أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبد الغني سلامه - عن الخلافة العثمانية















المزيد.....

عن الخلافة العثمانية


عبد الغني سلامه
كاتب وباحث فلسطيني

(Abdel Ghani Salameh)


الحوار المتمدن-العدد: 6144 - 2019 / 2 / 13 - 11:56
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


تعمل المسلسلات التركية على تجميل صورة الدولة العثمانية، كما تحيي في كل عام بعض الأحزاب الإسلامية (وكل دعاة عودة الخلافة) الذكرى السنوية لهدم الخلافة العثمانية، منطلقةً في دعوتها تلك من الاعتبارات التالية:

• اعتبار الدولة العثمانية تجسيدا حقيقيا لدولة الخلافة الإسلامية، التي بدأت بالخلافة الراشدة، ثم انتقلت للأمويين والعباسيين والفاطميين والمماليك.. وصولا للعثمانيين..
• الدولة العثمانية كانت منيعة وقوية، يهابها جيرانها، ويحسبون لها ألف حساب.
• حفظت وحدة البلدان العربية والإسلامية، ودافعت عن المسلمين داخل وخارج حدودها.
• بعد سقوط الدولة العثمانية بدأ مسلسل التراجع والانهيار في العالم الإسلامي، حتى وصل إلى هذا المستوى من الحضيض.

ما مدى صحة هذه الادعاءات أمام حقائق التاريخ؟ للإجابة بموضوعية ودقة، تعالوا نحللها، دون تشنج، ودون تحيز.

من المفترض أن تقوم الخلافة الراشدة على العدل والمساواة، ويتم تنصيب الخليفة بالشورى والبيعة.. بينما الدولة العثمانية، كما كانت من قبلها الأموية والعباسية وو.. كانت في حقيقتها مُلكا عضودا، قائماً على التوريث (حتى هذا التوريث كان كثيرا ما يمتزج بالدم والاغتيالات والدسائس)، وكان "الخليفة" يتمتع بمزايا ومكتسبات لا تختلف عمّا يتمتع به الأباطرة والملوك، من قصور وخدم وحشم وجواري وعبيد.. وتكفي زيارة واحدة لقصور السلاطين في أسطنبول لتعرف إلى أي مدى كان ينعم فيها السطان العثماني بالترف، بينما كانت الشعوب العربية تكابد الفقر والعوز والمجاعات..

فهل شكل ومضمون تلك الإمبراطوريات له علاقة بحقيقة وجوهر الخلافة الراشدة؟! أم أن الخلافة انتهت عمليا باستشهاد الإمام علي؟!

صحيح أن الدولة العثمانية (1299~1922)، كانت في النصف الأول من عمرها قوية ومنيعة، وتخشاها الدول الكبرى؛ إذ أنها اهتمت بالجيش، والتسليح، وبناء القلاع والحصون، والفتوحات، وخاضت العديد من المعارك.. لكنها أهملت العلم والثقافة والفنون والآداب.. فهل هذا هو هدف الدولة ورسالتها؟

حَكم العثمانيون البلدان العربية أربعة قرون، في تلك القرون شهدت أوروبا عصر النهضة، والاكتشافات الجفرافية، والثورة الصناعية، وازدهرت فيها الفنون والاختراعات والاكتشافات العلمية.. في تلك الفترة أصدر السلطان "بايزيد الثاني" فرمانا يقضي بتحريم المطبعة، ومنع دخولها أراضي الدولة العثمانية، واستمر منعها مائتي سنة.. المطبعة كانت حجر الزاوية في النهضة الأوروبية.. لذلك، عاشت الأمة العربية فترة سبات تاريخي، في عزلة عن العالم، وانقطاع عن تطوراته وحركته الدؤوبة، حتى انتهى بها الأمر عبارة عن حطام أمة، متأخرة عن ركب الحضارة الإنسانية سنين ضوئية..

في آخر قرنين من عمرها، أخذت الدولة العثمانية تعاني من الترهل والتفكك والفساد، حتى صارت توصف بالرجل المريض، تراقب الدول الكبرى احتضارها تمهيدا لوراثتها، وفي هذه الفترة انقضَّ الاستعمار على أطراف وقلب العالم العربي، فاحتل الجزائر والمغرب والخليج العربي واليمن، ومصر.. ولم تتمكن "الدولة العثمانية" من الدفاع عنها..

يعتبر البعض أن السلطان عبد الحميد كان السد المنيع الذي وقف في وجه التهديدات والإغراءات الصهيونية، رافضا التنازل عن شبر من فلسطين.. وفي واقع الأمر، شهد عهده ذروة النشاطات التأسيسية للحركة الصهيونية، حيث تضاعف عدد اليهود في فلسطين ثلاث مرات، من أربعة وعشرين ألف عام 1882 إلى ثمانين ألف عام 1908، وازداد عدد المستعمرات من مستعمرة واحدة (بتاح تكفا) عام 1878، حتى 33 مستعمرة إلى جانب (68) مستعمرة زراعية وتجارية في العام 1908. كما تواصلت الاستثمارات اليهودية في فلسطين وازدادت كمّا ونوعا، وتواصلت عمليات تسريب ملكية الأراضي لليهود، حتى تجاوزت الأربعمائة ألف دونم في نفس العام. وهذه المنجزات والأرقام كانت في غاية الأهمية بالنسبة للمشروع الصهيوني، وقد شكلت الأساس المادي له. ولا شك أن السلطان كان متابعا لأدق التفاصيل لما يحصل في فلسطين، وكان على دراية بالمخططات الصهيونية، وفي ذلك الوقت كانت الحركة الصهيونية في بداياتها، ولا تتمتع بالقوة والنفوذ التي هي عليه اليوم؛ وبالتالي فإن الأرقام ودلالاتها التي تحققت في عهد عبد الحميد تعني أن هناك تسهيلات في الهجرة اليهودية، وغضٌ للبصر عن بناء المستوطنات والنشاطات التهويدية الأخرى، وتسامح إزاء عمليات تسريب الأراضي لليهود، والتي ساهمت فيها الضرائب الباهظة على الفلاحين الفلسطينيين.. رغم أن موقفه الرسمي (المعلن والمضمر) كان التشدد في رفض التنازل عن فلسطين مقابل المال اليهودي. وعدم التفريط بها، لكن سياساته العملية على الأرض افترقت واختلفت مع ذلك الموقف، وأتت بنتائج معاكسة.

والتاريخ يقول إن مسلسل التراجع والانهيار في العالم الإسلامي بدأ فعليا في القرن الثاني عشر ميلادي، أي قبل العثمانيين بكثير؛ حين انتصرت المدرسة السلفية الفقهية على الفلاسفة والمفكرين وعلماء الكلام.. منذ ذلك الوقت، والعالم الإسلامي في تراجع وانحطاط مستمرين، حتى أنه توقف كليا عن المساهمة في ركب الحضارة الإنسانية..

في ذلك الوقت، ولفترة طويلة، لم يكن للعالم الإسلامي خلافة موحدة، كانت الدولة العباسية في بغداد، والفاطمية في القاهرة، والأموية في الأندلس.. وبدأت تظهر على الأطراف دويلات وجماعات منقسمة، متنازعة.. فجاء الفرنجة واحتلوا أجزاء واسعة من بلاد الشام لمدة 200 سنة، ولم تحرك الدولة الأندلسية (ولا العباسية) ساكنا للدفاع عن البلاد المحتلة! كما لم تحرك الدولة العثمانية ساكنا لمنع سقوط الأندلس.. وعندما اجتاح التتار المنطقة.. هزمهم "قطز"، في عين جالوت، وفي طريق عودته من المعركة المظفرة قتله السلطان بيبرس!

فكرة أن يكون للمسلمين دولة واحدة قوية مزدهرة، وقائد واحد عادل ونزيه.. فكرة طوباوية، وأظن أن الجميع يحلمون بذلك.. علما بأن عشرات العلماء والمفكرين الإسلاميين بما في ذلك أحزاب إسلامية لا يعتبرون إقامة الخلافة واجبا شرعيا.. سيما وأن هذه الفكرة لم تنجح تاريخيا.. بعد الخلافة الراشدة لم تقم خلافة إسلامية حقيقية.. قامت إمبراطوريات تحكم ظاهريا باسم الدين، لكنها كانت بعيدة جدا عن جوهره ومضامينه.. كانت عبارة عن تجارب بشرية تاريخية، لها حسناتها وإيجابياتها، كما لها مساوئها وسلبياتها.. وأظن أننا في هذا العصر بحاجة إلى دولة عصرية تنسجم مع المعطيات الجديدة..

إذا لم نتعظ من التاريخ، فعلى الأقل لنفهم الحاضر..



#عبد_الغني_سلامه (هاشتاغ)       Abdel_Ghani_Salameh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لعنة البترول، في فنزويلا والعراق
- هل من حرب على الإسلام؟
- إسرائيل، والصراع على هوية الدولة والمجتمع - دراسة بحثية
- الثقافة السمعية
- علوم زائفة
- حُراس الفضيلة، وفستان رانيا يوسف
- الغضب المقدس
- المواطن المستقر
- خوف الطغاة من الأغنيات
- إعدام ميت
- الأصوليّة الإسلامويّة الجديدة - تأملات في فكر وممارسات قوى ا ...
- الفقر، والانفجارات الشعبية في العراق
- بوح واعترافات شخصية
- وما زال حرق النساء مستمرا
- خزعبلات المشايخ
- الرجل والمرأة، كراهية أم خوف؟
- إيران تخلع الحجاب
- النيوليبرالية الإسرائيلية
- بماذا نؤمن؟ ولماذا؟
- ماذا يحدث في السعودية؟


المزيد.....




- بيان إماراتي بشأن اختفاء الحاخام اليهودي
- قائد الثورة الاسلامية آية الله‌خامنئي يصدر منشورا بالعبرية ع ...
- اختفاء حاخام يهودي في الإمارات.. وإسرائيل تتحرك بعد معلومة ع ...
- إعلام العدو: اختفاء رجل دين اسرائيلي في الامارات والموساد يش ...
- مستوطنون يقتحمون مقبرة إسلامية في الضفة الغربية
- سفير إسرائيل ببرلين: اليهود لا يشعرون بالأمان في ألمانيا
- المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف مستوطنة -أفيفيم- بصلية صا ...
- المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف مستوطنة -ديشون- بصلية صار ...
- سفير إسرائيل ببرلين: اليهود لا يشعرون بالأمان في ألمانيا
- أسعد أولادك…. تردد قناة طيور الجنة التحديث الجديد 2025 على ج ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبد الغني سلامه - عن الخلافة العثمانية