أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - سعد هجرس - هؤلاء يجب إقالتهم .. والمحافظ المحبوب اولهم















المزيد.....

هؤلاء يجب إقالتهم .. والمحافظ المحبوب اولهم


سعد هجرس

الحوار المتمدن-العدد: 1528 - 2006 / 4 / 22 - 10:30
المحور: المجتمع المدني
    


يتباكى الجميع على جريمة الجمعة الحزينة ويتبارى الكل على إدانتها واستنكارها.
وأخشى أن أقول أن معظم هذه الدموع التى بللت صفحات الجرائد وبرامج التليفزيون دموع كاذبة.
لأن هذا الهجوم الإجرامى على ثلاث كنائس ليس مسئولية الأداة، او الأدوات، المباشرة التى نفذته، وإنما هو الأبن الشرعى لمناخ مشحون بالكراهية والتعصب والتطرف شارك الكثيرون منا فى صنعه.
وبهذا المعنى فان معظمنا شركاء فى المسئولية عن هذه الجريمة، والجرائم التى سبقتها، والجرائم التى ستقع بعدها إذا لم نعترف بهذه الحقيقة المرة، وإذا لم نعمل على تغيير هذه البيئة الصديقة للعنف والتزمت ووضع "الملة" فوق "الأمة".
ويزيد من مسئولية المجتمع بأسره عن جريمة الجمعة الحزينة أنه فى أعقاب وقوع كل جريمة سابقة تم الاكتفاء بلطم الخدود وشق الجيوب وترديد الأناشيد العاطفية عن وحدة الهلال والصليب، بينما جرى تسطيح المشكلات الواضحة لكل ذى عينين والتهوين من شأنها وكنس الخلافات تحت السجادة وترك النار تحت الرماد والابقاء على الأسباب التى أدت إلى تفاقم المشاكل دون الاقتراب منها والاكتفاء ببعض المسكنات لأعراض الأمراض الدفينة.
بل أن حساب المسئولين مسئولية مباشرة عن هذه الأحداث المتكررة لم يكن على المستوى المنطقى.
ولهذا تكررت المشاكل والأزمات .. ولا يوجد ما يمنع من تكرارها فيما بعد إذا استمرت هذه الضوضاء ولم يصحبها عمل جدى مسئول.
والأعمال المطلوبة .. والواجبة .. كثيرة.
أولها محاسبة المسئولين عن أوجه الخلل والقصور والثغرات التى تسلل منها الجانى، أو الجناة، بهذه البساطة المستفزة من كنيسة إلى كنيسة ثانية ، ثم ثالثة. وكأن هذه الكنائس تقع فى الأرض الخراب، على حد تعبير الشاعر ت. إس. إليوت، وليس فى مدينة الاسكندرية ثانى اكبر مدن مصر المحروسة.
نحن إزاء خلل أمنى واضح، خاصة وأن نفس المدينة شهدت أحداثاً طائفية منذ فترة ليست بعيدة. وكان من الواجب تأمين دور العبادة بشكل أكثر جدية، وبالذات ونحن فى فترة أعياد متصلة لأقباط مصر بدأت بجمعة ختام الصوم التى وقعت خلالها هذه الجريمة ثم مرت بأحد السعف وأسبوع الآلام حتى تصل ذورتها بعيد القيامة المجيد.
لذلك .. كان غريبا أن يصر اللواء محمد عبدالسلام المحجوب محافظ الاسكندرية على الاشادة بالجانب الأمنى فى هذه الجمعة المشئومة. ورغم أن سيادة المحافظ له بصمات لا يمكن إنكارها، ورغم أن الاسكندرية شهدت فى ظل قيادته لها سنوات من الانجازات التى يعود الفضل الأول له عنها .. فان هذا لا يبرر تصريحاته الأخيرة ولا يخفف من مسئوليته عن هذه الأحداث بحكم أنه أكبر مسئول بالأسكندرية والرئيس المسئول عن كل الأجهزة بما فيها الأجهزة الأمنية.
كذلك الحال بالنسبة للأمن .. والبيان الذى صدر متأخراً فى الخامسة مساء رغم أن الأحداث بدأت فى الثامنة صباحاً، ورغم تأخره جاء خاليا من المعلومات المفيدة، بل أكتفى بترديد حكاية الشخص المضطرب نفسياً التى تسببت فى إثارة المشاعر وزيادة الطين بلة نظراً لاحساس الجميع، مسلمين وأقباط، بأن هذا البيان يستخف بعقولهم.
والعجيب .. ألا يصدر بيان يتضمن توجيه اللوم لأى حلقة من حلقات الأمن الكثيرة التى اخترقها شخص واحد، ناهيك عن أنه مضطرب نفسياً، بل يصر الجميع على أن "كله تمام"!
فماذا كان بوسعه أن يكون الوضع لو أن هذا الشخص كان مسلحاً بمدفع رشاش أو حزام ناسف وليس مجرد سلاح أبيض؟!
إذن أول شئ نتوقعه كى نقتنع بالجدية فى مواجهة هذه الأحداث هى حساب المسئولين عن أوجه الخلل والقصور ذات الصلة.
وفى مقدمة هؤلاء محافظ الاسكندرية وكبار المسئولين عن الأمن فى الثغر والمسئولين عن بيان "المضطرب نفسياً" فى وزارة الداخلية بالقاهرة.
وإلى جانب ذلك يجب اجتثاث الأعشاب السامة التى نمت وترعرعت وتكاثرت واستشرت فى مصر، مفرزة سموم التعصب والكراهية والتطرف والعنف.
أول هذه الأعشاب السامة .. هو الخلط بين الدين والسياسة ، وهو خلط غير برئ ، يضر الدين كما يفسد السياسة.
وإيقاف هذا الخلط المؤذى يتطلب إجراءات دستورية وتشريعية حازمة يجب أن يتوافق عليها المجتمع من خلال حوار حر وديموقراطى يشارك فيه الجميع دون استبعاد أو إقصاء.
وثانى تلك الأعشاب السامة .. هو مناهج التعليم التى تكرس الضغائن بين المسلمين والمسيحيين ، مثل هذه المناهج يجب نسفها على الفور، واستبدالها بمناهج تعزز التفاهم وتركز على القواسم المشتركة، فضلاً عن وضع مناهج لا تستبعد الحقبة القبطية من تاريخ مصر.
وثالث تلك الأعشاب السامة .. هى البرامج التى تثبها مختلف وسائل الاعلام والتى تتسبب فى تمزيق النسيج الوطنى ، والتى تلعب بالنار الطائفية خدمة لفئات متعصبة فى الداخل أو تيارات اجنبية مشبوهة ومتآمره فى الخارج .أو على الأقل التى لا تراعى تعريف المصريين ببعضهم البعض، مسلمين ومسيحيين، بصورة واعية وعميقة من خلال الاعمال الدرامية وغيرها.
وبعد الاعشاب السابقة التى تصنع مناخاً من الغربة والانفصال بين أبناء الوطن الواحد بحيث يتم بناء سور عازل بين الطفل المصرى المسلم والطفل المصرى القبطى من سنوات الحضانة ويظل هذا السور يرتفع حتى سنوات الجامعة .. بل وفى أماكن العمل فى أحيان كثيرة .. نصل إلى رابع تلك الأعشاب السامة المتمثلة فى "المشكلة القبطية".
والمشكلة القبطية .. عنوان كبير توجد تحته عناوين فرعية كثيرة.
منها مشكلة بناء الكنائس . وهى مشكلة مزمنة تعود بداياتها إلى عصور الاحتلال العثمانى حيث تم فرض قيود عنصرية على بناء دور العبادة لغير المسلمين. ورغم تعاقب العصور ودخول مصر الألفية الثالثة والقرن الحادى والعشرين ظلت هذه الاغلال العثمانلية تقيد حق الأقباط فى بناء كنائسهم بحرية. ونتيجة ذلك لم يتجاوز عدد الكنائس فى مصر ثلاثة آلاف كنيسة مقابل ما يزيد عن مائة ألف مسجد، أى أقل من 3% .. فهل يمثل المسيحيون ثلاثة فى المائة فقط من إجمالى عدد السكان؟ بالطبع لا .
وطالما بقى الحال على ذلك فان من حق الاقباط ان يشعروا بالاضطهاد، وبأن حريتهم فى ممارسة شعائرهم مقيدة.
ولا أفهم لماذا يحمل الحكم الحالى نفسه وزر لوائح عثمانلية بالية ليس هو الذى اخترعها، ولماذا لا يسارع بالتخلص منها وإلقائها فى سلة مهملات التاريخ؟
إن التلكؤ فى عمل ذلك يعطى للأقباط مبرراً للشعور بالاضطهاد، والاحساس بالظلم. وهو شعور يمكن – ويجب – القضاء عليه. ولا يحتاج ذلك إلى وقت، وإنما يحتاج إلى قرار سياسى حازم لا يستغرق صدوره أكثر من خمس دقائق يقر حق المسيحيين فى بناء دور عبادتهم دون قيد أو شرط .. فما الغضاضة فى ذلك، وماذا يحول دون الاقدام على هذه الخطوة التى تهدئ خواطر اخواننا الاقباط وتريح ضمائرنا نحن إخوانهم المسلمين؟
ثانيا- هناك مشكلة شكوى الاقباط من التمييز فى شغل بعض المناصب العمومية فى بعض الجهات، وبالذات فى الأجهزة الأمنية والرقابية ورئاسات الجامعات، فضلا عن تراجع التمثيل القبطى فى البرلمان.
وهذا التمييز يمكن القضاء عليه بتعزيز مبدأ "المواطنة" وتجريم مخالفته والتشديد على ان يكون معيار الكفاءة هو المعيار الأول والأوحد لشغل المناصب العمومية بصرف النظر عن الدين أو الجنس او اللون أو الانتماء القبلى أو الجهوى.
وبالنسبة لعضوية المجالس النيابية والمحليات فان الحل هو اللجوء إلى نظام الانتخاب بالقائمة النسبية ومراعاة تمثيل الأقباط، والنساء ، فى هذه القوائم بصورة ملائمة.
ثالثاً – وفى كل الأحوال .. لا أرى مبرراً للابقاء على خانة الديانة فى البطاقات الشخصية وفى عقود البيع والشراء وشتى المعاملات الدنيوية.
هذا الذى ذكرناه فى السطور السابقة هو غيض من فيض، وجزء صغير من أجندة أكبر يمكن ويجب البدء فى وضعها موضع التنفيذ اليوم قبل الغد .. إذا كنا نشعر حقاً بخطورة جريمة الجمعة الحزينة فى الاسكندرية، وإذا كنا نريد حقا أن لا يتكرر مثلها مستقبلا لا قدر الله.
أما اذا اكتفينا بترديد أهازيج الوحدة التى لا تقدم ولا تؤخر .. دون أن نحاسب كل مسئول عن أوجه القصور والخلل .. ودون أن نعمل على القضاء على الأعشاب السامة .. يكون من حق نافخى رياح التعصب والكراهية من الداخل والخارج أن يحتفلوا بانتصارهم، ويكون من واجب المصريين المحبين لهذا الوطنأإلا يكتفوا بدق أجراس الخطر .



#سعد_هجرس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الطموح الإيراني والغيبوبة العربية
- أحزاب -تجارية- !
- تريدون القضاء علي بعوض الكراهية.. جففوا مستنقعات التطرف الدي ...
- رسالة من رئيس وزراء فرنسا .. إلى الدكتور نظيف
- عندما تساوي حياة المواطن.. ثمن وجبة كفتة!
- تقرير مهم لمجلس غير مشكوك في مصاهرته للحكومة
- حوار ساخن مع الجنرال جون أبى زيد
- معاقبة السعودية بسبب إسرائيل.. ومصر بسبب نور.. والسودان بسبب ...
- فضيحة خطيرة
- الوزراء .. مطالبون بصوم ربيع الأول والآخر!
- من الذى أضرم النار فى معقل الليبرالية المصرية ؟
- المهندسون يرفعون شعار: الضغوط الأجنبية هى الحل!
- تونس الخضراء .. ثنائية السياسة والاقتصاد
- نصف قمة
- عفواً يا فضيلة المفتي: أرفض تطليق ابنتي
- »عمر أفندي« يستنشق أولي نسائم الشفافية
- استقلال تونس .. بدون عدسات الحكومة اللاصقة .. والملونة
- ! أرباب الصناعة.. وأرباب السوابق
- يا عم حمزة .. رجعوا الأساتذة .. للجد تانى
- طرق أبواب مغلقة بالضبة والمفتاح!


المزيد.....




- غرق خيام النازحين على شاطئ دير البلح وخان يونس (فيديو)
- الأمطار تُغرق خيام آلاف النازحين في قطاع غزة
- 11800 حالة اعتقال في الضفة والقدس منذ 7 أكتوبر الماضي
- كاميرا العالم توثّق معاناة النازحين بالبقاع مع قدوم فصل الشت ...
- خبير قانوني إسرائيلي: مذكرات اعتقال نتنياهو وغالانت ستوسع ال ...
- صحيفة عبرية اعتبرته -فصلاً عنصرياً-.. ماذا يعني إلغاء الاعتق ...
- أهل غزة في قلب المجاعة بسبب نقص حاد في الدقيق
- كالكاليست: أوامر اعتقال نتنياهو وغالانت خطر على اقتصاد إسرائ ...
- مقتل واعتقال عناصر بداعش في عمليات مطاردة بكردستان العراق
- ميلانو.. متظاهرون مؤيدون لفلسطين يطالبون بتنفيذ مذكرة المحكم ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - سعد هجرس - هؤلاء يجب إقالتهم .. والمحافظ المحبوب اولهم