أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - فاطمة ناعوت - أبطالٌ ... أخطأهم سهمُ الشهادة














المزيد.....

أبطالٌ ... أخطأهم سهمُ الشهادة


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 6132 - 2019 / 2 / 1 - 00:44
المحور: حقوق الانسان
    


كلُّ فرد في الجيش والشرطة، شهيدٌ مُحتَمَل. يغادرُ بيتَه، ولا يدري إن كان سيعودُ إليه، أم سيُعادُ إليه. ولذا كلما صادفتُ أحدَ أولئك النبلاء في طريق، أصافحُه بتبجيل قائلةً: “ربنا يحميك لوطنك، عشان تحمي وطنَك”. وما تدري نفسٌ بأيِّ أرضٍ تموت. وآهٍ لو علمنا أن جنديًّا نُصافحُه الآن، سوف يصيبُه سهمُ الشِّهادة غدًا، إذن لحاولنا إيقافَ عجلة الزمن برهةً حتى نُكرِّمَه في الدنيا، مثلما سيكرِّمُه اللُه في دار الخلود. لكنها حكمةٌ من الله ألا نعرفَ الشهيدَ إلا بعدما يُغْدَرُ ويُغادِرُ إلى عالم السُّموّ الأبديّ.
أعرفُ أحدَ أولئك الأبطال الذين أخطأهم سهمُ الشهادة المؤكد، بعدما نجا بمعجزة إلهية من مذبحةٍ دموية حتى بدأ المجرمون التمثيلَ به، ظنًّا منهم باستشهاده. سأحكي بطولتَه في نهاية المقال.
وبالأمس، كانت زيارتي لجناح وزارة الدفاع وجناح وزارة الداخلية، بمعرض القاهرة الدولي للكتاب. صافحتُ ضباطنا بالمعرض مصافحةَ أبطال يحملون أرواحَهم رهنَ الذود عن أرواحنا. أمرٌ يدعو للبهجة والفخر، أن أطالعَ المجلدات الشريفة التي تحوي تاريخ مصر العسكري، وأسماء رموز مصر الوطنيين من ضباط الجيش المصري والشُّرطي الذين يحمون أمنها الخارجي والداخلي، منذ الملك رمسيس الثاني وحتى اليوم. وبينما يحكي لي العقيدُ "أحمد سلام" نبذةً عن تاريخ كل رمزٍ، مازحتُه سائلة: “وأين القائدة العسكرية الجسور "عنمت آمون حتشبسوت، التي جمعت العلوم الفكرية والفلسفية والعسكرية، وقادت الجيش والأسطول البحري وهزمت أعداء مصر، وواجهت كُهّان المعبد الذين حاربوها لئلا تتولى الحكمَ امرأةٌ، فمازحتهم بوضع لحية مستعارة على ذقنها وقادتِ المعارك، وأثبتت تفرّدَها؛ فنالت احترام الشعب؟" فابتسم سيادة العقيد وألمح إلا شائعاتٍ حول احتمالية اغتيالها للملك تحتمس الثالث، وريث العرش الذكر. فيما تلك المجلدات خُصِّصت للذين لم تطالهم شبهاتٌ، وإن كانت شائعاتٍ غيرَ مؤكدة تاريخيًّا.
وأما بطلُ مقالي الذي أخطأه سهمُ الشهادة، فهو اللواء شرطة "أيمن عبد العظيم مطر". كان مأمورًا برتبة "عقيد" في قسم المنشية بالأسكندرية حتى يوم 28 يناير 2011. في ذلك اليوم الدموي الأشهر، رفض الضابطُ النبيل إطلاق رصاصة واحده على المتظاهرين، وكذلك رفض أن يترك حصنَه الذي ائتمنه عليه الوطن، القسم، ويلوذ بالنجاة من موت محقّق. وأمرَ أفرادَ قسم المنشية (الذي كان في قلب اشتعال المظاهرات)، بعدم التعامل مع الثوار بالذخيرة، كونها مظاهرةً سلمية. وحتى بعدما اقتحم البلطجية المندسّون مكتبه الشخصي، استمر في اتّباع سياسة ضبط النفس ولم يطلق النار خشيةَ إصابة مواطن بالخطأ. فتكالب عليه المجرمون وأوسعوه ركلا وطعنًا وبدأوا في طرق رأسه وفقء عينيه بالمسامير حتى نزفتا، وفقد الوعي. ظنّوا أنه استشهد، فسحلوه إلى الشارع غارقًا في دمه، وبدأوا طقس التمثيل بجسده. كسّروا جميع أسنانه، وبالخناجر شرّخوا جسده، وتركوه ظانّين أنهم أجهزوا عليه. لكّن أعماله الطيبة في دائرته جعلت أهالي المنشية وشرفاء الثوار يهرعون لإنقاذه فأدخلوه المسجد، واستدعوا الإسعاف. فعاد المجرمون وأحرقوا سيارة الإسعاف وحاولوا حرق المسجد الذي آواه مُحتضرًا. ظلَّ شيخ المسجد يخاطب الجناة في الميكرفون وينذرهم بويل الله، حتى حلّ الظلامُ بانقطع التيار الكهربائي عن المنطقة بالكامل. فكانت رحمةً من الله؛ إذ أغشى الظلامُ أبصارَ السفاحين، فهرّب الأهالي الضابطَ إلى المستشفي في ملابس مدنية. وبلغ مستوى تشويهه وانمحاء ملامحه أن زوجته لم تستطع التعرف عليه في بادئ الأمر. وبعدما استعاد وعيه بعد تلقّي العلاج، ساءت حالته النفسية ورفض لقاء الناس، ولم يعد حتى يتابع الصحف، وهو المثقف واسع الاطلاع.
لسبب ما، اصطفاني وقتها زملاؤه الضباطُ، من بين كُتّاب مصر (وهذا مدعاةُ فخر لي وشرف)، وأرسلوا لي حكاية زميلهم النبيل، (دون علمه)، لأنشرها في مقال؛ لكي يتعرف الشعبُ (الغاضبُ آنذاك من الداخلية)، على نماذجَ مشرّفة من الشرطة. وبالفعل، نشرتُها في مقال بجريدة "اليوم السابع" بتاريخ 29 مارس 2011، تحت عنوان (رسالة إلى اللواء منصور العيسوي، قصة تعذيب ضابط شرطة على أيدي البلطجية). واستجاب وزير الخارجية النبيل آنذاك "اللواء منصور العيسوى"، وطلب لقاءه، وأمر بعلاجه في الخارج وترقّى شهيدُنا الحيّ إلى رتبة اللواء ومازال عطاؤه لمصر راقيًا ونبيلا ومشهودًا حتى اليوم.
تحية احترام لشهداء مصر النبلاء، ولأبطال أخطأهم سهمُ الشهادة فأكملوا مسيرة الفداء ومازالوا يخطّون سطورًا في ملحمة البطولة، وليظلوا دائمًا ملء البسالة والعطاء.



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مقالي عن ثورة يناير والإخوان الذي منعه (اليوم السابع) | “هل ...
- من مصر… الرئيسُ يُطلقُ طائرَ المحبة
- في فِقه الدهشة… وقتلها!
- حملة 100 مليون صحة … شكرًا لدهشتي
- في الإمارات … مسجدُ مريمَ أمَّ عيسى عليهما السلام
- المصحفُ في بيتي …. جوارَ البتول
- الرئيسُ يصفعُ الطائفيةَ ... بكاتدرائية ومسجد
- الرئيسُ يضمُّ المحرابَ والمذبح
- سعد والاسكندراني …. ومسيو موريس
- سيناءُ البهيةُ ... التي عادت عروسًا
- كيف كسر الرئيسُ الحائطَ الرابع؟
- الرئيسُ يكسرُ الحائطَ الرابع
- مَن الذي يغازلُ إسرائيل؟
- هدايا الكريسماس … من الرئيس لأطفال مصر
- في المعبد اليهودي … بالقاهرة
- على هامش الفستان… طاقيّةُ التقيّة
- كلامٌ هادئ في شأن تونس والأزهر
- زهرةٌ بين منال ميخائيل و… بسملة
- عمرو سعد … والصبايا الجميلات
- نصف قرن على ميلاد الهرم


المزيد.....




- خيام غارقة ومعاناة بلا نهاية.. القصف والمطر يلاحقان النازحين ...
- عراقجي يصل لشبونة للمشاركة في منتدى تحالف الامم المتحدة للحض ...
- -رد إسرائيل يجب أن يتوافق مع سلوكيات المحكمة الجنائية الدولي ...
- مياه البحر تجرف خيام النازحين في منطقة المواصي غرب خان يونس ...
- مصرع عشرات المهاجرين بانقلاب قواربهم قبالة اليونان ومدغشقر
- الجنائية الدولية تطالب الدول الأعضاء بالتعاون لاعتقال نتنياه ...
- رايتس ووتش: تواطؤ أميركي بجريمة حرب إسرائيلية في لبنان
- الشتاء يهدد خيام النازحين في غزة بالغرق بمياه الصرف الصحي
- اعتقالات واسعة بالضفة وكتيبة طولكرم تهاجم تجمعات لقوات الاحت ...
- المحكمة الدولية: على الدول التعاون بشأن مذكرتي اعتقال نتنياه ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - فاطمة ناعوت - أبطالٌ ... أخطأهم سهمُ الشهادة