|
ثقافة الحقد الدينية
مالوم ابو رغيف
الحوار المتمدن-العدد: 1526 - 2006 / 4 / 20 - 09:20
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
عندما استل القاتل المسلم سكينه ووقف متربصا للناس في بوبابات الكنائس، ليغرس نصلها المسوم في اجساد ضحاياه، لم يكن مختلا عقليا كما تقول الحكومة المصرية، ولم يصبه مس شيطاني كما تقول امه. لقد مسه شئ من الحقد، من ثقافة الحقد الاسلامية. الارهاب نفسه ليس سوى نتيجة منطقية لثقافة الحقد هذه، ثقافة مغروسة في نفوس اغلب المسلميين على اختلاف مشاربهم، تثمر قتلا وخرابا. ثقافة البغض في الله. بعضهم يدعوا ليل نهار، في صلاته وتعبداته ان يهلك اقواما، ويبيد شعوبا، ويدمر دولا، دعاء مستمر يزيد على عدد الصلوات الخمسة التي ربما يسهى عنها المسلم، اما الحقد على لاخر، فقد اصبح روتينا يوميا، مثل التعويذ من الله من الشيطان ، اراديا او غير ارادي، اصبح جزء من دعائم الدين وغاياته ، ثقافة الحقد منتج ديني اسلامي خالص، بعضه يتخذ شكل قوميا او طائفيا، او ايمانيا، تجده في القرآن، في الاحاديث النبوية، في احاديث الصحابة، في سيرتهم وسلوكهم. في المساجد والمؤتمرات وفي الكتب، في الاعمال الفنية والسينمائية في خطب السياسين الاسلاميين وفي مقالاتهم. حتى الخطر وضعوا له مقياسا دينيا متشبع بالبغض والحقد، اليهود والنصارى، فيقولون مثلا الرافضة اخطر من اليهود والنصارى على الاسلام، قاعدة اتحفهم بها شيخ الارهاب بن تيمية وان ارادوا التقريب بين المذاهب نفوا ذلك بقولهم ،كلا انهم ليس اخطر من اليهود ولا اسوء من النصارى على الاسلام. ولان الحقد والبغض يعمي البصر والبصيرة، اصبح رجال الدين لا يرون في السياسة الى عمل ديني موجه ضد دار الاسلام الخربة. فلا يقولون مثلا امريكا الرأسمالية او الامبريالية، بل امريكا المسيحية، ودول الغرب الديمقراطية توضع في صندوق الاحقاد التاريخية فتسمى دول الغرب الصليبي الكافر، ولا يرون في سوريا بعثيتها الهمجية انما انتساب بعض بعثييها الى المذهب العلوي فتسمى سوريا النصيرية، والهند اكبر ديمقراطية في العالم ، لولا علمانيتها لما بقى مسلم واحد فيها تسمى بالهندوسية، حتى ايران التي تشاركهم في نشر البغضاء والاحقاد ورغم نظامها الاسلامي الملائي الظلامي تسمى ايران المجوسية. ويصبح كل الناس بما فيهم المسلمين المخالفين للاسلام السائد، قردة وخنازير وكلاب ضالة واولاد متعة لاهم لهم الا نشر الفواحش ما ظهر منها وما بطن. ولا يتردد القوميون الذي اقفلوا دكاكينهم العروبية لافلاس تجارتهم وغباء باعتهم، لا يترددون من تكرير نفس شعارات البغض والكره، يعقدون مؤتمراتهم ويسيرون مظاهراتهم بوحي من هذه الشعارات التي تفوح منها رائحة السموم العنصرية والطائفية الدينية بعد ان اصبح الدين الاسلامي العمود الاساس في خيمة العروبة الملئية بالثقوب. ثقافة الحقد هذه هي التي جعلت رئيس اكبر دولة عربية ان يتهم ملايين الشيعة بولائهم لايران وليس لبلدانهم، وهي التي جعلت احمد نجاد ان يدعوا العالم الى مسح اسرائيل حتى من الخارطة، وهي التي تجعل الغلمان يفجرون اجسادهم في مزدحمات الابرياء من عراقيين او اسرائيلين او اسبان وبريطانيين. ايمان المسلم لا يوزن الا وفق كفتين، كفة الولاء وكفة البراء، يعظم ويكبر المسلم جاها ومقاما اذا ما ثقلت كفة البراء على حساب كفة الولاء. فمسلم يدعو الى الخير والمحبة ولا يعادي ولا يحقد ولا يبغض من خالفة، هو مسلم يشكك بولاءه واعتقاده وايمانه، تُكال له الاتهامات ويسخر من اقواله، يكون محلا للسخرية والتشكيك الدائم. لذلك لم يجد السيد طنطاوي وهو الرجل الهرم المريض، مجالا الا ان يخرج في مظاهرة ليس لها من معنى، احتجاجا على كاركتير النبي محمد خططه رسام مغمور، ليس للاحتجاج انما لتأكيد ايمانه واسلامه الذي لا يظمنه له مركزه وفتاويه، انما موقفه من الاخر الذي يجب ان يبغضه ويرفضه. ليس بن لادن وحده هو الذي قسم العالم الى فسطاطين فسطاط الايمان وفسطاط الكفر، فهذا التقسيم موجود في عقلية المسلم، اكان من الناحية الاجتماعية، السياسية، الثقافية او السلوكية.. فلا ينظر الى الاخرين الا بعين الريبة والشك والسوء، ويزداد الامر سوءا عندما نعلم بان البعض يعتقد بنجاسة اجساد غير المسلمين الى درجة يوصون بغسل اقداح الماء ان شربوا بها. طفلة محمد العربي الممثل المصري الذي تحجب واصبح ممثلا اسلاميا، سئُلت في برنامج تلفزيوني فيما ذا كانت تُحب اليهود. بالطبع اجابت بلا او لأَ لماذا.. سأل مقدم البرنامج مستحسنا الاجابة موافقا لرأي الطلفة ردت.. لانهم قردة وخنازير. ربت مقدم البرنامج على كتفها اعجابا واشرقت عيون الممثل محمد العربي فخرا وفرحا. فهل نعجب ان طالب اخوان المسلمون المصريون بان يدفع الاقباط والمسيحيون الجزية لبقائهم في بلدهم.!؟ وبعد هل نستغرب ان وقف هذا المسلم في باب الكنيسة ليطعن الابرياء في نصل سكين ثقافته القذرة.؟ اما التربية السعودية فهي ليس حقدا وبغضا فقط، بل ارهابا محضا وتخطيط للقتل مع سبق الاصرار والترصد.
فهل نعجب ونستغرب ان دخل الوهابيون مدرسة ابتدائية في حي الشعب في بغداد ليذبحوا معلميين اثنيين امام اعين التلاميذ ، درس ديني في الذبح الحلال وتقديم القرابيين لرب يطرب لرؤية الدماء.؟ من يريد القضاء على الارهاب حقا، عليه ان يقضي على ثقافته..ثقافة الحقد والبغضاء الدينية.
لقد صدق الشاعر اذا قال حاربوا الشر في الصغار صغيرا... قبل ان يستمد فيهم قويا
#مالوم_ابو_رغيف (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
فتوى حسن الترابي وردة الفعل الوهابية
-
العراقي قبل وبعد التاسع من نيسان
-
العلمانية بين اطروحات الدكتور شاكر النابلسي والسيد اياد جمال
...
-
حوار وتحالف الحضارات على الطريقة الاسلامية!!!
-
اليس حكم الردة ارهابا ايضا.؟
-
مشروع خطبة ليوم جمعة
-
مدينة الثورة
-
لماذا هذا الصمت المريب ازاء التدخل الايراني في العراق.؟
-
لاضطهاد المراة مصدر واحد
-
هل حقا ان التكتل السني لا يرغب بترشيح الجعفري.؟
-
Bad Muslims are good, good Muslims are bad.
-
تفجير قبة الامامين والمواقف الدينية الجبانة
-
فاقد الشئ لا يعطيه
-
انه زمن المد الديني الاحمق
-
متى سيتعلم المسلمون الدرس.؟
-
صالونات لمكيجة الدين
-
اجتثاث البعث الفكرة والممارسة
-
اخيب من القاضي رزكار
-
اليس التكفير مبدأ اسلامي فلماذا الشكوى منه؟
-
كلكم سواسية في السوء
المزيد.....
-
144 مستعمرا يقتحمون المسجد الأقصى
-
المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية: مذكرة اعتقال نتنياهو بارقة
...
-
ثبتها الآن.. تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 علي كافة الأقم
...
-
عبد الإله بنكيران: الحركة الإسلامية تطلب مُلْكَ أبيها!
-
المقاومة الإسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الأراضي
...
-
المقاومة الإسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الاراضي
...
-
المقاومة الاسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الاراضي
...
-
ماذا نعرف عن الحاخام اليهودي الذي عُثر على جثته في الإمارات
...
-
الاتحاد المسيحي الديمقراطي: لن نؤيد القرار حول تقديم صواريخ
...
-
بن كيران: دور الإسلاميين ليس طلب السلطة وطوفان الأقصى هدية م
...
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|