|
تحليل . البرلمان الاوربي يصادق على تجديد اتفاقية الصيد البحري مع المغرب
سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر
(Oujjani Said)
الحوار المتمدن-العدد: 6144 - 2019 / 2 / 13 - 11:55
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
كما كان متوقعا ومنتظرا ، صادق البرلمان الأوربي على اتفاقية الصيد البحري مع المغرب بأغلبية ساحقة : 415 برلماني صوتوا لصالح الاتفاقية ، في حين عارضها 189 نائب اوربي . بعد التصويت اعربت اطراف النزاع عن مواقفها من التوقيع على الاتفاقية ، ففي الوقت الذي اعتبر فيه النظام المغربي التصويت انتصارا واعترافا صريحا من الاوربيين بمغربية الصحراء ، اشتاطت جبهة البوليساريو غضبا ، واعتبرت ان التصويت بالإيجاب وبأغلبية ساحقة ، هو استغلال ، ونهب ، وسرقة اوربية لثروات الصحراء المتنازع عليها مع المغرب . وقبل الوصول الى التصويت ، شنت الجبهة حملة شرسة للضغط على الاوربيين ، كي لا يصوتوا لصالح الاتفاق المذكور ، كما اعتبرت ان أي مفاوضات ، او اتفاقات ، يجب ان تحصل مع الطرف المعني ، أي مع الجبهة مستندة في ذلك على قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 34/37 الصادر في سنة 1979 ، الذي اعتبر جبهة البوليساريو الممثل الشرعي الوحيد للشعب الصحراوي ، كما تحجّجت بكون النزاع لايزال بين ايدي مجلس الامن والأمم المتحدة ، والى حين تنظيم الاستفتاء ، يجب اعتبار الأراضي المتنازع عليها ، بانها خاضعة للقرار 1514 الصادر في سنة 1960 ، والذي يعتبرها مناطق تخضع لقانون تصفية الاستعمار . الطرف الصحراوي استند كذلك على حجية الاحكام التي أصدرتها محكمة العدل الاوربية ، والتي لا تعترف فيها بمغربية الأقاليم الجنوبية المتنازع عليها ، وأعربت عن عزمها اللجوء مجددا للطعن في الاتفاقية الموقعة مع المغرب . فمن المنتصر ومن المنهزم من تجديد توقيع اتفاقية الصيد البحري ؟ هل المغرب ام الجبهة ؟ إذا اخذنا العملية بنتيجة التصويت القاضية بتجديد الاتفاقية ، يكون النظام المغربي هو من انتصر . لكن إذا حللنا ابعاد التصويت التي تخدم المصالح الأساسية الاوربية ، ودون ربطها بقرار صريح للاتحاد الأوربي يعترف فيه بمغربية الصحراء ، يكون المنتصر الحقيقي هي المصالح الاوربية التي تلعب على التناقضات الحاصلة بين اطراف النزاع ، ويكون الخاسر، الشعب المغربي الذي بيعت ثروته للأوربيين بثمن بخس ، هو 37 مليون يورو ، كما يكون اكبر الخاسرين جبهة البوليساريو ، لتعلقها بالسراب والاوهام ، التي لا علاقة لها بالضوابط المصلحية التي تحدد نوع العلاقات بين الدول ، والتي تكون في اغلبها مبنية على المصلحة . نعم لقد انتصر النظام بتوقيع الاتفاقية ، لكن انتصاره رمزي مادام يبحث عن اية قشة تخلط الأوراق وتبعثر الحسابات ، وخسر الشعب المغربي ، لأنّ بيْع ثرواته ب 37 مليون يورو في السنة ، هو إهانة ما بعدها إهانة ، لمغرب يتوفر على 3500 كلم من السواحل والشواطئ البحرية ، لكن الخاسر الأكبر الذي انهزم بالضربة القاضية كانت جبهة البوليساريو التي لم ترد ان تفيق من نومها وأضغاث احلامها ، ولا تزال رغم الصفعات المدوية ، وصفعة بعد صفعة تتمسك بالوهم والسراب ، وكان الرابح الأكبر ، وبدون منازع الاستعمار الأوربي الذي يسرق وينهب خيرات الشعوب . ان تهديد الجبهة بالرجوع مجدد الى القضاء الأوربي ، يبقى محاولة غير مجدية ، لان قرارات السلطات القضائية الاوربية تكون ملزمة ، عندما يكون النزاع بين دول اوربية ، وتبقى غير ملزمة ومجرد استشارية ، عندما يكون احد اطراف النزاع دولة غير اوربية . فإذا كانت القرارات السابقة لمحكمة العدل الاوربية لم يأخذها البرلمان الأوربي ، ولا الاتحاد الأوربي بالحسبان ، بل لم يعيروها ادنى اهتمام ، فما الجدوى من طرق أبواب المحكمة من جديد لاستصدار قرارات لن تكون ملزمة للاتحاد الأوربي . ثم كيف يعقل اللجوء الى المحكمة للطعن في قرارات البرلمان الأوربي الممثل للشعوب ، حيث ان محكمة العدل الاوربية تبقى غير مختصة للطعن في ذلك ، بخلاف القرارات التي يصدرها الاتحاد كسلطة التنفيذية . فما الجدوى من الطعن في الاتفاقية اذا كانت خسارتها محكوم عليها حتى قبل ان تطرح على انظار المحكمة ؟ ثم هل تجهل الجبهة رفض القضاء الأوربي مؤخرا ، طلب طعنها في المدة المخولة لمجلس الاتحاد الاوربي للنظر في تجديد اتفاق الصيد البحري مع المغرب ؟ ان لجوء الجبهة مرة أخرى الى القضاء الأوربي الغاية منه ، هضم الهزيمة ، والغاية الكبيرة منه ، اللعب على الوقت حتى ينسى الصحراويون ، فشل القيادة عند خوض معارك خاسرة ، كما ان الغاية الأساسية ، هي التنفيس على غضب الصحراويين الذين ينتظرون في تندوف منذ أربعة وأربعين سنة مضت ، أي انتظار گودو الذي لن يعود ابدا . فمنذ ابرام الجبهة لاتفاق وقف اطلاق النار في سنة 1991 ، وهي لا تحصد غير الخسارات المتعددة والمتنوعة ، واصبح إبراهيم غالي مولعا بحصد الصور ، واللعب عليها بشكل طاووسي ، خاصة عندما يسرق صورة الى جانب ممثل النظام المغربي ، او مع احد الرؤساء الأفارقة ، او مع الأمين العام للأمم المتحدة ، او حضور لقاء بروتوكولي بين الاتحاد الافريقي والاتحاد الأوربي مثلا . لذا وامام هذه الخسارات التي هي نتيجة طبيعية لمن فرط في دق الحديد وهو ساخن ، وطبيعية للتحولات التي عرفتها السياسة الدولية والعلاقات الدولية منذ 1991 ، حيث يكون التعامل مع الدول وليس مع الجبهات الانفصالية ، يتعين على الصحراويين الراشدين والحكماء ، عقد مؤتمر استثنائي تحدد فيه المواقف بشكل صريح ، وتطرح اختيارات ما بعد الصدمة والفشل ، على ان يخرج المؤتمر الاستثنائي بقرارات شجاعة ، تفرش الأرضية للمؤتمر الخامس عشر الذي يجب ان يكون مخالفا للمؤتمر الوطني الرابع عشر . فالسؤال الذي يجب ان يركز عليه المؤتمر المقبل ، هو ما العمل ؟ وماذا نريد ؟ --- هل الإقرار بالفشل ، والعودة اللاّمشروطة الى المغرب ، لان المنتصر هو من يفرض شروطه واختياراته . --- ام العودة الى الحرب ، وهنا الامر ليس ببساطة السبعينات والثمانينات ، وحتى سنة 1991 ، لان هناك اتفاق لوقف اطلاق النار يلزم الجميع دوليا ، واي طرف يخرقه سيتحمل نتائج ما سيحصل فوق الأرض ، كما ان تخمين الوضع ، كيف ممكن ان يكون انْ اندلعت الحرب ، خاصة مع الأسلحة الفتاكة والمتطورة ، وهل من الممكن ان تجر اليها الجزائر ، وان حصلت ، هل ستكون لها خاتمتها ، او ستمتد سنوات على غرار الحرب العراقية الإيرانية ....لخ . ان المشهد المحصل عليه ، انّ أي حرب قادمة ، لا يعود فيها قرار اتخاذها الى الجبهة ، بل القرار سيكون جزائريا ، لان الجزائر هي من تتحكم بمدينة تندوف . والسؤال : هل إعادة انتخاب بوتفليقة المريض والغائب ، سيسمح للجزائر بإشعال الحرب ؟ ان إعادة انتخاب بوتفليقة ، هو دليل اكيد على ضعف الدولة الجزائرية ، وما يجري اليوم بالجزائر ، هو تعطيل لصراع مرير ، قد ينشب في اية لحظة ، بين صقور الجبهة وصقور الجيش ، وقد ينفلت الوضع من زمام التحكم ، الى تكرار الحرب الاهلية الجزائرية . وهذا ما يتخوف منه فرقاء الصراع المؤجل ، وهو سبب تمسك الحرس القديم الإنقلابي ، ببوتفليقة رغم غياب عقله ، ورغم مرضه . فإذا كان صقور الجبهة والجيش ، يخشون اندلاع حرب أهلية جديدة ، فكيف لهم ان يقرعوها في الصحراء ضد المغرب . ان فاقد الشيء لا يعطيه . والسؤال : بعد كل ما اتضح ، هل ستقبلون العيش في مخيمات تندوف أربعة وأربعين سنة إضافية ؟ انتم الآن في ورطة ، لأنكم اضعتم الموعد مع التاريخ في سنة 1991 ، واصبحتم بين المطرقة ( المغرب ) والسندان الذي يتلاعب بكم ( عسكر الجزائر ) . الحل هو ان تقودوا انتفاضة جماهيرية شعبية ضد القيادة اليمينية ، وضد النظام الجزائري ، ولتقرروا امّا العودة ، وامّا الحرب ..
#سعيد_الوجاني (هاشتاغ)
Oujjani_Said#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
إذا دهبت الصحراء حتما سقط النظام
-
اربعة واربعون سنة مرت على نزاع الصحراء الغربية
-
حول مداخلة مستشار الامن القومي السيد جون بولتون بنزاع الصحرا
...
-
هل سيزور بنجامين نتانياهو المغرب ؟
-
جمال عبدالناصر . معارضو الناصرية . ( 2 )
-
ألم أقل لكم أن جبهة البوليساريو اصبحت مثل الناقة العمياء تخب
...
-
جبهة البوليساريو تُصاب بالاكتئاب
-
جمال عبدالناصر --- ابعاد النظرية الناصرية . ( 1 )
-
عبداالاله بنكيران ومقاضاة الملك .
-
أول حكم ذاتي لمواجهة النعرة القبلية والمذهبية في الدولة الاس
...
-
الحرب على ايران على الابواب . خطييييييييييييييييييييييييير .
-
ماذا انتم فاعلون ؟ ماذا انتم تنتظرون ؟
-
مساهمة بسيطة كي تخرج جبهة البوليساريو من الجمود .
-
الاطار الاجتماعي للنعرة القبلية والمذهبية ( 5 )
-
سؤال وجيه الى قيادة جبهة البوليساريو
-
رسالة الرئيس الامريكي دونالد ترامب -- الانسحاب من سورية الأب
...
-
النعرة المذهبية الدينية في تشتيت الوحدة الشعبية ( 4 )
-
الاحتفال باعياد المسيح .
-
أسباب نفخ الاسلام في النعرة القبلية والمذهبية ( 3 )
-
تطور القبيلة في الاسلام ( 2 )
المزيد.....
-
رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن
...
-
وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني
...
-
الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
-
وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله-
...
-
كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ
...
-
فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
-
نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
-
طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
-
أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|