أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق ذوي الاحتياجات الخاصة - علي طه النوباني - إنتاج المعاقين في الدول المعاقة














المزيد.....

إنتاج المعاقين في الدول المعاقة


علي طه النوباني

الحوار المتمدن-العدد: 6149 - 2019 / 2 / 18 - 04:13
المحور: حقوق ذوي الاحتياجات الخاصة
    


في البلاد المتقدمة تعمل الأنظمة الاقتصادية والاجتماعية على دمج المعاقين في المجتمع، والبحث لهم عن أدوار تناسب ظروفهم واحتياجاتهم؛ لكي يتمكنوا من العيش الكريم، أما البلاد المصابة بإعاقات متعددة فأنظمتها تتفاعل بشدَّة لتحويل غير المعاقين إلى معاقين جسدياً أو ذهنياً!
لقد أدركت المجتمعات المتقدمة أنَّ أيَّ شخص معرض لأن يصبح معاقا في أية لحظة بفعل حادث سير أو مرض طارئ أو غير ذلك، ومن باب التأمين ضد الإعاقة؛ تكفلت هذه المجتمعات بتأمين حياة كريمة لذوي الإعاقة، وبتوفير تسهيلات تيسيرية لهم تتقدم دائماً وتتطور بفعل ماكينة النشاط الرأسمالي التنافسي للاختراع والإبداع، فكل من يخترع طريقة تسهل حياة المعاقين يبيعها ويحقق ربحاً، وتقدمها تلك الدول من باب الواجب لا من باب العطف والإحسان، بل وتوفر لها القوانين والأنظمة التي تنظمها وتحميها. وبالمقابل فقد ظهر لديهم علماء من ذوي الإعاقة ساهموا مساهمات كبيرة في تنمية مجتمعاتهم وتقدمها أمثال: هيلين كيلر، لويس براين، ستيفن هوكنج، ماركوني، والقائمة تطول، بل وصل روزفلت إلى حكم الولايات المتحدة وهو مصاب بشلل الأطفال.
أما في البلدان التي تعاني من إعاقات مزمنة في أنظمتها وفي نخبها السياسية؛ فتتحول نسب هائلة من السكان إلى معاقين بفعل نسب البطالة المرتفعة والأنظمة الغبية المتعجرفة التي تتسم بالأحادية والشمولية والفساد المستحكم، ومنح الأولوية دائماً لمعايير الولاء والجاه والنسب على الإبداع والذكاء والعلم.
وهكذا يصبح الحديث عن أوضاع المعاقين في البلاد المعاقة عبثاً، لأنَّ آلة الدولة كلها تعمل بشكل متضامن لتحويل الناس إلى معاقين: البطالة المرتفعة تستدعي انتشاراً واسعاً للمخدرات مهما حاولت أجهزة القمع مواجهتها، والبيروقراطية الحكومية المقرفة وقوانين الجباية تعيق الإبداع التجاري والصناعي والزراعي، وأنظمة التعليم الفاشلة تعيد انتاج التخلف لتأتي بأجيال من الخطرين على الحضارة والحياة، كما أنّ الفساد المستشري يشيع الإحباط واليأس ويعطل العقل والتفكير.
قد يتهمني البعض بالسوداوية والتشاؤم، وإنني أتوجه بالسؤال لكم: أين ذهب أولئك الأطفال المبدعون الذين عايشناهم في المدارس؟ هل أصيبوا بمتلازمة الغباء عندما كبروا؟ ألم يكن بينهم الفنان والعالم والمخترع والتاجر حتى ارتطموا بأنظمة غبية تبذل جهودا جبارة لتحول شعوبها إلى معاقين عاجزين عن الفعل.
لقد آن الأوان لمراجعة كل شيء، لعلنا نعرف لماذا نحن المستهلك الأول لأتفه منتجات الشعوب الأخرى؟ ما الذي يصيب أجيالنا من أصناف الخبل لكي لا ننتج مثل الآخرين؟ ما الذي يجعل مواطننا متحسسا خائفا كمن يمشي في حقل من الألغام؟ وما هي مصلحة النخب الحاكمة في صناعة هذا الكم الهائل من الإعاقات؟
بعد نضال طويل، قام رئيس البلدية بتخصيص موقفين في السوق للمعاقين حركياً لكي يتمكنوا من قضاء حاجاتهم، ومنذ ذلك اليوم وكلما احتجت لاستعمال هذه المواقف أجد شخصا غير معاق حركياً يوقف سيارته في الموقف. وإنني ومنذ هذه اللحظة أعدكم بعدم الحديث عن حقوق المعاقين حتى تتوقف بلادنا عن صناعة الإعاقة بكل أنواعها لأنه لا يمكنني فرز فئة محددة بهذا الاسم.



#علي_طه_النوباني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الدراما العربية من القاهرة إلى نيودلهي
- قهر العباد في فن الفساد
- كثرة الشعراء، وقلة العلماء
- الحرية بين الكبت (والانجلاق)
- حرَّم الخمر...، واختار النساء
- تحقيق الصفو العام في بلاد الخوف العام
- بنما دولة بعيدة... ومُشوِّقة جدا
- الأزمة الاقتصادية، ومصالح الطبقات
- معادلة أحادية المقاربة بين التسليم والعقم الحضاري
- الفصل من جروب الفيسبوك، عقوبة ثقافية جديدة
- اليسار التقدمي يُغير الشعب
- وسِّع الميدان ... نزلت الفرسان


المزيد.....




- الحرب بيومها الـ413: قتلى وجرحى في غزة وتل أبيب تبحث خطةً لت ...
- الجامعة العربية ترحب بمذكرتي اعتقال نتنياهو وغالانت
- اعتقال حارس أمن السفارة الأميركية بالنرويج بتهمة التجسس
- الأونروا: النظام المدني في غزة دمر تماما
- عاصفة انتقادات إسرائيلية أمريكية للجنائية الدولية بعد مذكرتي ...
- غوتيريش يعلن احترام استقلالية المحكمة الجنائية الدولية
- سلامي: قرار المحكمة الجنائية اعتبار قادة الاحتلال مجرمي حرب ...
- أزمة المياه تعمق معاناة النازحين بمدينة خان يونس
- جوتيريش يعلن احترام استقلالية المحكمة الجنائية الدولية
- العفو الدولية: نتنياهو بات ملاحقا بشكل رسمي


المزيد.....

- الإعاقة والاتحاد السوفياتي: التقدم والتراجع / كيث روزينثال
- اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة / الأمم المتحدة
- المعوقون في العراق -1- / لطيف الحبيب
- التوافق النفسي الاجتماعي لدى التلاميذ الماعقين جسمياً / مصطفى ساهي
- ثمتلات الجسد عند الفتاة المعاقة جسديا:دراسة استطلاعية للمنتم ... / شكري عبدالديم
- كتاب - تاملاتي الفكرية كانسان معاق / المهدي مالك
- فرص العمل وطاقات التوحدي اليافع / لطيف الحبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق ذوي الاحتياجات الخاصة - علي طه النوباني - إنتاج المعاقين في الدول المعاقة