|
الشيوعي .. خرج من رحم المجتمع العراقي .
صادق محمد عبدالكريم الدبش
الحوار المتمدن-العدد: 6129 - 2019 / 1 / 29 - 08:06
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
الشيوعي .. خرج من رحم المجتمع ولم يأتي من كوكب أخر . هناك فرق بين من يعمل في منظمة شيوعية ، أو في حزب شيوعي !.. وبين الإنسان الذي اكتسب الخبرة الطبقية والمعرفية والثقافية ، ويمتلك من الوعي الفكري والسياسي ، الذي أهله للانتقال عن وعي ومعرفة وادراك الى جانب البروليتارية وطليعتها الثورية والقائدة لنضالاتها الحزب الشيوعي . ففي المفهوم الفلسفي والفكري ، أن يكون الشيوعي له مواصفات يتميز بها ، تجعله مدرك لمهماته النضالية والكفاحية ، وبتبصر وبصيرة ، وأن يحسن الدفاع عن رؤيته الفكرية لحركة التأريخ ولحركة المجتمع ، وأن يفهم وبوعي تام بأن جوهر الصراع في المجتمعات البشرية هو ( الصراع الطبقي ) والذي أطلق عليه زعيم البروليتارية وفخرها كارل ماركس ( قاطرات التأريخ ) وهنا يؤكد كارل ماركس بأن الملكية الخاصة لوسائل الإنتاج وفائض القيمة هما العاملان الأساسيان في عملية الاستغلال ونهب جهد الشغيلة من قبل المالكين لهذه الوسائل الإنتاجية . يقول جان جاك روسو ( بدء الاستغلال عندما وضع أول إنسان قدمه على الأرض وخط عليها حدود معينة لأرضه وقال هذه لي !.. من هنا بدء استغلال الإنسان لأخيه الإنسان بقيام الملكية الخاصة لوسائل الإنتاج . الشيوعيين يسعون الى تمليك المجتمع لوسائل الإنتاج وتعزيز دور القطاع العام ، مراعين بذلك تطور قوى الإنتاج ووسائله المختلفة ، ويسعون الى رفع وعي الشغيلة ويتصدرون نضالاتها ، والعمل على تطوير الدولة ونظامها السياسي والاقتصادي ، وهذه من صلب مهمات والواجبات التي تقع على عاتقهم ، وهي مسؤولية تاريخية عظيمة . ويعمل الشيوعيين على المساهمة الفاعلة ، في تطور وعي الناس بشكل عام والشغيلة بشكل خاص وزجها في معارك الكفاح وتبصيرها بحقوقها وقيادة نضالاتهم لبناء المجتمع الجديد . كما أسلفنا فإن الشيوعي خرج من رحم مجتمعه ، ولم يأتي من عوالم أخرى !.. وهو مثل باقي البشر يخطأ ويصيب ، وينجح ويفشل ، ولكنهم يجب أن يكونوا أقلهم خطأ في أنشطتهم وفي عملهم السياسي والفكري والتنظيمي ، وأكثرهم إيثارا وتضحية ، وساعين وبعزيمة واقتدار لخدمة ومساعدة الناس وتطوير وعيهم وتعريفهم بحقوقهم وبمسؤولياتهم في بناء حاضر ومستقبل الشعب والوطن ، وتوفير كل ما من شأنه ، أن يساعدهم على تطوير قدراتهم وامكاناتهم وأساليب النضال والكفاح التي تساعدهم على نيل حقوقهم المسلوبة . الشيوعي من ملامح شخصيته وما يتميز به ، أن يكون اجتماعي ، ويربط مصيره بمصير شعبه والكادحين من شغيلة اليد والفكر ، ويتمتع بأخلاق حسنة يعكس من خلالها قيمه الفكرية ومبادئه الخلاقة التي تسعى لإسعاد الناس . لا شك بأن المعرفة والثقافة والبحث عنهما ، هي سمة تميز الشيوعيين عن غيرهم إذا جاز التعبير ، والتي تأهلهم بأن يكون لهم حضور في الأوساط الاجتماعية والسياسية والثقافية ، ويشاركوا بشكل فاعل في تصدر الحراك المجتمعي ، والعمل لقيام نظام أكثر عدلا ورخاء ومجتمع أكثر وعيا . ومن أبرز السمات التي يتميز بها الشيوعي ، تميزه بروح التضحية والايثار ، ويعيش جل حياته تلميذ ومعلم متى استطاع لذلك سبيلا ، وكونه متواضع ومحب للأخرين ويبذل النفس والنفيس لإسعادهم . الشيوعي ليس منزه ولا معصوم ، ويسعى دائما على أن يجدد فكره ، ويعتبر كل شيء قابل للتطور والتغير ، ولم يكن جامدا متحجر ومقولب ، ويرفد معارفه وثقافته بما يستجد من معارف وعلوم في المجتمع العالمي . الشيوعية تجدد ثيابها مع الزمن ولا تشيخ ، وكما هو الشيوعي كذلك ، والشيوعي أول من يشقى وأخر من يسعد كون مهمتهم الأساسية هو إسعاد الناس ، والشيوعي تقدمي في نظرته للمرأة ولحركة المجتمع ، ويسعى في كل مراحل حياته ، لتعزيز قدراته المعرفية والفلسفية ، ورفدها بمختلف العلوم والفنون والأدب والثقافة العامة ، وبحدود إمكاناته وقدراته . الشيوعي مادي في فكره وتفكيره ، ويجب أن يكون منسجم تماما مع قوانين التطور الكوني والاجتماعي ، وهو بالضد من الميتافيزيقية وعلوم ما وراء الطبيعة واللاهوت ، ولكنه لا ينكرها على الأخرين ويحترف الرأي الأخر ويؤمن بمبدأ الحوار كوسيلة ناجعة للوصول الى الحقيقة . الشيوعي مادي الفلسفة والنهج والتفكير ، وفي تفسيره لحركة الكون وللظواهر التي تحيط بنا كبشر ، وأن المادية الديالكتيكية والتاريخية ووحدة وصراع الاضداد وقانون نفي النفي وما استجد من جديد في الفلسفة الماركسية ، هذه وغيرها هي الاطار الذي يسير عليه الشيوعي ، أو هكذا يجب أن يكون ، ولا يمكن للشيوعي أن ينسجم مع الفلسفة المثالية ، وعلوم اللاهوت كنهج وتفكير وفلسفة أبدا . الشيوعي متواصل في بحثه عبر مراحل حياته وسنوات عمره عن المعرفة وسبلها ، وينهل من كنوزها ما يستطيع ، باعتبارها الوسيلة الوحيدة التي ترشدنا وتهدينا الى التعرف على أسرار الطبيعة وقوانينها وعلومها وعلى حركة المجتمع الإنساني ، والتي تساهم وبشكل فاعل ، في تطوير الوعي للفرد وللجماعة ، ويفتح أفاق رحبة وواسعة لتطويع الطبيعة لإرادتنا بما يخدم الناس كل الناس ولبناء عالم جديد ، عالم خال من الاستغلال ، ومن القمع والإرهاب والجشع ، المجتمع الا طبقي . ويسعى الشيوعي للبحث عن المعارف المختلفة ، لتهتدي قوى التغيير من الشغيلة والكادحين ، وتمكنهم من تطوير وسائل الكفاح المختلفة ، ولخوض النضال الضاري ضد قوى الاستغلال والجشع ، من الرأسماليين والبرجوازية الطفيلية وتجار العهر السياسي ، وانتزاعهم الحقوق والحريات من مستغليهم الطبقيين والمتحكمين بمصائر هذه الملايين ، وتتسلح البروليتارية من خلال تطور وعيها ووحدة كفاحها ونضالها ، فتكون أكثر معرفة وقدرة على مقارعة أعدائها الطبقيين . تزداد خبرة الشيوعي وقوته كلما تسلح بالمعارف المختلفة ، وتتعمق ثقته بالطريق الذي رسمت معالمه وخطوطه العريضة من قبل المفكرين والفلاسفة الأوائل ، ماركس وأنجلس ولينين وغيرهم ، والشيوعي هو من اقتفى نهجهم وسار بهدى ما توصل اليه هؤلاء العظام من قوانين وعلوم وخبرة متراكمة وما تم اكتشافه وتطويره من بعدهم . هذا هو الشيوعي اليوم ، متسلح بكل هذا الإرث العظيم وارتضاه لنفسه ، بإرادة صلبة وقناعة وتبصر . ويبقى أمام الشيوعيين ، لمواجهة كل هذه الظروف الصادمة والمهلكة وما يعيشه العراق وشعبه اليوم ومنذ سنوات ، ومن هذه التجارب المتراكمة للحركة الشيوعية والعمالية ، لا خيار أمامهم إلا أن يعملوا وفق مبدأ ( وحدة الإرادة والعمل ، لخوض نضال وكفاح الشيوعيين كافة ، وتوحيد إرادتهم وتدعيم وحدة الحزب الشيوعي التنظيمية والفكرية والسياسية ، وإدارة وقيادة الصراع الفكري بروح عالية بالمسؤولية التضامنية ، وتكريس وتعميق النهج الدمقراطي والحوار الهادف في داخل المنظمات الحزبية المختلفة ، ووفق مبدأ وحدة الإرادة والعمل كما بينا ذلك ، واحترام الرأي والرأي الأخر ، وتعزيز القيادة الجماعية ، والابتعاد عن التهميش والاقصاء والإلغاء والتفرد في صنع القرار . قوة الحزب تكمن بوحدته التنظيمية والفكرية والسياسية وتعميق الديمقراطية الحزبية ، وإشاعة روح القيادة الجماعية ، والعمل على مراجعة دورية ، لكل ما حدث من تصدعات وخلافات ومعالجته وبروح رفاقية مفعمة بالحرص على الحزب ومنظمات الحزب ورفاق الحزب وعدم التفريط بأي من هؤلاء المناضلين والمضحين ، وبروح النقد الهادف سعيا لتعزيز وحدة حزبنا ، والعمل بروح الفريق الواحد وبروح التلمذة الشيوعية الخلاقة ، والحرص الشديد على كوادر حزبنا من القادة والمناضلين ، الذين قدموا للحزب والشعب الغالي والنفيس ، وأن لا نبخس حقوقهم ، وعلينا أن نحترم تأريخهم وتضحياتهم . الشيوعيين مناضلين أوفياء ، صادقين ووطنيين ونزيهين حتى النخاع ، وزكتهم الحياة عبر سفرهم الخالد ، ولا يوجد من يشكك على تميز الشيوعيين عن سواهم ، وليعلم القاصي والداني بأن تاريخ العراق الحديث ، عاش حقبة مظلمة وقاسية ، وتعرض لكوارث ونزاعات وحروب مؤلمة وصادمة . الشيء الذي يدركه الكثيرين من الساسة ومن الطبقة السياسية ، ويعرفه السواد الأعظم من الناس حق المعرفة !... أي نظام مهما كانت هويته ، يتخذ من سياسته نهج العداء للشيوعية وللشيوعيين ويعاديهم ويحاربهم ويحاول قمعهم وتهميشهم ، فانه سيفشل وسيمنى بهزيمة منكرة كما فشل غيرهم وذهب مدحورا الى مزبلة التأريخ ، والحياة هي من تخبركم بهذه الحقيقة . استقرار العراق مرهون بالموقف من الشيوعيين ، فهم أبناء شعبنا النجباء ، ولن تقوم دولة مواطنة على أرض العراق ، وتتحقق العدالة والمساوات من دون الشيوعيين مطلقا ، ولن يسود الأمن والسلام والتعايش بمعزل عن الشيوعيين ومشاركتهم الفاعلة والمؤثرة ، فهم صمام أمان العراق وشعبه ، وهم الساعين لبناء الدولة الديمقراطية العلمانية الاتحادية العادلة ، وتهميشهم ومحاربتهم سيكون وبالا على العراق وعلى شعبه ، وتهديد للسلام وللديمقراطية وللاستقرار وللتعايش في هذا البلد الجريح . ومن يساوره شك في ذلك ، عليه أن يعيد قراءة تأريخ العراق الحديث بعد قيام الدولة العراقية عام 1921 م الشيوعيين أخلص قوة سياسية عراقية تعمل على الساحة العراقية وأقدمها ، وجذورهم ضاربة في عمق الأرض العراقية ، ودخلوا بيوت العراقيين من أقصاه الى أقصاه ، وربح من وضع يده بيد الشيوعيين وعن صدق وصفاء نية وفي سبيل قيام نظام ديمقراطي حقيقي ، وقد خاب من ابتعد عنهم وتقاطعت رؤيته مع رؤيتهم ومع الوطنية التي يفخر ويعتز بها كل وطني غيور . العداء للشيوعيين يعني العداء الشعب ، يعني العداء للديمقراطية وللمرأة وللحقوق وللحريات ولدولة المواطنة ، وللتعددية وللرأي الأخر ، يعني العداء للسلام وللأمن وللرخاء وللتعايش وللعيش المشترك ، ويعني سيادة الظلام والتخلف والإرهاب وغياب الأمن والعدل والمساوات ، والعكس صحيح . صادق محمد عبدالكريم الدبش 28/1/2019 م
#صادق_محمد_عبدالكريم_الدبش (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الفصل الكامل للدين عن الدولة وبنائها هو الحل .
-
الرفيق حميد بخش القائد والمناضل الزاهد .
-
نعي الرفيق طارق حبيب محمد
-
محاكات مع الذات !...
-
هل يفكر الساسة في واشنطن القيام بعمل عسكري ضد أيران ؟
-
زمن الطاعون
-
رئيس مجلس الوزراء قادر على أحداث التغيير ؟ ..
-
تساؤلات مشروعة ؟..
-
تهنئة بعيد رأس السنة وأعياد الميلاد المجيد .
-
إدانة لجريمة قتل سائحتين من أوربا في المغرب .
-
وعد الحر دين !...
-
وعد الحر دَيْنٌ ؟...
-
ماذا ؟... ونحن على عتبة حلول عامم جديد !..
-
سعدي يوسف .. أخر الكبار !..
-
لا أدري لماذا ؟؟ !!!....
-
اللعب في النار .. ليس كمن يخوض بيديه في الماء !..
-
الحق مقتول .. والباطل منتصر في عراق اليوم !..
-
أخر الليل ... نعانق الربيع !..
-
ماذا يجري خلف الكواليس ؟..
-
ما اعرفه عن نفسي !..
المزيد.....
-
الأنشطة الموازية للخطة التعليمية.. أي مهارات يكتسبها التلامي
...
-
-من سيناديني ماما الآن؟-.. أم فلسطينية تودّع أطفالها الثلاثة
...
-
اختبار سمع عن بُعد للمقيمين في الأراضي الفلسطينية
-
تجدد الغارات على الضاحية الجنوبية لبيروت، ومقتل إسرائيلي بعد
...
-
صواريخ بعيدة المدى.. تصعيد جديد في الحرب الروسية الأوكرانية
...
-
الدفاع المدني بغزة: 412 من عناصرنا بين قتيل ومصاب ومعتقل وتد
...
-
هجوم إسرائيلي على مصر بسبب الحوثيين
-
الدفاع الصينية: على واشنطن الإسراع في تصحيح أخطائها
-
إدارة بايدن -تشطب- ديونا مستحقة على كييف.. وترسل لها ألغاما
...
-
كيف تعرف ما إذا كنت مراقبًا من خلال كاميرا هاتفك؟
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|