أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - نعمان الفاضيل - قوة الحق المشروع أمام حق القوة المتمادي














المزيد.....

قوة الحق المشروع أمام حق القوة المتمادي


نعمان الفاضيل

الحوار المتمدن-العدد: 6154 - 2019 / 2 / 23 - 00:20
المحور: حقوق الانسان
    



ربما ما عايناه من وحشية في التدخل الأخير لفض مسيرة الأساتذة،يكشف بالملموس أن شعارات مثل العدالة والأخوة والمساواة... هي فقط حقن مخدرة، ومدجنة لذوي النظر الساذج، التي ما يفتأ يسرح في يوتوبيته،ويعلق طموحاته وآماله في العيش الكريم ضمن مجتمع عادل. لأن أمرا كهذا، لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يتحقق في ظل شروط موضوعية غير ناضجة،الشيء الذي يجعل أي عملية للإنتقال من حالة الإستبداد القائم على الإنفراد في التسيير،إلى حال المشاركة الديمقراطية الفاعلة متعذرة.

إن الشرط الموضوعي الأساس يتمثل في الوعي بفكرة الحق، هذا الحق الذي يجعل فكرة التعاقد الإجتماعي سليمة وعادلة،مادام أي تعاقد اجتماعي تأسس على الوعي بالحقوق،وصيانتها ضد أي انتهاك لكرامة الإنسان،وحقه في أن يحيا مواطنا في مجتمع ديمقراطي يضمن له الأمن والحرية،ويوفر له سبل الاستقرار النفسي والإجتماعي التي تمكنه من المساهمة في بناء ذاته والدفع بعجلة التقدم نحو الأمام.

وفي هذا الإطار، يكشف التحليل لبنية الصراع اليوم، عن بطلان الاتفاق الأولي الذي وضعته الدولة، كحل وحيد لحق الأفراد في الشغل،حيث تغيب فكرة التراضي أو بالأحرى،فكرة الإرادة الحرة،الخالصة من أي إكراه كيفما كانت طبيعته ومبرراته، لأن الموقع ههنا،مكره لا بطل،دفعته ظروفه الإجتماعية والإقتصادية كرها للقبول بهذا الحل،ليس اختيارا أو مكرا،بل لأنه الباب الوحيد الذي يمكن من خلاله لهذا الفرد في أن يحقق طموحاته واستقراره النفسي والاجتماعي.

ومن هذا المنطلق،يقتضي نقدنا لطبيعة الممارسة السياسية أن يكون نابعا من طبيعة الواقع الاجتماعي نفسه،الذي يوشي بمظاهر العدوان، جراء ما أصبح يعيشه الأفراد من تزايد لأشكال القهر والاستغلال البشعة،وهضم لحقهم في أن يحيوا أحرارا مخيرين، لا مسيرين كالقطيع ضمن مجتمع أكثر سماته جلاء هو القمع المفرط، هذا الأخير الذي تتفن الحكومة في ممارسته بكل الأشكال المهينة لكرامة الإنسان،حيث يزداد الأمر فجاعة وخطورة حين يمارس بهمجية،ضد من وكلت لهم رسالة تعليم الإنسانية سبل الخير،وانتشالها من براثن الجهل والتوحش،مادام أن مقياس أي حضارة ما،إنما ينبني بالأساس على رقي ثقافتها ومستواها التعليمي،وليس على مدى قدرتها على احتكار وسائل العنف والقهر والإستبداد.

ومن ثمة،فليس غرضنا من إثارة هذا الموضوع الدخول في سجالات لا طائلة منها،أو القيام بسرد ببغاوي للأحداث وتتابعها،دون الوقوف على عواملها الموضوعية المشكلة للخلل،والتي من خلالها وحدها نستطيع بلورة حل ممكن للمشكل الذي يواجهنا. حيث إن مجرد الانطلاق من فكرة أن أي تعاقد كيفما كان نوعه،يقتضي بناؤه بالضرورة على الحرية كشرط لضمان صلاح العقد،فإن الواقع الموضوعي يكشف عن بطلان أولي لهذا العقد المبرم بين الدولة والأساتذة،مادم شرط الحرية لم يتحقق من جهة، ومادام حق الموقع على العقد في الشغل،وفي الاستقرار النفسي والاجتماعي، مكفول في دستور البلاد،باعتباره المعبر الحقيقي عن الإرادة العامة للأفراد في العيش الكريم،ضمن مناخ ديمقراطي حقيقي،وممارسة عقلانية للسلطة ضامنة لحقوق الأفراد وحرياتهم.

لكن ما يثير الدهشة والفضول،هو أن بعض الحكومات المضطهدة -بكسر الهاء- تستمر تكرار أخطاء الماضي دون أن تدري أنها بهذه الطريقة لا تفعل شيئا سوى تسريع عملية إلقائها في مزبلة،حيث إن من لم يتعرف أخطاء التاريخ محكوم عليه بتكرارها.ومن ثمة، فمادام الأمر على هذا النحو، ومادامت الشعوب لم تعد تقوى على تحمل القمع والقهر أكثر،فإن مصير الحكم الإستبدادي حتما الانهيار والفناء إن لم يراجع تدابيره،بإلغاء القوانين المجحفة،والقيود المنهكة لكاهل الفقراء. وبدء العمل على احترام كرامة الإنسان عبر ضمان الحقوق وحماية الحريات وصيانتها في جو ديمقراطي سليم.

وعليه، تجدر الإشارة في الأخير أن التاريخ البشري عبر تطور مراحله واختلافها،يكشف عن أشكال متعددة من الصراع دارت رحاها بين من يملكون حق القوة، وبين أصحاب قوة الحق،إلا أن تمادي أصحاب القوة في الإستبداد الطغيان، دائما ما كان ينتهي باندحارهم أمام أصحاب فكرة الحق التي أرست قواعد الدولة الديموقراطية الحديثة،حيث يقدم لنا التاريخ شهادات حية عن شعوب انتزعت حقوقها وحرياتها بدء بالمطالبة برغيف خبز،لتؤسس أنظمة عادلة تقوم على الأخوة والمساواة.



#نعمان_الفاضيل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أزمة المثقف ام مثقف الأزمة !
- ديستوبيا الفرد أم ديستوبيا المجتمع !
- نحو نقد بناء لعقلنا التراثي
- الحرية الإنسانية في فكر سارتر


المزيد.....




- ماذا يعني أمر اعتقال نتنياهو وجالانت ومن المخاطبون بالتنفيذ ...
- أول تعليق من أمريكا على إصدار مذكرتي اعتقال بحق نتنياهو وغال ...
- الحكومة العراقية: إصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرات اعتق ...
- العفو الدولية: نتنياهو بات ملاحقا رسميا بعد مذكرة المحكمة ال ...
- البيت الابيض يعلن رسميا رفضه قرار الجنائية الدولية باعتقال ن ...
- اعلام غربي: قرار اعتقال نتنياهو وغالانت زلزال عالمي!
- البيت الأبيض للحرة: نرفض بشكل قاطع أوامر اعتقال نتانياهو وغا ...
- جوزيب بوريل يعلق على قرار المحكمة الجنائية الدولية بحق نتنيا ...
- عاجل| الجيش الإسرائيلي يتحدث عن مخاوف جدية من أوامر اعتقال س ...
- حماس عن مذكرتي اعتقال نتنياهو وغالانت: سابقة تاريخية مهمة


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - نعمان الفاضيل - قوة الحق المشروع أمام حق القوة المتمادي