ميشيل زهرة
الحوار المتمدن-العدد: 6124 - 2019 / 1 / 24 - 12:03
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
عندما يشتغل الباحث في التاريخ العربي الإسلامي ، متناولا الأحداث ، و الشخوص ، سواء المقدسين منهم ، و التاريخيين ، على أن الواقعة التي يبحث عنها ، و شخوصها حقيقة موضوعية ، و بعد ما يقارب 200 عام من وقوع الأحداث ، و حياة هاتيك الشخوص ، فإنه يشترك مع المؤمن المنساق بعماء وراء إيمانه ، بذات التسليم للوقائع ، و الظواهر ، و الانسياق الأعمى وراء نصوص قد تكون من نسيج خيال مؤرخ جاء بعد انتهاء الظاهرة بقرنين على الأقل . لذلك ، في اعتقادي : إن الباحث في ذاك التاريخ ، عليه أن يخرج من المنظومة و ظواهرها ، إن استطاع ، لكي يكون بعيدا عن تأثير شباكها ، و السقوط في متاهاتها ، و يتعامل معها من خارجها بعقل الباحث الشكاك ، و المتحرر من خوفه من قداسة كل ما كان قائما ، لكي يصل للحقائق الموضوعية . و إلا سنبقى نراوح في مكاننا نجترّ ذات النتائج قرونا أخرى من الضياع خلف حقائق لن نستطيع التقاطها و تعريتها أمام جمهور القراء التواقين للحقائق ..
و إن كان ثمة من يقف في وجه الحقيقة متمسكا ببنائه النفسي ، و العقلي ، و ما بنته المنظومة إياها في روحه من معلومات ضالة و مضللة ..فإنه يقف بجانب منظومته ليس تعصبا لها ( في اعتقادي ) إنما لشعوره العميق بأن كل البناء الداخلي لشخصيته سوف ينهار دفعة واحدة إن لم يجد البدائل التي تقيه الانهيار الروحي و النفسي ..فإنه ، في الحقيقة ، يدافع بشراسة عن ذاته ، و الحفاظ على وعيه ، كي يبقى متماسكا ، لكي لا ينتحر ، و ليس عن منظومة وعيه ..فهل يستطيع المثقف الباحث في ذاك التاريخ عن الحقائق الضائعة ، أن يفكك أعمدة العقل العربي المبنية على الخرافة ، و يبني في مكانها أعمدة علمية يستند عليها العقل ليرمم ذاته بعيدا عن الوهم المبني عليه .؟؟ أم أن العقل العربي في طريقة إلى الانهدام أمام فيض المعلومات العلمية ، و انكشاف حقيقة الشخصية العربية الإسلامية أكثر مما هي واضحة المعالم .؟
#ميشيل_زهرة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟