أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - نعمان الفاضيل - ديستوبيا الفرد أم ديستوبيا المجتمع !














المزيد.....

ديستوبيا الفرد أم ديستوبيا المجتمع !


نعمان الفاضيل

الحوار المتمدن-العدد: 6131 - 2019 / 1 / 31 - 01:28
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


ربما ما نعاينه يوميا من ترد على مستوى سلوكات الأفراد يثير الإستغراب والذهول، من فرط ما بلغت إليه المجتمعات من خراب وفوضى. إذ كيف يقبل الفرد باعتباره كائنا عاقلا بحياة كهذه؟ حياة توشي بمظاهر الاختلال الطبيعي والمدني السياسي.وأقصد بالطبيعي هنا: مظاهر فساد الصلاح الإنساني بتعبير روسو أو موت آلهة الذات من منظور هايدغري، حيث إن اختفاء العدالة الطبيعية كتعبير عن المساواة والحرية المسؤولة تجاه الآخر، تجعل الفرد المدني يميل إلى الخنوع و التملق والخداع، و من ثمة،ينشأ لنا مايسمى بالديستوبيا أي،مجتمع غير فاضل يضم مجموعة من المسوخ يغتصب ويقتل بعضها البعض . كما أن فسادا كهذا، يقتل روح التضامن والتعايش في النفس،كما يخفي ويحجب إحساس الانسان بروحه البطولية بوصفه فردا فاعلا في الجماعة.
إن أي تحول يطرأ في الواقع السياسي والمدني الحالي، مرده الى تفكك الطبيعة الإنسانية بفعل أشكال الإغتراب،التي تتوالى وتستمر باستمرار عجز العقل الإنساني عن التحرر من قيوده الأيديولوجية المقيتة، والغارقة في براثن التوحش. هذا القصور، ينعكس سلبا على أنماط التعايش داخل الجماعة جراء تزايد جشع الأغنياء وخنوع الضعفاء،الأمر الذي يجعلهم يسلكون طرق المكر والتذلل والخداع عوض سبل الحق والشرف والفضيلة.
إن العمل على تدجين الفرد وجعله مجرد كائن هجين، لا هو بالانسان ولا هو بالحيوان،عبر سلخه من أصالته الطبيعية، وملء عقله بأفكار ضبابية ومعتقدات خاطئة،يخلق لنا نموذجا لإنسان وقد تجرد بالكامل من إنسانيته.ومع تكاثر هذه النماذج إلى درجة الطغيان يصبح المجتمع فاسدا بشكل كبير،ويؤثر سلبا في الفرد المحافظ على أصالته عبر عملية القهر، إما بقمعه واضطهاده،أو تطويعه وترويضه عن طريق عملية التواصل والترغيب.
وفي إطار كهذا، تأتي عملية تصحيح الوعي الإنساني وتشذيبه من عناصر الفساد السياسي التي لحقته عملية على غاية من الأهمية،رغم الصعوبات والعوائق التي تعترضها،قصد بناء انسان صالح بالمعنى الطبيعي،ومواطن بالمعنى السياسي والمدني، يتمتع بحقوقه الطبيعية والمدنية في حياة تليق به كإنسان،ويحترم واجباته بمسؤولية،ووعي أخلاقي خال من مظاهر الجشع والتزلف والخداع .
إن أي تغيير من مجتمع الديستوبيا إلى مجتمع فاضل يليق بالكائن الانساني ككائن مبدع وحكيم، يتطلب القضاء على دستوبيا الفرد أولا،عبر تشذيب وعيه من عناصر الخلل التي أصابته.ومادام كل عقل يبنى ويشكل انطلاقا من الثقافة التي شكلته، فإن العمل الأكثر حيوية،ينبغي أن ينصب حول إصلاح بنية العقل هاته،التي مثلت عائقا أمام تبلور فكر جديد قادر على النهوض من سباته وجموده. كما ان أي إصلاح كهذا لا يمكن أن يتم إلا في إطار عملية التفاعل،عبر التأثير والتأثر.فإنه من الضروري أن لا تؤثر الأيديولوجيا بمبستراتها ومعتقداتها الخاطئة على ماهو إبستمولوجي وأخلاقي، وإلا لكانت أي عملية للإنتقال من وضع الجمود والتردي والتوحش إلى مرحلة التحضر والتعايش فاشلة ومتقهقرة.
وعليه،فلقد غدا من الثابت إذن، أن أية انتقال من مجتمع غارق في بحور الهمجية والتعصب والانغلاق يقتضي بالضرورة تصحيح الوعي الفردي والجماعي داخل هذا المجتمع عبر مقاومة الاغتراب الذي يجثم فوق رقاب الأفراد والجماعات، بنشر فكر نقدي يسائل نفسه وأفكاره ومعتقداته باستمرار،ويسير وفق نظام منهجي يربط السبب بالنتيجة،ويعمل من أجل غاية وهدف،ويجعل الحس السليم الفصل والحكم في جميع المجالات على اختلافها.لأن مايميز الأقوام المتحضرة عن الأقوام المتوحشة يكمن في شيوع التفكير النقدي فيها،ومدى قدرتها على بلورة أفكار منتظمة بشكل عقلاني ومنطقي،تعود بالخير والمنفعة على بني الإنسان .



#نعمان_الفاضيل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نحو نقد بناء لعقلنا التراثي
- الحرية الإنسانية في فكر سارتر


المزيد.....




- رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن ...
- وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني ...
- الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
- وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ ...
- -بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله- ...
- كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ ...
- فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
- نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
- طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
- أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - نعمان الفاضيل - ديستوبيا الفرد أم ديستوبيا المجتمع !