاية. و ان لم يكن الانسان حرا في افعاله فكيف يمكن مساءلته؟ و بما ان الله عادل فلا يعقابهم على شيء ليس لهم ارادة فيه. فانهم يقولون ان كل ما يرتكبه الانسان من الجرائم و ما موجود من ظلم السلطات( و من بينهم يزيد كمثال) هو من عند اهه و ينسبون هذه الافعال الى الله، كما هو ان يقول احد بان الله ليس بعادل، و عليه، فان الله لم يهب الانسان ارادة و يعقابه على ارتكاب الجرائم البعيدة عن ارادته. لم يبق الامر على من كان صاحبا لاول مقولة قدرية( و ان كان لهذا اهمية علمية) بقدر معرفة الارضية و الفضاء السياسي و الثقافي لظهور هذا التفهم، و ما كانت عوامل ظهوره و تاثيراته فيما بعد على الجمع الفكري و الفكر الاسلامي و ظهور الفلسفات؟ عدا ذلك الأهم عندنا هنا هو ربط الفكر بذلك الواقع السياسي و الاجتماعي الداخلي الذي كان عليه المجتمع الاسلامي ، لانه و ان كان مصدر هذا الفكر خارج عن طبيعة الدين ذاته و لكنه له علاقة وطيدة مع ما كان عليه الصراع الداخلي على ارضية ذلك المجتمع. و من هنا يتوضح لدينا بان الفكرة التي تربط هذا الفكر بتاثيرات الفكر المسيحي في ذلك العصر فهو اعمى امام الصراع و النمو الاجتماعي الداخلي نفسه و غير مطلع على ان الجبرية هي الايديولجيا القوية للسلطة الاموية. كان جزء من المؤيدين للسلطة الاموية في الثقافة الاسلامية القديمة هم من ربطوا المباديء القدرية بتاثير خارجي، و كان هذا بسبب دفاعهم عن تلك السلطة عن طريق صنع التهمة اللااسلامية لهذا الاعتقاد و منهم ( الفريابي) عالم الحديث و السني المتطرف في بداية القرن الرابع الهجري في كتابه الخاص حول القضاء و القدر، يعتقد هذا بانه كان هناك شخص مسيحي هو مصدر الكلام في رفض القضاء و القادر و افكار القدرييين، فتعلم منه معبد الجهمي في البصرة هذة الفكرة، و كما يسمي هذا الشخص احيانا ب( سنسوية) و اخرى ب( سوسن)(29). اما ابن التيمية ، يعتقد بان مصدر الكلام عن القضاء و القدر هوشخص باسم ( سيسويه) على انه كان مجوسيا و اسلم فيما بعد، و تعلموا منه هذه البدعة (30) يظهر بشكل واضح تشابه هذه الاسماء ( سوسن، سنسويه، سيسويه)، و لكن من كان ذلك الشخص؟ اكان مسيحيا ام مجوسيا؟ كيف و باي شكل كان له القدرة على ان يصنع ذلك التاثير الكبير؟ هذا و العديد من الاسئلة الاخرى ياخذنا لحال نقول انه اسم وهمي، و كان الهدف الرئيسي لهذا هو تعريف العقائد القدرية كجزء من التضاد و الخلافات للاديان الاخرى امام الاسلام. و هناك من يربط هذه العقائد باليهودية، ومنهم ( ابي الظفر الاسفرايني) الذي كان اشعريا معروفا في القرن الخامس و من اعتى الاعداء للمعتزلة و القدريين، فيقول ان القدريين تعلموا الاسلام من اليهود .( 31) . لذا، و بعد ذلك يقول انه لدى القدريين اشخاص يقرا لديهم الدروس القدرية ( يكفي ذلك ان يتعلموا ذلك الاستخفاف من اليهودية و يتبعونهم)، و هذا اعتراف واضح بان ربط القدري مع اليهود للاستخفاف به. عدا ذلك، شاهدنا ان بروز النقاشات الخاصة بالقضاء والقدر، نتيجة عصر سياسي داخلي للمجتمع الاسلامي بذاته و الذي يعود الى عصر ماقبل معبد الجهمي و يعبّر عن وجود ازمة سياسية و اخلاقية بالدرجة الاولى. و بالشكل ذاته، ان جزء من المستشرقين و من منظور ربط اكثرية المعطيات الفكرية الاسلامية بالعالم المسيحي، فهم ايضا كرروا ذلك على ان مصدر هذه الفكرة الثورية و التحررية لم يكن المجتمع الاسلامي و الاسلام بذاته، و انما هو خارجي و مسيحي، و منهم (ديبور) و نلينو) و جولدتسهير). اولهم في الوقت نفسه هو صاحب اول كتاب في الاسلام خاص بتاريخ الفلسفة الاسلامية، و في الغرب يُعتقد (اول مسالة بين العلماء المسلمين التي خلفت نقاشات كثيرة، و هي مسالة الانتخابات، في الوقت الذي كان يؤمن كافة مسيحيي الشرق بالانتخابات (32).
#عماد_علي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها (20)
-
افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها (19)
-
افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها (18)
-
افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها (17)
-
افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها (16)
-
افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها (15)
-
افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها (14)
-
افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها(13)
-
افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها (12)
-
افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها (11)
-
افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها (10)
-
افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها (9)
-
افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها (8)
-
افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها (7)
-
افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها (6)
-
افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها (5)
-
افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها (4)
-
افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها (3)
-
افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها (2)
-
افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها (1)
المزيد.....
-
الحوثيون يعلنون استهداف 3 مدمرات أمريكية في البحر الأحمر بـ2
...
-
رئيس وزراء باكستان للعالم: ما يجري في غزة -إبادة منهجية للشع
...
-
أسبوع البيئة: حلول السوق المبتكرة لمواجهة تغير المناخ
-
وزير الصحة اللبناني: مبان استهدفتها إسرائيل في الضاحية الجنو
...
-
محافظة نينوى شمال العراق تحتضن معرض الكتاب الدولي تحت شعار -
...
-
هولندا ترسل طائرات إف-16 التي أخرجتها من الخدمة إلى أوكرانيا
...
-
مسؤول دفاعي أمريكي يزعم غرق غواصة هجومية نووية صينية جديدة ف
...
-
الفصل الواحد والسبعون - علي عسكر
-
نتنياهو يطلب الانتظار لمعرفة ما إذا كانت عملية اغتيال نصر ال
...
-
ضربات إسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت ووسائل إعلام تقو
...
المزيد.....
-
الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا
...
/ غازي الصوراني
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
-
حقوق الإنسان من منظور نقدي
/ محمد الهلالي وخديجة رياضي
-
فلسفات تسائل حياتنا
/ محمد الهلالي
-
المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر
/ ياسين الحاج صالح
-
الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع
/ كريمة سلام
-
سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري -
/ الحسن علاج
-
فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال
...
/ إدريس ولد القابلة
-
المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب
...
/ حسام الدين فياض
-
القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا
...
/ حسام الدين فياض
المزيد.....
|