|
تحذيرالمثقفين المصريين من الخطرالصهيونى
طلعت رضوان
الحوار المتمدن-العدد: 6142 - 2019 / 2 / 11 - 14:36
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
تحذيرالمثقفين المصريين من الخطرالصهيونى طلعت رضوان أعتقد أنّ من بين الجوانب المتعلقة بمواقف إحسان السياسية، موقفه من قضية الشعب الفلسطينى..وهوموقف تجاهله كثيرون من الذين أرّخوا لحياة إحسان مع وجود بعض الاستثناءات (وبصفة خاصة نتيجة الأحاديث الصحفية مع إحسان– كما ورد فى كتاب د.أميرة أبوالفتوح- هيئة الكتاب المصرية- عام1982) حيث قال لها: عندما سافرتُ فى رحلة إلى فلسطين عام 1945، هناك أحسستُ ((بالخطرالقادم)) ففى تل أبيب رأيتُ عرضًـا عسكريـًـا مخيفــًـا، زعم منظروه أنه عرض للكشافة..وذلك بالرغم من أنّ الأسلحة الأوتوماتيكية التى اشتركتْ فى العرض لايـُـسمح بحملها فى أى عرض للكشافة فى العالم..وفى مقرالوكالة اليهودية، أجريتُ حوارًا طويلا مع قادتها..وفى هذا الحوار عرفتُ ما يدور..وما يـُـدبـّـر لفلسطين..وازدادتْ الحقيقة المروعة والمأساوية المنتظرة والمتوقعة للشعب الفلسطينى (كان ذلك للتذكيرسنة 1945- أى قبل قرارالتقسيم رقم 181 لسنة 1947 الصادرعن الأمم المتحدة..وقبل احتلال فلسطين عام 1948) وواصل إحسان كلامه عن ذكرياته عن تلك الزيارة فقال: وازدادتْ الحقيقة المُـحزنة والمُـؤلمة وضوحـًـا أمام عينى، عندما رأيتُ (وأنا فى شدة حزنى) على الجانب العربى أحد عشرحزبـًـا متنافرًا..ويحاربون بعضهم البعض، إما بالسب والتجريح..وإما بتوجيه أبشع الاتهامات، لعلّ أشنعها الاتهام بالعمالة للدول الامبريالية العالمية، المُـساندة للصهيونية الدينية..والتى كانت تعمل (منذ عدة سنوات على احتلال فلسطين، بهدف إنشاء وطنى قومى/ دينى لبنى إسرائيل) وعندما عاد إحسان إلى مصر..كتب مقالابعنوان لافت للنظر(لقد ضاعتْ فلسطين) وكأنه كان يلقى بالقفازفى وجه الأنظمة والأحزاب العربية، لعلّ تلك الأنظمة والأحزاب تنتبه لما يخطط له اليهود والعصابات الصهيونية، لطرد الشعب الفلسطينى من وطنه..ولكن أحدًا لم يأخذ كلام إحسان بجدية، إلى أنْ تحققت نبوءته (سنة 1945 فى إبريل– مايوسنة 1948) وإذا كان العرب لم يهتموا بمقال إحسان، فإنّ الوكالة اليهودية، لم تغفرله جرأته وهوينتقد الصهيونية العالمية، والأخطر(من وجهة نظرها ونظرالحاخامات) هوهجومه وانتقاده لفكرة إقامة دولة (على مرجعية دينية، تنفيذًا لنص دينى منحازلبنى إسرائيل..وإنّ أرض فلسطين ملك لأتباع النبى موسى..وأطلق النص الدينى على أرض الشعب الفلسطينى مصطلح: أرض الميعاد) وكان من أهم ما جاء فى مقال إحسان أنه كتب ((أنّ الوكالة اليهودية ومن ورائها وكالة المخابرات المركزية الأمريكية..كانتا تخططان، مع قيادات الصهيونية العالمية لاغتصاب فلسطين)) وإذا كان إحسان كتب مقاله سنة1945فى مجلة روزاليوسف، وحذّرفيه من الصهيونية العالمية لابتلاع فلسطين..وكتب تعبير(ضاعتْ فلسطين) كما لوكان يتنبـّـأ بالمستقبل، فقد سبقه المفكرعمرعنايت الذى كتب فى عدد أمشير/ فبراير1929 فى مجلة العصورالتى كان يصدرها إسماعيل مظهر، مقالابعنوان (المدنية اليهودية المُستقبلة) بدأ برصد ظاهرة سيطرة المال اليهودى الآخذ بخناق العالم والمسيّرلأموره..وذكرأنّ اليهود يـُـفكرون فى ((مشروع لمد أنابيب النفط من الموصل إلى ثغرحيفا الفلسطينى..ومن يدرى ما يُـخبئه الغيب من المخترعات والمكتشفات الغربية)) وبعد الكلمة الأخيرة..وبدون أية فواصل فإنه سجّـل نبوءته التحذيرية الثانية، إذْ نصّ على ((فإنّ فلسطين– ولوأنها لم تصـــــربعد– فستكون يومًا ما ملكــًـا لبنى إسرائيل..وإذا قلنا بنى إسرائيل، فنحن نتكلم عن أمة موحدة المرمى. كثيرة المال. لها رأس يفكر. لذلك ستــُـصرعلى أنْ يكون لها الفصل فى الهيمنة على مركزفلسطين الاقتصادى أولا. ثم سيأتى الوقت الذى يلتفت فيه اليهود إلى الهيمنة السياسية والتوسع أيضًا)) أما نبوءته الثالثة فهى عن تأثيرالدعاية اليهودية لصالح إسرائيل، بعد أنْ تكون دولة معترفــًا بها دوليًا، فكتب ((سنسمع يومًا من الأيام أنّ حيفا هى عروس البحرالمتوسط)) وفى نبوءته الرابعة كأنما يمتلك آلة سحرية، مثل بللـورات ألف ليلة وليلة، فكتب عن مصرومستقبلها إذا لم تنتبه لخطورة المخطط الصهيونى، فنصّ على ((يجب أنْ نتطلّع إلى ذلك اليوم، فإنه سيكون الحد الفاصل بين عهدين: عهد مصرالذهبى وعهدها المُـظلم. فبعد ذلك اليوم ستكون مصركمية مهملة وستكون عضوًا أثريًا فى مملكة داود الجديدة)) هذا الكلام- للتذكرة- كان سنة1929وتبعه تحذيرإحسان عبدالقدوس سنة1945. 000 ولأنّ الثقافة المصرية فى تلك المرحلة الليبرالية من تاريخ مصرمُـزدهرة، وفى حالة نشاط وتفاعل دائميْن، كتب أ. عبدالحكيم الجهنى مقالا فى العدد التالى مباشرة (برمهات/ مارس 1929) بدأه بتحية رئيس التحريرلأنه نشرمقال أ.عنايت، ورأى أنْ يُضيف بعض المعلومات عن المخطط الصهيونى، ومنها اقتراح مستر(ود جوود) العضوبمجلس العموم البريطانى الذى طلب فيه من مصر((أنْ تتنازل عن شبه جزيرة سيناء لفلسطين)) (وهى دعوة يردّدها سياسيون وعسكريون وكتاب إسرائيليون منذ سنوات وحتى كتابة هذه السطور) وأشارأ. الجهنى إلى أنّ اليهود يُرسلون بعض الأساتذة والأحبارإلى طورسينـاء ((ليقوموا بتنقيبات عن التركة الموسوية هناك حيث كان التيه، وكان المن والسلوى، وحيث يُـقال أنّ بعض المُهندسين اليهود تمكنوا خلال الحرب العظمى (الأولى) من استكشاف أنّ الجدب فى سيناء ليس إلاّ أكذوبة قارحة. وأنه توجد تحت الطباق الرملية مجارللمياه ومنابـع للخصوبة)) بعد ذلك تكلــّـم عن أهمية الموقع الجغرافى لفلسطين. وعن إمكانية إقامة مشروعات صناعية وزراعية بها. ثم أشارإلى المعلومات التى تتناقلها الصحف العالمية عن خطط اليهود فى المنطقة مثل ((مشروع (روتنبرج) الكهربائى العظيم ومشروع البحرالميت الكيمائى الزاخرومشروع ميناء حيفا واقتراح بإنشاء قناة جديدة تــُـقرّب قناة السويس بين البحرالأبيض المتوسط وخليج العقبة)) ثم ربط بين الفاشستية والصهيونية، وإذْ يؤكد الكاتب إتفاقه مع أ.عنايت، فإنه أضاف ((إنّ المُـخططات الصهيونية والفاشستية تضع مصرأمام امتحان دقيق)) 000 قد ينبهرالبعض بهذا الوعى السياسى الذى تحقــّـقتْ نبوءاته المُحذرة بل والمتشائمة. وقد يرى آخرون أنّ نبوءة أ.عنايت الرابعة مُبالغ فيها، وأنّ مصرلايمكن أنْ تكون كمية مهملة فى مملكة داود الجديدة. ولكننى أرى أنّ هذه النبوءات تحقــّـق منها الكثير، وذلك بمراعاة الحقائق التى سأذكرها فى المقال القادم. 000 هامش (1) وعد بالفور: وهومنسوب إلى (آرثرجيمس بالفور) الإنجليزى الذى أرسل رسالة فى 2نوفمبر1917إلى اللورد (ليونيل وولتر دى روتشيلد) أشارفيها إلى تأييد بريطانيا إنشاء وطن لليهود فى فلسطين. وذاك الوعد هوالمعروف ب (من لايملك أعطى لمن لايستحق) هامش (2) إسماعيل مظهر(1891- 1962) مصرى من أصول تركية. وأحد المفكريين الليبراليين. ترجم عدة كتب منها (أصل الأنواع) لدارون عام1918ورأس تحريرمجلة المقتطف. ثم أصدرمجلة العصورعام1927. وله قاموس المصطلحات (عربى/إنجليزى) وقاموس النهضة (عربى/إنجيزى) ***
#طلعت_رضوان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
دلالة الاعتداء على رئيس مجلس الدولة
-
ماكرون يذكرأردوغان بالمذابح ضد الأرمن
-
قراءة فى بعض كتب العقاد
-
آثارالتعصب الدينى والمذهبى
-
إلى متى يستمرمخطط القضاء على الشعغب اليمنى؟
-
أليس سيد درويش الامتداد الطبيعى لثورة برمهات/مارس1919؟
-
دار الإفتاء ومياه المجارى
-
هل سيقضى الفلسطينيون على قضيتهم؟
-
الجامعة العربية بين الواقع والوهم
-
مفهوم العروبة عند إحسان عبدالقدوس
-
هل سيحذرالشعب السودانى العظيم خطأ ترك الميادين؟
-
العالمانية (بالألف) وعلاقتها بالدين والسياسة
-
علماء مصر: تراجيديا البقاء أوالهجرة
-
اللغة العربية: بكاء لايتوقف
-
هل آن أوان حذف خانة الديانة؟
-
لماذا اختلفت البورجوازية الأوروبية عن المصرية؟
-
الفتاة الفرنسية وعمق وعيها الاجتماعى
-
ما سر ولع الأوروبيين بالحضارة المصرية؟
-
أحفاد ثورة 1789 الفرنسية يواصلون النضال
-
التواص الاجتماعى فى العصورالقديمة والحديثة
المزيد.....
-
قائد الثورة الاسلامية يستقبل حشدا من التعبويين اليوم الاثنين
...
-
144 مستعمرا يقتحمون المسجد الأقصى
-
المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية: مذكرة اعتقال نتنياهو بارقة
...
-
ثبتها الآن.. تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 علي كافة الأقم
...
-
عبد الإله بنكيران: الحركة الإسلامية تطلب مُلْكَ أبيها!
-
المقاومة الإسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الأراضي
...
-
المقاومة الإسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الاراضي
...
-
المقاومة الاسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الاراضي
...
-
ماذا نعرف عن الحاخام اليهودي الذي عُثر على جثته في الإمارات
...
-
الاتحاد المسيحي الديمقراطي: لن نؤيد القرار حول تقديم صواريخ
...
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|