أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - خالد يونس خالد - صدام والطبيعة الفاشية لحزب البعث العربي في العراق















المزيد.....

صدام والطبيعة الفاشية لحزب البعث العربي في العراق


خالد يونس خالد

الحوار المتمدن-العدد: 434 - 2003 / 3 / 24 - 04:17
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


 

- السويد
رئيس تحرير مجلة دراسات كردستانية*

كلمة "فاشية" تعني "النخبة وتمجيد فن الحرب والتفوق القومي" ، وتظهر أساسا في فترات الأزمات السياسية.
وآيديولوجية حزب البعث العراقي طبقا لذلك مقرونة بنزعة قومية فاشية. فممارسات القادة البعثيين وخاصة صدام حسين، هي ممارسات فاشية مستمدة من فكر فاشي. والأيديولوجية البعثية في العراق أسسها وبلورها البعثي (ميشيل عفلق) المسيحي الديانة، ثم دخل الإسلام لجعله وسيلة في خدمة الغاية التي هي القومية العربية ذات النزعة الشوفينية في فكر عفلق، مشوها بذلك الروح القومية السمحة لدى العرب، بجعلهم يجعلون القومية شبه إله لقتل الشعوب وإبادة كل ما هو ضد النزعة البعثية العفلقية.
   كان ميشيل عفلق متأثرا بالفاشية والنازية بمفهوم "الإشتراكية الوطنية" على غرار هتلر في فكره الإشتراكي الوطني تمييزا عن الإشتراكية العلمية لكارل ماركس. فبينما كان ماركس يحاول إزالة الفكر القومي والدعوة الى الأممية، كان عفلق يدعو إلى تفوق القومية العربية ومحاولة إذابة القومية الكردية والأقليات القومية الاخرى في العراق في بوتقة القومية العربية.
   إن الفاشية في عراق صدام اليوم، وليدة الظروف السياسية والإقتصادية والإجتماعية والتي تختلف عما كانت عليه في ألمانيا النازية وإيطاليا الفاشية في الثلاثينيات والأربعينيات من القرن الماضي، كدولتين رأسماليتين إحتكاريتين. لقد وجد البعث في العراق عجز البرجوازية الوطنية العربية في مواجهة المد الثوري الكردستاني والفكر اليساري في العراق بكرده وأقلياته. فوجد منظري البعث بضرورة إيجاد الفاشية لبعث العراق.
   لقد كانت الفاشية في إيطاليا وخاصة أطروحات غراندي عن العنف ترى في الفاشية نوعا من "الحرس القومي". ومثل هذا الحرس القومي شكله البعث العراقي عقب إنقلاب 8 شباط 1963. وحله رئيس الجمهورية العراقية الثالثة عبد السلام عارف بعد إنقلابه على البعث في 18 تشرين الثاني من نفس العام. وفي الوقت الحاضر، وبعد إنقلاب 17 تموز 1968 يوجد "الجهاز الصدامي" على غرار ما كان موجودا في ألمانيا النازية وإيطاليا الفاشية. وعن طريق هذا الجهاز الذي تتفرع منه عشرات شبكات المخابرات والأمن والإغتيالات، تمكن صدام أن يقوم بتصفية ألاف المعارضين لحكمه، وإجبار الأخرين بترك العراق، وإغتيال أغلب الذين ساهموا معه في الجرائم مثل ناظم كزار وحردان التكريتي وصالح مهدي عماش وعبد الرزاق النائف وعبد الخالق السامرائي وعشرات غيرهم.
   "الرسالة الخالدة" عند هتلر كانت تعني تقوية الأمة الألمانية, تقابلها في فكر البعث "أمة عربية واحدة ذات رسالة خالدة". والقومية العربية في نظر البعث قومية متفوقة، فأخذ بهذه القومية التي كانت سابقا تكمن قوتها في التسامح والأخوة والإيمان باللّه والعزة كما عبر عنها الخليفة الراشدي الثاني عمر بن الخطاب " كنا أذل قوم فأعزنا اللّه بالإسلام فدخلنا التاريخ من أوسع أبوابه"، وجعلها عفلق قومية مستبدة تقف ضد اليسار واليمين. وهكذا وجد صدام حسين والفكر البعثي والأجهزة القمعية والإرهابية من غزو وسطو وقتل وإحتلال لأراضي الغير الفرصة لجر القومية العربية إلى الحضيض.
   قال عفلق بصراحة في مقاله (التفكير المجرد): "إن قوميتنا لها ضمانة من الماضي لأنها مقرونة برسالة إنسانية، وهذا شئ ينفرد به العرب". من هنا يجد المرء بأن التأكيد على فاشية البعث العراقي ينطوي في العنجهية القومية والبطش، وحرب الإبادة ضد الشعب الكردي والأقليات القومية الأخرى من أشوريين وكلدان وتركمان وأيزيديين كرد، ومحاربة الأفكار اليسارية، وضرب الإسلام وخاصة التوجه الشيعي. ومقابل ذلك عمل على تمجيد التجسس وخلق صور لإرهاب الجماهير مثل "أسطورة أبو طبر".   
   يقول أحد دعاة البعث العراقي وهو عبد اللّه عبد الدائم في دراسته (فكرتنا حية): "قوميتنا ليست قومية مواطنين مجردين، لأن قومية المواطنين المجردين تتلخص في أن كل إنسان حر مساو لغيره وإنه غاية الدولة ... (إنما) تمتاز قوميتنا عن معظم القوميات الأخرى". ومقابل ذلك قال هتلر في كتابه كفاحي: "ستعلم حركتنا الشعب الألماني كيف يعتني بنفسه كعنصر متفوق في الأصل".
  إرتبط عفلق ومن بعده صدام حسين الفكر القومي بالدين لإستخدام الدين في الممارسات الإرهابية وتشويه الدين وتصفيته. فبينما إعتبر موسوليني بأن "الفاشية هي مفهوم ديني" فإن عفلق جعل الإسلام تغطية لتحقيق الهدف. يقول عفلق: "إن الفضل في نشوء حركة البعث يعود إلى إكتشافنا للإسلام". وبيت القصيد هنا أنه كشف الإسلام لمخاطبة شعور المسلمين كوسيلة ديماجوجية لتحقيق غاية البعث. وهذا ما يفعله اليوم صدام حسين بإطلاق أسماء إسلامية على حملات الإبادة الجماعية للشعب الكردي على غرار حملات الأنفال عامي 1987-1988 بقتل حوالي 200 ألف كردي. وأسم الأنفال أخذه من القرأن الكريم لتشويه صورة الإسلام، والإسلام من كل ذلك براء. وهكذا تشكيل صدام لمرتزقة كرد بأسم "فرسان صلاح الدين"، ومرتزقة عرب بأسم "فرسان خالد بن الوليد".
   إعتبر عفلق نفسه نبيا، وهو يقول في مقاله "البعث والتراث": "الأحداث سارت كما توقعنا، وكأننا نتنبأ في صومعة". فأيديولوجية البعث متفسخة، وهي ليست فلسفة ولا يمكن مقارنتها بالفلسفة الديمقراطية والفلسفة الماركسية، لأن المفاهيم في أيديولوجية البعث مضطربة وغير جلية. في حين أن الفلسفة هي رؤيا عامة شاملة للعالم "المثالي والموضوعي والواقعي". قال عفلق في العدد الثاني من صحيفة "الجمهورية البغدادية" عام 1958 "أنني لا أسمي الأفكار التي ناديت بها فلسفة, وأن إعتباري فيلسوفا غير صحيح". وعليه فتسمية "فلسفة البعث" كما يّقال أحيانا غير صحيحة.
   لقد سبق موسوليني تلميذه عفلق في القول: "نحن الفاشيون لا نملك عقائد جاهزة". وإذا كان الأمر كذلك فما معنى دستور الدولة لنظام صدام حسين. ألم يقل صدام، ماهو الدستور؟ أنا أشرع الدستور وأنا أغير الدستور. وهكذا فإذا كان البعث العراقي لا يملك فلسفة دستورية، فإنه لا يؤمن بالمواد التي وردت في دساتير العراق المؤقتة. كما لا يؤمن بالممارسات السياسية. وقد أكد عفلق هذه الحقيقة حين قال: "نحن الجيل العربي الجديد نحمل رسالة لا سياسة...". فرسالة البعث فوق الدستور، وهي مليئة بالتعاليم الشوفينية والعنصرية. وإن العرب البعثيين وحدهم يتمتعون بخاصية حمل "الرسالة الخالدة" للأمة العربية. فما هي هذه الرسالة؟
   رسالة البعث هي في مواجهة ثلاث قوى أساسية في العراق.
- حدد عفلق القوة الأولى في مقاله "البعث والتراث" حين قال: إن المواجهة كانت بالدرجة الأولى مع الشيوعية". وهنا يتساءل المرء كيف وافق الحزب الشيوعي العراقي في 17 تموز عام 1973 على "ميثاق العمل الوطني" المعلن من قبل البعث العراقي في 5 تشرين الثاني 1971 والدخول معه في "الجبهة الثنائية" إذ أن الميثاق كان يعطي الدور القيادي لحزب البعث.  لكن الحزب الشيوعي العراقي أدرك هذه الحقيقة من خلال تعامله مع البعث وصدام حسين، فخرج من الجبهة والتقى ببعض التنظيمات الكردستانية ورفع شعار إسقاط النظام. في حين أستغرب كيف وقع الأستاذ المفكر عزيز الحاج في نفس الخطأ بالتعامل سنين طوال مع البعث ومتعاونا مع نظام صدام حسين، إلى أن أدرك الحقيقة لا حقا فتركه ووقف ضده.
- أما القوتان الأخريان فهما ما عبر عنه "التقرير السري للقيادة القطرية لحزب البعث في العراق" في حزيران عام 1979 بالشكل التالي: "وقد خصصت القيادة منذ وقت مبكر يمتد إلى عام 1972 بأن أهم مخبئين لقوى مضادات الثورة في العراق هما 1. الغطاء الديني 2. القضية الكردية. وقد وضعتها القيادة إلى جانب القوى المضادة هكذا وحسب التسلسل (القضية الدينية وثم القضية الكردية)."
ومن هنا يظهر بأن أتفاقية أذار عام 1970 بين الحركة التحررية الوطنية الكردستانية بقيادة الراحل العظيم البارزاني مصطفى وبين البعث العراقي والتي أقرت بالحكم الذاتي للشعب الكردي، لم تكن إلا تكتيكا بعثيا لإجهاض الثورة الكردية. ولهذا شن نظام صدام حسين أشرس حرب ضد الشعب الكردي, وحملات إبادة جماعية متمثلة بعمليات الأنفال وإستعمال السلاح الكيمياوي في حلبجة، وتهجير الكرد الفيليين وتسفيرهم ظلما وعدوانا، وقتل الكرد في مدينة كركوك الكردستانية، والعمل على تعريبهم وتسفيرهم، ومحو الآثار الكردية في المدينة. ووصلت العنجهية السياسية والممارسات الفاشية بنبش قبور الكرد في كركوك ومحو أسمائهم من سجلات النفوس لعام 1957 والذي كان أساسا للإحصاء. وهكذا ساق البعث حملات القتل بحق إخواننا من الأقليات القومية الأخرى من اشوريين وسريان وتركمان وغيرهم، وجلب العرب من شتات الأرض وإسكنهم في كركوك وخانقين وسنجار وزمار وشيخان ومدن كردستانية أخرى. وبنفس الوتيرة عمل النظام الدموي لتصفية علماء ومفكري المسلمين الشيعة وإعدامهم وملاحقتهم وتشويه معتقداتهم، وهدم قراهم.
   إن الوحدة العربية التي يناشدها البعث هي "وحدة بعثية" قائمة على سحق القوميات والآيديولوجيات الأخرى. أما إشتراكية البعث فهي كما عبر عنها حزب البعث نفسه بأنها "تستمد من روح الأمة العربية" على أساس صهر القوميات الأخرى في بوتقة القومية العربية. وقد أشار هتلر في كتابه "كفاحي" إلى حقيقة الحركة الإشتراكية النازية، بصدد ضرورة توسيع الأراضي الألمانية, بأهمية القيام بجمع "شتات الشعب الألماني وصهر شتى عناصره في بوتقة القومية الصافية، ثم الخروج به من الدائرة الضيقة ليضرب في أفاق جديدة واسعة". ومن هنا لم يتوان البعث بتعريب كردستان وحرق حوالي أربعة آلاف قرية كردية. وشن صدام حسين حربا شرسة ضد إيران والتي إمتدت ثماني سنين بين 1980-1988 ثم غزو الكويت مما فتح الأبواب على مصراعيه للجيوش الأمريكية بتثبيت مواقعها في الشرق الأوسط. كل ذلك يتطابق بجلاء مع قول عفلق في مقاله "البعث والتراث" بأنه "يجب أن ننقي أرضنا وسماءنا حتى تستأنس الجدود الأبطال وتهبط إلينا وتستطيب الهيمنة فوقنا". إنها كلمات فارغة تخاطب العقول المريضة لتخديرها بشن حرب الإبادة على المظلومين في الشرق الأوسط كله.
    فصدام حسين ونظامه الفاشي غير عادل في كل شئ إلا شئ واحد، وهو ما عبر عنه السيد مهدي الحكيم بقوله: "النظام العراقي عادل في توزيع ظلمه على الجميع". فلم يبق أحد إلاّ وكان له حصته من الظلم. فمتى يأتي اليوم الذي تصح نبوة الحديث النبوي الشريف "الكفر يدوم ولكن الظلم لا يدوم".  قاتلك اللّه صداما ماذا فعل بعراق الخير ليزرع فيه الشر.

*مجلة دراسات كردستانية: تأسست عام  1999 وهي مجلة نصف سنوية، ديمقراطية كردستانية مستقلة، تصدر في السويد باللغات الكردية والعربية والانكليزية والسويدية في حوالي 300-200 صفحة.
  



#خالد_يونس_خالد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأحبة أبناء إنتفاضة آذار 1991 شموع لاتنطفئ
- كركوك نقطة إلتقاء الثقافات في العراق
- الأنفال وحلبجة بدايات الصحوة الكردستانية
- عجز تركيا في تحديد هويتها الثقافية في أنظمة العلاقات الداخلي ...


المزيد.....




- مدفيديف: الناتو منخرط بشكل كامل في الصراع الأوكراني
- السعودية.. إحباط 5 محاولات لتهريب مئات آلاف حبوب -الكبتاغون- ...
- مصر.. الداخلية تكشف تفاصيل واقعة مصرع عامل دليفري بعد تداوله ...
- اليونيفيل: إصابة 4 جنود إيطاليين من قوات حفظ السلام في جنوب ...
- محمود الهباش: وجود إسرائيل في غزة لن يكتسب شرعية مهما طال
- مشاركة عزاء للرفيق رؤوف الحباشنة بوفاة جدته
- من هو الكاتب بوعلام صنصال وما مصيره منذ وصوله للجزائر؟
- خبير عسكري: الاحتلال يستهدف مربعات سكنية بسبب تعثر عمليته ال ...
- هل اكتشفت أم محمد هوية الواشي بنصر الله؟
- قوات الاحتلال تقتحم جنين ونابلس واعتداءات للمستوطنين في الخل ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - خالد يونس خالد - صدام والطبيعة الفاشية لحزب البعث العربي في العراق