جمشيد ابراهيم
الحوار المتمدن-العدد: 6146 - 2019 / 2 / 15 - 11:52
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
سبحان الذي اسرى بولد كوردي من مدينة الديوانية الى بغداد
و هنا كانت اغنية المطرب الريفي عبد الصاحب شراد (ذبي العباية – ذبي العباية) تذكرني بعباءة ليلى في الديوانية و الحقيقة كنت احتقر المطربين من امثاله و امثال جواد وادي و عبد الواحد جمعة في زمن تسلط الغناء و الفيلم المصري و لكن الان و بعد هذا البعد الزمني اجد اغاني هؤلاء اجمل الف مرة من انغام كوكب الاغاني المملة الطويلة.
نعم انتهي زمن شعار: عاش الزعيم عبدالكريم - شعب العراق شعب عظيم و انتقلنا الى زمن شعار: امة عربية واحدة - ذات رسالة خالدة
و السؤال هو عن اية رسالة خالدة كان يتكلم هذا الاهبل؟ فاذا كانت رسالة عربية فهي قبيحة بشعة مغتصبة ارهابية غازية و اذا كانت اسلامية فهي اقذر و اخطر استعمار عرفه التأريخ - استعمار برؤوس متعددة: قومية لغوية دينية غازية مغتصبة لمختلف الهويات و محتلة لاراضي شاسعة.
كيف تستقر اذن حياة الولد الكوردي في هذا العالم فهو كالرحل او البدو او الغجر و الهائم على وجهه. نعم جاء اليوم الاسود لي شخصيا لنترك الديوانية لتتحول بسرعة الى ذكريات بعد سنتين فقط - لا ادري كيف و لكن كان والدي الذي فقد والده و هو طفل سنتين ايضا ماهرا في ترتيب الاحوال و التكيف مع الوضع الجديد - عائلة كوردية مسكينة في فرار وهروب دائمي - من مكان الى مكان و كان عليها مثل عداء المسافات الطويلة The loneliness of the long distance runner للكاتب الانجليزي Alan Sillitoe ان تركض ببطء عمدا لكي تخيب امال المؤسسة الحكومية.
استأجر والدي بيتا كبيرا لنا مع حديقة كبيرة و لكن الحديقة كانت مرتعا للفئران و الجرذان و الضفادع الكبيرة حتى في المرحاض - كانت الفئران تنطلق من ثقب الى الاعلى كالصاروخ لتختفي كالغطاس في حركة بهلوانية في ثقب اخر. لا اتذكر بالضبط الفترة التي مضيناها مع الفئران و لكني اعتقد كانت ثلاثة اشهر و الظاهر جابه والدي صعوبة ايجاد دارا نظيفا للسكن لذا وجد شقة فوق محل تصليح السيارات او بلغة بغداد الفيترجية رغم ان الشقق كانت لها سمعة سيئة انذاك و هو الرجل المحافظ جدا. يمكن قراءة المزيد عن هذا البيت باللغة الانجليزية هنا:
http://www.jamshid-ibrahim.net/index.php?id=204
مسكينة والدتي لانها كانت المرأة الوحيدة في عائلة الرجال السبعة. مزحت معها صديقة مرة بان العتب عليها لانها لم تنجب بنتا و لكنها كانت الام المحظوظة بعقلية نساء كوردستان لانها انجبت فقط الاولاد لتخدم سبعة رجال بوحدها. كانت ماكنة لانجاب الاولاد و تنظيف البيت تستيقظ مبكرا و كنت اسمع اغاني كوردية في الصباح و هي تحضر الفطور و لكنها فجأة تحولت الى اغاني البدوية سميرة توفيق خاصة اغنية (يا هلا بالضيف ضيف الله) في مدينة الديوانية و تدخن سيجارة لوكس لتستقر في بغداد على اغاني المطربة المصرية نجاة الصغيرة.
#جمشيد_ابراهيم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟