|
الديموقراطية والواقع في العراق ..!
هادي فريد التكريتي
الحوار المتمدن-العدد: 1526 - 2006 / 4 / 20 - 09:15
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
الديموقراطية التي أرادت استجلابها الولايات المتحدة للعراق ، لم تكن وفق المفاهيم السائدة في بلدها ، كما لم تكن من عينة الديموقراطية التي تمارسها الدول الأوربية ، فالديموقراطية المشرعة أمريكيا للعراق تتناسب والمصالح الأمريكية ، فليس هناك ديموقراطية حقيقية في العالم ، تشرع دستورا يقر الطائفية والعنصرية ، فالدستور العراقي المشرع بمشورة وموافقة أمريكية ، أقر المحاصصة والطائفية ، وهذان المبدءان يتنافيان مع كل حرف يتكون منه النهج الديموقراطي والممارسة الديموقراطية ، فأينما وجدت المحاصصة ، تواجدت المليشيات والمافيات ،وتنحت جانبا المساواة بين المواطنين ، بين الرجل والمرأة ، وبين ما هو مسلم وغير مسلم ، وعندما ُيرسخ الدستوُر الطائفية ويقرها ، تتلاشى المفاهيم الوطنية وتتضاءل الحقوق المدنية ، ليس بين الطوائف والأعراق المختلفة ، وإنما بين أصحاب الدين الواحد، وهذا ما هو حاصل فعلا ، بعلم وموافقة أصحاب الطوائف ، وبمباركة من شرعة الاحتلال الديموقراطي . الديموقراطية مفهوم مناقض لتشكيل الأحزاب على أسس دينية أو عنصرية ، وهذا ما تقره وتعترف به الإدارة الأمريكية ، إلا أنها عن قصد هادف ، وسبق وعي بنتائجه ، جعلت من الأحزاب الدينية ، سمة مميزة في النشاط السياسي العراقي ، ورسختها بفاعلية عندما شرعت قانون إدارة الدولة ، سيئ الصيت ، وتماهيا مع الممارسة والتأثير الأمريكي ، جاء الدستور ُمِجذرا لأسباب الفرقة بين مكونات الشعب العراقي ، ومعمقا للمبادئ الطائفية والمذهبية والعنصرية ، التي أغدقت بحقوق مثالية على الأحزاب الدينية ـ الطائفية ، لم تحلم بعشر معشارها في ظل حكم ديمقراطي حقيقي ، فسياسة الحكم المنتهجة حاليا ، والقائمة على التمييز الديني و الطائفي والعنصري ، تحقق للولايات المتحدة الأمريكية ، أهدافها القريبة والبعيدة ، وتبقي الشعب العراقي ، شعبا ضعيفا ، مجزءا ، منقسما على نفسه ، تعصف به قوى الإرهاب الطائفي ـ السني والشيعي ، وغير قادر على تشكيل حكومته منذ أربعة اشهر . الشعور الوطني معدوم كليا ، عند القوى المتصارعة على المناصب ، نتيجة لتغليبهم المصلحة الطائفية والعنصرية ، على مصلحة العراق وشعبه ، المأساة أن كل هؤلاء السياسيين ، يتحدثون باسم الشعب ، والشعب ومصالحه الحقيقة ، لا تساوي عندهم أكثر من المنصب أو الكرسي الباحثين عنه، متجاهلين عشرات الضحايا المتساقطة من أبناء الشعب ، يوميا برصاص أمراء الميليشيات المنفذة لأوامر الكتل المتحاورة بعض مواد الدستور تلقي الضوء على كيفية تشكيل الحكومة ، إلا أن أطراف الإسلام السياسي، من الطائفتين الشيعية والسنية ، والقوميين العنصريين من العرب والكورد ، يتجاهلون هذا الدستور بل يخرقون مواده ، ولم يجف بعد الحبر الذي ُكتب فيه ، وهم الذين أقاموا الدنيا ولم يقعدوها عند إقراره ، فالصراع محتدم على رآسة الوزراء ، والجعفري حتى اللحظة هو المرشح الرسمي للائتلاف ، وهو سبب أساسي في تعطيل القدرة على تشكيل الحكومة ، لرفض الكتل البرلمانية المتحاورة له ، إلا إنه وائتلافه ، لم يعيرا أهمية لمصلحة الشعب وضحاياه المتساقطة نتيجة لهذا التعطيل ، فالجعفري متمسك بقرار الائتلاف ، الناتج عن مبدأ المحاصصة الطائفية والعنصرية ، الذي أعطى رئاسة الوزراء للشيعة ، متجاوزين مبادئ الدستور وأحكامه في تشكيل الحكومة .الشيخ خلف العليان يعترف بأن " المناصب الرئيسية في الحكومة وزعت على أساس تكويني طائفي ، رغم تأكيدنا المستمر على أن يكون توزيع المناصب على أساس الكفاءات ضمن حكومة وحدة وطنية يشارك فيها الجميع ..إن جبهة التوافق لم تعترض على تولي الدكتور أياد علاوي منصب نائب رئيس الجمهورية لتحفظها على شخصه وإنما لأن هذا المنصب مخصص للعرب السنة حسب الاتفاقات التي سبقت عملية البحث في المناصب .." هذا التصريح إدانة لكل من يساهم في خداع الشعب والتجاوز على الدستور ، فالمناصب تجري وفق المحاصصة والاتفاق ، وليس وفق مبادئ الدستور ، أين الديموقراطية إذن أيها السادة ؟ رئيس الجمهورية السيد جلال الطلباني ، أعادت الكتل البرلمانية ترشيحه لهذا المنصب ، وفق مبدأ المحاصصة، أيضا ، وليس وفق مبادئ الدستور إلا أن الائتلاف والجعفري ، ينتقدون هذا الترشيح ، ل " إحجام العرب السنة عن الترشيح لمنصب رئيس الجمهورية ...وتركه للأكراد.." المفارقة في هذا الموقف ، هو أن الشيعة شركاء للكورد في إقرار مبدأ المحاصصة ، وهم من أسس تقاسم حكم العراق وفق منهج غير وطني ، فلم الانتقاد والسيد جلال الطلباني يتقدم لهذا المنصب دون معارضة ما ، ويتحقق فيه شرط الدستور " أن يكون عراقيا " دون تخصيص لقوميته أو دينه ، فهل هذا نقد لمن يتقدم للمنصب وفق مبدأ دستوري ، أم هو تحريض على نزاع جديد بين العرب السنة والكورد ، ولإطالة أمد معاناة الشعب ؟ كل كتل الإسلام ـ الطائفي والكتل القومية ـ العنصرية ، تتحمل المسؤولية في إطالة أمد الفراغ السياسي ، الذي عمق من أزمة الشعب العراقي ، وما يعانيه من إرهاب وجوع وبطالة ونقص في الخدمات ، والسبب الحقيقي وراء هذه الأزمة المستعصية هو غياب النهج الديموقراطي ، وعدم تفعيل مواد الدستور رغم قصورها ، التي ترسم المبادئ لتشكيل رئاسة الدولة ، والحكومة وشغل المناصب الوزارية ، وكأن العراق وشعبه فقط عربا وكوردا ، شيعة وسنة ، دون مكونات وطنية وأثنية ، من قوميات وأديان أخرى ، لها توجهات فكرية وسياسية وديموقراطية مخالفة للنهج العنصري والطائفي ومبادئهما الغير وطنية ، هذه المكونات عراقية أصيلة ، والمنتمون لها لهم الحق في عراقهم ، والعيش فيه وتولي المسؤولية كغيرهم من المواطنين ، وعندما يوجه النقد لمواد الدستور وقصورها بهذا الخصوص ، يحتج الطائفيون والعنصريون بما هو وارد من عبارات بلهاء بخصوص الديموقراطية ، إلا أن هؤلاء لم يدلونا أين تكمن ديموقراطيتهم وهذه الديموقراطية ، وهم يتحاورون فيما بينهم خلف غرف مغلقة وآمنة ، بحماية أمريكية ، ولم يقولوا لنا إن كانت حواراتهم تشمل أطرافا علمانية ووطنية ، وإن كان كذلك لماذا يلصقون صفة الطائفية بالعلماني ، عندما يترشح لمنصب يتنازعه الطائفيون ، والعكس صحيح أيضا ، إنه الكيل بمكاييل كثيرة ومتعددة الأحجام والأوزان ، كل هذا وهم ـ من بيدهم القرار ـ يتبجحون بالديموقراطية ، إلا أنهم يستبعدون المرأة عن كل حوار ، وعن تسنم أية مسؤولية وفق حجمها الفعلي ، وحتى وفق مانص عليه الدستور ، إنها مجرد ديكور يتباهون بها عند المحاججة ، هذه ديموقراطية الطوائف . في العراق أديان وقوميات ، غير الإسلام وغير العرب والكورد ، لماذا يغيبون من الحوارات ، وهل هم يشغلون حجمهم الحقيقي في المجلس النيابي ، وهل سيتبوؤن مناصب الدولة والحكومة ، كوزراء ونواب لمناصب الرآسة والحكومة والبرلمان ؟ الديموقراطية ليست كلمات ، إنها واقع ونهج فأين هي منه الكتل الفائزة ؟
#هادي_فريد_التكريتي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الذاكرة العراقية ..!
-
الأئمة من قريش ..!!
-
الدستور هو المشكلة ..!!
-
مصداقية ساستنا ..ووطنيتهم ..!
-
باقة من الورد ..للحزب الشيوعي العراقي في عيده ..!
-
عدوى الديموقراطية ..وعمرو موسى ..!
-
المقاومة ..والدفاع عن الوطن ..! !2 2
-
المقاومة ..والدفاع عن الوطن ...!! 12
-
الدجيل ..وحلبجة ..!
-
المأزق العراقي ..والحل في قراءة التاريخ ..!
-
الحكومة العراقية..متى ..؟!
-
الصب تفضحه عيونه -..! -
-
المرأة العراقية ..والديموقراطية ..!
-
غلطة الشاطر قاصمة..!
-
أين الحقيقة ..ياحكومة !!
-
تفجير المراقد المقدسة ..والقادم أدهى وأمر ..!
-
عمرو موسى ..عذر أقبح من ذنب ..!!
-
صح النوم ..يا سيادة الوزير ..!
-
خطوط حمر ..تصبح ِبيْضا-.!
-
ميليشيات العشائر ..!
المزيد.....
-
العراق يعلن توقف إمدادات الغاز الإيراني بالكامل وفقدان 5500
...
-
ما هي قوائم الإرهاب في مصر وكيف يتم إدراج الأشخاص عليها؟
-
حزب الله يمطر بتاح تكفا الإسرائيلية ب 160 صاروخا ردّاً على ق
...
-
نتنياهو يندد بعنف مستوطنين ضد الجيش الإسرائيلي بالضفة الغربي
...
-
اشتباكات عنيفة بين القوات الروسية وقوات كييف في مقاطعة خاركو
...
-
مولدوفا تؤكد استمرار علاقاتها مع الإمارات بعد مقتل حاخام إسر
...
-
بيدرسون: من الضروري منع جر سوريا للصراع
-
لندن.. رفض لإنكار الحكومة الإبادة في غزة
-
الرياض.. معرض بنان للحرف اليدوية
-
تل أبيب تتعرض لضربة صاروخية جديدة الآن.. مدن إسرائيلية تحت ن
...
المزيد.....
-
الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات
/ صباح كنجي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت
...
/ ثامر عباس
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3
/ كاظم حبيب
المزيد.....
|