ناديه كاظم شبيل
الحوار المتمدن-العدد: 1525 - 2006 / 4 / 19 - 10:30
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
تركتني الممرضة عارية اقاسي من شدة البروده فاشتد صراخي وبدا فكي الاسفل يرتعش بشده ولكن لااحد يابه لي . التفتت الي امي وخاطبتني بصوتها الواهن الضعيف : لماذا اتيت في هذا الوقت العصيب . اشتد صراخي فامتدت يد الممرضة اخيرا والبستني ثياب شقيقي الاصغر ثم رمتني على صدر والدتي فالتقفت الحلمة بلهفه فلقد شعرت بجوع شديد بعد رحلة العناء تلك وغفوت في الحال لانني شممت اطيب رائحة في الوجود رائحة ثدي امي . لم يسمح لوالدتي بالبقاء في المستشفى اكثر من ساعة واحدة لان ولادتها كانت طبيعيه اما الامهات اللواتي اجريت لهن العمليه القيصريه فانه كان يسمح لهن بالبقاء لمدة ثلاثة ايام ثم تعود بعدها لرفع الغرز . لقد حرمت من حصتي في الحليب بسبب غزارة حليب امي هذا ما قررته الطبيبة بعد اسبوع من ولادتي فاصيبت والدتي بخيبة كبيرة لانها كانت تتمنى ان احصل على الحليب ليكون من نصيب اخي الاصغر . كانت والدتي تحرص على التقاط الصور لاخوتي منذ لحظة ولادتهم فهي تحتفظ بالبوم للصور لكل واحد منهم اما انا وشقيقي الذي يكبرني فلقد حرمنا من التقاط اية صوره وهذا ما يحز في قلب امي وقلوبنا ايضا . استضافتنا خالتي لمدة يوم واحد فتمتع اخوتي بمشاهدة برامج التلفاز ولكن والدتي قررت الرجوع الى بيتنا لاسباب لا نعلمها . كانت الريح شديدة جدا فاحسست بالخوف من ان تخطفني وتطير بي بعيدا فصرخت بشدة ولكن والدتي ضمتني بقوة الى صدرها الحنون فسكرت منتشيه برائحة الحليب الطاهر فتبسمت وانا مغمضة العينين . لقد ازعجني الناموس الذي كان يمتص دمي ويترك اثاره على وحهي . لقد حرمت من اللعب ومن كل الاشياء الضروريه التي تمتع بها اشقائي كالسرير الهزاز او الكرسي الهزاز او عربة الاطفال ولكن والدتي اغدقت علي من عطفها وحنانها الشئ الكثير فكانت تهدهدني وتغني لي اجمل الالحان فكنت اغفوسابحه في فضاء من السعادة لا حدود له . وكذلك حال والدي فكان يحملني بيديه لان والدتي اصيبت بحالة من الوهن الشديد فكانت لا تستطيع انجاز اعمال البيت كسابق عهدها ولازمها هذا الضعف لمدة سنة كاملة فكان هو معينها الوحيد بعد الله . اخذت زوجة الحارس تطالب امي بالوقود لتسخين التنور فاخذ والدي يقوم بتكسير الاسره الخشبيه واستعمالها لهذا الغرض ولكن عندما استهلكت كافة الاسره اضطرت والدتي لتسخين التنور بثيابها الانيقة المعطره بارقى العطور فكانت تحرق مع كل ثوب جزء من مشاعرها . اصيب والدي بحالة من الذعر والاحباط لان العائله اخذت تواجه الموت جوعا فقرر والدي بيع الدار الكبيره وشراءدار اصغر منها لتعيش العائله بالفارق المتبقي . لم ينل هذا البيت القبول من والدتي ولكنه مجهز بالكهرباء على اية حال فكانت هواية اشقائي المفضله هي الضغط على الزر الكهربائي مرات عديدة كي يتاكدوا من وجود الكهرباء . حازت والدتي على القاب عديده فجدتي تطلق عليها لقب الصابره والمجاهده والمعلمات يطلقن عليها اسماء النساء العربيات اللواتي خلدهن التاريخ فكانت والدتي ترفض هذه الاسماء وتقول معترضه اذن ماذا ابقيتن للمجاهدات في الاهوار اوللصامدات في وجه الانفال في كردستان العراق او للمهجرات قسرا اللواتي فجرت باجسادهن الطاهره الالغام على الحدود الايرانيه اوامهات وزوجات الشهداء في الحروب التي شنها الطاغيه طيلة فترة حكمه المشؤوم او اجساد المؤمنات التي ذوبت في احواض التيزاب والقائمة تطول وليل الطالم اطول
#ناديه_كاظم_شبيل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟