|
اليهودي والبشرية ..
مروان صباح
الحوار المتمدن-العدد: 6140 - 2019 / 2 / 9 - 08:30
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
/ هكذا اعتقدّ اليهودي على الدوام ، يتوجب أن تجازف بكسر كل ما تملك لكي تصل إلى ما تريد ، نعم هكذا كان يعتقد ومازال الاعتقاد لديه فاعل ، فلليهودي خصوصيات متعددة لكن هناك خصوصية قد لا تجدها سوى فيه وتعد ايضاً من التكوين الثقافي ، فالام والمرأة هما المخزنيين اللذين يرمي أخر النهار كل ما قام به من أفعال ، وطالما كان الربى وايضا الدعارة المهنتين الأساسيتين لتجارته الذي يفسر حالة الاحتيال الَّتى يعيشها خلال عمله اليومي بحكم قذارة الرواد ، وعلى هذا النحو كان ذات يوم قد أسهب الكاتب التشكي ياروسلاف هاشيك في روايته الجندي الصالح زفاك أو الطيب شفيك ، تناول فيها مغامرات الجندي عبر كوميدية سوداء مميتة ، وفي الرواية ذاتها ، يطيح اللثام الكاتب عن واحدة من الإشكاليات التكوينية والتى يبدع في اقتناصها ، ففي الرواية ذاتها يروي الراوي ، حين إشتد القتال في الحرب العالمية الثانية وانقطعت الإمدادات عن الجبهات ، بحثوا الجنود عن ما يمكن أن يبقيهم على الحياة فعثروا على شخص من أصل يهودي لديه بقرة هزيلة لا تقوى على الحركة ، وبإلحاحه ومن خلال تمثيلية بكائية وشاقة حرص تسريب إلى نفوس الجنود شعور بحجم التضحية التى سيقوم بها عندما يقدم بقرته الوحيدة من أجل انقاذ حياة الجياع ، في النهاية اقتنعوا بشرائها لكن ما يلفت من الحكاية بل ربما القصة كلها تكمن في النقطة التالية والمقترنة بما بعدها مباشرة ، بعد حصوله على النقود سارع إلى بيته وبدأ يتقلب على الأرض امام زوجته ويصرخ في أعلى صوته مردداً ، زوجك أيها المرأة لقد استطاع بيع بقرته الهزيلة والمريضة إلى الجنود الحمقى وبالتالي وضع قاعدة تتيح له فعل أي شيء مقابل المال ، لأن قاعدته تقول التجارة لا تعتمد على طرف بقدر مبنية على طرفين وطالما هناك قاعدة عريضة وواسعة بين الناس التى جعلتهم أن يتخلّوا عن موقعهم ، لهذا يحق للتاجر فعل ما يريد بالمشتري .
بل ربما قد تكون النقطة التالية المقترنة بما قبلها والتى ستأتي بعدهما تأكد على شعور المنفى المتأصل داخل كل يهودي ، كأن ، بل هو كذلك تحول إلى طابع جمعي وبالتالي سلوكي ، فاليهودي يعيش حياة المنفى الدائم حتى بعد تكمنه من إنشاء كيان خاص به ، فالشعور بالمنفى شكل لديه حياة خارج النظام المألوف كما وصفه أدوارد سعيد ، وهذا يفسر من أين جاءت ببداوته ، لأن المنفى بدوي غير متمركز ، بل يتغلب عليه العزلة لهذا يقع دائماً فريسة الفخار الانتمائي لأن في المنفى لا يوجد سوى القليل والقليل هذا لا يكفي لإشباع رغباته التلمودية ، الذي يجعله يتشبث بما يملكه ويدافع عنه بشراسة حتى لو كان في عقر داره ، ففي كتاب لماذا توقفت أن آكون يهودياً للكاتب شلومو راند ، يحاول زاند تفكيك رواية الحركة الصهيونية التى تتبنى مشروع قومية اليهودية وبالتالي يتطلب ذلك عزلة فلسطين من أي قومية أخرى لتحقيقه ، ويروي شلومو حكاية دارت بين ام يهودية وأبنها ، وبالفعل تحولت مع مرورالزمن إلى نكتة روسيا وتتكفل السخرية وحدها بكشف الطابع اليهودي ، في الرواية كان الابن قد استدعيى إلى الخدمة العسكرية في القرن التاسع عشر ونقل إلى جبهة القرم وأثناء توديع الابن في محطة القطار كانت الام تزوده بالمونة وتوصيه بوصية لا يمكن أن تخطر على بال الشعوب الأخرى ، اسمعني جيداً يا بني، لا بد أن تفعل كل ما أقوله لك ، ستقتل تركياً في الحرب ومن ثم لا تنسى أن ترتاح قليلاً ، يمكنك تناول الطعام والشراب بين قتلك لتركي وآخر ، أما الأبن يقف بإلتزام كامل أمامها ويردد حاضر يا أمي ، ثم تقوم الأم بعد قليل وتلف المنديل على رقبة ابنها خوفاً عليه من الرياح ، وتضيف قائلة ، عندما تطلق النار على التركي لا تكشف نفسك إلى الهواء خوفاً من أن يصبك الأَذًى ، أما الابن المطيع يكرر جملته الشهيرة ، حاضر يا أمي ، وتكرر الأم الخائفة على أبنها بنفس تلمودي بحت ، من الضروري أن لا تنسى في كل مرة تقتل تركياً أن تستريح بعد الشيء اما الابن يردد دائماً طبعاً يا أمي سأفعل ذلك ثم فجأة مع اقتراب إقلاع القطار من المحطة ينظر الابن في وجه أمه ويسألها ، ماذا إذ تكمن التركي من قتلي ، تدهش الام من سؤال أبنها وتفتح عينيها الواسعتين ، وتسأله بتعجب ، ولماذا يقتلك أيها اليهودي الطيب ، ماذا فعلت حتى يقتلك ، وهنا يشير الكاتب شلومو زاند ، بأن هذه الثقافة قد جاءت من التلمود الذي يحتاج إلى إعادة دراسته لأنه يعتبر مشكلة أخلاقية تستدعي معالجته ، ولأنه في النهاية يساعد في إنضاج قارئه على العنصرية ، بالطبع ليست هذه الانعطافة المحكية المفاجئة والوحيدة بل كما أسلفنا يتبعها أخرى ، في واحدة من الحكايات الأعمق ، حكاية اليهودي مع جنرال المشانق ، عندما وضع حبل المشنقة حول رقبة اليهودي وتم تنفيذ حكم الإعدام بحقه ، يبدو هكذا لي من الخوف الذي انتابه اثناء التنفيذ ، تضخمت شراينه التى منعت موته فسرعان ما نهض بعد سقوطه أرضاً ، بل سرعان ما استعاد وعيه بقوله يا سيدي وفقاً للقوانين لا يمكن محاكمتي مرتين بسبب جريمة واحدة فضحك الجنرال وأخلى سبيله ، بالطبع أول ما فعله ذهب إلى زوجته ليروي لها كيف استخدم بذكائه روح القانون في لحظة الموت المؤكد وليس إعجاز المقتدر الذي أنقذ حياته وهذا يفسر الفارق بين النهجين ، لأن الاستسلام للمعجزة يترتب اعادة النظر بسلوك الحياة برمتها أما الاعتماد على الذات تجعل صاحبها ، باحث عن طرق متعددة للحصول عن المزيد وعلى حساب الأخر .
انطلاقاً من الحصار الذي ضربه اليهودي على نفسه وبالتالي استطاع تحويل الحصار إلى عزلة والتي آمنت له وضع نظرية متقدّمة وسباقة في معالجة أي خطوات مضادة تأتي في المستقبل ، اعتبر اليهودي التفوق يرتكز في مقامه الأول ، السيطرة على قوت الشعوب بشرط منعهم من الانتقال إلى مكان فيه متسع للتفكير ، وهذا حاصل بالطّبع في أوراسيا هناك كثافة سكانية ويوجد فيها وفرة الموارد الطبيعية والنشاط الاقتصادي ، طبعاً إلى ذلك حرص أن يتفوق بالقدرات النووية وبالبحث الفضائي والسيطرة على مفاصل الأسواق المالية ، الذي وفر له السيطرة والاعتراف الدولي مع ممارسته الاحتكارية بعدم السماح لظهور أي اتحاد جدي معادي ممكن له أن يشكل خطر في المنظورالقريب أو البعيد ، لهذا من يرغب في احداث انشقاقات أو التفافات على النظام المالي العالمي لا بد أن يفكك ارتباط الشعوب بالنظام القائم ، أي أن أبجديات التغير تتطلب إيجاد بدائل للشعوب ، على سبيل المثال عائلة روتشيلد والتى تلقب ايضاً بالدرع الأحمر يعود أصول الأب المؤسس إسحاق اكانان 1821 م إلى الإمبراطورية ألمانيا كان قد نشر أولاده في كل من بريطانيا وفرنسا وإيطاليا وألمانيا والنمسا ومن ثم توسع الانتشار في الأمريكتَين والصين والهند وحسب تقديرات مراقبين المال والأعمال ، تمتلك العائلة بمفردها نصف مقدرات العالم طالما تهيمن على النظام المالي وعلى كل ما هو له علاقة بالشبكات المواصلات البرية والجوية والهدم والبناء العواصم والمدن وبالإضافة لمصانع السلاح وتمويلها تاريخياً للحروب الكبرى ، في بداية مشوارها أنشأت نظام بنكي متواضع وعندما اصبح عمل البنوك رائج بين الشعوب احدثت نظام غسيل أموال ، بالطبع عوائد الأموال القادمة من الحروب والسلاح والمخدرات والدعارة وفساد الحكومات ، وايضاً عندما تنبهت دول مثل روسيا إلى هذا الصنيع ، أجبرت العائلة الدول إلى وضع تشريعات وقوانين تحارب غسيل الأموال في حين أنشأوا طرق اخرى مازالت غير شائعة أو حتى الآن لم تحرق .
لقد تكونت الشخصية اليهودية على أساس واضح ، اولاً وثانياً وعاشراً السيطرة على البشرية ، وهذا التكوين يراه المراقب بالولايات المتحدة الأمريكية ، تأسست من أجل حكم العالم ، هذه وظيفتها الوحيدة التى تكونت عليها ، فمن الطبيعي أن تشهد علاقاتها مع دول من مثل الصين وروسيا توترات بل ايضاً من وظيفة واشنطن وهذه المسألة بالفعل تغيب عن المحللين ، تتقصد افتعال توترات ، على سبيل المثال ، إدارة أمريكية سابقة تقيم علاقات تجارية مع الصين وأخرى تطالب بتعديلات حسب مقتضيات سوق الامريكي وإدارة أخرى تؤسس لقواعد فك الاشتباك البارد وتوقع على اتفاق الآين إن أف الموقع عام 1987وبتصريح من رئيس ادراة أخرى تلغي الاتفاق بجرة قلم تماماً كما إدارة تجبر الجميع لتوقيع اتفاق سلام وإدارة أخرى تقدم الأرض لطرف بالكامل دون مشاورة الطرف الأخر ، أما الاطراف المقابلة يتلقون المتغيرات وهذا هو الفارق بين واشنطن والعواصم الأخريات ، واشنطن التى تبادر ( تمتلك المبادرات على الدوام ) والعالم المتلقي للمبادرات أو المتغيرات ، إذن وعلى نحو يجب استذكاره ونقله من التاريخ إلى الحاضر ، وهو أمر لا يرقى اليه الشك بأن القوى المضادة للنظام المالي العالمي مازالوا يحبون على الأرصفة ، ففي 1799 م مولت عائلة روتشليد حرب وحملة نابليون ب 100 مليون دولار ، وقتها لم يكن العالم بعد قد تعرف على البترول أو لم يكن ضمن مخططاته البحث عنه لكن كان هناك من يبحث عنه ويعلم كيف سيجعل الناس ترتهن له ، لهذا على المرء أن يتخيل حجم مدخرات اليهود اليوم بعد احتكارهم للشركات التنقيب والتكرير وماشابه ، ثم كيف للعقل السليم في ابسط مقارناته أن يستمع إلى محاولات تأتي من دول مازالت شعوبها تتسول الدقيق ، بل في واقع حال اقتصادها لا تقوى على إشعال حرب دولية أكثر من أسبوع ، لأن جياع الحرب سيبحثوا عن البقرة إياها . والسلام كاتب عربي
#مروان_صباح (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
القديس والطمُوح ...
-
الجغرافيا العربية أمام خيارين اما المواجهة أو التسليم للأمر
...
-
رسالتي الي الرئيس سعد الحريري ...
-
نموذج سعودي جديد في محاربة الفساد / علامة خاصة ...
-
أتباع محمد عليه الصلاة والسلام بين الزهد والإسراف ...
-
الإنتقال في سوريا من مرحلة التموضع إلى دائرة الاستقطاب...
-
ثقافة الحرمان من التكميم إلى الموت ...
-
عندما يظن البشير أنه الأسد ..
-
رد اعتبار متأخر للمقتول واستحقاق غائب عن القضاء ...
-
تأديب الإيراني وتريحّ الأسدي لبعض الوقت ..
-
وظيفة الصندوق الدولي إبقاء الشعوب على قيد العيش من أجل امتصا
...
-
متاهات المبعوث الأممي في اليمن ...
-
الجمهورية التركية أمام موقف مصيري وعلى المحك ...
-
اذا صلحت القاهرة صلحت مصر
-
الطريق الذي يجنب السودان من الخراب ودمار
-
بين خيالات الأسديين وواقع الواقع ...
-
لا يمكن للمسلم الانسحاب من تاريخ يتشكل ..
-
الغافلون عن سابق رصد وخواطر اخرى
-
اليمن التعيس ...
-
السودان واحتساب القوى والتوازنات وخواطر أخرى
المزيد.....
-
رصد طائرات مسيرة مجهولة تحلق فوق 3 قواعد جوية أمريكية في بري
...
-
جوزيب بوريل يحذر بأن لبنان -بات على شفير الانهيار-
-
مراسلتنا: اشتباكات عنيفة بين -حزب الله- والجيش الإسرائيلي في
...
-
لحظة هروب الجنود والمسافرين من محطة قطارات في تل أبيب إثر هج
...
-
لحظة إصابة مبنى في بيتاح تكفا شرق تل أبيب بصاروخ قادم من لبن
...
-
قلق غربي بعد قرار إيران تشغيل أجهزة طرد مركزي جديدة
-
كيف تؤثر القهوة على أمعائك؟
-
أحلام الطفل عزام.. عندما تسرق الحرب الطفولة بين صواريخ اليمن
...
-
شاهد.. أطول وأقصر امرأتين في العالم تجتمعان في لندن بضيافة -
...
-
-عملية شنيعة-.. نتانياهو يعلق على مقتل الحاخام الإسرائيلي في
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|