أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - صلاح هاشم - خرافة مواجهة الفقر














المزيد.....

خرافة مواجهة الفقر


صلاح هاشم
(Salah Ahmed Hashem)


الحوار المتمدن-العدد: 6126 - 2019 / 1 / 26 - 00:45
المحور: الادارة و الاقتصاد
    


حين كانت مصر ترزح تحت وطأة الإستعمار، لم يكن لدى هذه الحكومات المستعمرة برنامج نظامي واحد، يستهدف تحسين أحوال المصريين، أوالحد من فقرهم ..! فعادة ما كانت هذه الحكومات تستخدم معهم سياسات " حلبُ الضرعِ حتى يجف " .. حتى جاءت أحداث 52 لتمثل نقطةً فارقةً فى تاريخ مصر .. حيث استهدفت فى مجملها القضاء على الفقر بما يشمله من تغييبٍ للعدل وإهدارٍ للكرامة الإنسانية. وبرغم الجهود التى بذلتها الدولة للحد من الفقر منذ ذلك التاريخ وحتى الأن؛ فإن تقارير التنمية تؤكد أن معدلات الفقر فى مصر فى تزايد مستمر..!
فإذا كانت برامج التنمية تستهدف بالأساس الحد من الفقر؛ فإنها لدينا قد تفضى إلى غير ذلك ..! ففى عام 2010م وأثناء مناقشة تقرير التنمية لعام 2009م، طالب أحد خبراء التنمية المصريين رئيس البنك الدولى آنذاك بضرورة زيادة حصة مصر من المشروعات التنموية الممولة للحد من الفقر . فكانت اجابة رئيس البنك الدولى صادمة للجميع .. حيث قال: رغم منطقية الطلب ومشروعيته أحيانا .. لكن واقعكم يثبت غير ذلك .. فقد لاحظنا أنه كلما ضخينا مزيدا من الأأموال لدعم التنمية فى مصر كانت النتيجة صادمة ؛ حيث يرتفع معدل الفقر وتنخفض عوائد التنمية ..!
ولعل هذه الجملة بالتحديد هى من جعلتنى أفتش عن أسباب التناقض الواضح بين برامج التنمية ومعدلات الفقر فى مصر .. وهل هذا الوضع مقصوراً علينا بالتحديد أم أنه ينسحب على كل الدول التى تصنف بأنها فقيرة أو أقل نمواً .. وهنا كانت المفاجئة .. فليست مصر وحدها من تناقضت فيها معدلات الفقر مع التنمية، حيث أشارت معظم التقارير العالمية إلى أنه بعد قرابة خمسة وأربعين عاما من البرامج التنموية، والمساعدات، وبرامج الإستهداف والمساعدات الاجتماعية للفقراء فى الدول الأقل نموا ، انخفضت حصة الفرد في هذه البلدان من متوسط الدخل العالمى من 18 % عام 1971 إلى 15 % عام 2012م .. وأن االدول التى صنفت بأنها أقل نموا عام 1971 كان عددها " 51" دولة ،، صار عددها "49" دولة عام 2012م .. أى ان دولتان فقط من غادرتا الفقر هما " الصين والهند " ..!
الأمر يدعونا بقوة أولاً إلى التشكك فى مضامين كل برامج التنمية التى تم تنفيذها خلال السنوات الماضية .وثانياً إلى ضرورة البحث فى التجربة الصينية والهندية فى مجال مواجهة الفقر على وجه التحديد .. وأعتقد أننا سوف نصل إلى أن النجاح الذى تحقق كان مصدره السياسات العامة التى اتبعتها هذه الدولة قبل تخصيص برامج لمواجهة الفقر .. والتى أدت إلى انخفاض نسبة الفقر فيهما إلى النصف..!
وإذا كان فشل حكومات العالم الفقير ومن بينها مصر يتعلق بالسياسات العامة التى تتبنها هذه الحكومات .. فالغريب ليس فى التناقض بين برامج التنمية والفقر .. وإنما فى استمرار تلك الحكومات فى انتهاج نفس السياسات الفاشلة فى مواجهة نفس المشكلة .. فمن الغباء أن نحارب نفس العدو بنفس السلاح مرتين .. فلو أنه كان فعالا لنتصرنا عليه من الجولة الأولى ..!
وعموماً، إذا كنا فعلاً صادقين فى مواجهة الفقر.. فعلينا أن نتخلى عن الخرافات التى توارثناها فى مواجهة الفقر، ونبحث لنا عن نُهجٍ تنموية جديدة، فهناك خرافتان متعلقتان بسياسات الحد من االفقر. فالخرافة الأولى تحصر عدد الفقراء فى 20 % من سكان العالم، رغم أن النسبة الحقيقية للفقراء فى العالم تتراوح من من 40 % إلى 60% .والغرض من تقليص أعداد الفقراء واضح.. وهو إرجاع أسباب الفقر إلى الفقير نفسه، وليس الفقر نتاجا لسياسات اجتماعية واقتصادية فاشلة؛ تستهدف عزل النتائج عن الاسباب، وعزل الققر عن الإفقار وآلياته، وفى ذلك تحاملٍ واضح على الفقراء، وتحايل أوضح على الحقائق؛ حتتى تتنصل الحكومات من مسئولياتها كمصدر أساسى للإفقار ..!
فمثلا لا زالت الحكومة المصرية تتعامل فى خططها التنموية على أن أن نسبة الفقر فى مصر 27.8 % رغم أن هذه الإحصائية جاءت فى تقرير الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء عن عام 2015م أى قبل قرار تخفيض قيمة الجنية بمعدل 48 % .. مما يعنى أن قرابة 50 % من السكان تحت خط الفقر.. أى غير قادرين على اشباع احتياجاتهم الأساسية.. وهذه النتيجة تفضى إلى أمرين الأول أن أى خطط تُبنى على هذه الاحصائيات التى سبقت تعويم الجنيه هى خطط يُتَشكك فى إيجابية نتائجها .. وأن الاستمرار فيها دون تعديل لأو إعادة نظر؛ يُعدجريمة .. ! ومن ثم فإنى اطالب بمراجعة رؤية مصر 2030م لأنها وضعت قبل قرار التعويم ..!
أما الخرافة الثانية فإنها تكمن فى الإعتقاد بأن خط الفقر لا يمكن تحديده إلا من خلال قياس مدى استهلاك السعرات الحرارية والقوة الشرائية لكل أسرة، رغم ثبوت عدم دقة هذين المؤشرين فى تحديد خط الفقر، وأن نسبة الفقر عادة ما تكون أكبر بكثير من النسبة التى أسفرت عنها هذه المؤشرات ..!
فبعدما تم تحديث معادل القوة الشرائية لعام 2005، تم اكتشاف خطأ في الحساب، حيث تبين أن عدد السكان الذين لا يزيد دخلهم اليومى عن واحد دولار فى اليوم، كان أكثر بمعدل 45% من العدد المحسوب، اي كان هناك 1.45 مليار فقير، لا مليار فقير كما جاء في الإحصائيات التى بنيت عليها خطط القضاء على الفقر حسب أهداف الالفية.
ولم يقف هذا التناقض عند هذا الحد فحسب .. ففى حين يؤكد تقرير أهداف الألفية لعام 2012م أن عدد الفقراء الذين يعيشون على أقل من دولار واحد يوميا قد انخفض إلى النصف .. نجد أن عدد الفقراء الذين يعيشون على أقل من دولارين يوميا قد ارتفع ..! مما يدعونا الى التساؤل عن نصف الفقراء الذى انخفض، هل مات جواعاً، أم تحسن وضعه فصار يحصل على دولارين أو أكثر ..؟! وكذلك نتسأل عن أعداد الفقراء الذين باتوا يحصلون على أقل من دولارين من أين أتى.. ؟ والمحصلة أتصور حسب هذا التقرير أن عدد الفقراء إن لم يزد أضعافا فهو فى أحسن أحواله لا يقل ..! فلا يعقل مثلا أن يؤكد التقرير على تراجع معدلات الفقر عالميا، ويؤكد فى نفس الوقت على زيادة حدة التفاوت الاجتماعى وارتفاع معدلات البطالة والجوع معاً ..!



#صلاح_هاشم (هاشتاغ)       Salah_Ahmed_Hashem#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحقيقة .. والشيطان المستنير
- حوارى مع صديقى الإرهابى .. !


المزيد.....




- السعودية: إنتاج المملكة من المياه يعادل إنتاج العالم من البت ...
- وول ستريت جورنال: قوة الدولار تزيد الضغوط على الصين واقتصادا ...
- -خفض التكاليف وتسريح العمال-.. أزمات اقتصادية تضرب شركات الس ...
- أرامكو السعودية تتجه لزيادة الديون و توزيعات الأرباح
- أسعار النفط عند أعلى مستوى في نحو 10 أيام
- قطر تطلق مشروعا سياحيا بـ3 مليارات دولار
- السودان يعقد أول مؤتمر اقتصادي لزيادة الإيرادات في زمن الحرب ...
- نائبة رئيس وزراء بلجيكا تدعو الاتحاد الأوروبي إلى فرض عقوبات ...
- اقتصادي: التعداد سيؤدي لزيادة حصة بعض المحافظات من تنمية الأ ...
- تركيا تضخ ملايين إضافية في الاقتصاد المصري


المزيد.....

- الاقتصاد المصري في نصف قرن.. منذ ثورة يوليو حتى نهاية الألفي ... / مجدى عبد الهادى
- الاقتصاد الإفريقي في سياق التنافس الدولي.. الواقع والآفاق / مجدى عبد الهادى
- الإشكالات التكوينية في برامج صندوق النقد المصرية.. قراءة اقت ... / مجدى عبد الهادى
- ثمن الاستبداد.. في الاقتصاد السياسي لانهيار الجنيه المصري / مجدى عبد الهادى
- تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر ... / محمد امين حسن عثمان
- إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية ... / مجدى عبد الهادى
- التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي / مجدى عبد الهادى
- نظرية القيمة في عصر الرأسمالية الاحتكارية_سمير أمين، ترجمة م ... / مجدى عبد الهادى
- دور ادارة الموارد البشرية في تعزيز اسس المواطنة التنظيمية في ... / سمية سعيد صديق جبارة
- الطبقات الهيكلية للتضخم في اقتصاد ريعي تابع.. إيران أنموذجًا / مجدى عبد الهادى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - صلاح هاشم - خرافة مواجهة الفقر