أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ضياء الشكرجي - تأويل ممكن لقصة آدم وحواء القرآنية 2/3














المزيد.....

تأويل ممكن لقصة آدم وحواء القرآنية 2/3


ضياء الشكرجي

الحوار المتمدن-العدد: 6143 - 2019 / 2 / 12 - 13:39
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


وهكذا هي قصة هابيل وقابيل «وَاتلُ عَلَيهِم نَبَأَ ابنَي آدَمَ بِالحقِّ إِذ قَرَّبا قُرباناً، فَتُقُبِّلَ من أَحَدِهِما وَلَم يُتَقَبَّل منَ الآخَرِ»، فهذه القصة لعلها ليست من جهة إلا رمزا لإنسان العنف والبغضاء والاحتراب الذي «قالَ لَأَقتُلَنَّكَ»، ومن جهة أخرى إنسان الرفق والمحبة والسلام الذي «قالَ لَئِن بَسَطتَّ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقتُلَني ما أَنَا بِباسطٍ يَدِيَ إِلَيكَ لَأَقتُلَكَ؛ إِنّي أَخافُ اللهَ رَبَّ العالَمينَ»، مع إن إنسان الرفق هذا وفق القصة بصيغتها القرآنية لم يكن مثاليا في عقلانيته وحكمته وحتى في تسامحه، فهو لم يكن حكيما في الإجابة، إذ استفز أخاه فـ «قالَ إِنَّما يَتَقَبَّلُ اللهُ منَ المُتَّقينَ»، بما يعني ضمنا أن أخاه غير متحلٍّ بالتقوى، ومن ثم غير مستحق أن يتقبل الله منه قربانه، وبالتالي يمثل هذا الرد أول انطلاق لثقافة التفسيق، كمقدمة لثقافة التكفير، ودعوى احتكار الحقيقة والإيمان والتقوى والاستقامة، وثقافة تزكية النفس وتبرئتها مقابل إدانة الآخر والحكم عليه. هذا من جهة، ومن جهة أخرى لأنه كان من الناحية الأخلاقية مثاليا أكثر من المعقول، كونه حتى لم يحاول أن يدافع عن نفسه، بل اكتفى بقوله «لَئِن بَسَطتَّ إِلَي يَدَكَ لِتَقتُلَني ما أَنَا بِباسطٍ يَدِيَ إِلَيكَ لَأَقتُلَكَ»، حتى إنه لم يحاول أقلها أن يدرأ عن نفسه الخطر، حتى لو بالهروب، ثم الاختفاء، أو حتى بالهجرة. لا بل حتى لم يكن مثاليا في إنسانيته، بل نراه ناقض نفسه عندما تحلى بمواجهة العدوان والعنف من أخيه بالعفو والرفق من جهته، لكنه كان عفوا ورفقا سلوكيا، وليس نفسيا، وكان عفوا عاجلا زائل الأثر، وليس آجلا دائم الأثر، إذ نراه تمنى لأخيه أن يقتله، لينال عذاب الله الخالد «إِنّي أُريدُ أَن تَبوءَ بإِثمي وَإِثمكَ، فَتَكونَ من أَصحابِ النّارِ وَذالكَ جَزاءُ الظّالِمينَ»، مما يشير إلى بغض دفين عنده، ورغبة في الانتقام، لكنها رغبة موكَل أمر تحقيقها إلى الله، وهو انتقام الضعفاء العاجزين، كما إنه انتقام أشد قسوة وأدوم بقاءً، بحسب الوصف الديني لله، مما يجعل عفوه، أي عفو هابيل الظاهري العاجل فاقد القيمة الحقيقية. نعم، كل ما في الموضوع إنه استطاع كظم غيظه المنبعث من ذلك البغض بموقفه: «ما أَنَا بِباسطٍ يَدِيَ إِلَيكَ لَأَقتُلَكَ». وكذلك قابيل لم يكن شرا محضا، لأنه عبر عن ندمه بعد قتل أخيه «فَطَوَّعَت لهُ نَفسُهُ قَتلَ أَخيهِ فَقَتَلَهُ، فَأَصبَحَ منَ الخاسرينَ، فَبَعَثَ اللهُ غُراباً يَبحَثُ في الأَرضِ لِيُرِيَهُ كَيفَ يُواري سَوءَةَ أَخيهِ، قالَ يا وَيلَتا، أَعَجَزتُ أَن أَكونَ مِثلَ هذا الغُرابِ فأُوارِيَ سوءَةَ أَخي، فَأَصبَحَ منَ النّادِمينَ».



#ضياء_الشكرجي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تأويل ممكن لقصة آدم وحواء القرآنية 1/3
- كارل ماركس وآية الكفر بالطاغوت 2/2
- كارل ماركس وآية الكفر بالطاغوت 1/2
- آية الإفساد في الأرض وتطبيقها على الدين
- آية الطاغوت وتطبيقها على الدين
- آيتا الخمر وتطبيقهما على الدين
- أتقع المسؤولية على القرآن أم على قراءة وفهم القرآن 2/2
- أتقع المسؤولية على القرآن أم على قراءة وفهم القرآن 1/2
- تساؤلات حول القرآن
- مدخل للحوارات مع القرآن
- مع القرآن في حوارات متسائلة
- إثبات وجود الله كمقدمة لكل من إثبات الدين ونفيه
- الدينية واللادينية والإلهية واللاإلهية 3/3
- الدينية واللادينية والإلهية واللاإلهية 2/3
- الدينية واللادينية والإلهية واللاإلهية 1/3
- دعوى ثبوت النبوة العامة بالنبوة الخاصة 3/3
- دعوى ثبوت النبوة العامة بالنبوة الخاصة 2/3
- دعوى ثبوت النبوة العامة بالنبوة الخاصة 1/3
- أدلة النبوة العامة على النبوة الخاصة
- النبوة بين الإمكان والوجوب والامتناع


المزيد.....




- آخر تطورات ما يجري بالضفة الغربية والمسجد الأقصى المبارك
- اليوم الـ84 من العدوان المستمر واقتحام المسجد الأقصى ودهس مج ...
- الشرطة الألمانية تعتقل شبانا حاولوا التسلق إلى كاتدرائية كول ...
- مستعمرون يقتلعون أشجاراً ويجرفون أراضٍ بالخليل وسلفيت
- مصادر فلسطينية: مستعمرون يؤدون طقوسا تلمودية بالمسجد الأقصى ...
- مظاهرات حاشدة في مدن عربية وإسلامية دعما لغزة
- الخارجية الأمريكية تطالب الموظفين بالإبلاغ عن حالات التحيز ض ...
- أحد الشعانين: مسيحيو غزة يحتفلون في -ثالث أقدم كنيسة في العا ...
- أنور قرقاش يهاجم -الإخوان المسلمين- ويثير جدلا على منصة -إكس ...
- عاجل | أبو عبيدة: فلسطين وشعبها لن ينسوا الوقفة المشرفة من ا ...


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ضياء الشكرجي - تأويل ممكن لقصة آدم وحواء القرآنية 2/3