|
واقع الأقليات الدينية والقومية في أقليم كردستان
حبيب تومي
الحوار المتمدن-العدد: 1525 - 2006 / 4 / 19 - 11:04
المحور:
القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير
مقدمة أقليم كردستان اليوم جزء حيوي من الوطن العراقي ، ويتميز بخصائص طبيعية وجغرافية يغلب عليها التضاريس الجبلية وهي جزء من من القوس الجبلي المتكون من جبلي طوروس وزاكروس ، ان هذه الطبيعة الجبلية سوف تلعب دوراً سياسياً مؤثراً في خريطة العراق السياسية والأقتصادية والديمغرافية ، فهذه الطبيعة كانت سخية بنسيمها العليل وجمالها الخلاب وخصوبة اراضيها وكثرة انهارها وجداولها ووفرة ينابيعها وغاباتها الطبيعية ، وكانت فوق ذلك ملاذاً آمناً لابنائها ولمن يلجأ اليها من ابناء العراق ، فكانت حصناً منيعاً عاصياً على الأعداء لاجتيازه أيام المظالم والمحن . الثورة الكردية الحقيقة التي ينبغي ان نذكرها هي : ان تاريخ الشعب الكردي حافل بالثورات ، ولكننا في هذا المقال نشير الى الثورة الكردية التي قادها المرحوم الملا مصطفى البرزاني في 11 ايلول 1961 حيث كانت بداياتها متواضعة وكانت بحوالي 5000 متطوع مسلحين بالبنادق البسيطة . في الوقت الذي كان الجيش العراقي مجهز بأسلحة ثقيلة وطيران عسكري وصواريخ ودبابات . ومن باب ، ان المحن تشحذ الهمم ، فإن الأنتصارات العسكرية للقوات الحكومية في وقتها ، قد حفزت الهمم ومهدت السبيل لانخراط اعدادة كبيرة من المسلحين الأكراد في صفوف الثورة ، فبعد فترة قصيرة بلغ عدد المقاتلين في صفوف الثورة الكردية حوالي 30000 مقاتل . استمر البعث الذي استلم السلطة في 8 شباط 1963 في نفس النهج ، حيث استأنف القتال مع الأكراد في 10 حزيران عام 1963 ، وواصل الأستمرار في المنهج نفسه حكومة عبد السلام عارف بعد ان اطاحت حكومة البعث . وأخيراً في سنة 1968 حينما تسنم البعث ثانية مقاليد الحكم ، تصرف بأسلوب آخر حول القضية الكردية ، فأصدر بيان 11 آذار ، لكن منهج القضاء على الثورة الكردية بقي قائماً ، ولعل محاولة اغتيال الملا مصطفى البرازاني في حاج عمران ، كان استمرار على منهجية القضاء على الثورة الكردية بأي ثمن . من ناحيتنا نحن المسيحيين من كلدان وسريان وآشور ، قدمنا تعضيداً مادياً ومعنوياً للثورة ، لقد قدمنا الرجال ليقاتلوا في صفوف الثورة الكردية ، وسقط منهم كوكبة من الشهداء في المعارك ، وقدمنا المواد الغذائية والأدوية وأطبائنا ضمدوا جروح المقاتلين الأكراد ، وبسبب انخراطنا في صفوف الثورة الكردية كان نصيب عوائلنا الأضطهاد والقمع والأهانة والتشريد ، إذ ان هذه العوائل كانت تحت سيطرة السلطات الحكومية ، بعكس عوائل المقاتلين الأكراد والتي كانت محصنة في المناطق المحررة من كردستان . وفي هذا الصدد استطيع ان اضيف نقطة مهمة وهي ان مدننا وقرانا الكلدانية في سهل نينوى وفي مقدمتها القوش ، بقينا الى جانب الثورة ، ولم نلجأ يوماً الى تجنيد شبابنا في صفوف الفرسان ( الجتا ) ، في الوقت الذي كانت قطاعات كبيرة من الأكراد قد انخرطت في صفوف هذه التنظيمات . من هنا فإن : حقل الواجبات الذي كان علينا قد اديناه برجولة وشرف ، والتاريخ يشهد على ذلك . الأقليات الدينية والعرقية في اقليم كردستان خلال القرنين المنصرمين تشكلت ملامح وأفكار وحركات هوياتية وأفرزت طموحات في الأستقلال وتحقيق الذات القومية . ومسألة الأقليات في كردستان باعتقادي المتواضع ان حكومة اقليم كردستان لا يوجد ما تخشاه في تعاملها الأنساني مع هذه الأقليات . هناك من يعطي نسبة 8,6% عدد نفوس الأقليات القومية في كردستان ، ومن الأقليات الدينية والقومية المعروفة في المنطقة : العرب والتركمان ومن المسيحيين بينهم الآشوريين والسريان والأرمن والكلــدان . ونلاحظ ان الدين الأسلامي يجمع بين الأكراد والعرب والتركمان ، وهنالك الأقلية اليزيدية المنتشرون في قضار الشيخان وناحية القوش وسنجار . ويغلب تواجد الأقلية العربية في المدن الرئيسية ويندر استيطانهم في القرى الكردية البعيدة ، بينما تتمركز الأقلية التركمانية في المنطقة الممتدة من كفري الى اربيل والموصل مروراً بكركوك ، اما الكلـدان والآشوريون والسريان ، وهم من السكان الأصليين في المنطقة ، وينتشرون في القرى والأرياف شرقي دجلة وفي المناطق الكردية المعروفة بمنطقة بهدينان . لقد كان هناك اقلية يهودية تستوطن القرى المنتشرة بين مدن كركوك واربيل وزاخوا ، ولكن هذه الأقلية اندثرت بعد تأسيس الدولة العبرية ، لقد هاجروا او هجّروا بعد ان كان العراق وطنهم لعشرات القرون من السنين . اقليم كردستان والمجتمع الدولي اقليم كرستان العراق .. نستطيع ان نقول ان له كيان اقرب ما يكون الى دولة مستقلة . في الوضع الراهن يتميز أقليم كردستان بأنه منطقة مستقرة آمنة خلاف المناطق العراقية المضطربة ، ويسود الأقليم منطق تطبيق النظام والقانون على الجميع ، وتزدهر التجارة الحرة ، وتقطع خطوات مهمة في مجال الخدمات المدنية والعمران والتنمية ، بعد ان كان التسلط والأهمال والحروب رابضة في كل قرية ومدينة كردية . اليوم يتخبط المشهد العراقي في منزلقات وتحشدات طائفية ودينية ويغرق في برك من الدماء الثأرية ، وتتجه الأنظار نحو كردستان ، ونلاحظ التفاني والأخلاص للعراق من قبل رئيس الجمهورية العراقية الكردي جلال الطالباني ، ورئيس اقليم كردستان الأستاذ مسعود البرزاني ، وغيرهم من الشخصيات الكردية العاملة في الساحة السياسية العراقية ، حيث يعمل هؤلاء جميعاً من اجل وقف نزيف الدم في الوطن العراقي . من جهة اخرى نقول بصراحة ان اقليم كردستان بات ملاذاً آمناً للأقليات التي تتعرض للأنتقام والتصفية لاسيما العوائل المسيحية التي ليس لها عمق عشائري كالذي تملكه العوائل العربية ، فتضطر هذه العوائل الى الهجرة . في هذا الباب نقول بثقة ان موقف الأكراد مشهود له وأنساني ولا مجال لنكرانه وفاقد البصر والبصيرة فقط يتنكر لهذا الموقف المشرف . المواقف الرسمية من الأقليات تحاول تركيا جاهدة الأنخراط في الأتحاد الأوروبي ، ويبقى العائق الرئيسي في وجه تركيا هو موقفها السابق من الأقليات الدينية والعرقية وفي مقدمتها ما تعرض له الأرمن والسريان والأقليات الأخرى من التنكيل والأبادة . كما ان اشكالية تعامل الدولة التركية مع القضية الكردية حالياً تبقى حجر عثرة دائمة امام انضمام تركيا الى الأتحاد الأوروبي ، وعليها معالجتها بمنطق حقوق الأنسان والتعامل الأنساني مع الأقليات قبل السماح لتركيا الولوج في هذا المحفل الدولي الذي يحترم من جانبه حقوق الأنسان ومنها حقوق الأقليات ، سواء كانت هذه الأقليات دينية او اثنية او لغوية او مذهبية ... تتملكني قناعة مفادها ان حكومة اقليم كردستان حكومة ديمقراطية ليبرالية علمانية ، ويتمتع اهل الأقليم بالحريات السياسية والدينية والفكرية ، ومن هذا المنطلق لا يوجد أمر تخشاه حكومة كردستان للأعتراف الصريح بالأقليات العراقية في هذا الأقليم من العرب والكلدان والآشوريين والتركمان والسريان والأرمن ، ومن الناحية الدينية فثمة المسيحيون واليزيدية . إن اعتراف اقليم كردستان بهذا التنوع الجميل ، يضفي على هذا الأقليم معاني انسانية ، وتجعل منه كيان ديمقراطي يحترم التنوع الأثني والديني واللغوي والمذهبي ، وهذا ما يعزز اسم ومكانة كردستان واسم الشعب الكردي في المحافل الدولية والأقليمية . ان أقليم كردستان يزرع الأمل والطمأنينة في نفوس الأقليات التي تطمح الى العيش بأمان واستقرار ومحبة مع التنوع الجميل في وطننا العراقي . حبيب تومي / اوســلو
#حبيب_تومي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أخي ثامر توسا .. لماذا تستكثرون علينا اسماً قومياً ؟
-
انقلاب عسكري .. أهو ترياق لعلاج الحالة العراقية ؟
-
نعم .. لمنطقة آمنة ولكيان ذاتي للعراقيين المسيحيين
-
الوحدة القومية بين الفكر الراديكالي الآشوري وبين حذف الواوات
-
مام جلال .. جنّبوا العراق شبح حرب اهلية قذرة
-
البيت الكلداني القومي والسياسي .. كيف نبني ؟
-
ايران تتحدى امريكا وحلفائها من موقع قوة
-
العراق بين العودة الى العصر الجاهلي واللحاق باليابان
-
المصداقية في بيث نهرين اثري 752 والامل في العراقية الوطنية 7
...
-
تكهنات الفوز واحتمالات الفشل قوائم شعبنا 752 :740 :800
-
الخطاب السياسي الكلداني .. الى اين ؟
-
القومية الكلدانية بعد ان تبوأت مكانها الطبيعي في الدستور
-
انه زمن الجنون العراقي
-
الأقليات العراقية وإنصافهم بمقاعد ثابتة في الجمعية الوطنية
المزيد.....
-
تفجير جسم مشبوه بالقرب من السفارة الأمريكية في لندن.. ماذا ي
...
-
الرئيس الصيني يزور المغرب: خطوة جديدة لتعميق العلاقات الثنائ
...
-
بين الالتزام والرفض والتردد.. كيف تفاعلت أوروبا مع مذكرة توق
...
-
مأساة في لاوس: وفاة 6 سياح بعد تناول مشروبات ملوثة بالميثانو
...
-
ألمانيا: ندرس قرار -الجنائية الدولية- ولا تغير في موقف تسليم
...
-
إعلام إسرائيلي: دوي انفجارات في حيفا ونهاريا وانطلاق صفارات
...
-
هل تنهي مذكرة توقيف الجنائية الدولية مسيرة نتنياهو السياسية
...
-
مواجهة متصاعدة ومفتوحة بين إسرائيل وحزب الله.. ما مصير مفاوض
...
-
ألمانيا ضد إيطاليا وفرنسا تواجه كرواتيا... مواجهات من العيار
...
-
العنف ضد المرأة: -ابتزها رقميا فحاولت الانتحار-
المزيد.....
-
الرغبة القومية ومطلب الأوليكارشية
/ نجم الدين فارس
-
ايزيدية شنكال-سنجار
/ ممتاز حسين سليمان خلو
-
في المسألة القومية: قراءة جديدة ورؤى نقدية
/ عبد الحسين شعبان
-
موقف حزب العمال الشيوعى المصرى من قضية القومية العربية
/ سعيد العليمى
-
كراس كوارث ومآسي أتباع الديانات والمذاهب الأخرى في العراق
/ كاظم حبيب
-
التطبيع يسري في دمك
/ د. عادل سمارة
-
كتاب كيف نفذ النظام الإسلاموي فصل جنوب السودان؟
/ تاج السر عثمان
-
كتاب الجذور التاريخية للتهميش في السودان
/ تاج السر عثمان
-
تأثيل في تنمية الماركسية-اللينينية لمسائل القومية والوطنية و
...
/ المنصور جعفر
-
محن وكوارث المكونات الدينية والمذهبية في ظل النظم الاستبدادي
...
/ كاظم حبيب
المزيد.....
|