|
الفكر .. بين حراس القبور وبين شهود النور
يوسف يوسف
الحوار المتمدن-العدد: 6150 - 2019 / 2 / 19 - 07:45
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
( طريق النور لا يحتاج الى دليل .. )
المقال لا يحتاج الى تمهيد أو مقدمات : 1 - لا زال رجال الأسلام / فقهاء وأئمة وشيوخ ودعاة و .. ، يحاولون جاهدين أحياء " الصنم المقبور منذ اكثر من 14 قرنا كنصوص مكرسة في ممارسة عقيدة الأسلام - أسلام الرسالة المحمدية ، التي أنتهت بموت الرسول " هذا أولا ، أو تجميله ثانيا ، أو تأويل وتفسير مفهومه بما يتوافق مع العقل الحداثوي ثالثا ، لكن المشكلة تكمن : أنه كلما رتقوا من بنائه النصي ( رتَق الفتقَ : سدَّه أو لحَمَه ، عكسه فَتَقَه ، رتَقَ القميصَ : خاطه ، رَتَقَ فَتْقَهُ : أصْلَحَ شَأْنَهُ / نقل من قاموس المعاني ) ، وقربوا من فلسفة فهم سردياته ، أنفتق الجسم من جهة أخرى ! وهكذا دواليك . ولأجله لا زال حراس المقبور .. تائهين شاردين في عملية الرتق التي لا يمكن لها أن تتم ، ما دام هناك شعار بني عليه الأسلام ، يقول ( قرأن يهدي وسيف ينصر ) ، وكيف للقرأن أن يهدي بشرا والسيف مسلطا على رؤوسهم ! .. أن فلسفة فهم الموروث الأسلامي باتت كارثة فكرية على عقلية حراس الصنم المقبور ! وأصبحوا خجلين ضائعين هاربين من هذا الموروث ، كقوله ( قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ َورَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ / 29 سورة التوبة ) ، أو كحديث الرسول ( عن ابن عمر ، ان الرسول قـال : أمرت أن أقاتل الناس حتى يـشـهــدوا أن لا إلــه إلا الله وأن محمد رسول الله ، ويـقـيـمـوا الصلاة ، ويؤتوا الزكاة ؛ فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام ، وحسابهم على الله تعالى / نقل من موقع - ملتقى أهل الحديث ) . من ناحية أخرى أن هذه العقيدة تبلورت في العقود الاخيرة الى فكر متطرف ، وتحور قسم منها الى منظمات مسيسة ، وذلك بدمج الفكر بالسياسة ، من أجل السيطرة على الحكم ، وهو هدفهم الحقيقي / أي أن تكون السلطة تحت مظلة الدين ، و يتمثل هذا بجماعة الاخوان المسلمين ، الذين فتكوا بمصر فتكا ! ، أرهابا وقتلا وتخريبا ! ، ومنهم من أنتظم الى منظمات أرهابية / كالقاعدة وداعش وبوكوحرام .. آملين أرجاع زمن الخلافة ! السئ الصيت ، والأخر تحول الى مؤسسات فكرية متطرفة تنشر الفكر الوهابي ، وهذا الفكر عامة يسوق ماليا ، ولا يعتنقه سوى المغيبين فكريا ! ، وذلك لعدم وجود عقل أنساني يتبنى عقيدة ، ويتخذها كفكر ونهج وحياة ، تنصب على القتل والصلب والسحل والحرق والسبي ونكاح حور العين والجزية والتكفير وألغاء الأخر والجهاد ضد غير المسلمين .
2 - ومن جانب أخر مواز ، ولكنه مضاد في التوجه ومخالف للعقيدة ، نلاحظ أديانا سماوية / كاليهودية والصابئة والمسيحية و .. ، بعيدة / كأديان وعقيدة وفكر ، عن هذا التوحش وعن ثقافة القتل ، وعن هذه الدموية التي دمرت وتدمر أجيالا من المسلمين ! ، فلو أخذنا المسيحية – مثلا ، المملوءة محبة وتضحية ونور كعقيدة وفكر .. من خلال نصوص الانجيل ، حيث نلاحظ أن المسيح يخاطب اتباعه بقوله ( ثُمَّ كَلَّمَهُمْ يَسُوعُ أَيْضًا قَائِلاً : " أَنَا هُوَ نُورُ الْعَالَمِ . مَنْ يَتْبَعْنِي فَلاَ يَمْشِي فِي الظُّلْمَةِ بَلْ يَكُونُ لَهُ نُورُ الْحَيَاة " / من أنجيل يوحنا ) ، وبأية أخرى ( قَالَ لَهُ يَسُوعُ : أَنَا هُوَ الطَّرِيقُ وَالْحَقُّ وَالْحَيَاةُ . لَيْسَ أَحَدٌ يَأْتِي إِلَى الآبِ إِلاَّ بِي ) ومن موقع http://www.thegrace.com أنقل مقتطفات من موعظة الجبل للسيد المسيح ، التي تنم عن فلسفة من التسامح والغفران والرحمة والسلام ( طوبى للمساكين بالروح . لان لهم ملكوت السموات . طوبى للحزانى . لانهم يتعزون . طوبى للودعاء . لانهم يرثون الارض . طوبى للجياع والعطاش الى البر . لانهم يشبعون . طوبى للرحماء . لانهم يرحمون . طوبى للانقياء القلب . لانهم يعاينون الله . طوبى لصانعي السلام . لانهم ابناء الله يدعون . طوبى للمطرودين من اجل البر . لان لهم ملكوت السموات ... ) ، فأين هذه الوصايا من قول رسول الأسلام ( حدثنا محمد بن يزيد يعني الواسطي ، أخبرنا ابن ثوبان ، عن حسان بن عطية ، عن أبي منيب الجرشي ، عن ابن عمر قال : قال رسول الله : " بعثت بالسيف حتى يعبد الله لا شريك له ، وجعل رزقي تحت ظل رمحي ، وجعل الذلة ، والصغار على من خالف أمري ، ومن تشبه بقوم فهو منهم " / نقل من موقع منتديات أتباع المرسلين ) ! ، ما نلحظه : أن المسيح بعث بطريق كله رحمة ومغفرة ، والرسول بعث بالسيف ورزقه برمحه !! .
3 – كما يوجد أيضا ديانات أخرى أرضية / كالهندوسية والبوذية والطاوية و .. تعاليمها سلمية كلها تأمل ، ومن البوذية ، هناك تعاليم لبوذا ، أنقل منها التالي ( الكهنة والشيوخ وزعماء الدين بمختلف تسمياتهم هم أعداء الحقيقة وسلاحهم الوحيد هو اتهام الباحثين عن الحرية بالزندقة ، في المعابد بأنواعها تزرع بذور الكذب والرياء وفيها تسقى شجرة العبودية لتنمو وتزدهر ، العبد الحقيقي هو من اتخذ أعداء الحقيقة أولياء له ومعلمين لأنه عما قريب سيصبح كلبهم الأمين ، إن الحرية أنواع وأولها التحرر من الأباطيل والأكاذيب البالية وأوسطها أن تصبح مقادير أنفسنا بأيدينا وآخرها أن نكون الإله نفسه ، إن المرء لا يقاس بضخامة جسمه بل بنضج عقله / نقل ما سبق ، من هكذا تكلم بوذا من https://bedna7al.com ) . والبوذية تتمحور حول ثلاثة أمور ، وتسمى الجواهر الثلاث : أولها ، الإيمان ببوذا كمعلّم مستنير للعقيدة البوذية ، ثانيها ، الإيمان بـ "دارما " ، وهي تعاليم بوذا وتسمّى هذه التعاليم ب " الحقيقة " ، ثالثها وآخرها ، المجتمع البوذي . وتعني كلمة بوذا بلغة بالي الهندية القديمة ، " الرجل المتيقّظ " وتترجم أحيانا بكلمة المستنير ./ نقل من الويكيبيديا ) ، والبوذية بعيدة كأسلوب حياة عن العنف وعن القتل ، ونهجها هو البحث عن الحقيقة سلميا ..
خاتمة : أن حراس القبور هم حراس لصنم قد قبر وأنتهى دوره ونهجه ، وذلك لخروجه عمليا خارج نطاق الزمان والمكان ، ولأنه يمثل بيئة القرن السادس القبلية البدوية فكرا وحراكا ، وفكر اليوم المتنور ، فكر لكل البشرية ، ورواده يمثلون شهودا للنور ، وأصبح هذا الفكر غريبا عن فكر ذلك المجتمع الجاهلي الذي كان جل فكره ينصب على الغزو والغنائم والسبي .. ، ولا يمكن لنص فكري وجد لمجتمع يؤمن بمعتقدات غيبية كحور العين أو لخرافة الأسراء والمعراج .. / مثلا ، أن يحيا في عالم اليوم ، عالم الذرة ! ، ولا يمكن لصنم مات وقبر أن يحيا ! . فعلى الحراس أن يتركوا رماحهم وسيوفهم ، وأن يتقلدوا بسلاح الفكر الحر العقلاني ، وأن يلحقوا بركب النور ، من أجل المستقبل ، فظلمة النصوص دفنت ، وسوداوية الحياة التي تمثلها أفلة لا ريب ، لأنها سبب هلاك البشرية .. فأما النور والقيامة من أجل حياة أفضل ، وأما ستبقون حراسا للقبور ! .
#يوسف_يوسف (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الظلال العميقة في النص القرأني
-
أبجدية الأرهاب
-
قراءة في كلمة شيخ الأزهر في أفتتاح كنيسة ميلاد المسيح
-
رؤية .. في تناقض الأحاديث النبوية
-
الرد على تهجم النائب العراقي – عبد الأمير التعيبان .. على ال
...
-
أضاءة .. ميلاد المسيح بين المسيحية والأسلام
-
الأيمان و النكران .. في القرأن
-
الأهتمام الدولي .. بين خطف المطرانين وأغتيال جمال خاشقجي
-
السعودية وأغتيال الكلمة الحرة / جمال خاشقجي .. الجزء الثاني
...
-
الأسلام و - لاهوت القتل -
-
السعودية .. المستقبل المجهول
-
ملحق ( تحت وفوق الطاولة قابوس ونتنياهو )
-
تحت وفوق الطاولة .. قابوس ونتنياهو
-
السعودية وأغتيال الكلمة الحرة / جمال خاشقجي .. الجزء الأو
...
-
الرجم في الأسلام ( من يرجم من ! )
-
قراءة في منح العراقية / الأيزيدية ، - نادية مراد - نوبل للسل
...
-
المافيا الدينية .. الأحزاب الأسلامية كنموذج
-
الموروث الأسلامي في خدمة صنم الحاكم
-
الأسلام والمسلمين في بودقة واحدة وليس في بودقتين !!
-
الأسلام - فعل ماضي -
المزيد.....
-
قائد الثورة الاسلامية يستقبل حشدا من التعبويين اليوم الاثنين
...
-
144 مستعمرا يقتحمون المسجد الأقصى
-
المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية: مذكرة اعتقال نتنياهو بارقة
...
-
ثبتها الآن.. تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 علي كافة الأقم
...
-
عبد الإله بنكيران: الحركة الإسلامية تطلب مُلْكَ أبيها!
-
المقاومة الإسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الأراضي
...
-
المقاومة الإسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الاراضي
...
-
المقاومة الاسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الاراضي
...
-
ماذا نعرف عن الحاخام اليهودي الذي عُثر على جثته في الإمارات
...
-
الاتحاد المسيحي الديمقراطي: لن نؤيد القرار حول تقديم صواريخ
...
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|