|
الشعب الجزائرى ينتفض ضد تأبيد الحكم
طلعت رضوان
الحوار المتمدن-العدد: 6154 - 2019 / 2 / 23 - 17:03
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
الشعب الجزائرى ينتفض ضد تأبيد الحكم طلعت رضوان ابتلتْ الشعوب العربية بالحـُـكام الذين (آمنوا) بمنظومة الحكم التى كانت سائدة طوال عصورالخلافة الإسلامية، وهى منظومة لاتعرف آلية (تداول السلطة) وإذا احتجّ أحد بأنّ تداول السلطة من منجزات العصرالحديث..ولم تعرفه العصور الوسطى بما فى ذلك أوروبا..وإذا كان هذا صحيحـًـا، فلماذا استمرتْ منظومة (تأبيد السلطة) حتى القرنيْن العشرين والحادى والعشرين؟ أليس هذا معناه أنّ عقلية الحـُـكام المُـعاصرين، امتداد لنفس عقلية الخلفاء المسلمين؟ وأليس ذلك معناه ربط (تأبيد الحكم) بالاستبداد السائد فى الدول العربية؟ ومن بين غرائب أنظمة الاستبداد العربية آفة (حب الجلوس على كرسى السلطة) ووصل هذا الهوس لدرجة أنّ الجالس على عرش الدولة الجزائرية (عبدالعزيز بوتلفيقة) الذى سيطرعلى دولة الجزائرمنذ عام1999، فى ظرف تاريخى يستحق التأمل..والتوقف أمامه..حيث انسحب جميع المرشحين المتنافسين على انتخابات الرئاسة عام1998..وكان أبرزهؤلاء المنافسين (حسين آيت أحمد) و(أحمد مولود حمروش) وآخرين، أما سبب انسحابهم فهوالدليل المؤكد على (بداية مرحلة من الحكم المُـطلق) وذلك عندما تأكدوا من مساندة وتأييد الجيش له، ضد باقى المرشحين..وبالفعل فازعندما ظهرتْ النتيجة عام1999، بالرغم من تدنى شعبيته، خاصة وسط الشباب..وبدأتْ الولاية الثانية عام2004..وفى عام2005داهمه المرض فسافرإلى فرنسا للعلاج..وفى عام2007تعرّض لمحاولة اغتيال (فى عمل انتحارى) أسفرعن قتل15و71جريحـًـا، بينما المُستهدف ظلّ على قيد الحياة..وبدأتْ ولايته الثالثة فى عام2009والولاية الرابعة فى عام2014. وبالرغم من ظروفه الصحية المُـتدهورة، لدرجة أنه يجلس على كرسى متحرك منذ عام2013، فإنه لازال يتمسك بكرسى العرش وهوعلى مقعدة الكرسى المتحرك..ولعلّ هذا ما جعل الأحداث تتصاعد (دراماتيكيا) كما حدث يوم (22فبراير2019) أثناء صلاة الجمعة..حيث رفض المصلون استكمال الصلاة، بعد أنْ بدأ خطيب المسجد فى مدينة بجاية يتكلم عن ضرورة انتخاب الرئيس بوتلفيقة، وذكرأنه ((هوالرئيس المسلم الذى يرعى حقوق المواطنين الجزائريين، بالتطبيق لشرع الله) فكانت المفاجأة (غيرالمتوقعة) أنّ المصلين (ودون اتفاق مسبق) قاطعوا الخطيب وبدأوا فى الخروج من المسجد، اعتراضـًـا على تملق الخطيب للحاكم المستبد..وتدخل الدين فى السياسة..وأنّ الدعاية لرئيس الدولة لاتجوزفى أماكن دورالعبادة..وبعد هذا المشهد إذا بالتطورالدراماتيكى الثانى، وهوخروج آلاف الجزائريين فى مظاهرات صاخبة، حيث أعلنوا رفضهم تجديد ترشح الرئيس المستبد القعيد ورفعوا لافتات عليها ((لا للولاية الخامسة)) و((لا للعار والهوان)) و((الجزائروسط الجحيم..وأنت وأمثالك تلعبون بالنار)) 000 ذكــّـرنى تمسك بوتلفيقة بالسلطة (بغض النظرعن مرضه) بكل الحــُـحام المُـستبدين الذين لايـُـراعون شعوبهم ويستنزفونهم..كما هوالوضع السائد فى كل أنظمة الاستبداد..وبصفة خاصة الأنظمة العربية والإسلامية..وقد انتقلتْ العدوى إلى مصربعد يوليو1952حيث يظل الرئيس على كرسى السلطة..ولايغادره إلاّمرغمًـا (بالموت الطبيعى أوبالسم كما ذكرالبعض- عبدالناصرنموذجـًـا) أوبالتصفية الجسدية (السادات نموذجـًـا) أوبانتفاضة شعبية (مبارك نموذجـًـا) وإنْ كان الأخير(تنازل) عن السلطة فهوتنازل يحمل فى طياته استمرارتواجده، الذى أخذ عدة مظاهرمنها- على سبيل المثال- دخوله قاعدة المحكمة على كرسى متحرك أوعلى نقالة- وهذا لايكون إلاّفى حالة من اثنتيْن: الشخص المُـصاب بشلل كلى، أوالسيدة حديثة الولادة بعد عملية قيصرية..ومطلوب حضورهما جلسة المحاكمة..وأنّ هذيْن الاستثناءيْن اللذيْن نصّ عليهما قانون الاجراءات لاينطبقان على مبارك..ولكن نظرًا لأنّ المجلس العسكرى هوالذى سيطرعلى الانتفاضة.. فقد أفرغها من مضمونها الثورى..ومن أهداف التغييرالجذرى لبنية السياسة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، بعد60سنة من سيطرة الضباط على مُـقـدّرات شعبنا المصرى..ووأد أية فرصة لتقدمه (وهوالوأد الذى شمل كافة المجالات التنموية والعلمية والتكنولوجية..وكان على رأس عمليات الوأد قمع الحريات بكل أشكالها) ومما يؤكد وجهة نظرى تأمل صياغة البيان الذى ألقاه عمرسليمان..حيث نصّ على ((قرّرالرئيس محمد حسنى مبارك تخليه عن منصب رئيس الجمهورية..وكلــّـف المجلس الأعلى للقوات المسلحة بإدارة شئون البلاد)) هذه الصياغة كتبها أستاذ- أوأساتذة- ضالعون فى (علم بقاء الوضع على حاله) وبغض النظرعن إزدواجية الخبث والذكاء فى تلك الصياغة، فإنّ هذا البيان تضمن مخالفتيْن دستوريتيْن، الأولى: أنّ مبارك بعد18يومًـا فى ميادين مصربالهتاف بسقوطه، لم يعد هو(الرئيس) كما جاء فى البيان. المخالفة الثانية: أنه وفق نص دستورسنة1971- السارى حتى كتابة البيان- فإنه فى حالة المرض أوالاضطرابات الشعبية أوالمناخية- يكون الرئيس المؤقت للدولة: رئيس المحكمة الدستورية أورئيس مجلس الشعب..وبتطبيق هذا النص الدستورى على بيان عمرسليمان، تبدوحقيقة ملعوب (علماء قهرالشعوب) وينطبق عليه- بالحرف وبكل دقة- ما تـمّ تداوله بعد صدوروعد بلفورالإنجليزى الذى (وهب) فلسطين لليهود لإقامة دولتهم: من لايملك أعطى لمن لايستحق. 000 وبالرجوع إلى الحالة الجزائرية وانتفاضة الشعب السودانى ضد طغاة السودان، نجد أنّ بوتلفيقة وأتباعته..والبشيروحوارييه..ومعهم كل الانتهازيين (من سياسيين وإعلاميين) لايـتــّـعظون مما حدث للقذافى وصدام وعبدالله صالح..إلى آخرقائمة الطغاة الذين يتصوّرون أنهم سيحملون كراسى السلطة..وسبائك الذهب..وحقائب المال معهم إلى مقابرهم. بينما شعبنا الأمى جمع حكمته- والأدق فلسفته- فى جملة من كلمتيْن وأداة نفى، لخـّـص فيها: حكمة الموت ومغزاه، فى ضفيرة واحدة مع أقصى تعبيرعن الزهد فى متع الدنيا الزائلة، حيث قال: الكفن مالوش جيوب. ***
#طلعت_رضوان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الصراع بين اللغات القومية واللغة العربية
-
الحضارة المصرية مازالت تبهرالمتحضرين
-
الصحافة الإسرائيلية : هل تتمتع بالحرية
-
أيهما يحقق العدالة الاجتماعية: النظام البرلمانى أم الرئاسى؟
-
حماية الدستور بين الشعب والجيش
-
تحذيرالمثقفين المصريين من الخطرالصهيونى
-
دلالة الاعتداء على رئيس مجلس الدولة
-
ماكرون يذكرأردوغان بالمذابح ضد الأرمن
-
قراءة فى بعض كتب العقاد
-
آثارالتعصب الدينى والمذهبى
-
إلى متى يستمرمخطط القضاء على الشعغب اليمنى؟
-
أليس سيد درويش الامتداد الطبيعى لثورة برمهات/مارس1919؟
-
دار الإفتاء ومياه المجارى
-
هل سيقضى الفلسطينيون على قضيتهم؟
-
الجامعة العربية بين الواقع والوهم
-
مفهوم العروبة عند إحسان عبدالقدوس
-
هل سيحذرالشعب السودانى العظيم خطأ ترك الميادين؟
-
العالمانية (بالألف) وعلاقتها بالدين والسياسة
-
علماء مصر: تراجيديا البقاء أوالهجرة
-
اللغة العربية: بكاء لايتوقف
المزيد.....
-
المقاومة الإسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الأراضي
...
-
المقاومة الإسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الاراضي
...
-
المقاومة الاسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الاراضي
...
-
ماذا نعرف عن الحاخام اليهودي الذي عُثر على جثته في الإمارات
...
-
الاتحاد المسيحي الديمقراطي: لن نؤيد القرار حول تقديم صواريخ
...
-
بن كيران: دور الإسلاميين ليس طلب السلطة وطوفان الأقصى هدية م
...
-
مواقفه من الإسلام تثير الجدل.. من هو مسؤول مكافحة الإرهاب بإ
...
-
الإمارات تعلق رسميا على مقتل -الحاخام اليهودي-.. وتعلن القبض
...
-
الإمارات تعلق رسميا على مقتل -الحاخام اليهودي-.. وتعلن القبض
...
-
من هم المسيحيون الذين يؤيدون ترامب -المخلص-؟
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|